أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - ملهم الملائكة - دروس الدبلوماسية الحديثة















المزيد.....


دروس الدبلوماسية الحديثة


ملهم الملائكة
(Mulham Al Malaika)


الحوار المتمدن-العدد: 8268 - 2025 / 3 / 1 - 20:00
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


نقلت الكاميرات لايف عبر العالم تفاصيل دبلوماسية الفشل والخيبة وما نتج عنها من إذلال ألحقه الرئيس الأمريكي ترمب وطاقمه الرئاسي برئيس أوكرانيا فولوديمير زيلينسكي. الحقيقة أن ما جرى بين الرئيسين جرى مثله عشرات المرات بين قادة العالم ولا سيما حين يلتقي رئيس دولة عظمى كالولايات المتحدة الأمريكية، برئيس دولة أدنى منها في الأهمية والموقع والتأثير الدولي، لكنّ الجديد هذه المرة أن ما جرى لم يجر خلف أبواب مؤصدة كما هي العادة في لقاءات رؤساء الدول، بل جرى تحت عدسات الكاميرات، فدبلوماسية ترمب تنطلق من حقيقة تفوق الولايات المتحدة المطلق عسكرياً وعلمياً ومالياً وسياسياً على كل بلدان العالم، وهو يوظف هذا التفوق بشكل امبريالي سافر لا حياء فيه معلناً للعالم "أنتم بحاجة لنا، وعليكم أن تقبلوا بسياستنا كما هي، وإلا فلا مكان لكم في بيتنا"!
وهذا الذي رأيناه فضيحة، وصفتها وسائل اعلام عربية بأنها "عملية اعدام على الهواء للرئيس الاوكراني زيلينسكي"، جرى شيء مشابه لها قبل أسابيع قليلة حين استقبل الرئيس الأمريكي ترامب العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، وأحرجه منذ لحظة لقائهما التصويري الأول أمام مدخل البيت الأبيض، بمجرد أن ترجل الملك الأردني عن سيارته، مقدما ابنه ولي العهد للرئيس ترامب، ووقوف الجميع لحظة لالتقاط الصور، ثم دخولهم ليجلس الجميع في مؤتمر صحفي كشف ترمب من خلاله كل خططه بشأن غزة كما يطلبها من الملك عبد الله، وكأنّ المؤتمر الصحفي محكمة تعرض حيثيات السياسة واشتراطاتها، وكانت لحظة حرج واذلال تاريخية يتعرض لها الملك، لكنّ عبد الله خريج كلية ساندهيرست العسكرية البريطانية وابن الملك الداهية حسين بن عبد الله، قد أتقن لعبة السياسة والدبلوماسية والمناورات المتصلة بها منذ طفولته، واستطاع أن يخرج من المأزق بذكاء باهر.
من جانب آخر، كشف الرئيس المصري عبد الفتاح السياسي عن دهاء دبلوماسي ملفت للنظر، حين رفض الذهاب للقاء ترمب، معلناً بوضوح أن ليس عنده ما يناقشه مع الرئيس الأمريكي ما دام الأخير مصراً على تهجير شعب غزة، ونقلهم "إلى مصر والأردن" على حد وصفه المتكرر، وحافظا بذلك كرامته وهيبته وماء وجهه وماء وجه شعب مصر العريق. وأحسب أنه لو كان ذهب للقاء ترمب في البيض الأبيض، لتعرض لإذلال مشابه لما جرى للرئيس الأوكراني في ضوء رفضه الحاسم لخطة ترمب بشأن الغزيين.
ورغم أن التعليقات على مواقع التواصل الاجتماعي بشأن لقاء الرئيس الأمريكي بالأوكراني جاءت بأغلبيتها خرقاء داعمة للرئيس الأوكراني، فإنّ الخطأ الفاحش الذي يتناساه الجميع بدأ من سوء فهم زيلينسكي لمستوى الخطاب بين ترمب وبين سائر رؤساء العالم. فالبيت الأبيض في العادة يُعلم سلفاً الرئيس الزائر عن نوع الملابس التي سيرتديها ترمب وحتى لون ربطة عنقه وجواربه ولون ونوع حذائه، فهذا جزء من بروتوكول اللقاء برئيس أكبر امبريالية في العالم، وإن