أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي حمدان - كيف سينظر الغرب إلى الابادة في غزة؟















المزيد.....


كيف سينظر الغرب إلى الابادة في غزة؟


علي حمدان

الحوار المتمدن-العدد: 8265 - 2025 / 2 / 26 - 16:17
المحور: الادب والفن
    


كيف سينظر الغرب إلى الإبادة في غزة؟
رواية عمر العقاد "ذات يوم، سوف يكون الجميع دائما ضد هذا ".
مراجعة: فنتان أوتيل
ترجمة : علي حمدان
في روايته الأولى الديستوبية "الحرب الأمريكية" (2017)، يصف عمر العقاد مذبحة في مخيم للاجئين بدقة مرعبة وهادئة. يلاحظ من خلال عيون امرأة تدعى سارات: "كانت الجثث تشكل بركًا رطبة في الأرض المتربة. كانت هناك حرارة فيهم. شعرت سارات بحرارة على جلدها، رطبة وحقيقية مثل البخار المتصاعد من قدر يغلي. كانت تعرف ما هو. كانت حرارة الحياة المنطفئة. حرارة شيء يغادر".
ولكن المفاجأة هنا أن المخيم يقع على الحدود بين ولاية ميسيسيبي وألاباما. إنه عام 2081، حيث تنزلق الولايات المتحدة إلى حرب أهلية. ويزور العقاد، الذي ولد في مصر ونشأ في قطر وانتقل إلى كندا في سن المراهقة ويعيش الآن في ولاية أوريجون، أميركا المتخيلة التي يعيش فيها الناس العاديون في جزء من العالم الذي نشأت فيه عائلته.
إن موقع المذبحة في الرواية يسمى معسكر الصبر. وهو اسم يردد صدى مخيم صبرا للاجئين في لبنان، وهو مسرح لقتل جماعي للمدنيين، معظمهم من الفلسطينيين، على يد ميليشيا مدعومة من إسرائيل في عام 1982. ولكن عند إعادة قراءة الفصل الآن، فمن المستحيل ألا نفكر أيضًا في المذابح التي ارتكبتها أسرائيل في غزة.
في كتابه الجديد "في يوم من الأيام، سوف يظل الجميع ضد هذا إلى الأبد"، والذي يتناول ردود الفعل الأميركية والأوروبية إزاء الدمار الذي حل بغزة، يحاول العقاد، بطريقة مختلفة للغاية، أن يفعل الشيء نفسه ــ إرغام القراء الأميركيين على التفكير في الضحايا الفلسطينيين ليس باعتبارهم "هم" بل باعتبارهم "نحن". وإذا كان العقاد يحاول في روايته سد الفجوة المعرفية بين أميركا والشرق الأوسط، فإنه في "في يوم من الأيام" يثور على اتساع هذه الفجوة، بنفس الطريقة التي يتم بها، على الأقل في الخطاب الرسمي، إبقاء المعاناة الهائلة التي يعيشها المدنيون في غزة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول تحت السيطرة، وحصرها في الظلام الخارجي للأشياء التي تحدث لأشخاص ليسوا بشراً تماماً.
في إحدى لحظات "الحرب الأميركية"، ترى سارات أن "الرغبة إلى الأمان ربما كان في حد ذاته مجرد نوع آخر من العنف ـ عنف الجبن والصمت والخضوع. فما الأمان في كل الأحوال إلا صوت قنبلة تسقط على منزل شخص آخر؟". وهذه فكرة تتكرر في "يوم من الأيام" عندما يسترجع العقاد ذكرياته الأولى عن الحرب، والتي تتلخص في مشاهدته لقناة سي إن إن بينما كانت القنابل الأميركية تسقط على بغداد أثناء حرب الخليج الأولى في عام 1990: "لقد كان الأمر أشبه بما حدث لبعض الأماكن، ولبعض الناس: لقد تحولوا إلى كرات من الضوء الأبيض الباهت. ما كان يهم هو أننا لم نكن نحن ضحايا هذه الحرب".
في الرواية، يزعج العقاد قراءه بإسقاط حاضر أميركا في صورة مرعبة لما قد يبدو عليه وطنهم المألوف بعد عقود عديدة. وهنا، يسعى إلى إرباكنا بالقيام بالعكس ــ مطالباً إيانا بالنظر إلى الحاضر من منظور مستقبل متخيل: "ذات يوم، سوف يعتبر من غير المقبول، في الدوائر الليبرالية المهذبة في الغرب، عدم الاعتراف بجميع الأبرياء الذين قتلوا في تلك الأحداث المؤلمة التي وقعت منذ زمن بعيد... ذات يوم، سوف تقبل العملة الاجتماعية الليبرالية كعملة قانونية معاناة أولئك الذين قضي عليهم في السابق بصمت".
ولكن العقاد نفسه يكافح ضد الصمت ـ ليس الصمت الناجم عن اللامبالاة أو الجبن، بل الصمت شبه الكامل الذي فرضته عدم قدرة اللغة في مواجهة الإبادة الجماعية. لقد ذكّرتني رواية "يوماً ما" بقول صمويل بيكيت عن "غياب القدرة على التعبير... جنباً إلى جنب مع الحاجة للتعبير". ومهما كان رأي المرء في حججه، فإن الكتاب يتمتع بالحيوية اليائسة التي يتمتع بها كاتب يحاول انتزاع إجابة مناسبة من مجرد كلمات على سؤاله: "ما الذي بقي لي أن أقوله سوى المزيد من الموتى، المزيد من الموتى؟". إن هذا السؤال موجود في الهاوية بين العبء العاطفي الزائد الناتج عن متابعة التقارير الحية اليومية عن الفظائع، من ناحية، والمحاسبة المستقبلية التي لم تصل بعد من ناحية أخرى. ويكتب العقاد: "ربما يكون هذا هو الوقت الذي لا وزن له حقاً، بعد أن تفقد الصفحة الأولى اهتمامها ولكن قبل أن يتم وصول كتب التاريخ".
ولكي يعطي العقاد وزناً للكلمات في ما يصفه بسخرية أنيقة نموذجية بأنه "فترة الانتظار الإلزامية" قبل أن يتسنى للمرء أن يتحدث عن ما لا يمكن التحدث عنه، فقد ابتكر شكلاً يمكن أن نطلق عليه "المجادلة"، وهو مزيج من الجدل والمذكرات. ورغم أنه ربما لا يكون مزيجاً تماماً؛ فإن الشخصي والسياسي لا ينسجمان دائماً. إن ذكرياته ــ عن الأسرة، والنزوح، وكونه مسلماً غريباً مشتبهاً به في أميركا الشمالية، وسنوات عمله كصحفي مع صحيفة "ذا جلوب آند ميل" يغطي، من بين أمور أخرى، الحروب في أفغانستان والعراق ــ تستحضر بشكل رائع. وهي تتمتع بالبرودة المكررة للخبرة التي تم صقلها عبر الزمن والتأمل.
إن الجانب الجدلي في الكتاب، والذي تم تشكيله في خضم العنف المروع، أكثر إرباكاً، وهو أمر مفهوم. فالجدال يسعى إلى الإقناع، ولكن العقاد يكتب في إحدى النقاط أنه "لم يعد هناك حجج يمكن تقديمها". إن "التزامه بالتعبير" داخل عالم النشر الأميركي السائد يتعارض مع استنتاجه أنه لا يوجد شيء يمكن إنقاذه من الليبرالية الغربية.
لا يرى أن القتل في غزة خيانة للمبادئ الديمقراطية، بل يعتبره دليلاً على أن هذه المبادئ كانت أكاذيب منذ البداية: "لقد كانت هذه هي الحال دائمًا". ويقترح أنه لا يوجد شيء يمكن فعله سوى "المقاومة السلبية"، والابتعاد عن ما يسميه باستمرار ولكن بشكل غامض "الإمبراطورية". ولكن كتاب "يوم ما" هو أكثر من ذلك بكثير. ففي أفضل حالاته، هو بمثابة سبر للأعماق المظلمة لوعي جماعي تشكله الحاجة إلى التهرب من الأدلة اليومية على الكارثة السياسية والبيئية. وعندما قرأته وأنا أشاهد لوس أنجلوس تحترق، وأشاهد لقطات الطائرات بدون طيار التي تبدو فيها المدينة وكأنها مدينة تعرضت لقصف جوي، أذهلتني رؤية العقاد القائلة بأن "عندما تأتي حرائق الغابات الأكبر ــ كما حدث بالفعل ــ فإن الصناعات التي ساعدت في إحداث هذا الكارثة بتجاهلها القاسي سوف تعتمد على تسامحنا المتزايد مع الكارثة". وكتابه صرخة حزينة ولكنها بليغة ضد تسامحنا مع كوارث الآخرين.
نيويورك تايمز 2025/2/25



