أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبير خالد يحيي - سوريا بين فكي العاصفة: تحديات الداخل والخارج














المزيد.....


سوريا بين فكي العاصفة: تحديات الداخل والخارج


عبير خالد يحيي

الحوار المتمدن-العدد: 8270 - 2025 / 3 / 3 - 04:49
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


كأن سوريا كُتِب عليها أن تكون مسرحًا دائمًا للصراعات، تتقاذفها الأمواج العاتية من الداخل والخارج، فيما تسعى جاهدةً لإعادة ترتيب بيتها المتداعي. كلما بدا أن المشهد يتجه نحو الاستقرار، انفتحت أبواب جديدة للعواصف، تحمل في طياتها تهديدات تمس الأرض والهوية والوحدة الوطنية. فما تواجهه البلاد اليوم ليس مجرد أزمات عابرة، بل اختبارات مصيرية قد تحدد ملامح مستقبلها لعقود قادمة.

الجنوب السوري: بوابة الأطماع القديمة الجديدة
لطالما كانت العيون الإسرائيلية شاخصة نحو الجنوب، تبحث عن ذريعة لتثبيت موطئ قدم جديد، وحين جاء الصوت المنفرد المنادي بالحماية، تلقفته الآلة السياسية كأنما تنتظر الإشارة. لا يخفى على أحد أن الأطماع في هذه المنطقة ليست وليدة اللحظة، فكل خطوة تُقدِم عليها تل أبيب لا تُقرأ بمعزل عن استراتيجيتها بعيدة المدى. غير أن الخطر الحقيقي لا يكمن فقط في تحركاتها العسكرية أو السياسية، بل في قدرتها على النفاذ من الشقوق التي قد تنفتح في الجدار السوري، إذا لم يُحكم بناؤه بتماسك وطني راسخ.

التوازنات الدولية: رقعة الشطرنج المعقدة
في ظل دعوة إسرائيلية لروسيا للإبقاء على قواعدها في سوريا، وبينما تتحاور موسكو وطهران حول المشهد السوري، وتلويح تركيا باستعدادها لمواجهة التهديد الاسرائيلي، يبدو أن البلاد لا تزال ساحةً لتقاطع المصالح الكبرى. كل طرف يسعى إلى ترسيخ نفوذه، وكل قرار تتخذه القوى الكبرى يحمل في طياته أبعادًا تتجاوز حدود الجغرافيا. السؤال الذي يفرض نفسه: أين تقف سوريا وسط هذه المعادلة؟ هل ستكون لاعبًا مستقلًا في تقرير مصيرها، أم ستبقى رقعةً تُحركها الأيدي المتنافسة وفق حساباتها الخاصة؟

النار الكامنة تحت الرماد: الفتن والتجييش الطائفي
في الظل، هناك من يحرّك الخيوط بصمت، ينفخ في جمر النعرات، ليبعث من جديد مايتصوّر الكثيرون أنه قد خمد. يُبَثّ التحريض من كل حدب وصوب، يُزرع الشك بين أبناء الأرض الواحدة، وكأن هناك من يسعى لتمزيق النسيج الوطني خيطًا خيطًا. رغم محاولات التهدئة التي يقودها العقلاء، إلا أن التحريض المتواصل قد يحفر هوةً أعمق، يصعب ردمها مستقبلًا، ما لم يُتدارك الأمر بحزم يقطع الطريق على كل من يحاول العبث بوحدة البلاد.

اليد الخفية والفوضى الأمنية
تنام المدن السورية وتصحو على أنباء الهجمات، التي لا تحمل بصمة واضحة لمنفذيها. في الساحل، في ريف دمشق، في حمص وحماة، تتكرر المشاهد ذاتها: استهدافٌ هنا، تبادلٌ للاتهامات هناك، والفاعل مجهول أو معروفٌ بلا دليل. ليست هذه سوى محاولات لإغراق البلاد في دوامة من العنف المستمر، بحيث لا تستقر على أرضٍ ثابتة، ولا تنعم بهدوء يمكنها من التقاط أنفاسها.

شبح التقسيم وخطر التفكك
حين تغيب الثقة، وتتصاعد الشكوك، يصبح الحديث عن وحدة البلاد أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى. سوريا اليوم ليست في مأمن من خطر التقسيم، ليس فقط بفعل التدخلات الخارجية، ولكن أيضًا بسبب التنافر الداخلي الذي يُغذى عمدًا أو نتيجة تراكمات لم تُعالج. في الشمال، لا تزال الإدارة الذاتية تشكل ملفًا شائكًا، وفي الداخل، يترسخ شعور بالضياع في ظل غياب حكومة رسمية تدير الأمور بحزم ووضوح. هذا الفراغ السياسي يمنح أعداء البلاد مساحة أكبر للتحرك، ويفتح الأبواب أمام سيناريوهات قد تكون أكثر تعقيدًا مما يبدو في الأفق.

الأزمة المعيشية: اختناق يومي بلا أفق واضح
وسط كل هذه التحديات، يقف المواطن السوري في مواجهة معركة أخرى، ربما أشد قسوة على حياته اليومية. الغلاء ينهش قدرته على الاستمرار، والرواتب التي تأخرت صارت عبئًا إضافيًا على كاهله المثقل أصلًا. في غياب حلول عاجلة، تتفاقم الأوضاع، ويتحول الصبر إلى قلق متزايد، يهدد بانفجار اجتماعي لا يمكن التنبؤ بعواقبه.

