|
ألكسندر دوغين - عشية عالم جديد (برنامج اسكالاتسيا الإذاعي)
زياد الزبيدي
الحوار المتمدن-العدد: 8270 - 2025 / 3 / 3 - 11:37
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
نافذة على الصحافة الروسية نطل منها على أهم الأحداث في العالمين الروسي والعربي والعالم أجمع
* اعداد وتعريب د. زياد الزبيدي بتصرف*
ألكسندر دوغين فيلسوف روسي معاصر
18 فبراير 2025
*تاتيانا لاديايفا (إذاعة سبوتنيك)*: لقد مر أسبوع منذ حديثنا السابق، والآن نعرف على وجه اليقين: المكالمة الهاتفية بين فلاديمير بوتين ودونالد ترامب قد حدثت. ومع ذلك، تتطور الأحداث بسرعة. تناقش الصحافة الأجنبية بنشاط الاجتماع المقرر يوم الثلاثاء في السعودية بين الوفدين الأمريكي والروسي. لا تزال أسماء المشاركين غير معروفة، ولكن على الأرجح هذه اجتماع تمهيدي لمناقشة قمة محتملة بين بوتين وترامب. تقول صحيفة واشنطن بوست إن ممثلي كييف، بما في ذلك زيلينسكي ويرماك، لن يشاركوا. ألكسندر ، كيف تحلل احتمالية وأهمية الاجتماعات القادمة في السعودية؟
*ألكسندر دوغين*: أعتقد أن المرحلة الحالية من العلاقات الروسية الأمريكية تحت إدارة ترامب الجديدة هي حدث غير مسبوق، لم نشهد له مثيل في العقود الأخيرة. وصلت إلى السلطة في الولايات المتحدة مجموعة أيديولوجية مختلفة تمامًا، وهو ما ناقشناه مرارًا وتكرارًا على سبوتنيك. قريبًا سيصدر كتابي المخصص لثورة ترامب، وهذا يؤكد أيضًا اهتمام الأمريكيين برؤيتنا لما يحدث. ومن المهم بالنسبة لنا أن نفهم ما تمثله هذه الأيديولوجية الجديدة، والأشخاص الجدد، والاتجاهات الجديدة.
بناءً على تحليلي، خلصت إلى أن الصبغة الجديدة الراديكالية للموقف الأيديولوجي للولايات المتحدة الحديثة تفتح فرصًا هائلة للحوار. إذا ابتعدنا قليلاً عن الجيوبوليتيكا وركزنا على الجانب الخاص بالنظرة للعالم، فسنرى أن ترامب غيّر بشكل جذري المفاهيم الأساسية للأيديولوجية التي هيمنت على الغرب الجماعي خلال العقود الأخيرة. جميع عناصر هذه الأيديولوجية تم قلبها رأسًا على عقب. في السابق، كانت "الفردية" individualism هي السائدة، أما الآن فقد تحول التركيز إلى "الوطنية" patriotism. حلّت "القومية" nationalism محل "العالمية" Cosmopolitanism. تم استبدال فكرة "الصوابية السياسية" political correctnessبحرية التعبير - الآن يمكنك قول ما تفكر فيه حقًا. تم إلغاء الرقابة الليبرالية، كما لم يعد يتم تشجيع منظمات المتحولين جنسيًا ومجتمع الميمLGBT، التي تُحظر في روسيا. يتم تقليص هذه المنظمات، ويتم فصل المتحولين جنسيًا من الجيش.
تم إلغاء "النظرية النقدية"، بما في ذلك "النظرية النقدية العرقية" critical race theory، التي كانت تُدرس في المدارس وتفترض أن كل شخص أبيض يجب أن يتوب عن تاريخه. بدلاً من ذلك، تم تأكيد مبدأ "أمريكا أولاً"، الذي يؤكد حق جميع المواطنين - بغض النظر عن لون بشرتهم أو جنسهم - في الفخر ببلدهم وانتقاد عيوبه. فقدت الرقابة الليبرالية وسياسة "التنوع والمساواة والشمولية" (DEI)، (Diversity, Equality, Inclusiveness), التي كانت معيارًا في الإدارة السابقة، أهميتها. وحلت محلها القيم التقليدية: وجود جنسين فقط، الوطنيةpatriotism وحب الوطن، بالإضافة إلى التثقيف التاريخي.
وهكذا، غيّر ترامب الأيديولوجية في أمريكا إلى العكس تمامًا، وهذه الأيديولوجية الجديدة تتطابق بشكل مدهش مع أيديولوجيتنا. هذا خلق ظروفًا فريدة للقاء بين بوتين وترامب. في السابق، كان مثل هذا الاتصال مستحيلاً، حيث كانت جميع الأفكار التي يؤمن بها بوتين والشعب الروسي ترفض بشكل قاطع من قبل بايدن والغرب الجماعي. أما الآن، فقد تغير كل شيء: تغيرت الأيديولوجية، والجيوبوليتيكا أيضًا تشهد تغيرات كبيرة. لدى ترامب نظرة مختلفة تمامًا عن الغرب، ومصير البشرية، والأولويات. من الواضح أن استمرار الحرب مع روسيا على أراضي أوكرانيا أو نهاية العالم النووية ليست ضمن مصالحه وخططه. هذا ليس بالقليل، خاصة إذا تذكرنا أنه قبل شهر فقط كانت روسيا تعتبر أمريكا عدوًا مطلقًا من الناحية الأيديولوجية والجيوبوليتيكية.
