أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ضيا اسكندر - فراغ أمني وبطالة متفشية.. سوريا إلى أين؟














المزيد.....


فراغ أمني وبطالة متفشية.. سوريا إلى أين؟


ضيا اسكندر

الحوار المتمدن-العدد: 8270 - 2025 / 3 / 3 - 15:09
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


عندما تولَّت هيئة تحرير الشام مقاليد السلطة في دمشق، وفرَّ رئيسها إلى موسكو، كان أول قراراتها حلّ الجيش والشرطة والقوى الأمنية، ظناً منها أن إسقاط النظام لا يكتمل إلا باجتثاث أدواته الأمنية. إلا أن هذه الخطوة لم تكن سوى بداية لفوضى لم تتمكن سلطة الأمر الواقع من احتوائها حتى اللحظة.

ما أن حُلَّت قوى الأمن حتى عمَّت الفوضى كل زاوية، وارتفعت معدلات الجريمة من سرقة ونهب وتخريب، إلى اختطاف وقتل بدم بارد، في ظل غياب أي قوة رادعة. المدن والبلدات التي كانت، على الرغم من معاناتها، تنعم بهوامش من الأمان، تحوَّلت إلى ساحات مفتوحة للخارجين عن القانون.

لم يتوقف الأمر عند ذلك، بل أصيبت الإدارات الحكومية بالشلل التام. الدوائر العقارية، ومديريات النفوس، والقضاء.. جميعها إما أغلقت أبوابها، أو دُمِّرت ملفاتها، أو احترقت محتوياتها. فكيف تُنظَّم حياة المواطنين دون وثائق رسمية تحفظ الحقوق؟ وكيف تُحسم النزاعات دون قضاء قادر على الفصل فيها؟

في كل دول العالم، لا تنحصر مهمة الشرطة في حفظ الأمن، بل تمتد لتكون الذراع التنفيذية للقضاء، فتُبلِّغ المتداعين بالقرارات القضائية، وتنفذ الأحكام، وتضمن انسيابية المعاملات الرسمية، وتحمي الممتلكات العامة والخاصة. لكن مع غيابها، تعطّل القضاء، وتكدست الدعاوى دون حلول، فبات القانون حبراً على ورق، وأصبح العنف والانتقام الفردي السبيل الوحيد لتحصيل الحقوق الضائعة.

ولم يكن الضرر مقتصراً على الأمن والخدمات العامة، بل امتد ليضرب معيشة آلاف المواطنين. فقد رافق حلّ الجيش والشرطة تسريح آلاف الموظفين من وظائفهم دون وجه حق، ليجدوا أنفسهم وقد انضموا إلى إخوانهم المسرّحين من المؤسسات الأمنية والعسكرية. هذه الموجة الهائلة من البطالة لم تكن مجرد أرقام، بل أزمة اقتصادية خانقة، عمَّقت الفقر، وأجَّجت اليأس، وفتحت الباب أمام انتشار الجريمة والانحراف كوسائل يائسة للبقاء.

كان يمكن لسلطة الأمر الواقع أن تتخذ نهجاً أكثر عقلانية، فتُبقي على هيكلية الشرطة والجيش، وتُعيد غربلتها تدريجياً، بدلاً من هدمها دفعة واحدة. فأن تحكم محافظة إدلب شيء، وأن تدير دولة كاملة شيء آخر. أما أن تملأ الفراغ بعناصر مستجدة، غير مؤهلة سوى بدورات تدريبية لا تتجاوز الأسبوعين، فهو أشبه بوضع مسدس في يد طفل، بانتظار وقوع الكارثة.

إذا استمر هذا الفراغ، فستتعمَّق الأزمات وتتوالد المشكلات بلا نهاية. وإن تمَّ ملؤه على عجالة، بلون طائفي واحد، فستكون النتيجة أشد فتكاً وأوسع دماراً. الحل ليس في القفز فوق الواقع، بل في الاعتراف بأن إعادة هيكلة الشرطة والجيش أمر لا مفر منه. فلا كل من خدم في السابق كان موالياً للنظام، وكثيرون ممن أُقصوا اليوم، كانوا في الحقيقة معارضين في الخفاء، لا لشيء إلا خوفاً من بطش المستبد.

إن إدارة دولة لا تشبه إدارة كتيبة، وإعادة بناء المؤسسات لا تتم بقرارات مرتجلة، بل بحاجة إلى حكمة وعقلانية، قبل أن تصل البلاد إلى نقطة اللا عودة.



#ضيا_اسكندر (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كيف تصنع حرباً أهلية في ستة أيام؟ (دليل الطغاة والمغامرين!)
- تداعيات رسالة أوجلان: فرصة سلام أم بداية صراع جديد؟
- مؤتمر الحوار.. اجتماع 🚀 سريع لحلول مسبقة الصنع
- السرديات المتضاربة في المشهد السوري: استباق التقسيم أم سقوط ...
- شاوِروهم وخالِفوهم: الحوار الوطني السوري بين الوهم والحقيقة
- الإيزيديون في سوريا: تاريخهم ومعتقداتهم ومعاناتهم من الاضطها ...
- من التطرف إلى الاعتدال.. حقيقة التحول أم ضرورات البقاء؟
- ثقافة التصفيق والتهليل: متلازمة الاستبداد والتبعية
- دور الخوف في تخلّف الشعوب
- الغطرسة لا تُهزم إلا بمثلها
- الساحل السوري بعد فرار الأسد.. فرح عابر وتحديات مستمرة
- خطة ترامب لتهجير غزة: بين المخطط الأمريكي وإرادة الشعوب
- هل يشكل نظام اللامركزية تهديداً للوحدة السورية؟
- مذاهب مختلفة وقلوب واحدة
- العلمانية في سوريا.. خيار الخلاص من الطائفية
- إسقاط سلطة أم إسقاط نهج؟
- ترامب وفلسطين.. صراع مفتوح وأمل لا يموت
- دعوة للعيش المشترك واحترام التعدد الديني والطائفي
- لماذا لم يلقِ قائد إدارة هيئة تحرير الشام خطاباً حتى الآن؟
- التضامن الأممي.. سلاحنا ضد الظلم والتعتيم الإعلامي


المزيد.....




- لحظة درامية.. شاهد ضابط شرطة يسحب رجلاً فاقدًا للوعي من سيار ...
- وزير خارجية روسيا يعلق على تصريحات ماكرون -النووية- ومساعي ا ...
- حسن البلام يواجه انتقادات بسبب -السخرية- من جورج وسوف
- صورة متداولة لأضرار هجمات الدعم السريع على مطار مروي.. ما حق ...
- فانس يزور الحدود المكسيكية ويشيد بسياسة إدارة ترامب الصارمة ...
- فرنسا: السجن خمسة أشهر مع وقف التنفيذ للمؤثر الجزائري -دوالم ...
- زاخاروفا: وضع أوكرانيا المحايد هو أفضل ضمانة لأمنها
- أبو تريكة يرد على منتقدي ظهوره في إعلان القلعة الحمراء
- -العدل الأوروبية- تغرم ألمانيا لتقصيرها في حماية المبلغين عن ...
- -واجب أخلاقي-.. لاتفيا تدعو دول الاتحاد الأوروبي إلى وقف تأش ...


المزيد.....

- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ضيا اسكندر - فراغ أمني وبطالة متفشية.. سوريا إلى أين؟