أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - محمود كلّم - أمنٌ يَحرُسُ الكُرسيَّ... لا الوطنَ!














المزيد.....


أمنٌ يَحرُسُ الكُرسيَّ... لا الوطنَ!


محمود كلّم
(Mahmoud Kallam)


الحوار المتمدن-العدد: 8264 - 2025 / 2 / 25 - 10:50
المحور: كتابات ساخرة
    


في قلبِ رام الله، حيثُ تتكدَّسُ المكاتبُ، وتتزاحمُ الرُّتَبُ والنِّياشينُ، تقبعُ منظومةٌ أمنيَّةٌ تفوقُ في تعقيدها أفلامَ الجاسوسيَّةِ، وتتفوَّقُ في "فاعليَّتها" على أفلامِ الكرتون! لا بُدَّ أنَّكَ لاحظتَ هذا المشهدَ اليوميَّ المُثيرَ للدَّهشةِ؛ جيبٌ تابِعٌ لمنظومةِ الاحتلالِ يتجوَّلُ بكُلِّ أريحيَّةٍ، ومُجنَّدةٌ تبلُغُ من العُمرِ تسعةَ عشرَ عاماً تُلوِّحُ بيدها، وعلى الجانبينِ يقفُ أفرادُ الأجهزةِ الأمنيَّةِ الفلسطينيَّةِ ببدلاتهمُ المكويَّةِ وصُدورِهمُ المُمتلئةِ بالنِّياشينِ، يتحوَّلونَ في لحظاتٍ إلى أشجارٍ مُزهرةٍ أو تماثيلَ صامتةٍ، في مشهدٍ يفوقُ أيَّ عملٍ سحريٍّ في "هاري بوتر"!

لكن، قبل أن نتعجَّلَ في الحُكمِ، دعونا نتعرَّف إلى هذهِ الأجهزةِ الأمنيَّةِ "العبقريَّةِ" وأدوارِها "الاستثنائيَّةِ":

١. المُخابراتُ العامَّةُ:

مُهمَّتُها دقيقةٌ جِدّاً وحيويَّةٌ للغايةِ؛ مُراقبةُ المُواطنِ!
ماذا يُفطِرُ؟ هل يُفَضِّلُ الفُولَ أمِ الحُمُّصَ؟ متى يشرَبُ شايَه؟ وإذا أضافَ السُّكَّرَ دون تصريحٍ مُسبَقٍ، فاستَعِدَّ للمُساءلةِ!

٢. الشُّرطةُ الفلسطينيَّةُ:

دائماً في الميدانِ لضبطِ حركةِ المُرورِ، خاصَّةً حين تتكدَّسُ سيّاراتُ منظومةِ الاحتلالِ في الشَّوارعِ!
أولويَّتُها القُصوى؛ تَحريرُ المُخالفاتِ للسيّاراتِ المُتوقِّفةِ عشوائيّاً أثناءَ مُرورِ دباباتِ الاحتلالِ.

٣. الاستخباراتُ:

لا يشغلُها الاحتلالُ بقدرِ انشِغالِها بمنشوراتِكَ على "فيسبوك" و"تويتر".
إذا ضغطتَ زرَّ "أعجبني" على منشورٍ ينتقدُ السُّلطةَ، فقد تجِدُ نفسكَ في جلسةِ تحقيقٍ بتُهمةِ تهدِيدِ الأمنِ القوميِّ بـ"إعجاب"!

٤. الأمنُ الوطنيُّ:

إذا رأيت مهرجاناً ترفرفُ فيهِ الأعلامُ ويُصدَحُ بالنَّشيدِ الوطنيِّ، فاعلم أنَّ الأمن الوطنيَّ كانَ هناك... لضبطِ إيقاعِ رفعِ الأعلامِ وتنظيمِ صُفوفِ الراقصينَ على المسرحِ.
أمَّا المُقاومةُ؟ فمُهِمَّتُها تقتصرُ على الشِّعاراتِ!

