أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خزامي مبارك - عبد العزيز الحلو وحفلة نيروبي التراجوكوميدية من متى نصر اليانكي السودان الجديد يا رفيق؟














المزيد.....


عبد العزيز الحلو وحفلة نيروبي التراجوكوميدية من متى نصر اليانكي السودان الجديد يا رفيق؟


خزامي مبارك

الحوار المتمدن-العدد: 8267 - 2025 / 2 / 28 - 23:44
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في الأيام الماضية، تصدّر اسم القائد عبد العزيز آدم الحلو، قائد الحركة الشعبية لتحرير السودان - شمال، المشهد في وسائل التواصل الاجتماعي السودانية. هذا القائد، الذي يُعدّ من القلائل المتبقين من لدن أبينا قرنق، ومن الذين شربوا من تجربته العظيمة وفكره، وجد نفسه هذه المرة في قلب جدل واسع. لكن، آهٍ لو كان للبشر معصم يحميهم من سوء التقدير السياسي والسير السرمدي على دروب المبادئ دون إدراكٍ للغايات.

وقف القائد عبد العزيز في قاعة جومو كينياتا المكيفة، وسط حشدٍ من الناشطين وطقّاقي الحنك في عصر التكتوك والفيسبوك وغيرهم، بين من يلهث وراء الأضواء ومن كان بالأمس منظرًا بلا حيثية، ولا حاجة لذكر الأسماء. بدأ القائد يخاطب الحضور عن الهيمنة وخطاباتها الإقصائية، عن الموانع الهيكلية التي تعيق العدالة الاجتماعية في السودان، مستعيدًا خطاب الهامش والمركز الذي بات مبتذلًا ومستهلكًا، يُستخدم لتبرير كل فعل، حسنًا كان أم قبيحًا، وهذه مسألة أخرى. وانهالت التصفيقات والهتافات، "والصفقة فوق" كما تقول رشا الزنجية، وأخرى تردد "سودان جديد ويييييي"، و"سبليم" وما شابه، في نشوة معهودة تتكرر في كل محافل الساسة السودانيين داخل قاعاتهم المكيفة.

لكن ما أثار الجدل حقًا في هذه الحفلة لم يكن تكلفتها المادية أو الجهة التي موّلتها، بل كانت المفاجأة الكبرى حين وجّه الحلو حديثه إلى عبد الرحيم دقلو – الذي وصفته الصحافة اليوغندية بجزار البشرية – ومنحه دون أدنى حساسية لقب "الرفيق"! وسام شرف ولقب عظيم يُمنح لقاتل متهم وقواته بارتكاب إبادة جماعية وتطهير عرقي وجرائم يُشيب لها الولدان. حقًا، صدق من قال إن السياسة تبرر كل شيء، حتى إن كان ما تشربه وتأكله هو دم أبيك ولحمه(وهذه مذمة للسياسة طبعاً).

تمخضت عن هذه الحفلة وثيقة غير موقعة سُمّيت بـ"ميثاق السودان التأسيسي"، لكنها ليست سوى واحدة من الوثائق السياسية العديدة التي تملأ أرشيفنا الوطني، من أديس أبابا إلى نيفاشا وغيرها، وثائق قلّما تُقرأ، وإن قُرئت، نادرًا ما تُطبَّق. بل إن غالبية من يُناضل باسمهم الحلو ورفاقه في الحركات الكفاحية لم يسمعوا بها حتى!

السؤال الجوهري هنا: ما الذي دفع الحلو وقيادته السياسية إلى هذا التحالف؟ ما هو هذا الأمر الجلل الذي يبرر منح أوسمة عظيمة مثل "كمرد" لأيدٍ ملطخة بالدماء؟ وهل مشروع السودان الجديد هو الذي يقود إلى ذلك، أم أن للقصة مآرب أخرى؟

الإجابات تضج بها الميديا والصحافة، بعضها يستحق التأمل، وبعضها متسرع لا قيمة له. لكن أكثر التفسيرات شيوعًا هو أن هذا التحالف أتى في سبيل بناء السودان الجديد، ذلك المشروع الذي ظل حاضرًا في خطاب المعارضة السودانية منذ أيام التجمع الوطني الديمقراطي وحتى اليوم: سودان ديمقراطي علماني موحّد، تُنزع فيه من الدولة المركزية صفة احتكار الذاكرة الجمعية والثقافة الأحادية المسيطرة، لصالح واقع أكثر تعددية وعدالة اجتماعية.

