أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عبدالباقي عبدالجبار الحيدري - إربيل في مرآة التاريخ والفلسفة: دراسة مقارنة بين ابن المستوفي وابن خلدون















المزيد.....


إربيل في مرآة التاريخ والفلسفة: دراسة مقارنة بين ابن المستوفي وابن خلدون


عبدالباقي عبدالجبار الحيدري

الحوار المتمدن-العدد: 8262 - 2025 / 2 / 23 - 16:13
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


ابن المستوفي (المتوفى 1331م):

ابن المستوفي هو مؤرخ وجغرافي من القرن الرابع عشر، اشتهر بدقته في كتابة تاريخ المدن الإسلامية، بما في ذلك تاريخ إربيل. في كتابه "تاريخ إربل"، قدم تفاصيل دقيقة حول الأحداث السياسية والاجتماعية التي مرت بها المدينة، مع الإشارة إلى المعالم الثقافية والدينية التي كانت تمثل جزءًا من هوية المدينة. كان منهجه يعتمد بشكل أساسي على التوثيق التاريخي للأحداث، حيث كان يسعى لتقديم رواية دقيقة لحياة المدينة اليومية، ولكنه في الوقت ذاته كان يولي اهتمامًا بالغًا بالعوامل الاجتماعية والاقتصادية التي أسهمت في تطور المجتمع الإربيلّي. كان يربط بين التاريخ المعماري للمدينة وظروفها السياسية والاقتصادية، مشيرًا إلى كيف أن الحروب أو الأنظمة الحاكمة أثرت في تحولاتها العمرانية.

ابن خلدون (المتوفى 1406م):

يُعد ابن خلدون مؤسسًا لعلم الاجتماع والفلسفة التاريخية، وله تأثير كبير في دراسة تطور المجتمعات. في مقدمته الشهيرة، قدم مفهوم "العصبية" كعامل رئيسي في بناء الدولة وتطورها. ورغم أنه لم يخصص دراسات مفصلة عن إربيل أو مناطق العراق، فإن مفاهيمه حول تطور الأمم وانهيارها يمكن أن تُطبّق لفهم السياقات الاجتماعية والسياسية التي كانت تؤثر في مدن مثل إربيل. يرى ابن خلدون أن المجتمعات تنمو وتتدهور بناءً على دور العصبية والعوامل الاجتماعية التي تحكمها، وهذا يشمل تطور النظم المعمارية.

الاختلافات بين ابن المستوفي وابن خلدون:

منهجية ابن المستوفي كانت تاريخية وواقعية، حيث كان يسعى إلى توثيق الأحداث التاريخية بدقة، مركّزًا على إربيل كمثال تاريخي محدد. بينما كان ابن خلدون يركز على تفسير النظم الاجتماعية والسياسية الكبرى وتأثيراتها على تطور الأمم. لم يكن مهتمًا بتوثيق الأحداث الدقيقة أو المدن بشكل خاص، بل كان يولي اهتمامًا أكبر لدراسة آليات نشوء الأمم واندثارها من خلال مفاهيم مثل العصبية.

باختصار، كان ابن المستوفي مؤرخًا دقيقًا يهتم بتفاصيل تاريخ إربيل، بينما قدّم ابن خلدون نظرية عامة حول تطور الأمم التي يمكن تطبيقها على جميع المدن والمجتمعات، بما في ذلك إربيل.

العمران بين ابن المستوفي وابن خلدون:

ابن المستوفي كان يهتم بتوثيق التطورات المعمارية في إربيل، مشيرًا إلى الأنماط المعمارية للمدينة مثل الأسوار، الأبواب، المباني الدينية والتجارية. كان يرى أن التحولات العمرانية تعكس التطورات السياسية والاقتصادية في المدينة. أما ابن خلدون، رغم عدم تركيزه على المدن بشكل خاص، فيمكن تطبيق مفاهيمه على تحليل تطور العمران في إربيل من خلال تأثير العصبية والسلطة على القرارات العمرانية. فالتحولات العمرانية، مثل بناء القلاع أو الأسوار، كانت تعكس استقرار المجتمع أو اضطرابه، وهو ما يتوافق مع تحليلات ابن خلدون حول علاقة السلطة بتطور المدن.

