كريم المظفر
الحوار المتمدن-العدد: 8263 - 2025 / 2 / 24 - 20:50
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
يشهد الاتحاد الأوروبي، موجة من النشاطات الرافضة الى الخطوات التي يسير بها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ، نحو طريقه لأنهاء الملف الاوكراني ، بطريقته الخاصة ، وبدون الحضور الأوروبي والاوكراني في هذه المفاوضات ، لأنه يُحَملهم مسئولية امتداد الحرب لثلاث سنوات ، ولم تحرك بروكسل وكييف ساكنا لأنهائها ، وموافقة وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي ، على الحزمة السادسة عشرة من العقوبات ضد روسيا، حسبما جاء في بيان لمجلس الاتحاد الأوروبي ، هي للتشويش على المساعي ( الترامبوية ) .
وتزامنا مع الذكرى السنوية الثالثة للعملية العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا ، وعلى الرغم من فشل العقوبات الالفية التي فرضها الاتحاد الأوربي وامريكا على روسيا ، الا ان الاوربيين ، أرادوا بذلك تأكيد معارضتهم للخطوات الامريكية نحو التقارب مع روسيا ، وانهم ( أي الاوربيين ) ماضون في ( العداء ) لروسيا ، وانهم موحدون ، ويمتلكون القرار المستقل ، وبإمكانهم رسم مستقبلهم بعيدا عن واشنطن .
ولم تحمل العقوبات الاوربية أي شيء جديد ، فكالعادة تشمل عقوبات على شركات ، بما في ذلك من الهند وكازاخستان والصين والإمارات العربية المتحدة وسنغافورة وتركيا وأوزبكستان ، بزعم "مساعدة روسيا في النزاع ضد أوكرانيا" ، وفرض قيود على سفن يزعم أنها تنتمي إلى أسطول الظل التابع للاتحاد الروسي ، و منع ثماني وسائل إعلام روسية من البث في أوروبا ، ولو دققنا في الامر ، فإننا سنشاهد هي ذات " الكليشة " الاوربية منذ سنتين ، ولم تتغير فيها سوى الأرقام في اعداد السفن والشركات والافراد وعدد وسائل الإعلام الروسية في أوروبا .
وَهَبً الرئيس الفرنسي مانويل ماكرون ، وعنادا مع الرئيس الأمريكي ، واعتلى ماكرون " حصان طروادة " ، ليقود ركب الاوربيين الفاشلين ، وقادتهم من النسوة اللاتي وصل ( الخرف ) الى عقولهم من زمن بعيد حتى توصف أوروبا لآن بالقارة العجوز ، أمثال رئيسة الاتحاد الأوربي فون دير لاين ، ورئيسة الدبلوماسية الأوروبية كايا كالاس ، وعقد في باريس واياهم اجتماع لأنقاذ أوكرانيا ، فبماذا تمخض هذا الاجتماع ؟ ، اختتم الاجتماع الطارئ لعدد من القادة الأوروبيين ، حول أوكرانيا دون صدور أي قرارات ، أو بيان ختامي أو مؤتمر صحافي للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي نظم الاجتماع.
وأختتم الاجتماع ، ولم يتم الإعلان عن أي قرارات في ختام القمة رسميا، ولكن المستشار الألماني أولاف شولتس صرح بأن من السابق لأوانه إدارة الحديث عن نشر أي قوات على أراضي أوكرانيا، مشيرا إلى الغموض بشأن نتائج المفاوضات حول التسوية ، وإعلان رئيسة الحكومة جورجا ميلوني ، معارضتها إنشاء "كيان معاد لترامب" بشأن أوكرانيا، بل وأكدت أن الولايات المتحدة تسعى إلى حل الصراع، "ويجب علينا مساعدتها في ذلك" لتسوية الصراع في أوكرانيا، وليس ضدها ، في حين ، جاد رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر " بكرم " بريطانيا العظمى ، وخصص 50 مليون دولار ، لمساعدة أوكرانيا في تحقيق النصر ، و " نكاية " بترامب ، أعلن وزير الدفاع الكندي، ويليام بلير، أن بلاده تخطط لتقديم مساعدة عسكرية لنظام كييف بقيمة 64.8 مليون دولار كندي (47 مليون دولار).. !! ياللهول !!