الآن، تم إنشاء مقدمات فريدة لبدء حوار بين بلدينا. ومع ذلك، لا تزال هناك العديد من العقبات: قامت الإدارة المنتهية ولايتها بكل ما في وسعها لتعقيد العلاقات الطبيعية بين روسيا والولايات المتحدة بالنسبةِ للإدارة الجديدة. لسوء الحظ، نجحوا في ذلك إلى حد كبير. آلتنا العسكرية في الغرب تعمل ضدنا، وهذا يتسارع بالفعل. هناك نوع من القصور الذاتي ومزاج الرأي العام الذي شيطن الروس إلى درجة أن القيام بمنعطف حاد في هذا الصدد، حتى بالنسبة لترامب الجريء وأنصاره، سيكون صعبًا للغاية. ومع ذلك، تم إنشاء مقدمات لخفض التصعيد العسكري بيننا، الذي كاد أن يصبح نوويًا. هذه حقيقة بالفعل.
من المهم ملاحظة أن التحضير المكثف للمفاوضات في الرياض قد بدأ، حيث يجتمع "الشيربا" Sherpa - وهم أدلاء السياسة الدولية الذين يعدون للقاءات مصيرية. هذه علامة جيدة، خاصة بالنظر إلى أن أوروبا وأوكرانيا لن تشاركا في هذه المفاوضات. من الواضح أن ترامب وبوتين سيناقشان نطاقًا أوسع من المشكلات، وليس فقط الوضع في أوكرانيا. الحديث يدور حول حوار بين قائدين عالميين عظيمين ودولتين قويتين تتبادلان وجهات النظر حول نظام عالمي جديد.
ليس من قبيل الصدفة أن يتم الحديث بالفعل عن هذا الاجتماع في الرياض باعتباره "يالطا جديدة" أو "ريكيافيك جديدة". أذكركم أن اجتماع ريكيافيك كان بمثابة خيانة من غورباتشوف لسيادته والاتحاد السوفياتي لصالح الغرب. على عكس ذلك، بوتين هو نوع من "مضاد لغورباتشوف": فهو يعزز سيادتنا، ويؤكد استقلال روسيا ويعيدها إلى العظمة. هذه العمليات بدأت قبل وصول ترامب إلى السلطة وتستمر بشكل متسق.
من حيث الأهمية، يمكن أن يدخل هذا الاجتماع كتب التاريخ للأجيال القادمة. يمكننا أن نأمل ونعول على أن المقدمات الأيديولوجية والجيوبوليتيكية قد تم إنشاؤها لكي يحقق هذا الاجتماع المصيري نتائج مهمة. ومع ذلك، يجب أن نتذكر أن هذا سيكون حوارًا ليس بالسهل.
*تاتيانا لاديايفا*: حوار ليس بالسهل. ربما لن يكون اجتماعًا واحدًا. هناك حديث عن اجتماعات متعددة. اسمح لي، ألكسندر، أن أناقش قليلاً مدى نجاح الديمقراطيين في تعقيد شروط التواصل بين ترامب وبوتين. من ناحية، نعم، بذلوا جهودًا. نحن نتذكر جيدًا التوتر الذي ساد قبل تنصيب ترامب وبداية ولايته. من ناحية أخرى، نرى أنه على الرغم من كل هذا التوتر، فإن الحوار لا يزال مستمرًا. على الرغم من أن هذه العملية لا تحدث في 24 ساعة، كما أعلن ترامب بضجيج، إلا أنها تسير بسرعة كبيرة.
*ألكسندر دوغين*: كما تعلمون، من بعض النواحي، قاموا بالفعل بخلق صورة خاطئة تمامًا. أولاً، بتصوير روسيا على أنها شيطان، وثانيًا، بتقديمها على أنها دولة ضعيفة التي يُزعم أنها لم تعد قوة عظمى ويمكن أن تخسر صراعًا مع أوكرانيا الصغيرة. أعتقد أنهم قاموا بتنظيم تغيير في السلطة في سوريا لإثبات أن روسيا ضعيفة وبالتالي يجب التعامل معها من موقع القوة. في هذا السياق، خلقت الإدارة الديمقراطية السابقة العديد من المشاكل في علاقاتنا. هذه العقبات خطيرة، وعلى الرغم من أن ترامب يتخذ خطوات جريئة بشكل مدهش للتغلب عليها، إلا أن هناك الكثير من القضايا. الخطر الرئيسي يكمن في أنه حتى إذا أراد ترامب إنهاء الصراع في أوكرانيا، فقد يقترح شروطًا تبدو في عينيه لطيفة ومتساهلة ولكنها ستكون مهينة وغير سارة بالنسبة لنا. لقد عمل الديمقراطيون على هذا، ولم يتم تحييد هذا التهديد بعد.
في الوقت نفسه، أنت محقة: لم يعد مبدأ "جاسوس بوتين"، "روسيا غيت"، وتدخل روسيا في الانتخابات يحظى بنفس التأثير في السياسة الأمريكية. لأن ترامب عندما وصل إلى السلطة، أمر بالتحقيق في هويات وبيانات المسؤولين الحكوميين الذين شهدوا بأن روسيا تدخلت في الانتخابات السابقة. وشمل ذلك أيضًا الكشف عن معلومات حول كمبيوتر هانتر بايدن وأولئك الذين شهدوا تحت القسم. حاليًا، تم الاعتراف بأن هذا كاذب. الأشخاص الذين شهدوا حول التدخل الروسي في السياسة الأمريكية أصبحوا الآن تحت التحقيق. هذه نقطة مهمة جدًا: أي شخص في أمريكا يحاول الآن القول إن بوتين هو الملام أو أنه يتعاون مع ترامب (والعكس) يواجه عواقب قانونية خطيرة. في السابق، كان يمكن لأي شخص تقديم اتهامات بلا أساس دون عقاب، ولكن الآن مثل هذا السلوك يمكن أن يؤدي إلى ملاحقة قضائية، لأنه يعتبر كذبًا وافتراء.
