أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - أزاد خليل - “زانيار وتيمور: حكاية الأرض المسلوبة والمقاومة التي لا تموت-














المزيد.....


“زانيار وتيمور: حكاية الأرض المسلوبة والمقاومة التي لا تموت-


أزاد خليل

الحوار المتمدن-العدد: 8266 - 2025 / 2 / 27 - 21:30
المحور: القضية الكردية
    


في قرية كردية قديمة، تحيط بها جبال شامخة كانت شاهدة على تاريخ طويل من الصمود، عاش رجل يُدعى "زانيار" مع عائلته في أرض ورثها عن أجداده. كانت الأرض بالنسبة له ليست مجرد تراب وماء، بل ذاكرة حية تحمل أنفاس أسلافه وأحلامهم. كان زانيار رجلاً طيباً، يزرع قمحاً ذهبياً ويرعى أغنامه بين المروج الخضراء، وكان يؤمن أن الأرض ليست ملكاً، بل أمانة تُحفظ للأجيال القادمة.

في أحد الأيام، ظهر في الأفق رجل غريب يُدعى "تيمور"، قادماً من سهول منغوليا البعيدة قبل ألف عام. كان فقيراً، يرتدي أسمالاً بالية، ويبحث عن مأوى وطعام. رحّب به زانيار، ففي تقاليد الكرد، الضيف عزيز حتى لو كان مجهولاً. أعطاه زانيار عملاً في مزرعته، وبنى له كوخاً صغيراً بجوار منزله، وقاسمه خبزه ودفئه. لكن الزمن كشف عن وجه آخر لتيمور. فعندما اضطر زانيار للسفر لرعاية والده المريض، عاد ليجد المفاجأة: تيمور قد استولى على منزله، وأحضر معه جماعة من الرجال المتوحشين، كأنهم ضباع جائعة. بدأوا بذبح أغنام زانيار ونهب محاصيله، وعندما واجهه زانيار، ردّ تيمور بسخرية قائلاً: "هذه أرضي الآن، لقد منحتني إياها بضيافتك!"

تحول الخلاف بينهما إلى صراع دامٍ. زانيار، صاحب الحق، أصبح في نظر تيمور وأتباعه متهماً يطالب بما ليس له. استولى تيمور على الأرض، وأقام حصوناً، وقتل من عارضه من أبناء القرية، وأحرق ذكرياتهم. لكن زانيار لم يستسلم، فبدأ مقاومة صامتة، تناقلها أبناؤه ثم أحفاده عبر القرون. كانوا يقاتلون لاستعادة أرضهم، بينما كان أحفاد تيمور يبنون إمبراطورية على أنقاض دماء الكرد، يدّعون أن هذه الأرض كانت دوماً لهم، وأن أهلها الأصليين هم الغرباء.

مرت ألف عام، وتحولت القرية إلى رمز للقضية الكردية في تركيا. أحفاد تيمور، الذين أصبحوا يُعرفون بالأتراك، سيطروا على الجبال والوديان، وأقاموا دولة قوية، لكن ظل شبح المقاومة الكردية يطاردهم. أحفاد زانيار، الذين ورثوا إرادة جدهم، شكلوا تنظيمات مسلحة، كان من أبرزها حزب العمال الكردستاني بقيادة عبد الله أوجلان، الذي أصبح صوتاً للأرض المسلوبة. لعقود، دارت معارك ضارية، سالت فيها الدماء، وتحولت الجبال إلى ساحات قتال، بينما حاول الأتراك إخماد جذوة المقاومة بالقوة والحصار.

لكن في مساء السابع والعشرين من فبراير 2025، ظهر تطور جديد، كأنه حيلة سياسية من نسج أحفاد تيمور. أُعلن أن أوجلان، الذي قضى عقوداً في سجن جزيرة إمرالي، سيلقي خطاباً "تاريخياً" يدعو فيه أنصاره لإلقاء السلاح وبناء السلام. كان الشرط واضحاً: زيارة محدودة لأحفاد زانيار إلى "منزل جدهم" – أي الأرض الكردية – لكن مقابل تسليم أسلحتهم. في هذا الخطاب، بدا أوجلان كمن يمد يداً للسلام، لكن في عيون الكثيرين من أحفاد زانيار، كان هناك شك عميق. هل هذا فعلاً عرض سلام، أم خدعة جديدة لنزع سلاحهم وتركهم عُزلًا أمام ذئاب لم تتغير طباعها؟

سياسياً، يمكن قراءة هذا المشهد كاستمرار لصراع تاريخي بين الكرد والدولة التركية، التي ترى نفسها وريثة إمبراطورية قامت على احتلال أراضٍ لم تكن يوماً لها. خطاب أوجلان، كما يراه البعض، قد يكون محاولة لإعادة صياغة العلاقة بين الطرفين، لكن تحت سقف شروط تركيا: نزع السلاح مقابل وعود غامضة بحقوق محدودة. لكن التاريخ يعلّم أحفاد زانيار أن الذئب، مهما أظهر من تهادن، لا يترك فريسته إلا إذا أُجبر. فالأتراك، الذين جاؤوا كغرباء من منغوليا قبل ألف عام، حولوا أنفسهم إلى "أصحاب الأرض" عبر القوة، والآن يحاولون استكمال هيمنتهم بحيل سياسية، مستغلين رمزاً كأوجلان لإضعاف المقاومة.