٥. الأمنُ الوقائيُّ:

اسمهُ يُوحي بالحمايةِ، لكن حقيقتُهُ أشبهُ بـ"أمنٍ نفسيٍّ" ضدَّ قلقِ المُواطنينَ وأسئلتهمُ المُزعجةِ، مثل:
"إلى متى؟ وأينَ أنتم؟ ولماذا أنتُم هُنا أصلاً؟"

٦. أمنُ الرِّئاسةِ:

مُهِمَّتُهُ الوحيدةُ والأبديَّةُ حراسةُ الكُرسيِّ... أقصِدُ العَرشَ الرِّئاسيَّ الذي أصبحَ قطعةً أثريَّةً مَحميَّةً دُوليّاً!
حتى لو اهتزَّت الأرضُ، يبقى الكُرسيُّ ثابِتاً لا يَهتزُّ!

٧. الأمنُ العامُّ:

الماكينةُ الأسرعُ في البلادِ!
لا أحدَ يتفوَّقُ على سُرعةِ إصدارهم بياناتِ الشَّجبِ والاستنكارِ التي غالباً ما تبدأُ بجُملةٍ؛
"نستنكرُ بشدَّةٍ وندعو المُجتمعَ الدَّوليَّ..."
وتنتهي بلا شيءٍ يُذكرُ!

٨. أمنُ الحُدودِ:

دَورُهُ حَيويٌّ في تأمينِ المعابرِ، ليسَ من منظومةِ الاحتلالِ طبعاً، بل من المُواطنينَ أنفُسِهم الذينَ يُحاولونَ "الفرارَ" من جحيمِ الحياةِ اليوميَّةِ!

٩. الارتباطُ العسكريُّ والمدنيُّ:

وكأنَّنا في ورشةِ نجارةٍ؛ ربطٌ وفكٌّ وترتيباتٌ لا تنتهي، مع جلساتِ قهوةٍ أُسبوعيَّةٍ مع ضُبّاطِ منظومةِ الاحتلالِ...
وأحياناً جلساتُ تصويرٍ تذكاريَّةٌ!

١٠. حمايةُ المُؤسَّساتِ:

في بلادٍ تنهارُ فيها الأرواحُ، يبقى الأهمُّ؛ حمايةُ المكاتبِ والكراسيِّ والمُكيِّفاتِ.
هل تجرؤُ على وضعِ قدمكَ على الطاولةِ من دون تصريحٍ؟
حذارِ!

١١. الأمنُ السِّرِّيُّ الخاصُّ:

هذا الجهازُ أُسطوريٌّ لدرجةِ أنَّ أفرادَهُ لا يعلمونَ أنَّهُم جُزءٌ منهُ!
جهازٌ إذا تحدَّثتَ عنهُ تُتَّهَمُ بالخيالِ، وإذا أنكرتهُ وجدتهُ خلفكَ!

مع كُلِّ هذهِ الجُيوشِ الأمنيَّةِ، يمُرُّ الجيبُ التّابِعُ لمنظومةِ الاحتلالِ، وتُلوِّحُ المُجنَّدةُ الشَّقراءُ بابتسامةٍ، فتتبدَّدُ كُلُّ "الأجهزةِ" في لحظاتٍ، كما يتبخَّرُ الضُّبابُ عند شُروقِ الشَّمسِ!
ينظُرُ المُواطنُ ويتساءلُ؛
"لماذا كُلُّ هذهِ الأجهزةِ؟ لمن تعملُ؟ ومتى تتحرَّكُ؟"

بصراحةٍ، نحنُ بحاجةٍ إلى جهازٍ واحدٍ فقط؛
جهازٍ عبقريٍّ، فعّالٍ، ومُخلصٍ
"جهازُ البحثِ عن فائدةِ هذهِ الأجهزةِ"...

وإن أمكن، مُلحَقٌ بهِ قسمٌ خاصٌّ لتعليمهم فُنونَ الشَّجاعةِ الافتراضيَّةِ، على الأقلِّ في التَّعليقاتِ!

في وطنٍ تحميهِ البياناتُ والشِّعاراتُ، يُصبحُ الأمنُ الحقيقيُّ... مُجرَّدَ طُرفةٍ في جلساتِ الحديثِ!

وهكذا، يبقى المشهدُ كما هو؛
منظومةُ احتلالٍ تتجوَّلُ بحُرِّيَّةٍ، ومنظومةٌ أمنيَّةٌ تُتقِنُ فنَّ التَّبخُّرِ، وشعبٌ يتنفَّسُ الشِّعاراتِ ويعيشُ في زحامِ بياناتِ الشَّجبِ والاستنكارِ.

