أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فراس الوائلي - العراقُ… سفرُ الخلودِ في صحائفِ الزمن














المزيد.....


العراقُ… سفرُ الخلودِ في صحائفِ الزمن


فراس الوائلي

الحوار المتمدن-العدد: 8262 - 2025 / 2 / 23 - 19:50
المحور: الادب والفن
    


العراقُ… حيثُ ابتدأَ الكونُ نبضتْ الأرضُ بحروفِها الأولى، فكانتْ سومرُ يقظةَ الطينِ حينَ عَمدَ الأنانوكي ملامحَ الإنسانِ بماءِ الفرات. هناك، عندَ فجرِ الحكايات، انبثقتِ الأبجديةُ كنورٍ من غياهبِ العدم، وسارَ الحرفُ بينَ جدرانِ الوركاءِ، يروي للبشرِ وصايا الخلقِ الأولى. من هنا، خطّتْ يدُ الإنسانِ عهدَهُ الأزليَّ على ألواحِ الطينِ، فصارَ النصُّ أقدسَ من الملوك، وصارتِ الكلمةُ مرآةً للسماء.

حينَ أشرقتْ بابلُ، تعالتْ صروحُ المجدِ على كتفِ الأبد، ونطقَ الزمانُ بحكمةِ حمورابي، فاستوى العدلُ على مسلةِ النارِ والطين. هنا، كُسرتْ الأختامُ على أبوابِ المعابدِ، فسالَ الحرفُ نهرًا، يروي ظمأَ العصور. في ظلِّ الجنائنِ المعلقةِ، حيثُ كانَ الإنسانُ شاهقًا كالنخلةِ، نقشتِ الشمسُ أسرارَها على بواباتِ الأبد، وصارتْ الكلمةُ مملكةً لا تهرم.

في آشورَ، حينَ احتدمتِ العواصفُ في عروقِ الرافدين، رفرفتْ راياتُ العزِّ فوقَ نينوى، وكانتِ الحروفُ تنزفُ على جدرانِ القلاع، تسجّلُ انتصارَ المجدِ على الغبار. هناكَ، في قلبِ السيوفِ المسلولةِ، تجلّى نقشُ الملوكِ في قصرِ سرجون، وظلَّ الزمنُ واقفًا عندَ مشكاةِ نبوءاتِ الكهنة، حيثُ سُطِّرتْ أعمدةُ الحضارةِ بحبرٍ لا يبهت.

وحينَ تعاقبتِ الحقبُ، وسارَ التاريخُ بخطاهُ الثقيلة، كانَ العراقُ مرآةً تعكسُ وجوهَ العصور، من أضواءِ المأمونِ في بغدادَ الزاهرة، حيثُ ترجمتِ الحكمةُ في بطونِ الكتب، إلى صليلِ الأسلحةِ في معاركِ الفتحِ والجلادِ، حينَ كانَ الفرسانُ يكتبونَ النصرَ على صدورِ السيوف.

وإذْ دخلَ الزمنُ في محبرةِ الحداثةِ، ظلَّ العراقُ قِبلةً للفكرِ، محجةً للنورِ، من ثوراتِ الأدباءِ إلى ملاحمِ الشهداءِ، لم يبرحْ مجدُهُ الضفافَ، ولم تنطفئْ نارهُ في لجّةِ الخراب. فكلّما احتدمتِ النكباتُ، عادَ لينقشَ اسمهُ في دفترِ الخلود، كأنَّ الدهرَ يسيرُ على خطاه، لا يتجاوزُهُ إلا ليعودَ إليه.

العراقُ… الاسمُ الذي يمتدُّ من طينِ الأزلِ إلى مشكاةِ الأبد، حينَ يسقطُ، ينهضُ، وحينَ يصمتُ، ينطقُ بصوتِ الأجيال. هو سفرُ الزمنِ المفتوحُ على الأبدية، كلَّما اغتربَ عن مجدهِ، استدعاهُ التاريخُ ليكونَ شاهدًا على أنَّ الخلودَ لا يُكتبُ إلا بحروفِ العراق.



#فراس_الوائلي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نجمة قلبي
- قراءة نقدية لنص “أرجوحة الحلم” للشاعرة فاطمة عبدالله - السوي ...
- بغدادُ.. الحلمُ الذي لا يشيخ
- أفاتار
- قراءة نقدية/ بقلم الناقدة القديرة فاطمة عبدالله/ لنص - قصة ح ...
- حدائق الغيوب
- المدار المحرم
- إنكي
- احتراقٌ لا يُرى
- الغراب
- قصة حب في جزر البهاما
- تصوف
- صفراء هي الشمس، خضراء عند المغيب تكون
- المطر
- دراسة نقدية لنص: “أنا لست شاعراً” / بقلم فراس الوائلي
- ملحمة الأرواح العابرة
- الفجر المضيء
- دراسة نقدية/ النص: هضاب الذاكرة/ بقلم فراس الوائلي
- نداء النار
- ليليث


المزيد.....




- الرئيس بارزاني يستقبل رئيس مؤسسة المدى للإعلام والثقافة والف ...
- لماذا تلهم -تفاهة الشّر- سوريّي اليوم؟
- كنز العراق التاريخي.. ذاكرة وطن في مهب الريح بين بغداد وواشن ...
- مهرجان -ربيع ماسلينيتسا- في مسقط: احتفاء بالثقافة الروسية
- مشاركة الممثلين عن قائد الثورة الاسلامية في مراسم التشييع
- ماتفيينكو تدعو إلى تجديد النخبة الثقافية الروسية بتضمينها أص ...
- جدل حول مزاد للوحات الفنية بواسطة الذكاء الاصطناعي ومخاوف من ...
- توغل بفن الراب والثورة في -فن الشارع- لسيد عبد الحميد
- -أحلام (حب الجنس)- يفوز بجائزة الدب الذهبي في مهرجان برلين ا ...
- رحيل الشاعرة السورية مها بيرقدار والدة الفنانين يوسف وورد ال ...


المزيد.....

- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فراس الوائلي - العراقُ… سفرُ الخلودِ في صحائفِ الزمن