جان آريان
الحوار المتمدن-العدد: 8264 - 2025 / 2 / 25 - 08:54
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
- على شعب روزآفا كوردستان المزيد من الصمود والتريث والتمسك الحازم بحق تقرير مصيره المشروع ضمن سوريا اتحادية، حيث الفرصة لا تعوض وكذلك أهمية التذكير والدراسة لما حدث بعد الحرب العالمية الاولى
- سلطة الأمر الواقع في دمشق مهزوزة ومؤقته وفي مجرى الاختفاء المرتقب بتأييد غربي، وهي تعلم طبعا خطة الغرب وإسرائيل التي دفعت مجموعاتها المسمية في قوائم الارهاب إلى المسير نحو دمشق
إن اللؤم الطائفي والإثني ظهر للعيان والآذان والافكار كأول محاولة لتجميع السوريين في حوار مرتقب بينهم حول الوضع السوري العام، هكذا وبعد سقوط النظام البعثي الفاسد الدكتاتوري العنصري، ومن المفروض أن لا يبادر العهد الجديد بنفس أساليبه وإجراءاته البائدة.
حيث كان من الواجب أن يأتي تشكيل اللجنة السباعية التحضيرية الاولية عبر مشاورة واتفاق ايجابي ليعطي إشارة مستبشرة للسوريين بمكوناتهم القومية والمذهبية الرئيسية/ السنية، الكوردية، العلوية، الدرزية والمسيحية/ هكذا مع التقدير لأعداد التركمان والشركس والشيعة المتواضعة المتناثرة في المناطق والاقاليم السورية والذين لا يشكلون أغلبية سكانية في إحداها وكذلك المسيحيين ايضا لكن باعتبارهم كدين آخر يمكن أعتبارهم ضمن المكونات الأساسية.
هنا، فإن اللؤم والإهمال المقصود تجليا في عملية تشكيل تلك اللجنة كالتالي:
١ فقد أهملو مشاركة الكورد، العلويين والدروز في اللجنة المذكورة عمدا رغم أن كل من هؤلاء يشكلون عددا وجغرافية مكونا سوريا أساسيا مثلهم كالمكون السني، حيث يشكل كل منهم أغلبية ساحقة في مناطقه الجغرافية
٢ لقد عينوا ستة أعضاء سنة من الاسلامويين السياسيين من بينهم طبعا السيدة هدى الاتاسي كمسلمة سنية وكتركمانية بنفس الوقت مع أن عدد التركمان محدود جدا ومتناثرين في مناطق عديدة لا يشكلون أغلبية سكانية في إحداها، فيمكن أن يكون الدافع لذلك التعيين هو تلبية لرغبة السلطة التركية أو أن سلطة الأمر الواقع لا ترى وجود التركمان لتلك الاسباب أن يؤدي قانونيا دوليا إلى منحهم حكم ذاتي في محافظة معينة
٣ كما أنهم عينوا السيدة المسيحية هند المنتمية إلى الحزب القومي السوري/ المعتبر لسوريا أو بلاد الشام غير عربية الأصل ويمكن معه الحق/ عضوة في هذه اللجنة، وذلك من منطلق ايضا بأن عدد المسيحيين محدود ومتناثر في المحافظات السورية دون أغلبية داخل إحداها وبالتالي لا يتوفر السند القانوني الدولي لتشكيل حكم ذاتي معين لهم من جانب، ومن جانب ثان انطلقت تلك السلطة من مفهوم قصير النظر وسازج، وهو أنه بتعيين عضو مسيحي داخل اللجنة سوف تنال رضى الغرب عن حكمها المشبوه جاهلة بأن هذا الغرب الديموقراطي العلماني المدني لا يهمه لا من قريب ولا من بعيد تلك المسألة منذ عقود طويلة بل فقط ما يهمه هو وجوب احترام حقوق المسيحيين وكل المذاهب الدينية والطائفية وليس فقط للمسيحيين، لذلك يمكن القول بأن مؤتمر الحوار الدغيمي المزعوم بنتائجه سيكون سلبيا بخصوص مسألة القومية الكوردية والطوائف السورية الاقلوية.
