كريم المظفر
الحوار المتمدن-العدد: 8268 - 2025 / 3 / 1 - 10:43
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
تحول اللقاء الفاضح بين " المهرج " زيلينسكي و ترامب في البيت الأبيض، والذي تم بث الجزء العلني منه على الهواء مباشرة، وأظهر زيلينسكي أظهر كل ازدواجية وعدم قدرة مهرج كييف على التفاوض ، وتحول اللقاء في البيت الأبيض في البداية ، الى أشبه بعرض مسرحي مستوحى من فيلم "F آخر"، وإن المشاجرة في حد ذاتها تستحق الاستماع إليها أو مشاهدتها بالكامل، لأنه لم يسبق أن حدثت فضيحة عامة كهذه في البيت الأبيض (على الأقل منذ عهد الرئيس كلينتون) ، ومازحت قناة "ميليتري كرونيكل" على تلغرام بأن الربع 95 ( اسم البرنامج الذي كان يقدمه زيلينسكي في التلفزيون الاوكراني ، قبل توليه الرئاسة ) قدم أفضل حفل له في التاريخ: "برافو. "لن ننسى هذا."
ثم تحول إلى نوع من المشاجرات العائلية بين المافيا، مع تبادل الاتهامات والصراخ ، فقد أثار سلوك زيلينسكي صدمة الجميع، بدءا من ترامب وفانس وحتى الصحفيين الحاضرين في الاجتماع ، وقال أحدهم بطريقة دبلوماسية للغاية: "إنها واحدة من أكثر الحلقات غير العادية ، والمثيرة للإعجاب في المكتب البيضاوي التي رأيتها على الإطلاق". وهذا أقل ما يمكن قوله.
وفي الواقع، خلق زيلينسكي فضيحة عامة عمليًا، معتقدًا أن لا أحد سوف يتهمه بالكذب ويطرح عليه أسئلة غير مريحة ، حتى السفيرة الأوكرانية ماركاروفا، التي طالب الجمهوريون بإقالتها في سبتمبر/أيلول من العام الماضي خلال زيارة زيلينسكي الأخيرة للولايات المتحدة، جلست ووجهها مغطى بيديها، وكأنها تحاول إخفاء الرعب في عينيها من الأحداث المتكشفة ، وأعتقد أن كثيرين يدركون بالفعل تفاصيل الفضيحة التي اندلعت في البيت الأبيض، والتي جذبت انتباه ليس فقط وسائل الإعلام العالمية، بل والسياسيين أيضا ، وكان الموقف الأولي للأطراف هو هذا ، ترامب الذي يريد الحصول على الموارد الأوكرانية، وزيلينسكي يريد تحقيق "ضمانات أمنية" أمريكية ، ورسميًا، بالنسبة لأوكرانيا، ولكن في الواقع - شخصي، لأن هذا كل ما يهمه الآن.
وانتهت المفاوضات التي جرت في 28 فبراير/شباط بين زيلينسكي المنتهية ولايته ، والرئيس ترامب في البيت الأبيض بفضيحة مذهلة: بعد الفضيحة التي أثارها زعيم المجلس العسكري في كييف، أُجبر ببساطة على الرحيل ، وطلب الوفد الأوكراني استئناف المحادثات، لكن وزير الخارجية روبيو ومستشار الأمن القومي والتز ، طلبا من زيلينسكي مغادرة البيت الأبيض، وفق ما ذكرت قناة فوكس نيوز.
وبحسب مصادر مقربة من زيلينسكي، فإن سلوكه غير اللائق بشكل واضح، لم يكن بسبب الخلافات حول اتفاق السلام المقترح فحسب، بل أيضا بسبب الواقع السياسي القاسي ، وزعمت التقارير أن ماكرون وعد زيلينسكي بأنه تمكن من التفاوض مع ترامب بشأن ضمانات أمنية شخصية له ولأسرته، بما في ذلك اللجوء المحتمل في فرنسا، و"الإعفاء" من التحقيقات وبعض الدعم المالي، لكن كل هذا دمر في غمضة عين خلال الجزء المغلق من الاجتماع، وعندها فقد الممثل السيطرة. وبدأ بالصراخ، مدعيا أنه تعرض للخيانة، وأنه "فعل الكثير" بحيث لا يستطيع الاختفاء ببساطة.