وبالتالي، لم يعد لدى معارضي الشراكة الاستراتيجية أو على الأقل تحسين العلاقات بين الولايات المتحدة وروسيا هذه الحجة. هذا أضعف بشكل كبير ترسانة الأكاذيب والسياسات القذرة التي كان ينتهجها العولميون والديمقراطيون والليبراليون لفترة طويلة. هذا مهم جدًا. اليوم، يمكن للمرء أن ينتقد ترامب ويعتبر نهجه في المفاوضات مع روسيا خاطئًا، ولكن استخدام عبارات تفيد بأنه ينفذ إرادة بوتين أصبح غير آمن قانونيًا. هناك سوابق تم فيها إثبات أن مثل هذه الاتهامات كاذبة.
بالطبع، لم يكن العولميون ليكونوا قوة هائلة إذا لم يكن لديهم حجج أخرى. هذه معركة كبيرة. ترامب يقود ثورة محافظة معادية للعولمة في الولايات المتحدة وأوروبا. من المهم جدًا له أن يفهم روسيا ليس كعدو. هذا أمر أساسي: إذا كنا في السابق العدو الرئيسي للولايات المتحدة، فإن ترامب لا يعتبرنا العدو الرئيسي ولا حتى عدوًا على الإطلاق. هذا لا يعني أننا أصبحنا أصدقاء، ولكن من الجيد أننا لسنا أعداء.
هذا الموقف هو جزء أساسي من رؤية ترامب للعالم. هذا لا يعني أن المفاوضات ستكون سهلة — على العكس، ستكون صعبة جدًا. ومع ذلك، ستكون هذه المفاوضات حول كل شيء: ليس فقط حول أوكرانيا ولكن أيضًا حول كيف ترى أمريكا تحت قيادة ترامب العالم وأوروبا والشرق الأوسط وجنوب شرق آسيا.
*تاتيانا لاديايفا*: هل سيكون هذا الحوار على قدم المساواة، أم أن ترامب سيظل ترامب ويعتبر نفسه أفضل من الجميع؟
*ألكسندر دوغين*: هذا بالفعل سؤال كبير. بالتأكيد، يعامل ترامب بوتين بشكل أفضل بكثير من القادة الأوروبيين أو العديد من رؤساء الدول الآخرين. أعتقد أنه يشعر بتعاطف حقيقي تجاهه. ترامب قريب من القيم التقليدية وأفكار السيادة. كلا القائدين — بوتين وترامب — واقعيان في العلاقات الدولية. لديهما الكثير من القواسم المشتركة وربما أكثر مما يبدو للوهلة الأولى.
ومع ذلك، كيف سيجري ترامب الحوار مع بوتين هو سؤال كبير. بالنسبة له، لا تزال أمريكا هي القوة العظمى والرقم واحد في العالم. حتى إذا كان يتواصل مع ممثل لحضارة أخرى ذات سيادة وتمتلك أسلحة نووية، فإنه لا يمكن أن ينظر إليه على أنه شريك متساوي معه تمامًا. هذه هي المشكلة.
لقد تحدثت مع صديقي، الخبير السياسي المعروف ديمتري سايمز، الذي يعرف ترامب جيدًا. أخبرني أن ترامب لديه وضعين. في أحدهما، يتصرف كقائد قوي وأناني ومتحمس للعالم، وفي الآخر — يكون شخصًا شديد الانتباه، مهذبًا، وحادًا، وهو في الواقع يميل إلى بعض التنازلات والعقلانية وتجنب الزوايا الحادة. هاتان الشخصيتان في ترامب قد تكونان سر نجاحه. ترامب يمكن أن يكون عدوانيًا في تصريحاته وأفعاله، ولكن في نفس الوقت، يكون مستعدًا للسلام وإبرام الصفقات.
هذا النمط من التواصل هو سمة من سمات الملياردير الأمريكي الكبير: فهو عنيد في المفاوضات ولكن يمكنه تغيير نبرته إذا لزم الأمر. هذا يعطي أملًا في أن ترامب سيتمكن من التعبير عن كل كلماته القاسية تجاه العالم، بما في ذلك روسيا، ثم خلال المفاوضات مع رئيسنا، سيظهر العقلانية والفهم لدور روسيا كدولة ذات سيادة وقوية. دون الوصول إلى اتفاق معنا، لا يمكن الحديث عن إحياء أمريكا.
يجب أن نظل محايدين ونمنح تفويضًا لهذه العظمة الأمريكية، مناقشة قضايا سياسية محددة. دون هذا التفويض، سيتعين عليهم القتال معنا، وهو ما لا يريده ترامب بالتأكيد. ومع ذلك، هناك العديد من العوامل هنا: من كيفية عمل الفرق التحضيرية للمفاوضات والقمة إلى مزاج ترامب نفسه.
آمل في حكمة وشجاعة وإرادة رئيسنا، وكذلك فهمه العميق للسياسة الدولية. كيف يتصرف بوتين، هكذا سيتواصل ترامب مع روسيا. ليس لدي شك في أن الشيء الرئيسي هو أن يتم الاجتماع. بوتين هو قائد عميق، ذو خبرة، وواثق من نفسه. أعتقد أن ترامب سيجد حتى من الناحية الجمالية متعة في التواصل مع مثل هؤلاء القادة الذين يلتزمون بكلمتهم، الذين يقولون ويفعلون، ولا يتخلون عن مواقفهم، الذين هم مستعدون للدفاع عن السيادة بأي ثمن، بغض النظر عن أي ضغط، الذين يؤمنون بأنفسهم، بشعبهم، ويحبون بلدهم.