في هذا السياق، يمكن اعادة القول، بأنه مهما زعم أقطاب تلك السلطة المؤقتة أمام الغرب والسوريين وأومؤا بتجاوب نظري سهل ومهما غيروا القميص وشكل اللحى بسرعة البرق، سوف لم يعملو على تشكيل سوريا علمانية ديموقراطية تشاركية لا مركزية, حيث لا يمكن على الاقل لمن قلب ملامحه وطقوسه المبدئية المزعومة فجأة من أجل الوصولية والمنافع الذاتية أن يكون صادقا في ذلك المسار المنشود ما لم يقوم النخب والقوى السياسية العلمانية الديموقراطية السورية وبتأييد من الغرب الديموقراطي بالاحتجاجات والعصيانات المدنية من أجل الانتقال الثاني/ كمالة/ الحر العلماني التعددي اللامركزي، وخصوصا بعد أن زال الجبروت البعثي وعتاده العسكري وبالتالي لم يعد هناك الخوف الكبير من إمكانية تلك السلطة المؤقتة الهشة في العدد والعتاد وكذلك هي تعلم جيدا مدى مراقبة الغرب لتحركاتها ومماراساتها ومخاطبتها بشبه الاوامر لوجوب القيام بكذا وكذا وإلا ستعرف المصير وكأنه يلمح ويذكرها بالخطة التي كلفوها بتنفيذها.
فعلى تلك السلطة أن تعلم وبالتأكيد أنها تعلم، بأن حرب غزة ولبنان أسقطت النظام البعثي البائد، أي أن الغرب وإسرائيل وبعد الخطر الشيعي الكبير الذي حدث على اسرائيل/إطلاق آلاف الصواريخ عليها لأول مرة/ عمد على تجاوز أهمية التوازن الشيعي-السني مؤقتا والقائم منذ أكثر من أربعين سنة في المنطقة رغم معرفتهما برجاحة الخطر السني على مصالحهما أكثر من الشيعي والعلوي، حيث تبين واضحا خلال ثلاثة عشر عاما بأن الغرب وإسرائيل لم يكونو من دعاة إسقاط النظام البائد ليكون البديل اسلامويا سلفيا وقد غمزا لروسيا بحمايته، ولكن عقب حدوث ذلك الخطر الأكبر على اسرائيل تغير المسعى تماما.
حيث قاما بعد اتفاق الهدنة مباشرة بتنفيذ المشروع المعد منذ شهور وبالتوافق مع روسيا وليعطيا الانذار والتهديد النهائي السري لإيران ولحزب الله والحشد الشعبي بعدم التدخل لصالح النظام السوري وبعد تأمين شراء ذمم بعض قادة جيش النظام ومن ثم الايعاز إلى السلطة التركية ومجموعات هيئة تحرير الشام/كونها مهيئة أكثر من غيرها/ بالتحرك في ٢٧١١٢٠٢٤ وبمهاجمة قوات النظام في غرب حلب وربما شعر الدكتاتور بشار الأسد نفسه أيضا بالخطة وبالتالي أصبحت العملية شبه تسليم واستلام خلال ١١ يوما من حلب إلى الشام، وكانت روسيا قد لمحت ايضا لفيلق احمد عودة بالتحرك في الوقت المناسب وفعلا قد دخل دمشق اولا وماذا فعل في تلك الليلة ومن ثم صمت وانسحب مما شكل ذلك لغزا مبهما حتى الآن ربما بسبب كيفية التعامل مع المسألة المالية إثناء تلك الفوضى لكل ايدو لئلو ومن ثم صمت واختفى، هكذا إلى أن وصلت مجموعات هيئة تحرير الشام وكأنها في كذدورة بعد حوالي اثنا عشرة ساعة تقريبا إلى الشام وبدورها ربما أيضا سألت بخصوص ما تبقى من الارصدة والمحتويات المالية بطريقة وأخرى وقد نشر بعض الانباء وقتها على لسان مسؤولين بأنهم لم يعثرو في المصرف المركزي على العملة الصعبة، فحتى الآن هناك سر ولغز كيفية التعامل المبهم مع ذلك المصرف وغيره من المؤسسات المالية والإدارية والامنية وحول امكانية ارتكاب صفقات ضخمة جرت دون رقيب وحسيب وبغياب شفافية مطلقة، وهذا ما يستدعي البحث الدقيق عن ذلك !
