|
صعاليك الامس وصعاليك اليوم
غالب المسعودي
(Galb Masudi)
الحوار المتمدن-العدد: 8270 - 2025 / 3 / 3 - 16:44
المحور:
قضايا ثقافية
التماسيح إذا جاعت تصبح مجنونة وان شبعت تنصرف الى النوم غير مكترثة، في بعض الحضارات القديمة عبدت اتقاء شرها لتصبح معتقدا يمارسه الانسان وهو في وضعية العجز المكرس يستمد طقوسه من إخفاقات الازمة، كذلك يُنظر إلى الصعاليك على أنهم متمردون أو خارجون عن القانون لكنهم مهذبون. اعتُبروا منبوذين تقليديا، حيث كانوا يتحدون الأعراف الاجتماعية، وأحيانا كان يُنظر إليهم بإعجاب بسبب شجاعتهم وكرمهم. شعراؤهم كان لهم تأثير قوي، وأعمالهم الأدبية تُعتبر جزءًا من التراث الثقافي العربي. تناول المؤرخون العرب الصعاليك بشكل متنوع، بعضهم رأى فيهم رموزًا للحرية والاستقلال، بينما اعتبرهم آخرون مثالاً على الخروج عن التقاليد تحولت قصص الصعاليك إلى أساطير شعبية، حيث أُبرزت شجاعتهم ومواقفهم النبيلة، مما ساهم في تشكيل صورة إيجابية عنهم في الثقافة العربية، بالمجمل، كانت نظرة المجتمع للصعاليك معقدة، تجمع بين الرفض والاحترام، مما يعكس التوتر بين القيم التقليدية والحرية الفردية، تغيرت النظرة إلى الصعاليك عبر العصور، سواء في سياق تاريخي أو اجتماعي. صعاليك اليوم بينما كان تمرد صعاليك الأمس مرتبطًا بالسياق القبلي والمجتمعي، فإن تمرد صعاليك اليوم يتسم بتعقيد أكبر، حيث يتناول قضايا معاصرة ويستخدم وسائل حديثة للتعبير عن الرأي وهي تمثل صعاليك معاصرين من خلفيات ثقافية متنوعة، حيث يستخدمون فنونهم ووسائل التعبير المختلفة للتحدي والتمرد على القضايا الاجتماعية والسياسية، مما يعكس تغيرًا في مفهوم التمرد عبر العصور، تتراوح استراتيجيات التعبير عن الآراء بين استخدام التكنولوجيا، الفنون، والنشاط المباشر. يتيح هذا التنوع للصعاليك المعاصرين الوصول إلى جماهير مختلفة وزيادة تأثيرهم على القضايا التي يهتمون بها بشكل عام، بينما اعتمد صعاليك الماضي على وسائل تقليدية للتعبير عن آرائهم، يستخدم صعاليك اليوم استراتيجيات متنوعة وعالمية، مما يمنحهم أدوات ووسائل أكثر تأثيرًا للتعبير عن قضاياهم والتواصل مع جمهورهم ،سلوكيات الصعاليك يمكن أن تُفهم على أنها نتيجة تفاعلية بين العوامل الثقافية والاجتماعية. في كثير من الحالات، يكون البؤس والفقر عوامل رئيسية تدفع الأفراد إلى التمرد. الأوضاع الاقتصادية السيئة، التمييز، والظلم الاجتماعي يمكن أن تثير مشاعر الغضب والرغبة في التغيير، يمكن أن تؤثر التجارب المشتركة للمجتمعات، مثل الحروب أو الاستبداد، على سلوك الأفراد وتوجهاتهم، مما يؤدي إلى نشوء ثقافة من المقاومة والتمرد وقد تكون ثقافة التمرد جزءًا من الهوية المجتمعية، حيث ينشأ الأفراد في بيئات تشجع على مقاومة الظلم وتقدير قيم الحرية والعدالة ،الأدب والفن يمكن أن يلعبا دورًا في تشكيل سلوكيات الصعاليك من خلال تقديم نماذج من التمرد والاحتجاج ،بينما لا يوجد دليل قاطع على أن التمرد هو سلوك "مرسوم جينيًا"، يمكن أن تلعب العوامل الجينية دورًا مهما في تشكيل شخصيات الأفراد، مثل الميل إلى الجرأة أو الاستقلالية ،يمكن أن تنتقل قيم التمرد من جيل إلى جيل، مما يجعلها جزءًا من التراث الثقافي للمجموعات البشرية. الأفراد الذين نشأوا في بيئات تعاني من القمع قد يميلون أكثر إلى التمرد، سلوكيات الصعاليك غالبًا ما تكون نتيجة تفاعل معقد بين الظروف الاجتماعية والثقافية والعوامل الوراثية. الأفراد قد