أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ادم عربي - تطوير الآلة وتأثيرها على المجتمعات!















المزيد.....


تطوير الآلة وتأثيرها على المجتمعات!


ادم عربي
كاتب وباحث


الحوار المتمدن-العدد: 8269 - 2025 / 3 / 2 - 17:59
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


بقلم : د . ادم عربي

"الآلة"، من حيث الوظيفة التي تؤديها، هي عبارة عن تطوير صناعي لكلِّ عمل أوْ نشاط يقوم به الإنسان بمفرده، أوْ يمكنه القيام به، ولكنها لا تحقق نفس المستوى من الفاعلية أحياناً وأحياناً أخرى تُحقق.
إنَّها التوسع الصناعي لكلِّ ما هو طبيعي من قوى وأعضاء وحواس يمتلكها الإنسان، فكلّ "أداة" ابتكرها الإنسان تشبه، من حيث أداؤها ووظيفتها، إحدى قواه الطبيعية أوْ أحد أعضائه أوْ حواسه.
باستخدام أدوات أو آلات مثل المقص أو السكين، نقوم بقص أو تقطيع أشياء يمكننا قصها أو قطعها باستخدام بعض من أعضائنا وقوانا الطبيعية (مثل الأسنان، اليدين، والأصابع).
من خلال "العين الاصطناعية"، مثل الميكروسكوب أو التلسكوب، نتمكن من توسيع مدى رؤيتنا بواسطة العين الطبيعية، فنبصر أشياء بشكل أوضح وأدق، ونرى ما لا يمكننا رؤيته بالعين الطبيعية بسبب صغر حجمه أو بُعده الشديد.
من خلال "الذاكرة الاصطناعية" في جهاز الكمبيوتر، نتمكن من تجاوز العديد من نقاط الضعف الموجودة في ذاكرتنا الطبيعية.
"الآلة" هي "أداة عمل" تعتمد على قوى غير القوى البدنية للإنسان. فمثلاً، هي "آلة بخارية" إذا كانت تعمل باستخدام البخار، و"آلة كهربائية" إذا كانت تعمل بالكهرباء. ورغم أنها "أداة عمل"، إلا أنَّ ليس كل "أداة عمل" تعتبر "آلة". على سبيل المثال، المحراث يُعدُّ "أداة عمل"، لكنه ليس "آلة" لأنه يعتمد فقط على القوى البدنية للإنسان. في الواقع، كانت أقدم وأبسط أدوات العمل التي استخدمها البشر مصنوعة من الخشب والحجر وأجزاء من الحيوانات.
"أداة العمل" تظل دائماً وسيلة تربط الإنسان بالطبيعة، فمن خلالها يتمكن الإنسان من التأثير على الأشياء في بيئته أو محيطه الطبيعي، أي أنه يعدل الطبيعة ليتمكن من إنتاج ما يلبي احتياجاته، وأبرزها حاجة الإنسان إلى الغذاء.
مع تزايد تأثير الإنسان على الطبيعة من خلال أدوات العمل والآلات، يتسع ويتنوع ويزداد غنى مخزون مداركه الحسية، وبالتالي يتوسع مخزونه المعرفي والعلمي. فكلما زاد هذا التأثير، ازداد قدرة المجتمع البشري على السيطرة على الطبيعة وقواها المتنوعة. ومن هنا، فإن تطور "الآلة" يعد مقياساً ممتازاً لقياس درجة سيطرة الإنسان على الطبيعة.
بفضل "أدوات العمل" و"الآلات"، تمكن الإنسان من خلق وتطوير "بيئته الاصطناعية"، مثل المدينة بما تحتويه من أشياء صنعها البشر باستخدام مواد مأخوذة من "البيئة الطبيعية".
ترجع الفائدة في تقليل تأثير "قانون الانتخاب الطبيعي" على البشر إلى "البيئة الاصطناعية" من حيث نشوئها وتطورها. فالإنسان لا يواجه البرودة بتطوير شعر طبيعي يغطي جسده كما يفعل الحيوان، بلْ من خلال صناعة وارتداء الملابس.
يكفي أنْ تقوم بمقارنة من حيث الكم والنوع بين "البيئة الاصطناعية" في أوروبا الغربية و"البيئة الاصطناعية" في إفريقيا لتستنتج أنَْ الإنسان الأوروبي يمتلك سيطرة أكبر بكثير على الطبيعة مقارنة بالإنسان الإفريقي.
إنَّ زيادة سيطرة الإنسان على الطبيعة بفضل "الآلة" وتطورها يجب أنْ تُترجم إلى مزيد من التحكم في ما يعارض تطوره من الزمان والمكان. فـ "السرعة" في إنجاز الأعمال بمختلف أشكالها تعني تحكماً أكبر للإنسان على الزمان والمكان.
الإنسان الذي تمكن بفضل "الآلة" من السيطرة على الطبيعة بشكل أكبر، وأيضاً على الزمان والمكان، لابدَّ أنْ يمتلك من القوى والوسائل ما يمكنه من جعل مجتمعه (وبالتالي نفسه) أكثر حرية.