لم يأخذه الضيف بعين الاعتبار والجدية، فإنّ مهمته محكومة بالفشل والخيبة، ولهذا سجلت الكاميرات كلمات ترامب حال ترجل زيلنسكي من سيارته في باب القصر الأبيض: "إنه بكامل أناقته اليوم" في غمز واضح لإخلال زيلنيسكي ببروتكول لقاءات رؤساء وزعماء العالم. وتكرر المشهد بقسوة أشد في داخل المكتب البيضوي، حين سأل أحد موظفي البيت الأبيض الرئيس الأوكراني بكل صلافة "سيدي الرئيس، لماذا لم ترتد بذلة رسمية وأنت تلتقي برئيس أعظم دولة في العالم في القصر الأبيض؟"
ما قد يحسبه البعض، تفصيلاً عابراً، هو جزء حاسم في المشهد بين الرئيسين، فالرئيس الأوكراني جاء ليطلب مساعدات من الرئيس الأمريكي، وقد اعترف بنفسه اثناء اللقاء العاصف، أنه لولا المساعدات الأمريكية فإنّ أوكرانيا ما كان بوسعها أن تواصل الحرب ضد روسيا أكثر من 3 أيام!" والرئيس الأوكراني يزور الرئيس الأمريكي في مقر عمله الرسمي، في عاصمة بلده، ومن الغباء وسوء التقدير أن لا يمتثل للبروتوكول الرسمي الذي ينظّم مثل هذه الزيارات، وهكذا بدأ اللقاء بالفشل، لينتهي بالخيبة والاذلال لحد الطرد من البيت الأبيض، وهذا يعطي باقي زعماء العالم درساً بليغاً في كيفية التعامل مع الرئيس الأمريكي دونالد ترمب المصرّ على أن يجعل الولايات المتحدة الأمريكية "أعظم قوة في العالم" بكل معنى الكلمة.
وبوسع زعماء العالم استخلاص العديد من الدروس حول كيفية التعامل مع زوار المكتب البيضاوي وأماكن اتخاذ القرارات الكبرى:
*مخاطر ومنافع التعامل الحاسم وغير التقليدي: دونالد ترمب كان معروفًا بتعامله المباشر والعنيف أحيانًا مع قادة دول العالم. هذا الأسلوب يوضح أهمية الحسم في المفاوضات، ولكنه أيضًا يظهر خطر الخروج عن التقاليد الدبلوماسية في التعامل مع الزوار.
زعيم الامبريالية العظمى الأوحد حريص على استعراض القوة والسلطة: ترمب لم يكن يخفي سلطته ويحب أن يُظهر قوته في المواقف الرسمية. الزعماء الدوليون قد يلاحظون أن هناك أهمية كبيرة في فرض الهيبة والشعور بالقوة، لكن هذا قد يأتي بنتائج عكسية في بعض الحالات.
الشفافية المباشرة مع المواقف السياسية: من خلال لقاءات مثل هذه، يُمكن للزعماء الدوليين أن يتعلموا أهمية أن يكونوا صريحين ومباشرين في التعامل مع القضايا الحساسة، حتى لو كانت النتيجة قاسية.
الحدود بين الصداقة والضغط السياسي: ترمب كان دائمًا ما يستخدم أسلوب "الضغط" السياسي في تعاملاته مع الحلفاء والشركاء، مثلما ظهر في تعامله مع زيلينسكي. الدرس هنا هو أن العلاقة بين الضغط والصداقة في السياسة قد تكون دقيقة للغاية، ويجب على الزعماء الحذر من تجاوز هذه الحدود.
أهمية التحليل الدقيق للسياقات المحلية والعالمية: اللقاء بين ترمب وزيلينسكي قد يعكس أيضًا عدم فهم كافٍ من الجانب الأوكراني للعلاقات الدولية، وقيام زيلنسكي بتقييم ترمب وفق معايير تقييمه لزعماء الإتحاد الأوروبي، وهو ما أدّى إلى سوء التفاهم. الزعماء يجب أن يكونوا أكثر حرصًا في فهم السياقات التي يتحركون فيها.
التعامل مع الخلافات علنًا: إذا كان هناك خلاف أو تصادم بين زعيمين، قد يكون من الأفضل أن يتم التعامل مع مثل هذه القضايا بشكل أكثر خصوصية وتوازنًا، عوضًا عن حدوث مواجهات علنية قد تؤثر سلبًا على العلاقات المستقبلية.