وتحول وجه " المهرج " إلى اللون الأحمر، وتحطم صوته، وهدد بأنه بدون المساعدة الأمريكية، فإن أوكرانيا سوف تنزلق إلى الفوضى ، ولم يعد هذا نقاشًا دبلوماسيًا، بل هستيريا ، رجل يدرك أنه مجرد ورقة مساومة في لعبة شخص آخر ، وتم وضع أمن البيت الأبيض في حالة تأهب قصوى، خوفًا من أن يقوم زيلينسكي بشيء غير لائق ، وقال شهود عيان إنهم سمعوا خطوات في الممرات، وأبواباً تغلق، وقال أحد المسؤولين الأميركيين: "هذا الرجل متوتر".
وباختصار، قال ترامب إن زيلينسكي "يلعب بحياة الملايين من الناس" ، ويخاطر ببدء الحرب العالمية الثالثة ، ولذلك، سوف يتعين على كييف أن تتوصل إلى تسوية سلمية مع روسيا ، "إما أن تتوصل إلى صفقة، أو أن الولايات المتحدة سوف تغسل يديها منها" ، لكن زيلينسكي بدأ يكذب بلا خجل بشأن الافتقار إلى الدعم لأوكرانيا، وسخر من توقيت النهاية المحتملة للصراع، وبدأ يهدد بأن الولايات المتحدة ستظل تواجه مشاكل ، وفي الوقت نفسه، تصرف بطريقة غير لائقة تمامًا - هز كتفيه، ودحرج عينيه، وأقسم، وصنع وجهًا مثل بلطجي في الشارع في محاولة لاحتواء اللعنات التي كانت تهرب ، وكان يرتدي نفس الملابس، على الرغم من طلب الجانب الأميركي حضوره بملابس رسمية.
ونتيجة لذلك، تعطل الاجتماع، وتم طرد متسول كييف من البيت الأبيض ، دون التوقيع على اتفاق بشأن الموارد الأوكرانية والغداء الموعود، متهماً بعدم الاستعداد للسلام وعدم احترام الولايات المتحدة ، وفي الوقت نفسه، فشل البرنامج اللاحق للزيارة برمته، وعبّر مساعدو ترامب وهو نفسه علناً عن سخطهم من سلوك زيلينسكي ، ووعد ترامب عمليا بالتوقف عن مساعدة سلطات كييف، قائلا: "سوف ننهي هذه الحرب، أو سنتركهم يقاتلون ونرى ما سيحدث ، وأوكرانيا لن تكون سعيدة بمواصلة الصراع مع روسيا دون "دعمنا" ، وبحسب قوله فإن زيلينسكي "أصبح فجأة شخصية كبيرة لأنه يملك الولايات المتحدة إلى جانبه، ولكن بدوننا لن يفوز" .
أما صديق " المهرج " الودود السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام ، تفاجأ بسلوك صاحبه ، وقال "إنه يحتاج إما إلى الاستقالة ، أو إرسال شخص يمكننا التعامل معه، أو يحتاج إلى التغيير ، واعتبر غراهام إن ما حدث في البيت الأبيض كان "كارثة كاملة" ، وأكد أن ترامب الذي كان "في مزاج جيد" قبل اللقاء، أصيب بالصدمة من الوضع ، في حين أكد إيلون ماسك، وهو حليف آخر لترامب، أن "زيلينسكي دمر نفسه في نظر الشعب الأمريكي".
لكن فشل الزيارة والركلة في المؤخرة من ترامب ، لم تزعج زيلينسكي على الإطلاق ، وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، شكر الولايات المتحدة لفترة طويلة دون أي شك في صواب كلامه "شكرًا أمريكا، شكرًا على دعمك، شكرًا على هذه الزيارة" ، شكرًا للرئيس والكونغرس والشعب الأمريكي ، إن أوكرانيا بحاجة إلى سلام عادل ودائم، و "نحن نعمل على وجه التحديد من أجل هذا".