ويحاول " العاثرون " تجربة حظهم هذه المرة ، لزيارة ترامب ، أمثال ماكرون و ستارمر ، لتقديم الولاء والطاعة والرضا " للحصان الجامح " والد ايفانكا ، واسترحامه ، للإبقاء على أي شيء ولو القليل " لحفظ ماء وجه أوروبا " ، بعد أن " مرغه " ترامب بالتراب ، عندما تجاهلهم وبدأ اتصالاته مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين " حتى دون " استشارتهم " ، ولم يطلب منهم أي رأي ، وبحسب صحيفة "بوليتيكو" ، ماكرون سيعرض على ترامب خطة لنشر قوات أوروبية في أوكرانيا ، ولكن بضمانات أمريكية ، وانه و ستارمر بحسب صحيفة التايمز ، ينسقان جهودهما لإقناع ترامب بوقف المفاوضات مع روسيا ، ولكن البيت الأبيض لم ينتظر حتى وصول ماكرون ، ليؤكد أن ترامب لا ينوي الاصغاء إلى دعاة استمرار الأزمة الأوكرانية " بوووم".
وهنا نعود أيضا الى ما اشرنا اليه فيما تقدم ، حول العقوبات الاوربية على روسيا ، والتي اكدت مرة أخرى ، " ازدواجية معايير الاوربيين ، فكما اشرنا سابقا ، ان قائمة العقوبات تتغير فيها فقط للأرقام الواردة فقط ، دون ان تمس هذه العقوبات موار الطاقة الروسية وبشكل مباشر، فقد كشف تقرير بهذه المناسبة أن الاتحاد الأوروبي ، ينفق على الوقود الأحفوري الروسي ، أكثر مما يقدمه من مساعدات مالية لأوكرانيا ، ووفقا لتقديرات مركز أبحاث الطاقة والهواء النظيف Crea)) ، و"أنفق الاتحاد الأوروبي 21.9 مليار يورو على النفط والغاز الروسي في العام الثالث من الحرب، رغم الجهود المبذولة للتخلص من الاعتماد على هذه الموارد".
ويفوق هذا الرقم بنسبة 16% المبلغ الذي خصصه الاتحاد الأوروبي كمساعدات مالية لأوكرانيا لعام 2024 ، والذي بلغ 18.7 مليار يورو، وفقا لمؤشر معهد كيل للاقتصاد العالمي (IfW Kiel) ، وقال فيبهاف راغوناندان، المحلل في Crea وأحد المشاركين في إعداد التقرير:"شراء الوقود الأحفوري الروسي هو بكل وضوح بمثابة تقديم مساعدات مالية للكرملين ، واستخدم الباحثون بيانات تجارية لتقدير قيمة الوقود الروسي ، الذي بيع حول العالم في العام الثالث من الحرب.
ووجد التقرير أيضا أن روسيا كسبت 242 مليار يورو من صادرات الوقود الأحفوري العالمية في العام الثالث من الحرب، وأن إجمالي عائداتها منذ بدء الحرب يقترب الآن من تريليون يورو، حيث تمكنت من التكيف مع العقوبات ، وتحصل روسيا على ما يصل إلى نصف إيراداتها الضريبية من قطاع النفط والغاز ، وقد لجأت إلى التحايل على العقوبات عبر "أسطول الظل"، المكوّن من ناقلات قديمة وغير مؤمنة بشكل كاف، والتي تقوم بنقل حوالي ثلث عائدات صادرات الوقود الأحفوري ، وفقا لـCrea .
وقد زاد دور الغاز الطبيعي المسال في الاتحاد الأوروبي، والمملكة المتحدة بشكل كبير منذ بداية الحرب، حيث قفزت الواردات من أعلى مستوى قبل الحرب البالغ 81.3 مليون طن في 2019 إلى 119 مليون طن في 2022 ، وفي العام الماضي، أصبحت روسيا ثاني أكبر مصدر للغاز الطبيعي المسال إلى أوروبا ، وقالت ممثلة المفوضية الأوروبية آنا كايسا إيتكونين ، إن ما يصل إلى 13% من إجمالي الغاز الذي يستهلكه الاتحاد الأوروبي لا يزال يأتي من روسيا، برغم كل جهود خفض حصة الغاز الروسي.
جاء ذلك ضمن تصريحات إيتكونين التي تابعت: "لا زال الاتحاد الأوروبي يشتري 13% من احتياجاته للغاز الطبيعي المسال من روسيا برغم كل جهود المفوضية الأوروبية" وأكدت على أن المفوضية ستقدم، خلال الأسابيع المقبلة، خطة جديدة للتخلص التدريجي من الغاز الطبيعي المسال من روسيا.
وسجلت إمدادات الغاز الروسي ، عبر خط أنابيب "السيل التركي" إلى أوروبا رقما قياسيا جديدا الأسبوع الماضي ، وجاء ذلك بحسب حسابات لوكالة "تاس" ، التي استندت لبيانات الشبكة الأوروبية لمشغلي أنظمة نقل الغاز ENTSOG ، وقد تجاوزت كميات الغاز الروسي التي تم ضخها عبر نقطة العبور "ستراندجا 2" على الحدود بين تركيا وبلغاريا (الامتداد البري للسيل التركي) ، خلال الفترة من 3 إلى 9 فبراير الجاري 390 مليون متر مكعب.