وسط هذا الصراع، يبقى السؤال معلقاً: هل السلام ممكن مع من بنى تاريخه على الاغتصاب والقتل؟ أحفاد زانيار، ككاتب هذه السطور، قد يؤمنون بالسلام كمبدأ، لكنهم لا يصدقون أن الذئب قد تخلى عن أنيابه ليأكل العشب. ففي عالم السياسة، الثقة تُبنى على أفعال، لا على كلمات تُلقى من خلف القضبان. وهكذا، تبقى القضية الكردية جرحاً مفتوحاً، تنتظر يوماً يُعترف فيه بحق زانيار وأحفاده، لا بحيل تيمور وأحفاده.



#أزاد_خليل (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كوباني: هوية لا تُمحى وتاريخ لا يُزوّر – في مواجهة محاولات ا ...
- لماذا اجتماع جنيف الموسع: نحو رؤى وطنية لسوريا المستقبل
- اجتماع جنيف الموسع للقوى والشخصيات الوطنية نحو سوريا ديمقراط ...
- - حمار بدرجة بروفيسور : عندما يصبح الجهل ذكاءً اصطناعيًا!
- المثقف الاصطناعي: عندما يكتب الذكاء الاصطناعي بدلاً عن الكات ...
- - الطبقية: قيدٌ آخر للاستبداد، متى نحطّمه؟
- “حيث صار الأملُ جريمةً، بَكَتِ المدينةُ حتى تلاشى صوتُها”
- العبودية الحديثة: قصة الدمشقي وفنون التقديم والطاعة
- الكورد : صرخةٌ في وجه التاريخ وهوية متمردة في وجه التهميش
- ماذا بعد انتصار الثورة السورية؟ تحديات المرحلة الانتقالية وغ ...
- “من يحكم سوريا غدًا؟ جدل الشرعية والواقع العسكري”
- هل يفقد الشرق الأوسط أخر مسيحي!
- أكراد سوريا: بين هوية مهددة ومستقبل مجهول
- سورية بعد الحرب: هل يتحول الاستقرار الهش إلى سلام دائم؟
- -المسيحيون في سوريا: إرث تاريخي وحضاري تحت التهديد وخطوات دو ...
- -الفتنة القادمة من منغوليا: سقوط غابة السلام-
- “سوريا بين مطرقة الجهادية وسندان اللامركزية: فرصة ضائعة أم أ ...
- الخوف الذي يهدد وجود الأقليات في سوريا: الكورد ، الآشوريون، ...
- “توقف واقرأ جيدًا: الاستقلال حقٌ مشروع وليس انفصالًا يا هذا”
- الثورات العربية: هل حققت الديمقراطية أم أعادت إنتاج الاستبدا ...


المزيد.....




- السعودية تؤكد أمام مجلس حقوق الإنسان موقفها الثابت والداعم ل ...
- الأمم المتحدة تُعبر عن ترحيبها بأي حوار بين الولايات المتحدة ...
- نشر تحقيقات علنية لـ-مصابين بالإيدز متهمين بالمثلية- يثير جد ...
- كيف تفاعل النشطاء مع إفراج إسرائيل عن الدفعة السابعة من الأس ...
- جنوب أفريقيا وماليزيا وكمبوديا: خطة ترامب بضم غزة يرقى إلى ا ...
- جنوب أفريقيا وماليزيا وكولومبيا:خطة ترامب بضم غزة يرقى إلى ا ...
- أمنستي تدعو حكومة لبنان الجديدة لمنح الأولوية لحماية حقوق ال ...
- اكتمال المرحلة الأولى لتبادل الأسرى وحماس تبشر بفصل جديد
- بالفيديو.. اللحظات الأولى لوصول الأسرى الأطفال المفرج عنهم إ ...
- ماذا نعرف عن أبرز مخيمات اللاجئين في الضفة الغربية؟


المزيد.....

- “رحلة الكورد: من جذور التاريخ إلى نضال الحاضر”. / أزاد فتحي خليل
- رحلة الكورد : من جذور التاريخ إلى نضال الحاضر / أزاد خليل
- سعید بارودو. حیاتي الحزبیة / ابو داستان
- العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس ... / كاظم حبيب
- *الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 * / حواس محمود
- افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_ / د. خليل عبدالرحمن
- عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول / بير رستم
- كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟ / بير رستم
- الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية / بير رستم
- الأحزاب الكردية والصراعات القبلية / بير رستم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - أزاد خليل - “زانيار وتيمور: حكاية الأرض المسلوبة والمقاومة التي لا تموت-