هنا، وبصدد تأجيل تنفيذ ذلك المشروع المعد سابقا إلى ما بعد الهدنة، كانت السلطة التركية ومجموعات جولاني تبلغان الغرب وإسرائيل باهمية تأجيل التنفيذ ريثما يتم وقف إطلاق النار بين حزب الله وإسرائيل، لئلا يتهمهما المسلمون بالغدر والخيانة في الوقت الذي كانت الحرب فيه لا زالت جارية بين اسرائيل وحزب الله.
في هذا المجال، يجدر الإشارة اليه ايضا، حيث كان الغرب وإسرائيل يفضلان اعداد وتكليف قوات قسد بتنفيذ التحرك إلعملياتي باتجاه دمشق كونها أكثر قوة وعددا من قوات الجولاني والمعتبرة لدى مجلس الأمن والغرب كقوى ارهابية، لكن كان هناك تردد وتفكير، بأن الوسط السني في الداخل السوري ربما سوف لا يساعد ولا يرحب بقوات قسد ذات صبغة كوردية واضحة وكذلك كونها من التحالف مع الغرب ، وسوف يخلق ذلك شعورا لدى الكثير من السوريين ولدى المجتمع الدولي بأن الغرب يقوم بإسقاط النظام السوري وبالتالي سوف تزداد الصعوبات بعد التحرير كما حدثت في العراق سابقا، لذلك تم الاختيار على تكليف قوات جولاني بتنفيذ العمليات رغم طابعها الإرهابي السلفي.
في هذا الاطار ايضا، يجدر الإشارة الى أن هذه الخطة التي نفذها الغرب وإسرائيل وبمباركة تركية وروسية، قد حققت زوال ذلك الخطر الشيعي واختلالها وذلك بعد الغرور الشيعي الكبير مؤخرا وكذلك تحقيق هدف غير مكلف للغرب وإسرائيل بقلب النظام البعثي الفاسد وهكذا تهيئ لإسرائيل دون تكلفة ومصاعب كبيرة بتدمير حوالي تسعين بالمئة من العتاد العسكري السوري وكذلك بالتوغل المريح داخل نقاط ونواحي سورية استراتيجية في الجولان وبعض قرى درعا، لكن وبعد التنفيذ العام هناك اعادة خطة الغرب وإسرائيل بخصوص تخليص سوريا من أيادي مجموعات احمد الشرع المصنفة بالارهاب ومن الوصاية التركية، وتسليمها بشكل أو آخر إلى قوى ديموقراطية جامعة لكل المكونات السورية وتقليص الدور التركي هناك وخلق توازن جيد في سوريا بين /العلويين- الكورد- الدروز / وبين السنة بحيث لا تميل سوريا كثيرا للمحور الشيعي ولا للمحور السني في المنطقة، فالغرب وإسرائيل ليستا بتلك السذاجة أن تسنح الميدان السني الشرق الاوسطي لتركيا وغدا سوف تتلاقى هي والعديد من السلطات السنية ولتشكل الخطر الأكبر بكثير من الخطر الشيعي.
لذلك كله، على الحركة الكوردستانية السورية عامة أن لا تتسرع بتقديم التنازلات المجانية للسطة المؤقتة المرتقب اختفائها في دمشق أو لتركيا بل المزيد من الصمود والصبر بوعي دقيق وبدبلوماسية ذكية مع الغرب ومع السوريين، وهكذا أيضا العلويين والدروز، وبنفس الوئت على تلك السلطة أن تعي جيدا بهذه الأمور الواقعية، فإما الصدق والحقيقة وإما المستقبل المجهول.
#جان_آريان (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