الاختلافات في البعد العمراني بين ابن المستوفي وابن خلدون:

ابن المستوفي كان مهتمًا بالتفاصيل العمرانية كجزء من التوثيق التاريخي، حيث قدم صورة دقيقة للمعالم المعمارية في إربيل وأثرها على تطور المجتمع. أما ابن خلدون، فرغم غياب تفصيلاته حول مدن معينة، كان يدرس تطور العمران في سياق أوسع، مشيرًا إلى تأثيرات العصبية على النظام المعماري في المدن. وفقًا لفكرته عن العلاقات الاجتماعية والسياسية، يمكن أن تؤدي العصبية إلى تطور المدن أو تدهورها بناءً على استقرار المجتمع أو انقسامه.

ابن المستوفي وابن خلدون في علم الاجتماع:

من منظور علم الاجتماع، يُعتبر ابن المستوفي مؤرخًا يتناول تطور المجتمع من خلال دراسة أحداثه وتوثيق تطوراته. لكن اهتمامه لا يقتصر على توثيق الأحداث التاريخية فحسب، بل يتجاوز ذلك إلى التأثيرات الاجتماعية والاقتصادية التي تساهم في تشكيل المجتمع وتطويره. في كتابه "تاريخ إربل"، تناول كيف أن الظروف الاجتماعية والاقتصادية، مثل الحروب أو تغيرات الحكم، تؤثر بشكل مباشر في بنية المدينة وتطور المجتمع. من هذا المنظور، يُمكن اعتبار ابن المستوفي بمثابة باحث اجتماعي يربط بين التاريخ العمراني للمدينة وبين التغيرات المجتمعية التي شهدتها.

أما ابن خلدون، فيُعد مؤسسًا حقيقيًا لعلم الاجتماع والفلسفة التاريخية. في مقدمته الشهيرة، قدم مفهوم "العصبية" كعامل رئيسي في تطور الأمم وبناء الدولة. العصبية، في فكر ابن خلدون، تتعلق بالقوة الاجتماعية التي تربط أفراد الجماعة أو الأمة معًا، وتؤثر بشكل مباشر على استقرار الدولة وتطورها. هذا المفهوم يمكن تطبيقه على تطور المجتمعات والعمران في إربيل، حيث أن العصبية المحلية والولاء السياسي كان لهما تأثيرات مباشرة في تشكيل البنية الاجتماعية والاقتصادية للمدينة.

الاختلافات بين ابن المستوفي وابن خلدون في علم الاجتماع:

ابن المستوفي كان يهتم بشكل رئيسي بتوثيق الوقائع الاجتماعية والاقتصادية كجزء من التاريخ الحضاري، حيث كان يتعامل مع الأحداث من منظور اجتماعي تاريخي دقيق. كان يدرس تطور إربيل من خلال فهم كيف أثرت العوامل الاجتماعية والسياسية على حياة المجتمع وتنظيمه المعماري. يمكن أن يُنظر إلى منهجه على أنه دراسة لحياة المجتمع من خلال العدسات التاريخية والاجتماعية.

أما ابن خلدون، فقد كان ينظر إلى المجتمعات بشكل أوسع وأعمق، حيث قام بتحليل تطور الأمم ودور العصبية في تشكل المجتمعات. بينما كان ابن المستوفي يهتم بتوثيق الأحداث بشكل تفصيلي، كان ابن خلدون يعكف على تفسير هذه الأحداث ضمن سياق عام يوضح كيف أن العصبية والأنماط الاجتماعية الكبرى تساهم في تشكيل بنيان الأمم. يعتبر فكره أوسع نطاقًا من حيث دراسة تأثير القوى الاجتماعية الكبرى على تشكيل المجتمعات بشكل عام.