يتأثرون بعوامل متعددة، مما يجعل سلوكهم متنوعًا وغير قابل للتنبؤ، يمكن القول إن سلوكيات الصعاليك ليست نتيجة ثقافية بحتة لحالة البؤس، ولا هي مجرد تمرد موروث جينيًا. بل هي نتيجة تفاعل معقد بين العوامل الثقافية، الاجتماعية الاقتصادية، والوراثية. كل من هذه العوامل تساهم في تشكيل سلوكيات الأفراد، مما يؤدي إلى تنوع في طرق التعبير عن التمرد والاحتجاج. تأثير الدين في تشكيل سلوكية الصعاليك يمكن القول إن الدين له تأثير مزدوج في تشكيل سلوكيات الصعاليك، يمكن أن يكون مصدر إلهام للتغيير والتمرد ضد الظلم، وفي الوقت نفسه يمكن أن يُستخدم لتبرير القمع. يعتمد دور الدين على السياق الثقافي والاجتماعي والسياسي الذي يعيش فيه الأفراد، الأديان المختلفة تحمل قيمًا ومبادئ متباينة. في الثقافات التي تهيمن عليها الأديان التوحيدية، مثل الإسلام والمسيحية، قد يتم الاستناد إلى نصوص دينية معينة لتعزيز قيم العدالة والمقاومة، في الثقافات التي تعتمد على الأديان التقليدية أو الروحانية، يمكن أن تكون هناك طرق مختلفة للتعبير عن التمرد، مثل استخدام الطقوس أو الرموز الروحية، تأثير الدين يمكن ان يلاحظ من خلال التالي: فهم النصوص الدينية التفسير والتأويل: كيفية تفسير النصوص الدينية يمكن أن تختلف بشكل كبير. في بعض الثقافات، قد يتم تفسير النصوص بطرق تدعو إلى السلم والتسامح، بينما في ثقافات أخرى قد تُستخدم لتبرير العنف أو التمرد. السياقات التاريخية تلعب دورًا في تفسير النصوص. في بيئات شهدت ظلمًا تاريخيًا، قد يُستخدم الدين كأداة للتمرد. التقاليد والعادات: التقاليد الثقافية المحيطة بالدين يمكن أن تؤثر على كيفية استجابة الأفراد للظلم. المجتمعات التي تركز على الجماعة قد تتضامن أكثر في مواجهة القمع، الأساطير المحلية وقصص الأبطال يمكن أن تعزز من روح المقاومة وتلهم الأفراد للتمرد في الثقافات التي تعاني من قمع سياسي، قد يُستخدم الدين كوسيلة لإلهام الثورات أو الحركات الاجتماعية. الاختلافات بين الثقافات تختلف الثقافات بناءً على مجموعة من العوامل، بما في ذلك التنوع الديني، فهم النصوص، التراث الثقافي، الهيكل الاجتماعي، الظروف السياسية، والتأثيرات الدولية. كل ثقافة تقدم سياقًا فريدًا يؤثر على كيفية استخدام الدين كأداة للتمرد أو المقاومة تبرير ممارسات الصعاليك مثل السطو والسرقة دينيًا يعتمد على عدة عوامل، بما في ذلك السياق الاجتماعي والسياسي، والفهم الديني للنصوص. في بعض الأديان، يمكن أن يُفسر بعض النصوص بشكل يبرر مقاومة الظلم، حتى وإن كان ذلك يتضمن أفعالًا مثل السرقة. على سبيل المثال، قد يُشار إلى قصص أنبياء أو شخصيات تاريخية واجهوا الظلم بطرق غير تقليدية، بعض الصعاليك يمكن أن يستندوا إلى نصوص دينية تدعو إلى مساعدة الفقراء والمحتاجين، معتبرين أن أفعالهم هي جزء من هذا الالتزام ويمكن أن يُنظر إلى السطو أو السرقة كوسيلة لمقاومة الأنظمة الظالمة أو الظلم الاجتماعي، حيث يعتبر الصعاليك أنهم يحاربون من أجل العدالة، يُعتبر السطو على الممتلكات التي يُعتقد أنها مسروقة أو مكتسبة بطرق غير شرعية كنوع من أنواع المقاومة في بعض الثقافات، وتكون هناك أساطير أو قصص تاريخية تروى عن الصعاليك، تُظهرهم كأبطال يقاومون الظلم، مما يعزز من تبرير سلوكياتهم. في بعض المجتمعات، يُنظر إلى الصعاليك باحترام كأشخاص يقاومون الظلم، مما يمنحهم نوعًا من الدعم الاجتماعي أو الديني لتبرير أفعالهم، تبرير ممارسات