أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد علي مقلد - لماذا نحن في أزمة ممتدة؟














المزيد.....


لماذا نحن في أزمة ممتدة؟


محمد علي مقلد
(Mokaled Mohamad Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 8263 - 2025 / 2 / 24 - 09:27
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الأزمة في اللغة تعني الشدة والسنة المجدبة والضيق. فأية أزمة نعني إذا أردنا أن نتناول أزمة المجتمع العربي؟ قرنان متواصلان، أو أكثر، من السنين المجدبة والضيق والشدة، وليست الانفراجات بين فصولها إلا تمويهاً على الحقيقة. بدأت بإخفاقات متكررة في العثور على سبيل للدخول في حضارة العصر الحديث، أي في الحضارة الرأسمالية. بهذا المعنى، هي لم تبدأ بنكبة فلسطين أو سايكس بيكو ولا بالاجتياح الأمريكي للعراق، ولا هي انتهت بحربي الطوفان والإسناد، بل مع الاجتياح الرأسمالي للمنطقة العربية ولكل بلدان ما سمي فيما بعد بالعالم الثالث، أي بغزو نابليون لمصر ثم بالصراع على تركة الرجل المريض، أي السلطنة العثمانية.
منذ ذاك التاريخ عرضت الحضارة الرأسمالية على البشرية الدخول في النهضة والحداثة، وحاول النموذج الغربي أن يعمم نفسه على أوروبا، أولا ثم على سائر الكرة الأرضية (إجتياح نابليون لأوروبا ومن بعدها محاولات السيطرة المباشرة ،كالاستعمار و الانتداب ، وغير المباشرة ، بعد مرحلة الاستقلال الوطني).
هذا التعميم لا يلغي خصوصيات كل مرحلة من المراحل، لكنه يؤكد على عنصر ثابت في طريقة التعامل العربي مع تحديات الرأسمالية وآليات توسعها، من علاماته:
1- الانكفاء على الذات، وقد أدى هذا الانكفاء إلى التحصن بآليات حضارة هرمة هي حضارة عصر الاقطاع التي كانت تجسدها في منطقتنا خير تجسيد السلطنة العثمانية بنظامها السياسي الاقتصادي الثقافي .
طرحت الحضارة الجديدة على الشرق العربي وعلى الكرة الأرضية امكانية اعتماد نظام جديد قوامه الديمقراطية في السياسة، والعمل المأجور في الاقتصاد، تعميم المدرسة ومحو الأمية، الجامعة بدل الجامع والعلم بدل الأسطورة في الثقافة. أدت عقلية الانكماش إلى نشوء الأصوليات وتمسكها بالماضي وقيمه على حساب كل محاولات التطور.
الاعتقاد الذي يشبه اليقين بأن أسباب التخلف تقتصر حصراً على النزعة الاستعمارية الغربية، ما أدى إلى ترسخ مبدأين خاطئين في مواجهة تحديات الحداثة: الأول تغييب الأسباب البنيوية التي أدت إلى شيخوخة الحضارة العربية وانكفائها عن مسرح التاريخ منذ مطلع الألفية الثانية، وانهيارها أمام الصليبيين والمغول والتتار والمماليك والعثمانيين، أي قبل الغزو الغربي بثمانماية عام.
والثاني رسوخ نظرية المؤامرة، أي تحميل المسؤولية للعوامل الخارجية، وبالتالي تبرئة مسبقة لعوامل الخلل الداخلي، الأمر الذي مكن الممسكين بالسلطة ، على مدار التاريخ العربي الحديث، من توظيف كل الأحداث في صالح تأبيد النظم الحاكمة ضد أية محاولة للتغيير .
2- تعميم وعي ثقافي يقوم على "ثنائيات مغلوطة"، بحسب تعبير محمد عابد الجابري، تلغي كل إمكانات الابتكار وتقتل كل فكر نقدي، وقد تجسد ذلك في صراع محموم بين الأصالة والحداثة، أو بين التراث والمعاصرة، فصار كل جديد مرادفاً للخيانة الوطنية والعمالة للاستعمار، من العلمنة والديمقراطية حتى الأزياء وتعلم اللغات الأجنبية، وليس أفضل تجسيداً لهذه العقلية اليوم من الثنائية التي فرضت على الشعوب العربية ووضعتها أمام خيارين، إما الاستبداد أو الاحتلال، وجعلت النضال في سبيل الديمقراطية موضع ريبة بحجة أنها سليلة الرأسمالية وآلياتها المتوحشة.
3- تعميم وعي قومي يوظف في التعبئة ضد عدو خارجي أكثر من توظيفه عوامل اللقاء الداخلي ،فلم تكن الوحدة العربية حاجة داخلية لتطور الأمة وتعزيز عوامل قوتها بقدر ما كانت حاجة لمواجهة عدو خارجي متمثل دوماً بالاستعمار والصهيونية و"عملائهما" من القوى الرجعية، الأمر الذي جعلها تنحو منحى شوفينياً تعصبياً، فتغيب عن برامجها خطط التطوير الداخلي والتعاون والتضامن والتكامل.
4- تعميم وعي ميثولوجي يجافي المناهج العلمية ويتعامل مع تحديات الواقع بصفتها تمهيداً للموقعة الكبرى المؤجلة دوماً، تماماً مثلما هي الحياة الدنيا، في الفكر الديني، تمهيد للحياة الآخرة. لذلك ترفع رايات النصر في أعقاب الهزائم، وتنحر الخراف للقائد المهزوم، كأننا في عصر طقوس العبادة الوثنية.
5- تعميم سلوك في الإصلاح الديني وفي الإصلاح السياسي جعل العودة إلى التاريخ عودة مغلوطة، والدخول في التاريخ الحديث دخولاً مغلوطاً هو الآخر. لقد آن، بعد كل الذي حل بالأمة من نكبات، وبعد كل المتغيرات في العالم، أن تستيقظ النخب الثقافية والأحزاب من غفوة الماضي وتستأنف نهضة موؤودة، وتعيد قراءة الماضي بعين نقدية لتعرف أن المخاطر الداخلية أشد فتكا من المخاطر الخارجية، وأن إعطاء الأولوية للسلطة على الدولة ليس خطأ عابراً، بل خطيئة كبرى تحدرت منها كل الصراعات والمعارك الجانبية.

