|
زقوم كرة القدم الحلقة (9)
الحسان عشاق
روائي وكاتب صحفي
الحوار المتمدن-العدد: 8263 - 2025 / 2 / 24 - 16:11
المحور:
الادب والفن
رحل ابرز لاعب في تاريخ النادي من البرد والجوع ، يقفون دقيقة صمت، ينثرون حول الروح حسرات الندم، دقيقة صمت كل ما يستحقه الذين سرقهم الغياب، ملعون من أفتى بالدقيقة ولم يبتدع أشكال أخرى للترحم على الموتى، لماذا لا تزين صورهم جنبات الملاعب ليبقوا حاضرين في الذاكرة الجماعية ، اللامبالاة نوع من التعذيب الخبيث، الذكرى تفارق الأدهان في رمشة عين، يقفون عند القبر يذرفون عبرات وينصرفون ،أمن المنون وريبها تتوجع ، والدهر ليس بمعتب من يجزع، رحم الله الشاعر أبو ذؤيب الهذلي، الموت بشرف هدية من الله، والذي لا يموت من اجل قضية عادلة أو مواقف إنسانية موته بدون أهمية ،الخالدون في الحياة هم هؤلاء الذين يتركون ورائهم إرثا تنتفع به الأحيال، الحياة والموت طريقة حافلة بالتساؤلات لكنه ارتقاء إلى مرحلة افضل حسب الفلاسفة ،الشغف الكبير بالدنيا دفع الإنسان عبر العصور إلى البحث عن إكسير الحياة، ثمة حكاية تناقلتها الأجيال عن صعوبة الهرب من الموت، أن ثمة رجل اخبره ملاك الموت بيوم ارتقاء روحه، حين اقترب اليوم الموعود أراد التملص من قبضة الموت، ركض بدون اتجاه إلى أن خارت قواه،ظهر أمامه حصان نافق، اخرج الأحشاء واختبأ، أدركه الموت داخل الجيفة،يمكن أن تهرب، وتهرب، لكن ليس بمقدورك الهرب من المصير المحتوم. النادي بدون أرشيف، من لا تاريخ له لا حاضر له، الذاكرة الجماعية غيمة تائهة في الصدور ، الجماهير المحبة تلوك بقايا من رذاذ الهلوسات، مات اللاعب بويزمان في الزقاق هربا من ضجيج النفاق، هربا من رائحة الأجساد النتنة ، شاهدوه يشتكي ضيق ذات اليد، متشردا ينام في العراء، يستعطي بعض الدراهم، لا قيمة للكلمات في جموع المتملقين والمنبطحين، مات الرجل ولا رسالة وداع في ربيع النبض، ماذا تنفع دقيقة صمت، وحتى صلاة الغائب، غاب الاسم الذي نشر الفرحة في الأفئدة لسنوات طوال، حمل الفريق فوق الأكتاف وصنع له اسما وسط أعتى الفرق في خريطة الوطن المتنكر لحماته وصناع الفرجة، الصافرة تزف رحلة العمر إلى المجد والشهرة، التقطت العدسات صورا للوافد الجديد على النادي المنافس على الصدارة ، المباراة حماسية ،يركل الجلدة المنفوخة بالهواء بالقوة الكامنة في الأرحل، يراوغ بأناقة ،ينسل بسهولة، يوزع الكرة بشكل موزون وبدقة متناهية ، يأتي صوت المعلق الرياضي عبر المذياع، مستمتعا باللوحات الفنية، مشجعا، فرحا، اللاعب الهداف جوهرة حقيقية، مراوغات ذكية تحبس الأنفاس، الآذان مشدودة إلى الثرثرة القادمة عبر الأثير، بويزمان لاعب موهوب سيفرض اسمه في عالم المستديرة، التقطته عدسات السماسرة، ألحقوه بالفريق العسكري،لم يقسم يوما براس القادة، ولم يقدم الولاء للضابط الأعلى رتبة أو غيره، طائر يعشق الحرية، يعشق التحليق في السماء الواسعة بدون موانع ،بعيدا عن السنة الدخان، الصوت مخنوق في الحنجرة، الاختيار لم يكن موفقا، ارتمى في لحظات ضعف في أحضان اللهو والعربدة ،سحبوه من الخمارات عشرات المرات، عاد إلى المدينة المنكوبة يحمل جرثومة التمرد والعصيان للأوامر، يطوف الأزقة والشوارع، يدخن بشراهة لفافات التبغ ،يكرع كؤوس الخمر الرديء لمقارعة قسوة الزمن، يحمل الجرح بين الضلوع معانقا اللعنة الأبدية ،صار منبوذا يحاور الأشباح زاحفا نحو السراب،عشرون عاما يموت واقفا أمام جمعية قدماء اللاعبين التي تتاجر باسم من بنوا الفريق ،رحلة الشهيق والزفير أدركته في يوم صيفي حار ،وجوده ميتا في الشارع الرئيسي،رقن اسمه في سجلات الموتى، مجرد ورقة محروقة في الهواء ، تجاعيد النفاق المر منقوشة فوق السحنات، الصورة ممهورة بحقارة النسيان، رحل الرعيل الأول والثاني ولا احد يبالي، ما تبقى يمضغون أوراق الخريف في حسرة، في الأفئدة يركض نبض التأسف وينفجر في الشرايين.