من خلال "أداة العمل" أو "الآلة"، يغير الإنسان بيئته الطبيعية، ومع هذا التغيير، يتغير هو نفسه أيضاً. فالتطور الاجتماعي والتاريخي للإنسان لا يمكن فهمه إلا كنتيجة لهذا التفاعل أو العلاقة الجدلية بين "الذات" و"الموضوع". ولكل "بيئة اصطناعية" إنسان يتناسب معها، فابن القرية يشبه "بيئته الاصطناعية"، وكذلك ابن المدينة يشبه "بيئته الاصطناعية"، حيث يختلف كلاهما عن الآخر في خصائصه وسماته الاجتماعية نظراً لاختلاف "البيئة الاصطناعية" التي ينشأ فيها.
نلاحظ جانباً آخر من الأهمية الاجتماعية والتاريخية لـ "الآلة" عندما نبحث في سبب الاختلاف والتباين بين العصور التاريخية. فهل تعود هذه الفروقات بين العصور إلى اختلاف ما تُنتج من أشياء، أم إلى الطريقة التي تُنتج بها تلك الأشياء؟.
في مختلف العصور التاريخية، كان البشر ينتجون القمح، على سبيل المثال؛ لكنهم اختلفوا، وبالتالي اختلفت عصورهم التاريخية، في الطريقة التي ينتجون بها هذا القمح. ويعود هذا الاختلاف في الطريقة، في المقام الأول، إلى اختلاف الأداة أوْ الآلة المستخدمة في إنتاجه.

ربما يكون أفضل دليل على أهمية "الآلة" الاجتماعية والتاريخية هو اتفاق فرانكلين وبرودون وماركس وبرجسون على تعريف "الإنسان" كـ "حيوان صانع لأدوات العمل".
لكنَّ ماركس هو الذي يعود إليه الفضل في اكتشاف أنَّ "أداة العمل" أوْ "الآلة" هي السبب الأساسي (والأخير) للتطور التاريخي، وأنها العامل الحاسم في الانتقال من عصر تاريخي إلى آخر، وذلك وفقاً لدرجة تطورها. كما أنه ميز بين "رأس المال" و"أداة العمل"، حيث أنَّ كل "رأسمال" يتضمن "أدوات عمل"، لكن ليس كل "أداة عمل" يجب أنْ تكون "رأسمال". إضافة إلى ذلك، أثبت علمياً أنَّ "الآلة" لا تُنتِج "ربحاً"، إذْ إنها تنقل إلى المنتج من السلع ما تختزنه من "عمل" وما تحتوي عليه من "قيمة" دون زيادة أوْ نقصان. وقد قاده ذلك إلى استنتاج بالغ الأهمية مفاده أنَّ التطور الآلي في المنشآت الصناعية الرأسمالية يؤدي بالضرورة إلى تراجع مستمر في المعدل العام للربح.