من المهم أيضًا ملاحظة أن كليهما لديه معتقدات دينية. هذا لقاء بين حاكمين يؤمنان بالله. بوتين مسيحي أرثوذكسي، وهذا غالبًا ما يبقى خارج نطاق انتباهنا. المسيحي الأرثوذكسي لديه سيد يخدمه — وهو الله. إنه ذو سيادة تجاه الناس والعالم ولكن ليس ذو سيادة تجاه الله. نفس الشيء ينطبق على ترامب. على الرغم من أسلوب حياته الغريب إلى حد ما، إلا أنه يظل مسيحيًا. بالنسبة له، الإيمان المسيحي هو جزء لا يتجزأ من روحه وإلى حد كبير من سياسته.
لقاء بين حاكمين مسيحيين، مجتمعين مسيحيين، ودولتين مسيحيتين — هذا حدث مدهش حقًا. في السياق الأوروبي الحديث، لا يمكن لأي سياسي أن يعلن بثقة: "أنا مسيحي". عادةً ما يفضلون تعريف أنفسهم كليبرتينيين libertines، ماديين علمانيين، ملحدين، أو لاأدريين agnostics أو ليبراليين. هذا، في جوهره، هو موقف معادٍ للمسيحية.
من المهم ملاحظة أنهما يلتقيان في السعودية. أفهم لماذا تم اختيار هذا البلد، وليس الهند. في البداية، كانت فكرتي أن الهند ستكون منصة أكثر ملاءمة للمفاوضات، حيث إن الهند تحافظ على علاقات ودية مع الولايات المتحدة وروسيا. ومع ذلك، توصلت إلى استنتاج مفاده أن هذا قد يسيء إلى الصين. كان سيخلق سياقًا معاديًا للصين، لذلك تم الاتفاق على الرياض كمكان لهذا الاجتماع المهم.
*تاتيانا لاديايفا*: أحد مستمعي "راديو سبوتنيك"، ألكسندر من بيلغورود، يتساءل عن درجة استقلالية دونالد ترامب: "يبدو لي أن ترامب لا يعمل بمفرده، ولكن هناك أشخاص خلفه يديرون أمريكا بالفعل. تم اتخاذ قرار بتغيير الواجهة، وترامب هو المنفذ. ألا تعتقد ذلك؟"
*ألكسندر دوغين*: لا، لا أعتقد ذلك. هذا ليس مجرد تغيير شكلي. ترامب يمثل تماما مسارًا جديدًا. بالتأكيد، في أمريكا وحول العالم، هناك قوى مؤثرة، وهياكل عالمية تدعم هذا التغيير في الاتجاه الذي يحدث الآن في الولايات المتحدة، وبالتالي في العالم. مثل هذه القوى موجودة بالفعل. ترامب، بالطبع، لا يعمل بمفرده، ولكن التغييرات التي يبدأها ليست تحولات سطحية؛ إنها أعمق بكثير وأكثر جدية ولا رجعة فيها من مجرد إصلاح شكلي للنظام العالمي.
يبدو أن جميع محاولات الديمقراطيين لإعاقة الجمهوريين وخاصة ترامب لم يكن لها تأثير كبير. أو هل أنا مخطئ؟ بالتأكيد، سيصر ترامب على هيمنة الولايات المتحدة، لكنها هيمنة مختلفة تمامًا، تقوم على أسس وإيديولوجية مختلفة. يمكن القول إن الحضارة الغربية قبل ترامب كانت حضارة بدون مركز — وهذا هو جوهر العولمة، العالم الذي يُدعى "بدون أقطاب". لكن ترامب يؤكد أن لحضارتنا مركزًا — وهو الولايات المتحدة. وهذا يغير الوضع بشكل كبير، حيث تفقد العديد من الشبكات الدولية العولمية، مثل المنظمات الممولة من سوروس أو الهياكل التي تمولها USAID والتي تم تفكيكها مؤخرًا من قبل إيلون ماسك، دعمها. تمثل هذه المنظمات مئات الآلاف من الأفراد ذوي الرواتب المرتفعة، وهم يفقدون الآن مواقعهم.
ترامب هو بالفعل عامل مهم. لكن هذا لا يعني أنه سيفعل لنا أي معروف؛ لا، هذا ليس هو الحال.
*تاتيانا لاديايفا:* هنا سؤال آخر: "كل هذا يبدو وكأنه خداع متطور للغاية." كيف يمكنك التعليق على ذلك؟
*ألكسندر دوغين:* نحن لا نعلم، ربما يكون الأمر كذلك. لا يمكننا أبدًا أن نتنبأ تمامًا بكيفية سير الأمور، لكن يجب أن نعترف بالتغييرات الجادة ونعترف بها على هذا النحو. يجب أن نرى التطورات الإيجابية على أنها إيجابية، لكننا يجب أن نظل متيقظين. يجب أن نبقى دائمًا في حالة تأهب لأن ما يهمنا في المقام الأول هو روسيا، استقلالنا، سيادتنا، وقيمنا التقليدية، التي يجب أن نكون مستعدين للدفاع عنها حتى النهاية.