- مات بويزمان - رحمة الله عليه - المكتب غير الشرعي تنكر لقدماء اللاعبين - لاعب كبير افضل من حمل رقم عشرة في تاريخ النادي
لحظة التأبين مجرد غرغرة في أفواه المرابين ،النادي يزحف نحو المجهول ولحظة التشييع على بعد خطوتين ،ينام مع الأماني ويصحو على الهزيمة، الزقوم يضع اليد على مفاتيح المؤسسة الكروية، حسن القلالي يحتاج إلى منبطح، طيع، سهل الاستعمال، مطرقة تضرب ولا تبالي، ضج الشارع بالهتافات والتذمر، لكنها هتافات تسقط في الفراغ،لم يبق أمام الجماهير سوى مواسم النحيب، كل الطرقات تؤدي إلى شيفرات الخيبات ،الجماجم التي ترفض الإذلال تستعد للرحيل ،رحل اغلب اللاعبين الذين احسوا بالحقارة والغبن، الناطق الرسمي باسم الهزائم أدركته قذائف طائشة في مواقع التواصل الاجتماعي وانسحب في هدوء ،الريح اشد فتكا قادرة على تعرية المسكوت عنه، مرق الكلمات المدجنة وجبة مذمومة في جرائد الوطن ،السوط الحر يلسع الظهور المنبطحة ،أبجدية الحرية تاهت في قراءة شعارات التيئيس، القوارض تعبث في الملعب ،تقرض السجلات وفواتير المقتنيات ،الطفل القابع في المخيلات احجم عن الولوج إلى صراط الإحماء ،الانتساب إلى الفئات الصغرى و الشبان يحتاج إلى شفيع، الموهبة في المرتبة الخامسة في سلم الاختيارات،الزقوم يستذكر تاريخه الموشوم بالهزيمة، الصفعة لا تزال حارة على الخد، صوت المدرب يلعلع في الدماغ ،ابحث عن هواية أخرى غير الكرة، يرمي القميص ويبصق في اتجاه الملعب ،الانتقام يتسكع في الأشلاء، دخل بيت الانبطاح بأغلال الحرمان،لم يحاور الانتصار ولا مرة، باحثا عن قيمته المغتصبة مند أربعة عقود، حاملا نعش طفل ولد فاشلا في مداعبة الجلدة المنفوخة بالهواء، وفي الجعبة أمنيات يابسة، مخلفات كبوات السنين ، عيون تلطم وجه الصباحات بصفعات الغدر، تمسكن حتى تتمكن، نصيحة عضو راسخ في تقبيل الأيادي ،الفرصة مواتية للتقرب من الفتى المدلل للسلطة ،غامر بصهيل تسلق الحنجرة، النصحية أثمرت حوارا مطولا، حسن القلالي متفهم لمطالب الباحثين عن كسرة خبز مغمسة بالذل، الأحلام العراض تستيقظ من تحت الركام ، ابصم بالعشرة انه قادر على قمع الأصوات المناوئة وطمس الهتافات المنادية بالخلاص ، لجنة الاختيارات تطلق شخيرها ،اللائحة النهاية تفوح منها رائحة الخيانة ،أطفال في عمر الزهور حملوا الجرح وغاصوا في الضياع، الزخات الربيعية أخلفت الموعد ،الرغبة في لعب الكرة والانتساب إلى النادي حلم أجهض ،الحلم ممنوع من الصرف في مؤسسة مغتصبة