أعدّت هذه المقالة كمحاولة لتفسير نكباتنا وهزائمنا، وآخرها الطوفان والإسناد، ولتكون بمثابة مقدمة لمقالتين سنتناول فيهما قراءة أمين معلوف في كتابه الأخير، متاهة الضائعين.



#محمد_علي_مقلد (هاشتاغ)       Mokaled_Mohamad_Ali#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رفيق الحريري ومشهد 2025
- نحو بناء دولة القانون والمؤسسات
- الكورد، مشكلة أم قضية
- الهزيمة ليست عيباً العيب ألا نتعلم من الهزيمة
- رئيسان من نتاج الثورة
- الاستقلال الخامس والنهائي للبنان
- الممانعة والمحور
- لا يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون ماهية الدولة
- سقوط الطغيان والتحرر الوطني
- المتضررون من النصر
- نعم انتصرنا
- هل يكتب التاريخ الحديث بمصطلحات طائفية؟
- جامعة الأمة العربية ومحكمة العدل الشعبية
- نقول لحزب الله ما اعتدنا على قوله
- الإذعان بعد فوات الأوان
- اليسار والإسلاميون
- برّي: فرصة واشنطن الأخيرة
- الصهيونية وتحولاتها
- صناع الحروب يخطئون وقرّاؤها أيضاً
- طوفان عيوب في حرب الإسناد


المزيد.....




- برلماني أردني عن الملك: تهجير الفلسطينيين إلى الأردن يعني ان ...
- لماذا تنشر إسرائيل دبابات في الضفة الغربية؟.. مراسل CNN يشرح ...
- إسرائيل ترسل دبابات إلى الضفة الغربية لأول مرة منذ 20 عامًا. ...
- البابا فرنسيس يعاني من الالتهاب الرئوي الثنائي، فما هو هذا ا ...
- مظاهرة أمام مقر -ميرسك- في كوبنهاغن واتهامات للشركة بنقل معد ...
- العرب وإسرائيل في ذكرى اتفاقية رودوس: تحولات وتحديات
- ميرتس يسعى لفك الارتباط العسكري الألماني بواشنطن .. فهل ينجح ...
- مشروع اتفاقية المعادن: أوكرانيا ستحول نصف عائداتها إلى صندوق ...
- العالم المصري يرد على التشهير به.. زاهي حواس ينفي تعرض تمثال ...
- كوريا الجنوبية تلغي قيودا مفروضة على إرسال معدات طبية إلى رو ...


المزيد.....

- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد علي مقلد - لماذا نحن في أزمة ممتدة؟