أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فراس الوائلي - حب في شتاء الأكوان














المزيد.....

حب في شتاء الأكوان


فراس الوائلي

الحوار المتمدن-العدد: 8266 - 2025 / 2 / 27 - 08:24
المحور: الادب والفن
    


امتد شتاء الأكوان كوشاحٍ من فراغٍ يتدلى على عاتق الزمن، حيث كان البرد يتسلل في أعماق المجرات، ينقش أسطورته الأبدية. في زاوية من سديمٍ قديم، تلاقت روحان، لم تكونا جسدين، بل أنفاسٌ هائمة تبحث عن دفء المعنى بين ليالي متجمدة. كانت هي شعاعًا خافتًا يتسلل من شقوق الغياب، وكان هو ظلًا يرتعش عند ملامسة الصقيع. همست له عند اللقاء: “هل كنتُ انفجارًا أم فكرة؟” فأجابها: “وأنا لا أذكر موتي، هل كنتُ انطفاءً أم بداية؟ لكنني أتيتُ للبحث عنكِ منذ تشكلت الحدود الأولى.” في عناقٍ بلا أذرع، التف الضوء حول الظل، متجاوزًا الفصول، حيث تولدت منهما دفقة دفء هزّت أرجاء السديم. لم يكن الحب بينهما نارًا تحترق، بل إشراقة باردة، كالعناقيد الثلجية التي تتشكل ببطء على نافذة الوجود. توالت العصور كنبضات ضائعة بين أعماقهما، يعيد الشتاء تشكيلهما مع كل دورة، فتارةً يذوبان في الريح، وتارةً يتجمدان في نوافذ المجرات. لم يسأل أحدهما الآخر: “من نحن؟” لأن الحب لم يكن سؤالًا، بل ارتجافة؛ لحظة تُمحى فيها الفوارق بين الكائن والعدم. في ليل الكون الطويل، حين توقف الزمن عن عدّ نبضاته، قالت له: “إذا افترقنا يومًا، سأترك أثرًا خفيًا، شعاعًا ضئيلاً يعبر مجرتك.” فأجابها: “وإذا تهتِ يومًا في صقيع الأبدية، سأتحول إلى نجم، أشتعل لأهديكِ الطريق، حتى لو احترقتُ رمادًا.” ومع زفير الأكوان الأخير، حين انسحب الشتاء لينصت لهمس الحب، بقيت روحاهما معًا، غير قابلتين للذوبان، كنغمة نقية تجمدت على وتر الوجود. كان لقاؤهما، في شتاء الأكوان البارد، علامة على أن الحب، وإن كان شتويًا، قادرٌ على أن يُدفئ حتى العدم. وفي لحظة تتلاشى فيها المجرات، حيث تتساقط النجوم كحبات مطر في بحر الزمن، لم يعد هناك فرق بين الوجود والعدم، بين الغياب والحضور. كان الحب، الذي نشأ في قلب العدم، قد أصبح الآن السيمفونية التي تعزفها الكواكب في تناغم لا ينتهي. ارتطمت الأنفاس، وصمت الكون في تلك اللحظة التي كانت أكثر من مجرد بداية أو نهاية. كانت هي، وهو، والمكان، والزمان، يتماهون في حروفٍ لا تكتب، في أصواتٍ لا تُسمع، في أبعادٍ لا تُرى. ومن ثم، انصهرت كل الحكايات، كل الأبعاد، وكل الأزمان، في لحظة لا يمكن تذكرها، حيث لم يعد ثمة شيء سوى تلك الارتجافة الكونية التي تطوف في كل جزء من الكون، تلك الهمسات التي لا تفهمها اللغة. وفي تلك اللحظة الفريدة التي كانت أكبر من أي نبض، كانت الإجابة الوحيدة: أنهما كانا، وسوف يكونان، في قلب كل شيء.



#فراس_الوائلي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة نقدية لنص “تمرد راهب” للشاعرة ورود الدليمي / بقلم فراس ...
- العراقُ… سفرُ الخلودِ في صحائفِ الزمن
- نجمة قلبي
- قراءة نقدية لنص “أرجوحة الحلم” للشاعرة فاطمة عبدالله - السوي ...
- بغدادُ.. الحلمُ الذي لا يشيخ
- أفاتار
- قراءة نقدية/ بقلم الناقدة القديرة فاطمة عبدالله/ لنص - قصة ح ...
- حدائق الغيوب
- المدار المحرم
- إنكي
- احتراقٌ لا يُرى
- الغراب
- قصة حب في جزر البهاما
- تصوف
- صفراء هي الشمس، خضراء عند المغيب تكون
- المطر
- دراسة نقدية لنص: “أنا لست شاعراً” / بقلم فراس الوائلي
- ملحمة الأرواح العابرة
- الفجر المضيء
- دراسة نقدية/ النص: هضاب الذاكرة/ بقلم فراس الوائلي


المزيد.....




- رحيل الكاتب البيروفي الشهير ماريو فارغاس يوسا
- جورجينا صديقة رونالدو تستعرض مجوهراتها مع وشم دعاء باللغة ال ...
- مأساة آثار السودان.. حين عجز الملك تهارقا عن حماية منزله بمل ...
- بعد عبور خط كارمان.. كاتي بيري تصنع التاريخ بأول رحلة فضائية ...
- -أناشيد النصر-.. قصائد غاضبة تستنسخ شخصية البطل في غزة
- فنانون روس يتصدرون قائمة الأكثر رواجا في أوكرانيا (فيديو)
- بلاغ ضد الفنان محمد رمضان بدعوى -الإساءة البالغة للدولة المص ...
- ثقافة المقاومة في مواجهة ثقافة الاستسلام
- جامعة الموصل تحتفل بعيد تأسيسها الـ58 والفرقة الوطنية للفنون ...
- لقطات توثق لحظة وصول الفنان دريد لحام إلى مطار دمشق وسط جدل ...


المزيد.....

- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فراس الوائلي - حب في شتاء الأكوان