الصعاليك مثل السطو والسرقة دينيًا يعتمد على السياق الاجتماعي، والتفسير المرن للنصوص الدينية، والاعتبارات الأخلاقية المتعلقة بالعدالة الاجتماعية. يمكن أن يكون لهذا التبرير جذور عميقة في الثقافة والتقاليد، مما يعزز موقف الصعاليك في سياقات معينة ،منها التبني الانتقائي للقيم، أحيانا يتبنى بعض الصعاليك قيم السلطة الجديدة، لكنهم يفعلون ذلك بشكل انتقائي، حيث يحتفظون ببعض القيم الأصلية ويتبنون أخرى تتماشى مع متطلبات السلطة، يمكن أن يتعاونوا مع الأنظمة الجديدة من أجل تحقيق أهداف معينة، حتى لو كان ذلك يعني التخلي عن بعض مبادئهم والانغماس في الفساد، في بعض الحالات، قد يتحول الصعاليك إلى أدوات للسلطة، ويبدؤون في تبني القيم السلبية التي تمردوا عليها، مما يؤدي إلى خيانة مبادئهم السابقة والتأقلم مع الانتهاكات، قد يصبحون جزءًا من النظام الجديد، مما يؤدي إلى تبرير الانتهاكات التي كانوا يعارضونها سابقًا باستمرار المقاومة، هنا يظهر صعاليك آخرون كناقدين للنظام الجديد، حتى لو كانوا في مواقع السلطة، مما يعكس عدم رضاهم عن تغيرات الوضع ويمكن أن يتحول بعضهم إلى قادة للحركات المعارضة مرة أخرى إذا اكتشفوا أن السلطة الجديدة لم تحقق المكسب الأساسي للتغيير وهو الاستيلاء الكلي على الموارد نتيجة التغيير.
#غالب_المسعودي (هاشتاغ)
Galb__Masudi#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الانسان وآليات التخفي والخداع
-
الحدس جسر بين العقلانية واللاعقلانية
-
حياة بلا عقل
-
اللجوء إلى جهنم ورفض التدجين
-
إستراتيجيات الخوف من الموت والوعي المأزوم
-
ضوضاء تاريخي من الخداع
-
مازالت بذرة التفاح محرمة
-
اللوحة مخلوق يساعد على تشكيل الالوان
-
جسد مهمل يرقص مع الألوان
-
ثلاثية سارتر
-
الملامح الثقافية للعصر الامبريالي الجديد
-
سيميائيات النص وضياع المعنى
-
المثقف والضياع في مقبرة الكتابة
-
تواطؤ المُثقف وفيزياء السُلطة
-
صخب العقل والسعادة المزيفة
-
خمسون عاما من التفكيك وخمسون آتية من تفكيك التفكيك في الشرق
...
-
صراع القيم وانتشار الروحانية البديلة
-
الامية الثقافية ودور اللغة في تعزيز الوعي
-
التفاحة كبنية اجتماعية أساسية في الاستعمارية الجديدة
-
في هدوء الليل، تختلط رائحة القهوة بحروف تأملي
المزيد.....
-
الملكة رانيا العبدالله في فيديو مع العائلة الهاشمية بشهر رمض
...
-
حقيقة فيديو توقيع زيلينسكي على قنابل استخدمتها إسرائيل خلال
...
-
أوربان: الحلفاء في لندن اعتمدوا خيار تأجيج الصراع وتمويل الح
...
-
بعد توبيخ زيلينسكي.. ما خيارات ترامب؟
-
نتنياهو: سنواجه كل من يحاول حفر ثقوب في سفينتنا الوطنية
-
سلوفينيا تحتفل بكرنفالها العريق: مزيج من الفولكلور والألوان
...
-
تقرير: بديل مصر لـخطة ترامب حول غزة يهدف لتهميش حماس
-
سوريا: المسحراتي يجوب الشوارع بدون موافقات وحواجز الأمن
-
-سو-34- تدك مواقع القوات الأوكرانية بقنابل حائمة
-
الخارجية الإيرانية للسفير التركي: حساسية الوضع الإقليمي تتطل
...
المزيد.....
-
العرب والعولمة( الفصل الثالث)
/ منذر خدام
-
العرب والعولمة( الفصل الأول)
/ منذر خدام
-
مقالات في الثقافة والاقتصاد
/ د.جاسم الفارس
-
مقالات في الثقافة والاقتصاد
/ د.جاسم الفارس
-
قواعد اللغة الإنكليزية للأولمبياد مصمم للطلاب السوريين
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
أنغام الربيع Spring Melodies
/ محمد عبد الكريم يوسف
المزيد.....
|