*تاتيانا لاديايفا:* ألكسندر، دعنا نلخص مؤتمر ميونيخ للأمن. وسائل الإعلام والصحفيون والمحللون ينشرون تقييماتهم بنشاط، والسياسيون يعبرون أيضًا عن وجهات نظر مختلفة. توصيفات المؤتمر متناقضة للغاية. على سبيل المثال، وصف رئيس مؤتمر ميونيخ للأمن المنتدى بأنه "كابوس أوروبي". هذا مجرد مثال واحد على كيفية توصيف المؤتمر. كيف تقيم هذا المؤتمر؟
*ألكسندر دوغين:* كريستوف هويسغن، الذي انهار بالبكاء أثناء حديثه عن الكابوس، كان بشكل عام صحيحًا في تقييمه. في رأيي، الوضع واضح تمامًا: أمريكا الحديثة هي أمريكا ترامب، جي. دي. فانس، إيلون ماسك، وبيت هيغسيث. إنها دولة تغير توجهها الاستراتيجي بشكل جذري. لم تعد مركز العالم الغربي؛ إنها حضارة قائمة بذاتها، لا تشارك أيًا من أجندات العولمة، أو الإيديولوجيات الليبرالية، أو حتى الجيوبوليتيكا الأطلسية.
عندما تحدث جي. دي. فانس في مؤتمر ميونيخ، كان خطابه بمثابة صدى لخطاب بوتين في عام 2007. لقد تحدى أوروبا قائلًا: "أوروبا، هل تريدون خوض حرب ضد روسيا؟ هل تريدون إلغاء الانتخابات التي لا تتماشى مع وجهات نظركم؟ أنتم تقمعون السياسيين والشعبويين الذين يتحدون سلطتكم. لكن هؤلاء الأشخاص الذين تقمعونهم موجودون الآن في أمريكا. أنا أقف أمامكم كنائب رئيس الولايات المتحدة، وأوجه لكم تحذيرًا أخيرًا: إما أن تعيدوا توجيه أنفسكم مثلنا، أو أننا سننسحب من الناتو وسنتوقف عن دعمكم. تعاملوا مع الروس وغير الروس بأنفسكم؛ سنفرض عليكم تعرفة جمركية. أنتم لم تعودوا جزءًا منا لأننا لم نعد مركز هذا النظام العالمي."
وبالتالي، جي. دي. فانس، بصفته معارضًا صريحًا للليبرالية، يمثل معسكرًا إيديولوجيًا وجيوبوليتيكيًا مختلفًا تمامًا. أعلن: "انتهى كل شيء. لدينا رؤية مختلفة تمامًا للعالم." بعد ذلك، التقى بأليس فيدل، زعيمة حزب البديل الألماني AfD، التي لم تُدعَ إلى المؤتمر. كانت زيارته استمرارًا رمزيًا لنقد العولمة الليبرالية الذي بدأه فلاديمير بوتين في عام 2007.
الآن، يواجه الأوروبيون العولميون — هذه النخب المنفصلة والعدوانية التي تقمع أي معارضة وتتبع سياسات منحرفة — واقعًا جديدًا. كانت هناك حالة مماثلة في الولايات المتحدة، لكن تلك الحقبة انتهت منذ شهر في أمريكا، بينما في أوروبا، لا تزال مستمرة.
وهكذا، جاء جي. دي. فانس إلى أوروبا برسالة واضحة: لقد تغيرت السلطة في واشنطن. هذا أمر جاد وطويل الأمد؛ إنه ليس تغييرًا شكليًا. إما أن تتبعوا مثالنا وتجعلوا أوروبا عظيمة مرة أخرى — مشروع مشابه لـ "جعل أمريكا عظيمة مرة أخرى" — أو ستتركون لتدبروا أموركم بأنفسكم.
عندما حاول القادة الأوروبيون التأكيد على أن روسيا هي الشر الرئيسي والعدو، وأنه يجب دعم أوكرانيا ونشر القوات لمنع التهديد، رد فانس بهدوء: "أنتم تخطئون تمامًا في قراءة الوضع. ليست روسيا ولا حتى الصين هي الخصم الرئيسي لأوروبا. الخصم الرئيسي لأوروبا هم النخب الليبرالية العالمية."
*تاتيانا لاديايفا:* هل يمكنني طرح سؤالين إضافيين؟ إلى أي مدى كانت تصريحات فانس مفاجئة للقادة الأوروبيين المجتمعين هناك، أم أن مفاجأتهم كانت مجرد تمثيل، نظرًا لأن العالم قد سمع هذا بالفعل منذ شهر من الولايات المتحدة؟ ماذا ستفعل أوروبا بعد ذلك؟ ما هي الخطوات التي ستتخذها؟
*ألكسندر دوغين:* تخيل دولة أو مجتمعًا أو حضارة حيث تهيمن ديانة واحدة، مدعومة من السلطة المركزية. الناس معتادون على هذا. فجأة، تظهر ممثلون لحركة دينية مختلفة في المركز. هناك تحول حاد في الدين، ورؤية العالم، والإيديولوجيا، والجيوبوليتيكا، والفلسفة، والميتافيزيقا، والاستراتيجيات — كل شيء. حتى إذا كنت تتابع هذه التغييرات، فإن القصور الذاتي في التفكير قوي لدرجة أن في الأقاليم (وأوروبا الآن مجرد إقليم تابع لأمريكا)، لا يستطيع الكثيرون تصديق مثل هذا التحول السريع والجذري. يتمسكون بالأمل في أن هذا أمر مؤقت وغير جدي وقابل للعكس. ثم يأتي مبعوث الدين الجديد، الذي تأسس الآن في العاصمة، ليخبر القادة المحليين، وهم نوعًا ما من الولاة: "كل طوائفكم القديمة — الليبرالية، الفردية، العولمة — نعتبرها هرطقة. العقيدة الحقيقية هي مفهوم جعل أوروبا عظيمة مرة أخرى ، مغلقة أمام المهاجرين ومفتوحة للشعبويين. توقفوا عن عرقلة الأحزاب اليمينية." في ألمانيا، يُطلق على هذا "جدار الحماية"؛ في فرنسا، "الحصار": الليبراليون والعولميون يرفضون التعاون مع الأحزاب الشعبوية، سواء كانت يسارية أو يمينية، ويعزلونها ويشوهون سمعتها. عارض جي. دي. فانس هذا، قائلًا إن هذا ليس ديمقراطية أو حرية تعبير بل استبداد وديكتاتورية. أعلن: "أمريكا الجديدة لم تعد تدعمكم." توقع الكثيرون أن يعيد المحافظون الجدد السيطرة على إدارة ترامب، وأن تهدأ الحماسة الثورية للترامبيين، ويعود كل شيء إلى طبيعته. لكن نائب الرئيس وصل — معارض صريح للليبرالية، تم اختياره من قبل ترامب تحديدًا لهذه المعتقدات. أكد فانس موقفه: "أنا ضد الإيديولوجيا الليبرالية. أنا مع الديمقراطية والحرية، لكن ليس مع ما تفعلونه هنا." وهذا التصريح له وزن، حيث يدعمه كل من ترامب وماسك. هذا لم يعد موقف فرد، بل موقف الولايات المتحدة، التي ترى الآن دور ومكانة الاتحاد الأوروبي بشكل مختلف تمامًا. ربما "جعل أوروبا عظيمة مرة أخرى"، في نظر الترامبيين، يعني حل الاتحاد الأوروبي والعودة إلى نظام الدول الأوروبية القومية.