من قبل الغرباء ،النجاح وسط الفاشلين شتيمة ،مؤشر الساعة يدور حول الخيبات، المدرسة لم تعد تنجب سوى الفاشلين ،عقد ونصف العقد غابت المواهب، لاعب شاخ في الملاعب، اغرورقت عيناه بالدموع، شهقة تنتفض في المخلية المرصعة بالإنجازات ،يستلقي فوق الركب يمضغ في حسرة حبات الفجيعة، النادي حظيرة تنقصها الحيوانات، المكاتب والمباني والملاعب والمال الوفير لا يبني فريقا متماسكا ،غاب الهدف والعزيمة، الأموال الوفيرة تعلم النهب والاختلاس ، كل الجهات تجر إلى الخلف، الرداءة والاستعطاء والضجيج نبوءات راسخة، مواهب بالجملة تتلاشى في وحل السؤال، الطريق الوحيد للفكاك من الإهمال يكمن في الرحيل، جيوش التابعين يطلقون شعارات مثخنة بالمسكنة والتملق ،يتعثر المحب للفريق في الكثبان الرملية والريح ،عابرون في غبار الوهم، أبواب النجاح مغلقة بالضبة والمفتاح، الأمس افضل من الحاضر. البرنامج الوطني القدم الذهبي المتخصص في اكتشاف المواهب، وجد بالمدينة المغتصبة والمزكومة برائحة الفشل مواهب في جميع الفئات تحتاج إلى الصقل والرعاية اللازمة ،الدعوات لم تشمل جميع الأحياء، اللجنة الفضفاضة اختيرت على عجل ،محمد جرتيلة ديكتاتور النادي أعطى التعليمات ، كثرة الأعين تثير التساؤلات المدفونة في دفاتر العشق ،الاختبارات لم تشمل سوى بضعة أسماء ،ضاجعت أحلام الغد بأحلام مبسترة، إدريس كيدار والطاهر بلكوخ و بوجمعة بولخواض يركضون في كل الاتجاهات لتوضيب المسرحية السمجة ،عبدو الخنبري يراقب المهزلة عن بعد ،قتل المواهب مع سبق الإصرار والتجني الغاية المنشودة ،استدراج الأحرار إلى سقيفة النحيب، رئيسة جمعية نسائية تضع اليد على كل مغالق ومخارج البرنامج، تتمتم بأسطر من خطابات تغرق في العبث ،النادي حقل تجارب، المباريات التجريبية لم تكن موفقة، الاختيارات تقذف أطفالا في عمر الزهور إلى الشارع، تعصف ببدايات لم تبدأ بعد، عصافير الدوري لم تطلق أجنحتها لتعلن في فرح رقصة الخطوات الأولى لإعلان الوجود ،لا صوت يعلو فوق صوت الحيزبون،الأنخاب ترفع في فضاءات الهزيمة باسم كبوة التجربة .
- من أعطى هذه الغريبة عن الكرة والمتاجرة بالاحواض الحق في اختيار المواهب - تجار الفشل و الوهم - انهم يقتلون كل شيئ ، يقتلون الحاضر والمستقبل - الغرباء يتصرفون دائما كالمستعمر يحارب التنوير ، لان التنوير يهدد مستقبل وجوده، وكذلك الأمر في الأندية الرياضية وفي جميع مناحي الحياة - تبا ...الزبونية والمحسوبية أخطبوط ينخر المجتمع.
