أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - إكرام فكري - إعادة لحظة البداية














المزيد.....


إعادة لحظة البداية


إكرام فكري

الحوار المتمدن-العدد: 8262 - 2025 / 2 / 23 - 19:49
المحور: كتابات ساخرة
    


هناك لحظة في حياة كل إنسان تجعله يشعر وكأن الكون أخيرًا قرر أن يمنحه فرصته المستحقة، قبل أن يدرك لاحقًا أنه مجرد ضحية لوهم جميل. نسميها "لحظة البداية"، تلك اللحظة المبهرة التي تجعلنا نشعر وكأننا أبطال القصة، قبل أن نكتشف أننا مجرد كومبارس في حبكة لا نتحكم فيها.

نحن مخلوقات درامية بطبيعتنا، لا يكفينا أن نعيش ونمضي، بل نصرّ على تكرار نفس الأخطاء بوجوه جديدة. و نقسم في كل مرة أن "هذه المرة مختلفة"، تمامًا كما يقنع الطفل نفسه بأن الموقد الساخن لن يحرقه هذه المرة، فقط ليكتشف أن التجربة علمته شيئًا واحدًا: أن الألم له نكهات متعددة. نتعامل مع الحياة وكأنها سيناريو فيلم هندي مليء بالمفاجآت والدموع والرقصات الجماعية، ثم نكتشف في النهاية أن البطل الحقيقي هو الحظ، ونحن مجرد متفرجين دفعوا ثمن التذاكر مرارًا وتكرارًا.

لحظة البداية غالبًا ما تكون فخًا نفسيًا محكمًا، مصيدة مغلفة بورق الهدايا اللامع. نعتقد أنها دليل على أن الأمور تسير على ما يرام، بينما هي في الواقع مجرد آلية دفاعية لعقلنا المسكين الذي يحاول إقناعنا بأن الحياة ليست مجرد سلسلة متكررة من النكسات الأنيقة. نحن نشبه مدمني الإثارة الذين يبحثون عن جرعة الحماس الأولى، فنحاول استعادة هذا الشعور كلما تلاشى، ونخدع أنفسنا بأننا قادرون على إعادة تصنيعه، رغم أننا نعلم جيدًا أن النهايات واحدة دائمًا: خيبة أمل بطعم التجربة السابقة، لكن بقالب جديد.

لكن، متى سنفهم أن المشكلة ليست في فقدان "لحظة البداية"، بل في إدماننا عليها؟ متى سنتقبل أن الإثارة الأولى ليست معيار ، بل مجرد "فلاش باك" لحلقات مسلسل من الماضي، حيث نعيد نفس الأخطاء لكن بإضاءة مختلفة؟ الحل ليس في الركض وراء الشرارة الأولى، بل في تقبّل أن الحياة الحقيقية تبدأ بعد أن تنطفئ الأضواء، عندما تصبح الأمور أقل بهرجًا وأكثر واقعية.

بدلاً من أن نلهث وراء البدايات كمدمني الإثارة، ربما حان الوقت لنستمتع بالقصة كما هي، بكل فصولها، حتى وإن كانت النهاية غير سعيدة. ففي النهاية، الحياة ليست فيلمًا، وليس كل مشهد يحتاج إلى موسيقى درامية وإضاءة سينمائية ليكون مهمًا. أحيانًا، مجرد كوب شاي دافئ وقليل من الوعي هو كل ما نحتاجه لنفهم أن الركض وراء البداية الجديدة ليس إلا سباقًا بلا خط نهاية، وأن أجمل لحظات الحياة هي تلك التي لا نبالغ في تحليلها… بل نعيشها كما هي ... و هذه هي المفارقة العبثية التي نقع فيها جميعًا. نقضي ساعات في البحث عن القرار المثالي، نزن الخيارات كأننا في سوق البورصة، ثم نكتشف لاحقًا أن الحياة كانت تسير بشكل عشوائي تمامًا بغض النظر عن كل تلك الحسابات. نؤمن بأننا نتحكم في الأمور، بينما الواقع يسخر منا ويتركنا نلهث وراء أوهام التنظيم.

في النهاية، كل قراراتك اليوم قد تنتهي غدًا بمفاجآت غير متوقعة، وكل التخطيط الدقيق قد يتحول إلى مجرد نكتة يرويها لك المستقبل. فربما السر ليس في البحث عن القرار المثالي، بل في تقبّل أن بعض الفوضى ضرورية… حتى لو كانت مزعجة!



#إكرام_فكري (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المرأة بين الحرية و الاستغلال
- المرأة بين الاستغلال التسويقي وتفكك الأسرة: وهم التحرر أم فخ ...
- عندما تذبل اللذة وتبقى الحقيقة
- حين تذبل اللذة وتبقى الحقيقة
- الماضي الذي لا يتركني
- هواتفي
- الغرائز الطبيعية: ممارستها بانسانية
- الإرث الاستعماري: بين مظاهر التحضر والاستغلال الطبقي
- تحسين النسل بين الماضي والحاضر: من سياسات الاستعمار إلى التع ...
- عندما يصبح الاختيار رحلة لفهم الذات
- العرب والدين: بين النزعة الفردية و وحدة الأمة
- العرب والدين: بين النزعة الفردية و وحدة الأمة
- القوة الموازية في الفرد و المجتمع
- المجهول : الرحلة بين الحياة و الموت
- المجهول: الرحلة ما بين الحياة و الموت
- العشرينات
- عالم التسليع
- الرسم بالكلمات
- الخوارزمي
- بين الزنزانة الفردية و خيانة الحقيقة


المزيد.....




- شاهد كيف سخر كوميدي من محاولة وزارة الزراعة الأمريكية تعيين ...
- انطلاق مهرجانRT الدولي للأفلام الوثائقية
- الرئيس بارزاني يستقبل رئيس مؤسسة المدى للإعلام والثقافة والف ...
- لماذا تلهم -تفاهة الشّر- سوريّي اليوم؟
- كنز العراق التاريخي.. ذاكرة وطن في مهب الريح بين بغداد وواشن ...
- مهرجان -ربيع ماسلينيتسا- في مسقط: احتفاء بالثقافة الروسية
- مشاركة الممثلين عن قائد الثورة الاسلامية في مراسم التشييع
- ماتفيينكو تدعو إلى تجديد النخبة الثقافية الروسية بتضمينها أص ...
- جدل حول مزاد للوحات الفنية بواسطة الذكاء الاصطناعي ومخاوف من ...
- توغل بفن الراب والثورة في -فن الشارع- لسيد عبد الحميد


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - إكرام فكري - إعادة لحظة البداية