*تاتيانا لاديايفا:* يبدو لي أن جميع المسؤولين والرؤساء الحاليين في الدول الأوروبية يحتاجون إلى الإطاحة بهم.
*ألكسندر دوغين:* ليس جميعهم، لكن بالتأكيد الكثيرين. هذا بالضبط سبب استخدام ماسك لشبكاته. في الماضي، أطاح سوروس بالزعماء السياديين، وشوه سمعتهم ونظم ثورات ملونة ضدهم. الآن، قد تعمل أمريكا بنفس الطريقة أو تجد نهجًا آخر — فهم مبدعون للغاية، خاصة في قطاع التكنولوجيا العالية في وادي السيليكون، الذي انحاز الآن لترامب. سيجدون بالتأكيد طريقة للإطاحة بالأنظمة الحالية.
لهذا بكى كريستوف هويسغن. لم يستطع حتى الكلام لأن العالم الذي بناه الأوروبيون العولميون على مدى عدة عقود قد انهار. وقتهم قد انتهى. جلب جي. دي. فانس لهم علامة سوداء. إذا لم تستمع أوروبا الآن إلى الرسالة القادمة من واشنطن — من حيث الاستراتيجية العسكرية، والسياسة، والثقافة، وحرية التعبير — فسوف تدفع ثمنًا باهظًا. بعد ذلك مباشرة تقريبًا، صرح ترامب بأنه يفكر في احتمال انسحاب الولايات المتحدة من حلف الناتو. "إذا كنتم تريدون محاربة الروس، فقوموا بذلك بأنفسكم"، وهذا حكم على النخب الأوروبية. بدون الولايات المتحدة، بدون هذه القوة العظمى، لن يتمكنوا من تحقيق أي شيء. لذلك، هم الآن في وضع صعب للغاية. من ناحية، يحتاجون إلى الانحناء لسيدهم، كما قال رئيسنا، "يهزون ذيولهم". ومن المرجح أن البعض سيفعل ذلك. ولكن من ناحية أخرى، هذا يعني في الأساس الاعتراف بعدم كفاءتهم وزيفهم. وهذا قد يؤدي إلى عواقب خطيرة، حيث ستظهر قوى جديدة، وسوف تتعامل مع هؤلاء القادة بأقصى درجات الجدية.
لا أعتقد أن ماكرون، أو ستارمر، أو شولتز، أو ميرتس سيتمكنون من تجنب ملاحقات قضائية خطيرة، بما في ذلك الملاحقات الجنائية. ما يحدث الآن في الولايات المتحدة — وهو هجوم على العولميين والليبراليين لاستخدامهم جهاز الدولة لمحاربة الخصوم السياسيين — هو ببساطة مؤامرة ضد الديمقراطية وجريمة سياسية. وقد بدأت بالفعل قضايا جنائية في أمريكا تتعلق بهذا الأمر.
تمكن ترامب من إدخال شخصيتين بارزتين إلى فريقه: "تولسي غابارد" كرئيسة لاستخبارات الولايات المتحدة الوطنية، وروبرت كينيدي كرئيس لوزارة الصحة. بالمناسبة، كلاهما يحتفظ بتعاطف قوي مع روسيا. كل ما تبقى هو تعيين كاش باتيل رئيسًا لمكتب التحقيقات الفيدرالي، وأعتقد أن عصر المحاكمات — محاكمات حقيقية ضد العولميين في أمريكا — سيبدأ. وفقًا لذلك، يمكن أن يتوقع القادة الأوروبيون مصيرًا مشابهًا. وبعد ذلك ستكون هناك قضايا فساد وغسيل أموال وغيرها الكثير.
*تاتيانا لاديايفا*: دعونا نناقش الوضع في أوروبا، ولكن أولاً، تجدر الإشارة إلى أن هناك معلومات تفيد بأن سيرغي لافروف ويوري أوشاكوف سيغادران إلى السعودية بتكليف من الرئيس بوتين. وهم يخططون لعقد اجتماعات مع ممثلي أمريكيين يوم الثلاثاء، كما أفاد الكرملين. ومن بين الموضوعات التي سيتم مناقشتها مفاوضات حول أوكرانيا، وتنظيم لقاء بين بوتين وترامب، واستعادة العلاقات الروسية الأمريكية المعقدة.