بدأت "الحضارة" وتطورت بفضل "العبودية"، فبدون "الآلات الناطقة"، أي العبيد من البشر، وعملهم، كما كان الحال في روما، لم تكن لتنشأ "الحضارة". ومن خلال "العبودية الجديدة المستقبلية"، حيث يتم استبدال "الآلات الناطقة" بـ "البشر الآليين"، ستصل "الحضارة" إلى أعلى درجات تطورها.

بـ "العبودية" بدأت "الحضارة"، وتطوَّرت؛ فلولا "الآلات الناطقة"، أي العبيد من البشر، وعملهم، في روما، مثلاً، وعلى وجه الخصوص، لَمَا نشأت "الحضارة". ومع تطور الزمن، أصبحنا نرى تحولاً جديداً في مفهوم "العبودية"، يتمثل في ظهور "العبودية الجديدة المقبلة"، حيث يحلُّ فيها "البشر الآليون" محلَّ "الآلات الناطقة". وهنا يظهر الذكاء الصناعي كمرحلة جديدة من هذه "العبودية المستقبلية"، إذ تحل الأنظمة الذكية محل البشر في العديد من الوظائف، مما يعكس تحولاً كبيراً في كيفية تطور الحضارة. بفضل الذكاء الصناعي، ستصل "الحضارة" إلى أعلى درجات تطورها، حيث تعمل الآلات الذكية على تعزيز الإنتاجية والتقدم بشكل أعمق.
وأخيرا ، إذا كانت "العبودية" قد تطورت لتأخذ أشكالاً جديدة عبر العصور، فهل يمكن للإنسان أنْ يظل محتفظًا بمفهوم "الحرية" في عصر يهيمن فيه الذكاء الصناعي؟ وأي دور سيبقى للبشر في حضارة يعتمد فيها كلُّ شيء على الأنظمة الذكية؟



#ادم_عربي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عبث الظلال!
- الترامبية وهم عابر أم إستراتيجية دائمة؟
- ماركس يتحدى نقاده في الاقتصاد!
- شبحُ ماركس يعود مع كل أزمة!
- أَكَادُ أَتَفَجَّرُ!
- في حرية التعبير!
- الزمن!
- البراءة والخطيئة!
- يجب الارتقاء بصناعة الإنسان في مجتمعاتنا!
- أوهام البقاء!
- سوء فهم أفكار ماركس!
- الحرب والأخلاق!
- القمر والنار!
- حرب البترودولار!
- مشكلة الفهم والتفسير في السياسة!
- خُمرُ المَعابِد!
- هل نستحق الديموقراطية؟
- قرصة برغوث!
- في المنظمات اللاحكومية!
- هطل الثلج!


المزيد.....




- وصفه بـ-الأعمى والأصم-.. الكرملين يهاجم رئيس أوكرانيا ويعلق ...
- بعد اجتماعه مع ترامب.. زيلينسكي يكشف كيف يرى مستقبل علاقة بل ...
- بعد مشادة البيت الأبيض.. زيلينسكي: مستعدون لتوقيع اتفاق المع ...
- الرفيق رشيد حموني يوجه سؤالًا إلى السيد وزير الفلاحة بشأن دع ...
- رئيس أبخازيا المنتخب: العلاقات مع روسيا تتصدر أولوياتنا
- صحة غزة تعلن حصيلة جديدة لقتلى القصف الإسرائيلي
- لندن: السلام الدائم في أوكرانيا يحتاج الولايات المتحدة
- الصيام والأمراض المزمنة.. إرشادات لمرضى السكري والقلب في رمض ...
- سيارة تدهس حشدا من المارة في مدينة مانهايم الألمانية (فيديو ...
- -فوربس-: كييف وحلفاؤها يتنافسون على استبدال صواريخ الدفاع ال ...


المزيد.....

- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ادم عربي - تطوير الآلة وتأثيرها على المجتمعات!