أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - أكرم شلغين - الحرية والإبداع: ركيزتا التقدم ونهضة الأمم














المزيد.....


الحرية والإبداع: ركيزتا التقدم ونهضة الأمم


أكرم شلغين

الحوار المتمدن-العدد: 8264 - 2025 / 2 / 25 - 23:54
المحور: قضايا ثقافية
    


لا يمكن لأي مجتمع أن يزدهر أو يحقق تقدما حقيقيا في غياب الحرية والأجواء الديمقراطية؛ فالحرية ليست مجرد شعار أو كلمات جوفاء وإنما هي البيئة التي تنمو فيها العقول وتتحرر فيها الأفكار ويتجلى فيها الإبداع. عندما يشعر الفرد بأنه مواطن يتمتع بكامل الحقوق ولا يخاف التعبير عن رأيه أو اتخاذ قراراته فإنه يصبح أكثر قدرة على الإبداع والإنتاج والمشاركة الفاعلة في بناء المجتمع. أما في ظل القمع والخوف فإن العقول تتجمد وينشغل الأفراد بتجنب العقوبات بدلا من البحث عن حلول جديدة أو ابتكار أفكار خلاقة.
وبغالب الأحيان هناك من يحول الاختلاف إلى خلاف غير آبه بأن في ذلك تهديد خطير لاستقرار الأوطان؛ فالمجتمعات التي لا تتقبل تعدد الآراء وتحول أي وجهة نظر مختلفة إلى صراع داخلي فتسهم في انقسامات عميقة تؤدي إلى ضعف الروابط الاجتماعية وتآكل الثقة بين أفرادها.
في الغرب نجد أن من يحمل أفكارا مختلفة يمكنه أن يحظى بقبول ودعم جماعي بل وقد تتبنى الحكومات تلك الأفكار وتوفر لها الدعم المالي لتنظيم حملات أو مبادرات تسهم في التجديد الاجتماعي. هذا النموذج يبرز أهمية تحويل الخلاف إلى حوار بناء، حيث ينظر للاختلاف كقوة دافعة للتجديد والابتكار بدلا من كونه مصدر فتنة.
وليس هناك ثقافة تتسامح مع التعددية الفكرية فحسب بل تتبناها كأسلوب للحوار والتقدم. ففي ألمانيا، على سبيل المثال، تعد "Streitkultur" أي "ثقافة الجدل" جزءا أساسيا من الحياة الاجتماعية والسياسية عامة؛ حيث ينظر إلى الجدل والنقاش كوسيلة لتبادل الأفكار وصقلها مما يساهم في رفع مستوى الفكر العام. هذه الثقافة تعكس الاعتقاد بأن الاختلاف في الرأي ليس تهديدا بل فرصة لاستقصاء الحقيقة وإيجاد حلول مبتكرة للتحديات المجتمعية.
التاريخ مليء بالأمثلة التي تؤكد أن الحرية شرط أساسي للتقدم والنهضة. فمثلا، لم يكن لعصر النهضة في أوروبا أن يحدث لولا كسر قيود الاستبداد الديني والسياسي مما أفسح المجال أمام الفلاسفة والمفكرين والفنانين للتعبير بحرية وإنتاج المعرفة. كذلك ازدهرت الولايات المتحدة بعد تبنيها نظاما ديمقراطيا ضامنا للحقوق والحريات وهذا ما جعلها بيئة خصبة للعلم والتكنولوجيا والاقتصاد بل وجعلها منها المكان المفضل لهجرة من يريد ان يعمل ويبدع بحريةز
في العالم العربي حدث أن عرفت الحضارة الإسلامية في عصورها الذهبية ازدهارا فكريا وعلميا غير مسبوق وكان الانفتاح على الأفكار الجديدة وحرية الفكر من أهم عوامل هذا الازدهار. ومع ذلك فإن تراجع هذه الروح المنفتحة لصالح القمع والتقييد أدى إلى تراجع النهضة وانحسارها.
حين تغيب الحرية، لا يكون أمام العقول المبدعة سوى خيارين: إما الخضوع والصمت وإما الهجرة والبحث عن بيئة حرة تحتضن أفكارها. هذه الظاهرة لم تقتصر على العصور القديمة فحسب بل نراها اليوم في العديد من الدول التي تعاني من القمع وغياب الحريات. فكما شهدت ألمانيا النازية هجرة الأدباء والمفكرين مثل توماس مان (وعائلة مان عموما) وبرتولت بريخت وجورج جروس، يشهد العالم العربي هجرة جماعية للعقول والمبدعين الذين يبحثون عن بيئة تشجع الحرية الفكرية والإبداع دون تهديد أو تكميم.
ربما علينا أن نذكر ونتذكر أن بناء الأوطان لا يكون إلا بالحرية والمحبة والشعور بالمواطنة الحقيقية. فالمواطن الذي يشعر بأنه مسلوب الحرية والحقوق لن يكون قادرا على العطاء أو الإبداع بل سيعيش في خوف دائم يمنعه من المساهمة الفعالة في مجتمعه. أما حين يتمتع المواطن بحرية الفكر والتعبير فإنه يكون أكثر استعدادا للمشاركة في تطوير بلده وأكثر قدرة على الابتكار والإنتاج.
إن التجارب التاريخية والحالية تؤكد أن الشعوب التي تُقمع تموت فكريا وأما تلك التي تُحترم فيها الحرية فتنهض وتزدهر، مسهمة بذلك في بناء حضارة إنسانية قائمة على التنوع والابتكار.



