ديار الهرمزي
الحوار المتمدن-العدد: 8267 - 2025 / 2 / 28 - 13:35
المحور:
قضايا ثقافية
ظاهرة العمالقة المزيفين هي انعكاس مباشر لخلل عميق في القيم الاجتماعية والسياسية حيث لم يعد النجاح يُقاس بالمحتوى الحقيقي للفرد أو تأثيره الفعلي في المجتمع بل أصبح مرتبطًا بالمظاهر والتسويق الإعلامي والقدرة على لفت الانتباه مؤقتًا دون امتلاك جوهر حقيقي.
أسباب نشوء العمالقة المزيفين:
هيمنة الإعلام الدعائي:
في عالم تتحكم فيه وسائل الإعلام يتم تضخيم شخصيات معينة من خلال الترويج المستمر حتى لو لم يكن لديها إنجازات حقيقية.
يُصنع البطل الإعلامي عبر تسليط الضوء عليه بلا مبرر حقيقي فيظهر كعملاق وهو مجرد ظلٍّ لمنظومة تخدم مصالحها الخاصة.
الاستهلاك السريع للرموز:
المجتمع الحديث يستهلك الشخصيات كما يستهلك المنتجات.
يتم تصنيع نجوم في السياسة والفكر والفن ثم يتم استبدالهم سريعًا عندما يفقدون بريقهم.
هذه العملية تمنح العمالقة المزيفين عمرًا قصيرًا لأنهم غير مبنيين على أسس متينة من الفكر أو الإنجاز.
التسويق الذاتي والمظاهر:
أصبح النجاح مرتبطًا بقدرة الفرد على تسويق نفسه عبر المظاهر البراقة سواء عبر وسائل التواصل الاجتماعي أو الحملات الدعائية.
في ظل غياب المعايير الحقيقية للقيادة الفكرية والاجتماعية أصبح من السهل التلاعب بالرأي العام وخلق صورة غير واقعية لأشخاص عاديين أو حتى فارغين.
ضعف النقد المجتمعي:
حينما تضعف قدرة المجتمع على التمييز بين القيم الحقيقية والزائفة يصبح من السهل أن يصدق الناس الأكاذيب الملفّقة حول شخصيات لم تقدّم شيئًا حقيقيًا. بل وقد يُهاجم أصحاب القيم الحقيقية لمجرد أنهم يهددون صورة العمالقة المزيفين.
الفرق بين العمالقة الحقيقيين والمزيفين:
العمالقة الحقيقيون يبنون إنجازاتهم على أسس فكرية، علمية أو إنسانية متينة ويتركون أثرًا يبقى حتى بعد رحيلهم.
أمثالهم هم العلماء، الفلاسفة، القادة المصلحون الذين غيّروا التاريخ بجهود حقيقية وليس بمظاهر زائفة.
العمالقة المزيفون قد يلمعون لفترة قصيرة، لكنهم يختفون مع أول عاصفة حقيقية لأنهم لا يمتلكون ما يكفي من الفكر أو القيم للبقاء والاستمرار.
دروس من التاريخ:
التاريخ مليء بأمثلة لأشخاص تم الترويج لهم كعمالقة، لكنهم انهاروا بسرعة، بينما بقيت شخصيات لم تسعَ إلى الشهرة لكنها غيرت العالم بأفعالها وأفكارها.
لهذا، يبقى المعيار الحقيقي للعظمة هو التأثير الإيجابي الدائم وليس الضوضاء المؤقتة.
#ديار_الهرمزي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