ضجيج الأطفال المغضوب عليهم يداعب في قسوة الجماجم،الدوريات الرمضانية اكثر فرجة وإمتاعا وتنظيما، المكتب غير الشرعي لا يعرف مطاردة المواهب، الأعضاء منشغلون بعقد الصفقات المربحة مع العجزة والمتلاشيات،الجماهير الغفيرة تحج للملاعب المتربة قبل ساعات الإفطار ،الحكم يرتب دقات ساعته المتوقفة،الملعب مزخرف بالجير الأبيض،الزوايا الأربع تحتضن رايات ممزقة، الشباك مرقعة، الأعمدة الحديدية طلع عليها الصدأ ،السيارة الموشومة تقف على بعد أمتار، الشغب ممنوع ،قوافل الفرح تدغدغ الأشلاء، التصفيقات والصرخات تملئ المكان،بعض المتفرجين تسلقوا الأشجار وسور الملعب واسطح المنازل، المباراة تغري بالمتابعة،الفرق تشرب الأحلام في عز رمضان، هدية الفائزين بالدوري الرمضاني خروف وبضعة قمصان، اللجنة المنظمة تطرق أبواب المسؤولين بحثا عن الدعم، الاستجابة شحيحة الكل يتحجج بالأزمة الخانقة وارتفاع تكاليف الحياة، في الماضي البعيد يتكلف الفريق المنظم بالطواف بالصينية على التجار والباعة ودور الأثرياء والفقراء، القميص يتوسط الصينية التي تعد رمزا لتجمع الأحباب ،تشجيع الرياضة حاضر في الأذهان ، تجمع مبالغ قيمة ،العملية تطوعية تختبر التلاحم الشعبي القوي ،الأحذية المطاطية في متناول الجميع ،تعرق في الأرحل وتنفث رائحة مغثية ،الروح الرياضية عالية ،ابتسامات رغم الكدمات و الرضوض ، ترتفع بين الفينة والأخرى حرارة التصادم، تفرقع الكلمات النابية، الحكم كبش المحرقة، تنتزع منه المهابة في لحظات تراشق ،الحكم متواطئ مع الطرف الرابح، تجتمع فيه الشرور والمقالب، الخيانة تنبع من الصافرة ، الاحتجاج يوقظ مخالب القطيع ،التأثر يفترس الرزانة، الأحجار ترجم الحكم واللاعبين، الرجم لا يستثني أحدا، أجساد خائفة تركض في كل الاتجاهات، الغضب يرفس الأخضر واليابس ،الشغب لا يرضى بالهزيمة، لا يعترف بالخصم الأقوى، بحاجة دائمة إلى من يخاصمهم، يعود الهدوء إلى الملعب بعد كر وفر، بعضهم غادر المكان متذمرا، آخرون يعلقون الابتسامات فوق الشباه، يتطاير الغبار وتعلو الصرخات ،الأقدام تخط آيات الحلم ،لاعب يضمد جراحه بخرقة بالية، يرش جرح الرجل اليمنى بالتراب،لا وقت للاستسلام ورفع الراية البيضاء ،ثغاء الخروف يطن في الآذان ،في بضعة سنين اصبح الدوري الرمضاني تقليد سنوي، تمخض عن الدوري الواحد دوريات، وبدل دزينة فرق اصبح للمدينة مئات الفرق تتبارى في الأحياء،شباب يحلمون بمعانقة الشهرة، بمعانقة الثروة والجاه ،كل يحمل حلمه بين الضلوع ويطرق أبواب النادي المغتصب من شرذمة الغرباء ، شباب تخنقهم العبرات ،يكنسون إلى الشارع من غرفة الاختيار ،في الصوت تجريح وإهانة ترسم الأبعاد بين لهاثه ، المدينة عاقر لم تعد تنجب المواهب،عقد ونصف العقد والنادي يحتضن مواسم الهزائم، مطرب الحي لا يطرب.