#علي_حمدان (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الذات والسلطة ميشيل فوكو 3
- تأملات حولً القرن الدولوزي
- الذات والسلطة ميشيل فوكو 2
- الذات والسلطة ميشيل فوكو
- الأدب ما بعد الكولونيالي
- سوريا اردوغان
- حوار حول مفهوم الإقطاع التقني
- جيجك - الفيلم
- لفريدك جايمسون النقد الماركسي منبعه الحب
- المباشرة او اسلوب الراسمالية الكتاخرة
- استخدام ماركس،ونيتشه وفرويد في مدرسة فرانكفورت
- في رثاء الفيلسوف دانيل دانييت
- انهيار الصهيونية
- الدور الوظيفي للامارات


المزيد.....




- عن الحرب والسياسة والقوانين المعيبة.. 5 أفلام وثائقية مرشحة ...
- فنانون يدعمون عمرو مصطفى في معركة السرطان.. وعمرو دياب يتجاو ...
- -ما وراء لسان الغريب-: استكشافات ترجمة كلاسيكيات المسرح الغر ...
- واكاليوود: سينما الأحياء الفقيرة التي أبهرت أوغندا والعالم! ...
- -شيخ الخطاطين- حسن جلبي.. 60 عاما برفقة اليراع
- من لحم حيوان الموظ إلى سمكة -نتنة-.. إليك 7 من أشهر الأطباق ...
- رسالة بريطانية تحذر من -خطر الذكاء الاصطناعي-.. احموا إبداع ...
- -لا أرض أخرى-.. فيلم عن معاناة الفلسطينيين يتعرض للمحاربة في ...
- روسيا تحتضن معرضاً للفنان العراقي صفاء حاتم سعدون الحساني
- في معرض استذكاري.. طوفان تستعيد الفنان الفوتوغرافي عبد علي م ...


المزيد.....

- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي حمدان - كيف سينظر الغرب إلى الابادة في غزة؟