بناءً على ذلك، من الممكن أن يخرج زعماء العالم من هذا اللقاء الكارثي بدروس مهمة حول كيفية إدارة العلاقات الدبلوماسية الحساسة بطريقة أكثر توازنًا وعقلانية، مع مراعاة تباين الثقافات والسياسات.
وبدأت صفحات ومواقع التواصل الاجتماعي حملة متسرعة لمشهد لقاء قمة أمريكي إيراني مرتقب، قد تتعرض فيها إيران لمشهد إذلال شبيه لما جرى للرئيس الأوكراني. لكنّ هذه التصورات هي محض أمنيات، فلقاء بهذا المستوى لا يمكن أن يجري بين ترمب وبين خامنئي، وشهدنا من قبل، إبان الحرب العراقية الإيرانية، أنّ أي لقاء قمة بين قادة العراق وقادة إيران لم يجر قط بعد نهاية الحرب.
وطبقاً لتصورات الذكاء الاصطناعي، فهناك عدة عوامل تجعل الوضع مع زعماء إيران مختلفًا بشكل كبير. وينطلق ذلك من الأسباب والمعطيات التالية:
الاختلاف في العلاقات السياسية: العلاقات بين الولايات المتحدة وإيران تختلف تماماً عن تلك التي بين الولايات المتحدة وأوكرانيا في عهد ترمب. فإيران دولة ذات سيادة كبيرة ولها تاريخ طويل ومعقد من المواجهات والاتفاقات مع الولايات المتحدة، بينما أوكرانيا كانت تتطلع بشكل أساسي إلى دعم أمريكا في مواجهة التحديات مع روسيا. هذه الديناميكيات تجعل التعامل مع إيران أكثر تعقيدًا وحساسية.
القوة السياسية والاقتصادية لإيران: إيران هي قوة إقليمية كبيرة ولها تأثير واسع في الشرق الأوسط، بما في ذلك في العراق وسوريا ولبنان. زعماء إيران يتعاملون مع الولايات المتحدة من موقع قوة نسبية على الأقل في سياقات معينة، مما يختلف عن الوضع الأوكراني الذي كان أكثر انخراطًا في محاولات نيل الدعم الدولي. هذا يعني أن لقاء مع زعماء إيران قد يكون أقل عرضة للإهانة أو الإذلال علنًا مقارنة بحالة أوكرانيا.
الاستعداد للمواجهة: إيران لديها تاريخ من المواجهات المباشرة مع الولايات المتحدة، وأشهرها أزمة احتجاز الرهائن الأمريكيين في عامي 1979/ 1980 (التي استمرت لمدة 444 يوماً)، كما أنّها تتحدى الولايات المتحدة من خلال دعم الجماعات المسلحة في المنطقة رغم الضغوط السياسية والاقتصادية الكبرى التي تتعرض لها. وبالتالي، فإنّ أي لقاء بين الرئيس الأمريكي وزعماء إيران قد يشهد مستوى أعلى من الاحتياطات الدبلوماسية، وأقل احتمالًا لحدوث "إهانة" أو تصرفات متعجلة، خاصة في ظل وجود آليات معقدة للتفاوض مثل الاتفاق النووي الإيراني.
التحالفات الدولية والإقليمية: إيران تحظى بدعم دولي وإقليمي قوي، خاصة من روسيا والصين، مما يجعل أيّ تصرف غير دبلوماسي مع طهران محفوفًا بالمخاطر السياسية والدبلوماسية. أما أوكرانيا، رغم علاقاتها القوية مع الغرب، فكانت تعتبر حليفًا أقل قوة على الساحة الدولية في ذلك الوقت.
الاعتبارات الداخلية في الولايات المتحدة: في حالة التعامل مع إيران، هناك أيضاً اعتبارات داخلية أمريكية معقدة، خاصة في ظل وجود لوبيات دعم أو لوبيات صد، بالإضافة إلى التأثير الكبير للموقف الداعم لإسرائيل في تحديد السياسات الأمريكية في الشرق الأوسط. هذا يضيف طبقات من التعقيد في كيفية إدارة أي لقاء.
ولذا، فمن غير المرجح أن يتكرر مشهد مماثل تمامًا في الحالة الإيرانية. في حين أن الأجواء قد تكون متوترة، إلا أنه يبقى من غير المحتمل أن تشهد لقاءً علنيًا قد ينتهي بإهانة أو طرد رئيس إيراني من الاجتماع.