- لدينا ما كيفي من اللاعبين - نحتاج إلى فرصة - لا وقت لدينا لتجريب جميع من طرق الباب ابحث عن نادي آخر - حسنا
الابتسامة تكتب في ملاعب ناقصة التجهيز ،الرعيل الأول والثاني الذي رفع من شان النادي مروا من الملاعب العارية من كل شيئ ،افضل الحراس واللاعبين أنجبتهم ملاعب الأحياء ،النادي عاهرة تحت رحمة لقطاء الشارع ،لا كلام يروي الظمأ من عطش الضربات ،الزقوم يغوص وحيدا في كؤوس تجيش باعين الحيتان،( دع المساجد للعباد تسكنها * وطف بنا حول خمار ليسقينا ، ما قال ربك ويل للذين سكروا * ولكنه قال ويل للمصلينا) ، أبو نواس شاعر المجون والعربدة حاضر في مخيلة الزقوم، السماء لا تمطر سعادة ولا نجوم تضيء طريقه، ينفخ في هالات الدخان المتصاعد من اللفافة،يحتاج إلى شخص ليبادله أطراف الحديث، برميل الغائط صورة مصغرة من صباه المأزوم، يرمق في المائدة المجاورة لاعب سابق منخرط فتح اسطوانة حنجرته يثرثر مع ندماء، يتمايلون، يرقصون على نغمات وكلمات صوت مغني شعبي، أغنيات رددتها جماجم غارقة في البحث عن النسيان ،يبحثون عن اسم بين السكارى ، لاشيء في المدينة غير الإدمان، من افلت من فخ المخدرات سقط في مصيدة الخمر، ومن افلت من كليهما يصاب بالجنون ،كل يوم يشاهد نفس الوجوه متكورة على الزجاجات، وجوه تزحف نحو نعوشهم في استسلام، نفس المواضيع تجتر في بلادة، يقف يوميا في منتصف الوجع ،بالأمس أهداه حسن القلالي زجاجة خمر فاخرة ،مضى في رقصة فرحا بالهدية الثمينة، جلس في المقهى يتلمظ المشروب الروحي القوي،استدعى الحارس السابق لجلسة خمرية لبى النداء بدون تردد،سكير يستعجل سكير ،أكلا من طاجين السمك حتى الشبع ،ظل الحارس القديم يستعرض تاريخا قديما يمتد لخمسة عقود، استحضر أسماء غيبها الموت،تحدث عن وقائع منسية، عن الفرحة والترحة، لم يتوقف عن النفخ في رماد الماضي، صمت كثيرا عن الكلام المباح ،ظل يبحلق في الزجاجات الفارغة،تحدث بأسف عن لاعب موهوب ، وافته المنية داخل الملعب، مباراة النهاية من الدوري الرمضاني جلبت جماهير غفيرة، الفرجة مضمونة، في الشوط الأول اظهر علو كعبه في المراوغات والتمريرات، التموقع الجيد في رقعة الملعب، استعادة الكرة بمهارات فنية رائعة، الشاب مطلوب في النادي،رصدته عيون المنقبين الذين انقرضوا وحل محلهم السماسرة الذين يتحكمون في اللاعبين وفي الأندية المستباحة ،في الشوط الثاني ركض خلف الكرة بسرعة فائقة،توقف فجأة كان قوة خفية شلت فيه الحركة، نظر إلى السماء، سقط مغشيا عليه بدون حراك، الخوف اربك الحسابات،افرغ الملعب عن آخره في رمشة عين ، لم يبق سوى بضعة رؤوس ،الاستغاثة جاءت متأخرة ،جوقة المتحلقين ترفع آذان الموت ،حضرت سيارة الإسعاف وحملوه إلى المشرحة، مات الشاب بسكتة قلبية ،سجلوه فقيدا في سجلات كرة القدم، الحادث الأليم طاف على جميع الأحياء ،يستحضر في كل رمضان، دخل بعد سنين ذاكرة النسيان، يسكب آخر كاس من الزجاجة الرابعة،الزقوم يلتقط تجاعيد الذكريات الملقاة على وجه مخضب بالهزائم، الحارس مندور شيعه بنظرة خاطفة خمن أن الزقوم يريد استغلاله في صراع مع المكتب غير الشرعي، طموحه اكبر من العمل الإداري، المقهى شبه فارغة من الزبائن، عاهرات وقوادين انسحبوا مند ساعات، الباحثين عن اللذة يبرمون الاتفاقات في العلية بعيدا عن اعين المخبرين و الوشاة ، لا تكفي الإتاوات لإبعاد حماة القانون، الطمع يدفع لطلب المزيد، شاهد سكيرا يترنح يتبول على حائط المخفر،اطلق قهقهات عالية وسكب في الجوف كاسا دافئا، التقط باليد حبات من الحمص المطهو في الماء من الصحن ودفعها في الفم ،راح يمضغ ويهرش الرأس، العيون مثبتة على الزجاجات المليئة بالسائل الأسود،زجاجات ترتاح في صندوق بلاستيكي،تاهت أبجديات الاستدراج في متاهات الرفض،رائحة التبغ تغلف المكان،بقايا طاجين السمك تلتهمه القطط ،دخن سيجارة و غادر المقهى ،وحيدا يمشي متكئا على الحائط،راقبه يعبر الشارع مترنحا، السماء متجهمة تمطر طلقات فاشلة، الريح ترج الأشجار والنوافذ .كلمات الحارس القديم لا تزال تعبث في المخيلة، الظلام ينشر عباءته على المدينة المغتصبة، أضواء المصابيح خافتة،تحت الإبط أحلام ممهورة بالمستقبل الزاهر، الفجر حتما سيشق دربه إلى النادي المتسكع في المفترقات ،سيهطل الوقت ربيعا على الأشلاء المتفسخة،فالجماجم سئمت من الوعود و أثخنت بكثرة الهزائم ،لصوص الشعب سدوا منافذ العبور ،لكل شيئ نهاية و الضغط يولد الانفجار.