اسمحوا لي أن أضيف بعض التعليقات من دميتري بيسكوف لتوضيح الأمر. تم اختيار السعودية كمكان للاتصالات بين روسيا والولايات المتحدة لأنها تناسب الطرفين. كانت موسكو تراقب عن كثب التصريحات التي أُدلي بها في مؤتمر ميونخ، ولكن من السابق لأوانه استخلاص استنتاجات نهائية. كما أشار بيسكوف إلى أنه من الممتع سماع أن العالم بدأ يتحدث عن ضرورة وقف الصراع في أوكرانيا، في حين أن الكثيرين كانوا يدعون إلى استمراره قبل وقت ليس ببعيد.
أما بالنسبة لأوروبا، فإن الكرملين يذكر أن قضية نشر قوات حفظ سلام في أوكرانيا قيد المناقشة، ولكن لم تجرِ محادثات جوهرية بعد. ومن المثير للاهتمام أن هناك تقارير اليوم تفيد بأن القادة الأوروبيين سيجتمعون في باريس في قمة طارئة غير رسمية، حيث سيتم مناقشة النشر المستقبلي المحتمل للقوات في أوكرانيا خلف خط التماس، وليس مباشرة عليه. وقد أثار هذا الموضوع بالفعل تعليقات في المجر.
إذن، من أين نبدأ؟ ربما من القمة في أوروبا؟
*ألكسندر دوغين*: محادثات أولئك الذين لم تتم دعوتهم إلى قمة روسيا والولايات المتحدة ليس لها قيمة تذكر. تصريحات عملاء العولمة، الذين ما زالوا موجهين نحو العاصمة السابقة حيث تغيرت السلطة بالفعل، لا تعني الكثير فيما يتعلق بالصراع الأوكراني.
أوكرانيا ستتم مناقشتها بالتأكيد من قبل بوتين وترامب، لكنها لن تكون الأولوية الرئيسية لهذه المحادثات. من المهم الوصول إلى تفاهم حول الهيكل المستقبلي للنظام العالمي — حول مجموعة بريكس، والعملة العالمية، ومناطق النفوذ — ثم الانتقال إلى قرارات محددة. لذلك، يمكن تأجيل الشؤون الأوروبية الحالية. ما هو مهم هو أن التحضير للقمة يتم من قبل لافروف وأوشاكوف — وهما شخصيتان رئيسيتان في الدبلوماسية الروسية، يعبران عن موقف الرئيس دون وساطة. وهذا يستبعد المفاوضات السرية والمصالح الجانبية، ويركز الاهتمام على المصالح الوطنية. من السابق لأوانه مناقشة نشر قوات أجنبية. يجب أن يحدد بوتين وترامب مصير النظام العالمي ومكان الأراضي الأوكرانية فيه، بما في ذلك خط التماس، وحالة المقاطعات الأربع، وأي تغييرات إقليمية محتملة نتيجة للعمليات العسكرية، أو الاتفاقيات المالية أو الجيوسياسية. كل هذا يجب أن يتم تحديده بشكل عام على الأقل في لقاء بوتين وترامب.
محاولات القفز إلى الأمام مدفوعة بمصالح خاصة. النتيجة السلمية في أوكرانيا مهمة لترامب، ولكن بالنسبة لروسيا — للرئيس، والشعب، والجنود الذين فقدوا أحباءهم في هذه الحرب المرعبة مع الغرب العولمي — فإن شروط هذا السلام مهمة للغاية. يجب أن تنتهي الحرب بانتصارنا. نشر قوات الناتو أو قوات دولية في منطقة مسؤوليتنا يتعارض مع مفهوم الانتصار. الرئيس يأخذ جميع العوامل في الاعتبار، لذلك يجب أن ننتظر نتائج هذا اللقاء المصيري. هذه لعبة معقدة ومتعددة الأبعاد، مثل الشطرنج الكروي، مع تفاعلات واضحة وخفيّة بين المواقف، والحجج، والاتفاقيات السابقة والجديدة — سواء كانت علنية أو سرية. هذا أكثر من مجرد سياسة كبيرة — إنها سياسة على أعلى مستوى. ومثل هذه الاجتماعات تحدد مسار التاريخ. سنرى ما سيحدث.
*تاتيانا لاديايفا*: منذ بداية الحرب، كانت هناك وجهة نظر تفيد بأنه نتيجة لانتهائها، قد لا تبقى أوكرانيا كدولة مستقلة. كما ذكرت أيضًا الأراضي التي يمكن أن تصبح موضوع مفاوضات. من الواضح أن المقاطعات الأربع الجديدة، وفقًا للدستور، أصبحت بالفعل جزءًا من الاتحاد الروسي، ولكن خط الترسيم نفسه لا يزال محل تساؤل.
إذا وقع ترامب اليوم أو يفكر في اتفاقية ما مع أوكرانيا بشأن الموارد، فقد يشير ذلك إلى أن بعض أراضي أوكرانيا ستظل تحت السيطرة الأوكرانية. في هذه الحالة، يطرح السؤال: كم من هذه الموارد سيستخدمها الأمريكيون؟ وهذا يشير إلى إمكانية الحفاظ على جزء من الأراضي الأوكرانية، مما يعني أن التقسيم بين روسيا، وبولندا، ورومانيا، وغيرهم من المشاركين المحتملين في العملية قد لا يحدث.
*ألكسندر دوغين*: لا أعرف. الوضع في أوكرانيا لا يزال غير محسوم. في رأيي، أوكرانيا كدولة مستقلة قد تختفي، أو ربما يبقى فقط جزء من أراضيها، على سبيل المثال، المناطق الغربية. السؤال هو، إلى من ستنتمي: هل ستبقى ذات سيادة، حتى لو كانت اسمية، على الورق؟ أم أن هذه الأراضي ستصبح منطقة مصالح وطنية للاتحاد الأوروبي، أم سيتم إنشاء دولتين، أو ثلاث، أو حتى أربع دول جديدة؟ ومن الممكن أيضًا أن تصبح كامل أراضي أوكرانيا تحت سيطرة روسيا. هذا السؤال لا يزال مفتوحًا.