كيف تُواجه سوريا هذه العواصف؟
ليس هناك حل سحري يُبدد هذه الأزمات في لحظة، لكن المواجهة تبدأ أولًا بترميم الصف الداخلي. وحدة البلاد ليست شعارًا يُرفع، بل نهج يُطبق، يستوجب تغليب المصلحة الوطنية على كل الحسابات الضيقة.
تحصين الجنوب لا يكون فقط بالعتاد العسكري، بل أيضًا بتعزيز الولاء الوطني، وقطع الطريق على أي محاولة اختراق، سواء سياسية أو اجتماعية.
إدارة العلاقات الدولية بحذر، بحيث لا تتحول سوريا إلى ورقة بيد أي طرف، بل تكون صاحبة قرارها المستقل، وفق ما يخدم مصلحتها فقط.
إطفاء نيران الفتنة قبل أن تشتعل، من خلال خطاب وطني جامع، يرفض كل أشكال التحريض الطائفي والمناطقي.
ضبط الأمن بحزم، لأن الفوضى هي التربة الخصبة لكل المشاريع المشبوهة، وما يحدث من هجمات هنا وهناك يجب ألا يُترك دون ردع واضح.
تشكيل حكومة قادرة على إدارة المرحلة، لأن أي تأخير إضافي في ترتيب البيت السياسي سيزيد من هشاشة الوضع الداخلي.
الاستجابة السريعة للأزمة الاقتصادية، عبر إجراءات فورية تُخفف العبء عن المواطنين، وتمنحهم على الأقل أملًا بأن الغد قد يكون أفضل.

سوريا اليوم أمام مفترق طرق، حيث لا مجال لأنصاف الحلول. إما أن تتمكن من لملمة جراحها والمضي بثبات نحو استعادة عافيتها، أو تترك الساحة مفتوحة للمزيد من الفوضى والانقسام. القرار في يد أبنائها وقيادتها، والتاريخ لن يرحم من يتهاون في صون الأرض وحماية وحدة البلاد.

#دعبيرخالديحيي الإسكندرية – مصر 2/3/ 2025



#عبير_خالد_يحيي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بين المبدأ والانتهازية.. الفن حين يكشف الوجوه الحقيقية
- تجليات العزلة والاعتراف في السرد الوجداني : قراءة في بناء ال ...
- مي سكاف: نجمة الحرية التي أبت أن تنطفئ
- حسن نصر الله: زيف إيران الذي احترق بنيران الحقيقة
- أدب الرحلات المعاصرة: سفر في الجغرافيا والذات دراسة ذرائعية ...
- اغتيال الحريري: الرصاصة التي فجّرت لبنان
- (ألفيّة القس جوزيف إيليا) بين هندسة الشكل وجمالية القيَم في ...
- مجزرة حماة 1982: إبادة جماعية بأوامر الأسد وجرح لم يندمل
- الروح الضائعة في اللحن المكسور : بين الشغف والتضحية دراسة ذر ...
- مأساة الأطفال المختطفين من أبناء المعتقلين في سوريا: جريمة إ ...
- النقد وأدب الذكاء الاصطناعي
- الميتاقص- أساليبها وتمظهراتها في قصة / رسول الشيطان/ للقاص ا ...
- ديستوبيا الماسونية الجديدة في رواية (العوالم السبع) للأديب ا ...
- أدب الرسائل عند الأديبة حياة الرايس (رسائل أخطأت عناوينها) د ...
- قراءة في رواية / جبل الزمرد/ للروائية المصرية منصورة عز الدي ...
- تجلّيات المكان في أدب الحرب رواية / زند الحجر/ أنموذجًا للكا ...
- اقرئي.. ابحثي.. واكتبي
- فن الواو.. فن الإيحاء والتجريد بمفهوم ذرائعي الناقدة الدكتور ...
- جماليات القبح وتجليات أدب الديستوبيا في رواية /العالقون/ للأ ...
- تجلّيات الأدب التأمّلي في قصيدة الومضة دراسة تقنية ذرائعية م ...


المزيد.....




- الملكة رانيا العبدالله في فيديو مع العائلة الهاشمية بشهر رمض ...
- حقيقة فيديو توقيع زيلينسكي على قنابل استخدمتها إسرائيل خلال ...
- أوربان: الحلفاء في لندن اعتمدوا خيار تأجيج الصراع وتمويل الح ...
- بعد توبيخ زيلينسكي.. ما خيارات ترامب؟
- نتنياهو: سنواجه كل من يحاول حفر ثقوب في سفينتنا الوطنية
- سلوفينيا تحتفل بكرنفالها العريق: مزيج من الفولكلور والألوان ...
- تقرير: بديل مصر لـخطة ترامب حول غزة يهدف لتهميش حماس
- سوريا: المسحراتي يجوب الشوارع بدون موافقات وحواجز الأمن
- -سو-34- تدك مواقع القوات الأوكرانية بقنابل حائمة
- الخارجية الإيرانية للسفير التركي: حساسية الوضع الإقليمي تتطل ...


المزيد.....

- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبير خالد يحيي - سوريا بين فكي العاصفة: تحديات الداخل والخارج