- النادي فقد فريقه وإشعاعه مند سنوات -لابد من حل أسي مندور - الحل في تحرك الجماهير والمحبين - لا ثقة في احد… القلالي اشترى صمت وولاء الجميع - انتظروا حلا من السماء
المباراة تزحف نحو التعادل السلبي، الجماهير القليلة غاضبة من أداء الفريق المهلهل، تضييع الفرص السانحة للتسجيل يرفع معدلات الغضب، المطالبة برحيل المكتب غير الشرعي يعود بقوة ،لعبة شد الحبل بين الحرس القديم واتباع القلالي تثير المخاوف، مخاوف لا تخص الفريق المنحدر إلى قسم الهواة، الخوف من جفاف مصادر العليق،المصاريف اكثر من المداخيل، الناطق الرسمي باسم التلميع حميد محطوط لا يزال يثرثر يلف الحبل على عنق الكلمات،برميل الغائط يطوف على المدرجات يحرض ضاربا الطبل ونافخ المزمار على رفع الشعارات المناوئة ،دون الاتباع اهتزازات تحت الأقدام ،الفتى المدلل للسلطة ينصح بالتزام الصمت، خبر جميع محاولات الانقلاب،يسمع تهديدات الجماهير والمناوئين، ترعد ولا تمطر ،لم يحن الوقت بعد لرفع الراية البيضاء.
#الحسان_عشاق (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
زقوم كرة القدم الحلقة ( 8)
-
زقوم كرة القدم الحلقة (7)
-
زقوم كرة القدم الحلقة ( 6)
-
زقوم كرة القدم الحلقة ( 5)
-
زقوم كرة القدم الحلقة4
-
زقوم كرة القدم الحلقة ( 3 )
-
زقوم كرة القدم (الحلقة2 )
-
زقوم كرة القدم
-
يوميات الكابران لمساسكي
-
الرئيس ميغول واعوانه
-
مدير الفضايح... وحمادي الدحش
-
رواية ( ارقص... انت في المسلخ)
-
كتيبة الاعدام
-
الرقيع في بلاد الصقيع
-
الرقيع في ليلة الزفاف
-
الرقيع والمراة
-
المشبوح والصحراوي والملتحي
-
القرصان والجريدة
-
الرقيع في مقهى الربيع
-
المشبوح والكرسي
المزيد.....
-
تحقيق فرنسي يستهدف الممثل جيرار دوبارديو بشأن -مقر ضريبي وهم
...
-
اتحاد الأدباء يحتفي بعبد الملك نوري وفؤاد التكرلي..
-
الكتاب الإلكتروني والنشر الذاتي.. هل يدقان المسمار الأخير في
...
-
مؤتمر الحوار الوطني السوري .. انتقادات للاستعجال وضعف التمثي
...
-
فيلم يوثق زيارة مراسل إسرائيلي إلى دمشق يُعرض الليلة وسط موج
...
-
أبوظبي تحتضن مهرجان -صنع في روسيا- لتعريف الزوار بالثقافة وا
...
-
جوائز السينما كانت خارج التوقعات.. الفائزون بجوائز نقابة ممث
...
-
-صناعة الأفلام- أسلوب مبتكر لتعليم اللغة العربية للناطقين بغ
...
-
فيلم -يونان- لأمير فخر الدين: رحلة كاتب مغترب في البحث عن ال
...
-
غارديان: كتاب عمر العقاد يفضح القيم الأخلاقية الغربية وصمتها
...
المزيد.....
-
نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر
...
/ د. سناء الشعلان
-
أدركها النسيان
/ سناء شعلان
-
مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111
/ مصطفى رمضاني
-
جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
رضاب سام
/ سجاد حسن عواد
-
اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110
/ وردة عطابي - إشراق عماري
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
المزيد.....
|