#أكرم_شلغين (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التسامح والمصالحة: قوة الأمم في مواجهة أحقاد الماضي
- الدين: من مصدر للسلام إلى أداة للصراع
- أرض تأكل أبناءها
- بين العنف والعفو: مقاربات أدبية وفلسفية في طبيعة الإنسان
- ونتساءل عن لوطن
- الموت: التأمل في اللايقين الحتمي
- تأمل سريع في مرور الزمن ودروس الحياة
- الحلم بالنهوض بعد الظلم والقمع
- أهمية القاعدة الشعبية في الحكم
- فراق أبدي
- سوريا: ملتقى الشعوب ونموذج للتعايش الثقافي
- أمل سوريا الجديد
- الانتقام والهدم: نحو تجاوز إرث الثأر لبناء سوريا المستقبل
- الخوف: ثقافة عالمثالثية أم تركيب اجتماعي؟
- الخبز والحرية: الاحتياج المادي والكرامة الإنسانية
- من الاستبداد إلى الشتات: حكاية وطن تحت قبضة الطغيان
- سوريا: وطن منهك بين السيادة المزعومة والحقيقة المرة
- بين الفطرة والتطرّف
- -صموئيل بيكيت: انعكاسات عبثية على الوجود الإنساني-
- هويتنا المفقودة


المزيد.....




- جثة وضعت بجوار راكب خلال رحلة طيران قطر.. والمسافر يعلق
- في أعماق الأرض.. هل تجرؤ على دخول هذه المدينة الخفية بتركيا؟ ...
- لقطات تظهر اقتراب طائرتين من نقطة الاصطدام في مطار أمريكي
- فرنسا تفرض قيودا على حركة ودخول -شخصيات جزائرية- وتتوعد بمزي ...
- مصدر إسرائيلي يوضح لـCNN مضمون الاتفاق الجديد مع حماس
- هولندا: متحف ريكسميوزيم يبدأ بترميم -الدورية الليلية- لرمبرا ...
- أوكرانيا تكثف هجماتها وروسيا تعلن إسقاط 128 مسيرة
- الشعر مرآة تعكس صحة الجسد .. كيف ذلك؟
- فن استعادة الوقت الضائع!
- زيلينسكي يشتري -أغلى تذكرة سفر- في التاريخ إلى واشنطن.. ترام ...


المزيد.....

- العرب والعولمة( الفصل الأول) / منذر خدام
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- قواعد اللغة الإنكليزية للأولمبياد مصمم للطلاب السوريين / محمد عبد الكريم يوسف
- أنغام الربيع Spring Melodies / محمد عبد الكريم يوسف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - أكرم شلغين - الحرية والإبداع: ركيزتا التقدم ونهضة الأمم