العمران من منظور علم الاجتماع:

ابن المستوفي كان يربط بين تطور المدينة والعوامل الاجتماعية والاقتصادية، وبالتالي يمكن اعتبار دراسته للعمارة جزءًا من فهم أعمق للمجتمع. كان يراقب كيف أن التغيرات في السلطة أو البيئة الاجتماعية تؤثر في التخطيط العمراني، مثل بناء الأسوار أو تدمير المعالم المدنية. أما ابن خلدون، من منظور علم الاجتماع، كان يرى أن تطور العمران يتأثر بشكل مباشر بالعوامل الاجتماعية الكبرى مثل العصبية والصراع على السلطة. ففكرته حول العصبية يمكن تطبيقها على كيف أن التحولات السياسية والاجتماعية تؤدي إلى تغييرات في البنية العمرانية للمدن، سواء من خلال التوسع أو التدهور العمراني نتيجة للصراعات أو التغيرات في النظام الاجتماعي.

تعد مدينة إربيل واحدة من أقدم مدن العالم، وتمثل مكانًا غنيًا بالتاريخ والثقافة. وقد أسهم كل من المؤرخين الجغرافيين ابن المستوفي وابن خلدون في تشكيل فهمنا للتاريخ الاجتماعي والمعماري لهذه المدينة عبر العصور. في هذا السياق، تتقاطع أفكارهم من خلال منظور علم الاجتماع في تفسير تطور إربيل، سواء من خلال التفاصيل الدقيقة التي قدمها ابن المستوفي عن أحداث المدينة أو من خلال التحليلات الاجتماعية الكبرى التي قدمها ابن خلدون.



#عبدالباقي_عبدالجبار_الحيدري (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أربيل عبر العصور: من مدينة تاريخية إلى لواء إداري في العراق ...
- دراسة سوسيولوجية لمدينة أربيل: التعددية الثقافية والتحولات ا ...
- -تاريخ اربل- لابن المستوفي: دراسة تحليلية علمية
- أربيل عبر العصور: تطور المخطط العمراني من القلعة إلى المدينة ...
- مقارنة بين مجزرة الكرد في العراق ومجزرة سربرنيتسا في البوسنة ...
- مشروع إعادة تأهيل قلعة أربيل: من الفكرة إلى التنفيذ
- قصور إعادة تأهيل قلعة أربيل: الأسباب والمسؤولية
- إلى السيدة وزيرة المالية العراقية المحترمة، طيف سامي محمد
- حكومة العراق: بين النفوذ المسلح والتحديات السياسية
- سوق القيصرية في أربيل: رمز التراث والتاريخ
- أسماء الأحياء السكنية في قلعة أربيل
- الحضارات التي تعاقبت على قلعة أربيل.
- المئذنة المظفرية في أربيل: دراسة تاريخية، معمارية، وأدوارها ...
- تشكيل حكومة تكنوقراط
- تقييم تشكيلة الثامنة لحكومة إقليم كوردستان | العراق
- الحقيبة الوزارية للتركمان.. إستحقاقٌ قومي لا تصدّقٌ سياسي من ...
- الإفلاس الفكري لدى ممثلي الاحزاب التركمانية!
- الحمامات الشعبية في أربيل بين الماضي والحاضر
- أربيل في كتابات الرحالة الأجانب في العهد العثماني
- الاحزاب و الحركات التركمانية في الميزان على طريقة جحوش الديم ...


المزيد.....




- ألمانياـ تداخلات وتعقيدات المشهد السياسي بعد الانتخابات البر ...
- تقدم روسي بدونيتسك.. وزيلينسكي يتحدث عن التنحي
- الجيش السوداني يحقق مكاسب ميدانية جديدة أمام الدعم السريع
- متحدث أميركي: ترامب يدعم إسرائيل في أي مسار تختاره ضد حماس
- تشييع جثماني الأمينين العامين السابقين لحزب الله في بيروت
- ترامب عن نتائج الانتخابات الألمانية: يوم عظيم
- الشرع يتلقى دعوة للمشاركة في القمة العربية الطارئة بمصر
- نتنياهو -يصر- على زيادة عدد الرهائن الإسرائيليين المفرج عنهم ...
- فيديو.. مقاتلات ترافق طائرة أميركية بعد -تهديد بوجود قنبلة- ...
- واشنطن تدعم قرار إسرائيل بتأجيل الإفراج عن 600 أسير فلسطيني ...


المزيد.....

- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عبدالباقي عبدالجبار الحيدري - إربيل في مرآة التاريخ والفلسفة: دراسة مقارنة بين ابن المستوفي وابن خلدون