سنواتٌ تمرُّ، والكُرسيُّ ثابتٌ، والكلماتُ تزدادُ فراغاً، والوُجوهُ تتبدَّلُ، لكنَّ العصا تبقى في يدِ الجلّادِ نفسه!

في وطنٍ تُصبِحُ فيهِ الوطنيَّةُ حفلةً، والمُقاومةُ تُهمةً، والشَّجاعةُ منشوراً على "فيسبوك"، لم يَعُدِ السُّؤالُ
"كيفَ تحكُمُنا هذهِ العصابةُ؟"
بل؛
"كيفَ قبلنا أن تحكمنا؟"

رُبَّما لم يَعُدِ الاحتلالُ بحاجةٍ إلى طائراتٍ وصواريخَ...
يكفيهِ أن يجلسَ ويُراقبَ، بينما نُصفِّقُ للجلّادِ ونلعنُ الضَّحيَّةَ!



#محمود_كلّم (هاشتاغ)       Mahmoud_Kallam#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صلاح الدين الكردي: سيفُ المجدِ في وجهِ خيانةِ العرب
- فلسطين.. أرضُ التينِ والزيتونِ وصمودِ الجبالِ
- قناةُ -كتب فلسطين-... حصنُ الثَّقافةِ والمُقاومةِ الفِكريَّة ...
- نمر فيّاض نمر (أبو فيّاض): رجلٌ من زمن الأمجاد!
- عبد الله كلَّم: الحنين الذي لم يُعانقه الوطن!
- فلسطين التي سلبها الزَّمنُ... ذكرياتٌ لا تمُوتُ
- فلسطين... الأَرضُ التي لا تقبلُ المُساومةَ ولا تنحني للغُزاة ...
- سليمان الشيخ: غريبٌ في المنافي، مُقيمٌ في ظلالِ الوطن
- محمود... أرهقهُ الانتظارُ وخذلهُ القدرُ
- حين لا يُمهلُ القدرُ الطُّيُورَ الأَصيلة.. وداعاً سليم فرحات
- الفنَّان شربل فارس: مِثالُ الإبداعِ وعِمَادُ الوطن
- حِينَ يَبكِي المَساءُ... على أَجنِحةِ الطُّيُورِ
- المقاومةُ قدرُ الأحرارِ: قاوِم حتى لو كنتَ أعزلَ
- علي عبدالله علي، أَبو عاطف: رجلٌ من ذهبٍ تاهت به الأَزمنةُ
- غزَّة: بين أَنقاضِ الصَّمتِ وخيباتِ الأَملِ
- غوَّار الطُّوشة: أَيقُونةُ الخداعِ والتّلوّن
- صُلحُ الحُديبيةِ: اتفاقيَّةُ الهدنةِ التي مهَّدت لفتحِ مكَّة
- أَطفالُ غزَّة: شهادةُ حُزنٍ على خيانةِ العالمِ!
- الفلسطينيُّون: أُسطُورةُ الصُّمُود وأَيقُونةُ التَّحرير!
- أطفالُ غزّةَ: بينَ الألمِ والصَّمتِ العالميِّ!


المزيد.....




- روسيا تحتضن معرضا للفنان العراقي صفاء حاتم سعدون الحساني
- نشر مجموعة شعرية
- تحقيق فرنسي يستهدف الممثل جيرار دوبارديو بشأن -مقر ضريبي وهم ...
- اتحاد الأدباء يحتفي بعبد الملك نوري وفؤاد التكرلي..
- الكتاب الإلكتروني والنشر الذاتي.. هل يدقان المسمار الأخير في ...
- مؤتمر الحوار الوطني السوري .. انتقادات للاستعجال وضعف التمثي ...
- فيلم يوثق زيارة مراسل إسرائيلي إلى دمشق يُعرض الليلة وسط موج ...
- أبوظبي تحتضن مهرجان -صنع في روسيا- لتعريف الزوار بالثقافة وا ...
- جوائز السينما كانت خارج التوقعات.. الفائزون بجوائز نقابة ممث ...
- -صناعة الأفلام- أسلوب مبتكر لتعليم اللغة العربية للناطقين بغ ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - محمود كلّم - أمنٌ يَحرُسُ الكُرسيَّ... لا الوطنَ!