لكن إذا كان هذا هو الهدف، فكيف يصبح ذلك ممكنًا؟ القبول بهذه الفرضية يستوجب إثبات أن هناك تحولًا فكريًا حقيقيًا قد حدث للجنجويد – حلفاء الحلو الجدد – بحيث يجعل من وجودهم ضمن المشروع التحرري أمرًا منطقيًا. لكن هل يمكن أن نطلب مشروعًا تحرريًا ممن قضى عمره يعمل ضده، بل نشأ أصلًا لتدميره؟ حتى الجنجويد أنفسهم لا يصدقون هذه الأكذوبة، فهم حتى هذه اللحظة يقتلون الناس على أساس العرق واللون، ولا يرون في السود سوى "الأمباي". لم يحدث أي تحول، ولم يذكر التاريخ أن جماعة ما نامت واستيقظت بعقلية مغايرة تمامًا لما كانت عليه.

إذن، ما هو الأمر الحقيقي الذي دفع الحركة الشعبية إلى هذا التحالف؟ الإجابة باختصار: إنه اليانكي! أو كما سماهم أبكر آدم إسماعيل ذات يوم، "أساطين ربيكا هاميلون". وهذا ليس استنتاجًا يحتاج إلى أدلة معقدة، فشهادات الأمريكيين أنفسهم حول تدخلاتهم في الشأن السوداني متاحة على الإنترنت، ويمكن لأي شخص مشاهدة حديث جيفري ساكس في البرلمان الألماني قبل أيام. كما أن العلاقة التاريخية بين الرئيس الكيني والقوى الاستعمارية تكفي لفهم المشهد، فضلًا عن عشرات الأدلة التي تؤكد ارتباط الجنجويد بالإماراتيين، وأهدافهم التي باتت مكشوفة على المنابر الدولية منذ بداية الحرب.

يبقى السؤال الجوهري: هل أصبح الحلو يرى نصر السودان الجديد في أحضان اليانكي؟ وإن كان كذلك، فمنذ متى صار اليانكي ينصر مشروع السودان الجديد؟ أليسوا هم من سعوا إلى تغيير مسار الحركة الشعبية وقادوها إلى خارطة طريق ثابو إمبيكي، الأمر الذي دفع الحلو نفسه إلى الاحتجاج والاستقالة؟ أليسوا هم أنفسهم من وصفهم أبكر آدم إسماعيل بـ"أساطين ربيكا هاميلون"؟

هذه اسألتي كثوري يحلم بالسودان الجديد وكشاب ضمن شباب ديسمبر الكثيرين عندما قامت ثورتنا وقف الحلو في مقاعد التعليق والمتفرجين وعندما قامت الحرب دخل القاعات ليتحالف من الجنجويد في مشهد مسرحي تراجوكوميدي لا يغفره التاريخ.



#خزامي_مبارك (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مرآة معكوسة الجوانب
- في فاشر السلطان الحكاية القادمة. ____
- الخطابات الانفصالية: طفل برأسين في جسد واحد أو -التحالف غير ...
- في تسمية الضحايا لجلادهم__ كلمة الجنجويد والذاكرة الشعبية
- حرب الخامس عشر من أبريل: صراع الجيش والدعم السريع أم غزو إمب ...
- خواطر وآمال
- في اليوم العالمي للمهاجرين
- لا يمكن بناء سودان خالٍ من الحروب إلا بالعلمانية:
- سؤال العلمانية في السودان
- النخبة المهزومة تلملم أطرافها من جديد لتصفية الثورة
- لا ثورة وطنية بلا قوى ريفية
- هل ابتلعت قوى المركز حزب المؤتمر السوداني؟
- نخاسة الرقيق كوعي في دولة الاسلاموعروبيين


المزيد.....




- شاهد لحظة تفجير أطول وأسرع أفعوانية في العالم
- -نيويورك تايمز-: ترامب قد يوقف تدريب العسكريين والطيارين الأ ...
- رئيس الصومال يطالب الشعب بدعم الحكومة في حربها ضد الإرهاب
- -حماس-: لا مفاوضات حالية بشأن المرحلة الثانية من اتفاق غزة
- مصر.. برلماني يتحدث عن موعد الانتخابات النيابية وتعديلات على ...
- ماذا قال مسؤولون أمريكيون ووسائل الإعلام الأمريكية في لقاء ت ...
- 27 ألف جريمة.. ماذا يحدث داخل محطات القطارات في ألمانيا؟
- مصر.. مصرع وإصابة 14 شخصا بحادث سير مروع
- مسؤول إيراني بارز يكشف أهم أسباب رفض طهران التفاوض مع واشنطن ...
- ألمانيا.. تزايد جرائم العنف في محطات القطارات خلال 2024


المزيد.....

- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خزامي مبارك - عبد العزيز الحلو وحفلة نيروبي التراجوكوميدية من متى نصر اليانكي السودان الجديد يا رفيق؟