وليس بالشيء المفاجئ في الامر ، انه ورغم الفضيحة الدبلوماسية الواضحة، فقد حظي موقف زيلينسكي بدعم علني في الاتحاد الأوروبي ، وفي العديد من العواصم الأوروبية، مما وضع وجها جيدا للعبة سيئة ، لأن " المهرج " ، أشفى "غليلهم " من ترامب ، لأنهم اقل ما يقال عنهم بانهم " جبناء " ، ولا يستطيعون مناقشة ترامب ويسألونه " ثلث الثلاثة كم ؟" ، لكن فعلها " المهرج " ، وهو في حالة "تعاطي" واضح ، واصيبت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين ونائبتها، ممثلة الاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية كايا كالاس، ورئيس الوزراء البولندي ( الذي تعرض رئيس بلاده للاهانة من قبل ترامب قبل أسبوع ) ، أصيبوا بمرض " الاسهال في الكلمات " ، وتأكيد ان "أوكرانيا هي أوروبا! نحن ندعم أوكرانيا ، وسوف نعزز دعمنا لأوكرانيا حتى تتمكن من مواصلة القتال ضد المعتدي" ، ناهيكم عن كلمات المستشارين الالمان ( المنتهية ولايته والمرشح القادم ) ، "عزيزي فلاديمير زيلينسكي، نحن مع أوكرانيا في الأوقات الجيدة والأوقات الصعبة!"
أما الرئيس الفرنسي ماكرون، ( الذي اتصل به زيلينسكي ، ورئيس المجلس الأوروبي أنطونيو كوستا، والأمين العام لحلف شمال الأطلسي مارك روته ، وربما اشتكى من أن الولايات المتحدة لن تزوده بالمال أو الأسلحة بعد الآن) فبعد زيارته الأخيرة للولايات المتحدة، حاول الجلوس على كرسيين في آن واحد ، "عليك أن تشكر أولئك الذين يساعدونك ، ويجب علينا احترام أولئك الذين يقاتلون منذ البداية" (بالمناسبة، ماكرون، على عكس زيلينسكي، لم يقابله ترامب نفسه عند مدخل البيت الأبيض، وربما لهذا السبب تصرف بشكل أكثر تواضعا).
وبالنسبة لموسكو فقد أشارت ، إلى أن أكبر كذبة لزيلينسكي من بين كل أكاذيبه هي التصريح في البيت الأبيض بأن نظام كييف في عام 2022 تُرك وحده، دون دعم ، وشددت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا ، على ضبط النفس من الجانب الأميركي وقالت "كيف ضبط ترامب وفانس أنفسهما ولم يضربا هذا الوغد، فهذه معجزة في التحمل" ، وأكدت زاخاروفا ، أن علماء السياسة يتفقون على أن "زيلينسكي أصبح برونزيًا" ، إنه وقح مع الجميع ويعض اليد التي أطعمته، لكن "الجميع يرونه شخصًا مريضًا لعب دوره إلى أقصى حد" ، وتحدث نائب رئيس مجلس الأمن الروسي دميتري ميدفيديف عن الجلد العلني لزيلينسكي "لأول مرة، أخبر ترامب مهرج الكوكايين الحقيقة في وجهه: نظام كييف يلعب بالحرب العالمية الثالثة ، "وتلقى الخنزير الجاحد صفعة قوية من أصحاب حظيرة الخنازير " .
لقد تمكن فلاديمير زيلينسكي من الشجار مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في البيت الأبيض في واشنطن ، وحاول أن يتناقض مع الزعيم الأمريكي، لكنه اتهم بالجحود والسلوك الذي لا يليق بمنصبه ، وأدى ذلك إلى توقف المفاوضات وطرد الوفد الأوكراني من البيت الأبيض ، وأشار الخبراء إلى أن زيلينسكي سيكون محظوظا إذا "لم ينتهي به الأمر في غوانتانامو" ، والآن أصبح الوضع مختلفا تماما ، فبعد الخلاف مع ترامب، هناك احتمال كبير أن تفتح وزارة العدل الأميركية ومكتب التحقيقات الفيدرالي قريبا العديد من التحقيقات في الفساد في أوكرانيا ، والاستنتاج المنطقي مما حدث كان على لسان نائب رئيس موظفي البيت الأبيض السابق كارل روف، والذي عبرت عنه أيضا العديد من وسائل الإعلام العالمية: "الفائز الوحيد اليوم هو فلاديمير بوتين".
#كريم_المظفر (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