بوتين لديه حجج تتجاوز الإجراءات العسكرية والقوة فقط. هناك العديد من العوامل الأخرى التي ستؤثر على نتيجة الوضع. سنرى كيف سيتم تقرير مصير أوكرانيا في الاجتماع القادم. لن يُسأل الأوكرانيون ولا زيلينسكي عن رأيهم.
للأسف، الوضع هو أنهم حاولوا الإصرار على موقفهم بوسائل عسكرية وإرهابية، وخسروا. من الواضح أن أوكرانيا لم تعد حتى موضوعًا مستقلًا نسبيًا في السياسة الدولية؛ سيتم تقرير مصيرها من قبل القوى العظمى. وأنا أميل إلى الاعتقاد بأنها ليست أوروبا، بل روسيا وأمريكا تحديدًا. لا ينبغي أن ننسى الصين، التي تتخذ موقفًا متوازنًا في هذا الصراع، وكذلك دول مثل الهند، والعالم الإسلامي، وأفريقيا، وأمريكا اللاتينية — كلها يمكن أن تصبح أقطاب نفوذ جديدة. ومع ذلك، صوت النظام الإرهابي في كييف ليس هنا؛ بالتأكيد سيتم التضحية بهم. هذا واضح بالفعل حتى لزيلينسكي وعصابته. إنهم بالفعل يحزمون حقائبهم.
*تاتيانا لاديايفا*: في هذا السياق، أحب بشكل خاص الفعل الذي استخدمه دونالد ترامب عند التعليق على الاجتماعات المحتملة القادمة مع بوتين. عند الإجابة على سؤال من الصحفيين حول كيفية حل الصراع في أوكرانيا، قال إن زيلينسكي سيتم "إشراكه" في المفاوضات. ومع ذلك، فإن مصطلح "إشراكه" لا يعني بالضرورة أنه سيصبح مشاركًا كاملًا في العملية. هذه الكلمة تبدو مجردة إلى حد ما ويمكن أن تعني أنه سيتم إطلاعه على القرارات النهائية كأمر واقع. ومع ذلك، دعونا نراقب تطور الأحداث: أعتقد أن الأكثر إثارة لم يأتِ بعد. *****
#زياد_الزبيدي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
طوفان الأقصى - 513 - انقسام الشرق الأوسط
-
ألكسندر دوغين - نهاية زيلينسكي ونهاية أوكرانيا - دوغين لم يت
...
-
طوفان الأقصى - 512 - خبراء المجلس الروسي للشؤون الدولية - حو
...
-
ألكسندر دوغين - توجيهات دوغين - قبل 18 عامًا بدأت الثورة الج
...
-
طوفان الأقصى - 511 - تصرفات إسرائيل تدمر أسس القانون الدولي
-
طوفان الأقصى 510 - النص الكامل لمقابلة موسى أبو مرزوق كما نش
...
-
ألكسندر دوغين - ستيف بانون - المهندس الأيديولوجي للترامبية
-
طوفان الأقصى 509 - ناشطة أسترالية تنصفنا أكثر من الكثيرين -
...
-
ألكسندر دوغين – بدون هذا، الحديث عن أوكرانيا بلا معنى: دوغين
...
-
طوفان الأقصى 508 - لماذا يحتاج نتنياهو إلى حرب أبدية في الشر
...
-
ألكسندر دوغين - الإتصال بين بوتين وترامب. -لم يعد هناك غرب.
...
-
طوفان الأقصى 507 – نصر الله يبقى تهديدًا للصهيونية
-
-يالطا جديدة؟-
-
طوفان الأقصى 506 - ماذا ينتظر سوريا - نظرة من روسيا
-
يالطا 2.0 ستولد في معاناة ومفاوضات صعبة
-
طوفان الأقصى 505 – خطة ترامب لترحيل الفلسطينيين من غزة تفشل
-
مؤتمر يالطا-45 في ثمانية أيام – اليوم الثامن 8-8
-
طوفان الأقصى 504 - العيب القاتل في الشرق الأوسط الجديد - غزة
...
-
مؤتمر يالطا-45 في ثمانية أيام – اليوم السابع 7-8
-
طوفان الأقصى 503 – مفاوضات السعودية بين روسيا وأمريكا
المزيد.....
-
ألمانيا.. مقتل شخص وإصابة آخرين بحادث دهس والشرطة تعتقل مشتب
...
-
مشاهد عظامها وهي بارزة صادمة للغاية.. سيدة تسيء معاملة 3 خيو
...
-
تبون يرفض حضور القمة العربية الطارئة بسبب -احتكار حل القضية
...
-
وزير الخارجية الفرنسي: خطر الحرب على أوروبا يبلغ مستوى غير م
...
-
ألمانيا: حادث دهس في مانهايم ولا معلومات عن الجاني وخلفياته
...
-
الكرنفال: رحلة عبر الزمن من الرومان إلى كولونيا الحديثة
-
-سانا-: إصابة عدد من المدنيين بجروح جراء انفجار مجهول السبب
...
-
سوريا: جمعية خيرية تنظم إفطارا جماعيا في معرة النعمان
-
وزير الداخلية الفرنسي يعتزم اتخاذ إجراءات ردعية ضد الجزائر
-
البذور المعدلة وراثيا.. هل تنقذ الزراعة في نيجيريا؟
المزيد.....
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
المزيد.....
|