#ملهم_الملائكة (هاشتاغ)       Mulham_Al_Malaika#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حين فارق الشيوعيون أوطانهم
- اللغة الشيوعية تآكل يؤذن بالانهيار
- مقاربة الشيوعية المعاصرة لتحديات الجندر
- رأي الشيوعية في الدرجة الثالثة
- الألفية الثالثة - عالم بلا آلهة
- أشبال أبو قلام فريق في زوايا النسيان!
- من جيش السلطة إلى قوات المعارضة
- قطار البصرة الذي تكرهه الزوجات!
- عشاء في لشكر 21 حمزه الإيراني
- عاصفة الصحراء تهب على فرقة المشاة 47
- آخر سكان مدينة قصر شيرين المهدومة
- المنطقة الخضراء – مقر السلطة منذ تاريخ سحيق
- تسلسل تاريخي للانقلابات والمؤامرات والاغتيالات في العراق
- دماء على مسدس طارق*
- كاترينا صبيحة عيد الميلاد
- -كونغ- الذي غاب عن حانة الفقراء
- قادسية صدام مع سبق الإصرار
- إوزة الثلج
- قصة حبٍ هاربة من أرض أور*
- الكتابة الإلكترونية – ثورة في عصر المعرفة الموسوعية


المزيد.....




- قمة عربية مرتقبة في القاهرة لوضع خريطة طريق لمستقبل غزة بعد ...
- عاهل الأردن يشدد على ضرورة إعادة إعمار غزة دون تهجير الفلسطي ...
- حماس: -لا تقدم يُذكر- في مفاوضات المرحلة الثانية من وقف إطلا ...
- في عملية استمرت 20 ساعة.. إنقاذ طفل بعد سقوطه في بئر عميقة ...
- -القسام- تنشر فيديو أسرى إسرائيليين: أخرجوا الجميع ولا تفرقو ...
- طهران.. لا مفاوضات مع التهديد والضغط
- روته يعلق على تصريحات كالاس حول ضرورة إيجاد زعيم للعالم الحر ...
- والتز: ترامب غاضب من -كمين- زيلينسكي في البيت الأبيض
- لافروف ناقش مع سيارتو محاولات كييف مهاجمة السيل التركي
- نتنياهو وكاتس يصدران تعليمات للجيش بالاستعداد للهجوم على الق ...


المزيد.....

- Express To Impress عبر لتؤثر / محمد عبد الكريم يوسف
- التدريب الاستراتيجي مفاهيم وآفاق / محمد عبد الكريم يوسف
- Incoterms 2000 القواعد التجارية الدولية / محمد عبد الكريم يوسف
- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - ملهم الملائكة - دروس الدبلوماسية الحديثة