أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عزالدين محمد ابوبكر - وقائع من العصر الذهبي المصري القديم : الجزء الثاني















المزيد.....


وقائع من العصر الذهبي المصري القديم : الجزء الثاني


عزالدين محمد ابوبكر

الحوار المتمدن-العدد: 8262 - 2025 / 2 / 23 - 15:31
المحور: الادب والفن
    


- يتحدث هذا المقال عن نوت ذات الجسد الممشوق ، ورع الهارب حزنا إلى السماء.



• من هي نوت؟



المعبودة نوت ؛ هي من الناحية الثيوغونية ابنة المعبود شو ، من زوجتة المعبودة تفنوت ، وزوجة المعبود جب ، وكلاهما بالمناسبة أبناء شو و تفنوت ، وأحفاد رع المعبود الخالق للكون حسب التصور المصري القديم ، وقد كانت المعبودة نوت عضوة ، من ضمن أعضاء تاسوع عين شمس (ومن الجدير بالذكر أن الكلمة المصرية القديمة ”پسجت“ التي تعني تاسوع «حسب العلماء الأوائل» ؛ لكن على مر الزمان تطورت دلالة اللفظ ، من جمع يتكون من تسعة معبودات ؛ إلى جمع من المعبودات غير محدد كميًا).



وقد لعبت المعبودة نوت دوراً هاماً ، كـ معبودة ممثلة لـ السماء ؛ حيث أصبح المعبود رع يمر عبر جسدها أثناء الليل في رحلته الليلية إلى العالم الآخر ، من أجل المرور على الموتى ؛ ومحاولة قهر الثعبان عابب رمز الفوضى واللاسلطوية ، ومعاودة الشروق ، في فجر اليوم معلناً انتصار النور على الظلام ، وليس المعبود رع فقط هو من يعبر جسد نوت ؛ بل يعبر معه وفد إلهي وفرقة من الكيانات الإلهية و روح ملك مصر ، التي تود أن تنال الخلود ، بينما تعبر النجوم (وهم من أبناء نوت بالمناسبة) جسدها أثناء النهار لتعود لتولد أقوى وأكثر اشراقًا في الليل.



تصور المعبودة نوت عادةً ، في الهيئة الآدمية لسيدة تضع العلامة التصويرية للسماء 𓇯 فوق رأسها ، وتصور في الهيئة الحيوانية لبقرة ذات قرنين بينهما قرص الشمس ؛ بينما تصور على العتاد الجنائزي للمتوفى ، في هيئة سيدة عادةً ما تكون في الوضع الأمامي على السطح السفلي لغطاء التابوت ، وذلك لكي تبدو وهي تضم المتوفى في داخل التابوت ؛ لتحقق بذلك فكرة إعادة الميلاد مرة أخرى ، على عكس ما يشيع البعض من مدعين العلم بقول الاتحاد بينها ، وبين المتوفى ؛ لأن علاقة نوت بـ المتوفى هي علاقة عطاء ، حيث تقوم بـ دور حوت حر ، وتقوم بتقديم المياة والآنية إلى المتوفى ، لتساعده في مسيرته إلى العالم الآخر.



ومن الجدير بالذكر أن المعبودة نوت ، قد تم ذكرها في العديد من المتون الدينية ، مثل كتاب الإله (نصوص الأهرام) ، كتاب براءة المتوفى أو نصوص مُقتني الحياة (نصوص التوابيت) ، والخروج إلى النهار (كتاب الموتى) ، وحتى كتاب التنفس في الفترة البطلمية ، وكل النصوص السابقة هي نصوص جنائزية المحتوى تُقام مصاحبة بـ طقوس ، أو يقوم المتوفى نفسه بتلاوتها ، من أجل أن ينال الأبدية ، ورغم أن المعبودة نوت تم تصويرها ، في أغلبية معابد مصر ؛ إلا أنها وللمفارقة لم يُكرس لها معبد على الإطلاق ، أو لم يكشف عنه العلماء حتى الآن ، وقد يرجع سبب هذا إلى أن المصري القديم ، قد رآها سقف العالم وجميلة السماء ، التي لا يسعها معبد ولا تحتويها بلاد ، لكن يظل هذا تفسيراً رومانسياً.



• نوت الجميلة والمجرة المنيرة :



وقد اقترح عدة علماء ، منهم الأصيل ومنهم الجديد ؛ أن المعبودة نوت تمثل مجرة درب التبانة أو الطريق اللّبني (Milky Way)* ، واضعين الفصل السادس والسبعون بعد المائة ، من كتاب الخروج إلى النهار (كتاب الموتى) كـ داعم لقولهم هذا ؛ وأنه توجد أدلة فلكية قد تدعم هذه الآراء ، ذلك أنه في السماء قبل الفجر عند الانقلاب الشمسي الشتوي (تحدث فيه حالة تعامد شمس في معبد الكرنك بالمناسبة) ، في مصر فترة ما قبل الأسرات ؛ كانت مجرة درب التبانة تبدو بشكل ملحوظ كشخص ممدود بأذرع وأرجل ، تلامس الأفق تماماً.