لقد أظهرت القمة الطارئة في باريس، جزئيًا، لماذا أُطلقت عملية التفاوض بشأن أوكرانيا من دون أوروبا ، فهذا حال زعماء دول الاتحاد الأوروبي في الواقع ، لا يوجد موقف موحد داخل الاتحاد بشأن ما هو وحقيقة أن الأزمة الأوكرانية لا يمكن حلها من دون أوروبا ليست بلا معنى، ولكن من غير الواضح ما الذي يستعد السياسيون الأوروبيون لتقديمه في الجوهر الآن.
أن تنفيذ الخطة الفرنسية والبريطانية بشأن إرسال قوات أوربية الى أوكرانيا ( كقوات حفظ السلام ) ، رفضتها موسكو مباشرة ، وبالتالي فإن تنفيذها ممكن الا إذا توصلت موسكو وكييف إلى اتفاق بشأن وقف إطلاق النار ، وإن الدول لن تتخذ هذه الخطوة دون موافقة الولايات المتحدة ، لذا فإن الخطة هي إقناع ترامب بتقديم "دور عسكري محدود" لواشنطن في أوكرانيا ، باستخدام الجزء من الإمكانات العسكرية الأميركية فقط التي يفتقر إليها الاتحاد الأوروبي ، وبذلك، تستطيع الولايات المتحدة استخدام أنظمة الدفاع الجوي في البلدان المجاورة لأوكرانيا لحمايتها، وتوفير بقية هذه الأنظمة للاتحاد الأوروبي.
وما زاد " الطين بله " ، تصريحات مستشار الأمن القومي الأمريكي مايك والتز في حديثه لقناة "فوكس نيوز"، التي اكد فيها أن الولايات المتحدة لن تقبل أوكرانيا عضوا في حلف الناتو ، لأنه لا يرى أن الولايات المتحدة ستجعل أوكرانيا عضوا في الناتو ، حيث ستقع القوات الأمريكية على الفور تحت طائلة المادة الـ5 ، أو سيتعين على القوات الأمريكية أن تشارك مباشرة في الدفاع عن أوكرانيا ، فهذا أمر مختلف تماما وأريد أن أكون واضحا بهذا "الشأن" ، وفي الوقت نفسه وبمناسبة زيارة ماكرون ، شدد والتز على أن الولايات المتحدة لا تزال ملتزمة بالضمانات الأمنية لأعضاء الناتو ، لكن مسألة الضمانات الأمنية لأوكرانيا شيء مختلف تماما عن ذلك.
الناخبون في الدول الأوروبية، يرون أن قادتهم غير قادرين على الدفاع عن المصالح القارية أو الوطنية، عندما تجري مناقشة القضية الأوكرانية، وإنهم الآن، في جوهر الأمر، يُفاضلون بين دور المراقب المتضرر ، ودور المنفذ لـ"خطة ترامب" الافتراضية ، وتفترض هذه الخطة أن تتحمل أوروبا تكاليف إعادة إعمار أوكرانيا، والحفاظ على الجاهزية القتالية لجيشها ، وهذا يشكل ضربة قوية للميزانيات الوطنية في زمن الاضطرابات الاقتصادية ، وهنا ينطبق على هذه الدول الاوربية المثل العراقي الذي اخترناه عنونا لمقالنا ، أنهم لا يفتخرون " بشعرهم " حتى المستعار منه ، لأنهم " صلعان " بالأصل ، بل يبقون بحاجة الى كثافة شعر ترامب كي يتفاخرون به .
وزيارة الرئيس الفرنسي الى واشنطن بانت نتائجها حتى قبل لقاء الرئيسان ، فقد وصل الزعيم الفرنسي إلى البيت الأبيض لإجراء محادثات مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب ، لكن الأخير لم يخرج حتى لاستقباله ، " وهذا يعطي فكرة عن أهمية فرنسا بالنسبة لواشنطن" ، ونشرت وسائل إعلام أمريكية مقطع فيديو ، يظهر سيارة ماكرون، وهي من نوع شيفروليه سوداء اللون، وهي تتجه نحو البيت الأبيض ، وأطلق السائق بوق سيارته عدة مرات لتنبيه ترامب إلى وصوله، لكن الرئيس الأميركي لم يخرج لاستقبال الضيوف والصحافيين ، وعلق مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي على الفيديو: "استقبال بارد لماكرون"، "ترامب لم يعتبر حتى أنه من الضروري مقابلته"، "لا بروتوكول! "اضطر ماكرون إلى إطلاق بوق سيارته للإشارة إلى وصوله" ، ولكن دون فائدة ، والحليم بالإشارة يفهم !!
*" الكَرعة "- كلمة عراقية تعني ( المرأة بدون الشعر في الرأس )
#كريم_المظفر (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