وتبدو هذه الظاهرة الفلكية ، التي ينبغي شرحها ، من قِبل عالم آثار فلكي وليس أي باحث آخر ، لكي يتيقن من ثبوت هذه الظاهرة ، عن طريق العمليات الحسابية والمراجعة الحاسوبية ، للخارطة الفلكية لـ السماء في تلك الفترة ، من أجل طرح الموضوع في صيغة حضارية ؛ لنقول إن المصري القديم ، قد بنى رؤيته اللاهوتية والثيوغونية عن طريق التأمل والتفكير في السماء ، والوجود من حوله مع نقله لمعرفته ؛ إلى أبنائه الذين يقومون بتوسعتها والتيقن منها بالملاحظة ، والتجريب والتدوين.



ويقول ماسيميليانو فرانشي ، مؤلف كتاب الفلك في مصر القديمة ، أن "شكل نوت كتمثيل محتمل لمجرتنا ، باتباع هذا التحليل نجد أن الساق (الخاصة بـ نوت)* تمثل كوكبة الدجاجة Cygnus ، (أما) المهبل يقابل نجمة ذنب الدجاجة Deneb ، يمثل الفم الشكل المقعر لدرب اللبانة ، (و) الرأس يشير إلى السديم. (و) وفقاً للأسطورة ، تُبتلع الشمس في سماء الاعتدال الربيعي (٢١ مارس) ، بعد الغروب بحوالي ساعة وخمسة عشر دقيقة ، عندما تكون رأس وفم المعبودة نوت موجهين حيث تغرب الشمس. وتعد سماء ولادتها يوم الانقلاب الشتوي (٢١ ديسمبر) بعد مرور ٢٧٣ يوماً ، أي تسعة أشهر حمل". صـ ٣٦ من الكتاب سابق الذكر.



• بعد دمار البشرية ماذا حدث؟



أسطورة دمار البشرية ، هي تسمية لمجموعة نصوص ذات أبنية مترابطة ؛ تتحدث عن كيف كان المعبود رع يحكم المعبودات و البشر على السواء ، إلى أن بدأ البشر يشكون فيه وفي قوته ويسخرون منه ، عن كيف أصبح عجوزًا كهلاً؟ ؛ وأصبحت عظامه من فضه ولحمه من ذهب وشعره من لازورد ، وكيف استقبل هذا الخبر رع ؛ وما فعله فكان هذا الجزء الأول من أسطورة دمار البشرية ، والتي سبق ونشرتها أما الثاني من الأسطورة ، فيتحدث عن صعود رع إلى السماء ، على ظهر البقرة السماوية نوت (وقد يظن القارئ الفطن أن هناك سماءين؟ ، لكن هذا غير صحيح ؛ فالمصري القديم لديه تصورين للوجود الأول روحي ، والثاني يمكننا أن نقول عنه أنه ”مادي“ أو ”علمي“ ، ونجد تقريب مسيحي للمفهوم المصري ؛ حيث الـ Heaven مصطلح ذو مغزى ديني ، بينما الـ Sky مصطلح علمي).



وقد أمر المعبود رع ، المعبود شو أن يقوم هو والمعبودات الداعمة ححو ؛ بدعم ومساندة المعبودة نوت أثناء ارتفاعها إلى السماء ؛ مما يحافظ على استقرارها فلا تخاف وترتعش من هول الارتفاع ، وفي مقبرة الملك سيتي الأول نراه وهو يساهم ، في مساندة أمه نوت وقوامًا بعمل كوني عظيم ؛ يُدر عليه الكثير من النعيم الأخروي ، ومن موقعه الجديد يقوم المعبود رع بتأسيس العالم الآخر الذي أصبح وجوده (لم يكن موجوداً في العصر الذهبي أو بمعنى أصح لم يخصص لأرواح الموتى*) ضرورة ، كـ مملكة للموتى يكون رئيسها هو أوزير ، الذي يزوره رع بالمناسبة كل يوم ، عند منتصف الليل ؛ لكي يُجدد قواه عندما يتحد به (هنا صح الاتحاد ، ولنا فيه مقال آخر) ، ويتحدث الجزء الاخير من النص عن العالم الآخر والسحر والماورائيات في مصر القديمة.

- انتهى الحديث عن أسطورة دمار البشرية في مصر القديمة -

لكن لنا حديث آخر في موضوع آخر في ميثولوجيا كمت العريقة.



مع تحياتي



#عزالدين_محمد_ابوبكر (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقالات وجودية: هل يمكن قيام تفسيرية ”وجودية“ للآثار المصرية؟
- مقالات وجودية: كيركجور حياته وأثرها على فكره
- وقائع من العصر الذهبي المصري القديم
- هل سوف يُنهيها آتوم؟


المزيد.....




- كنز العراق التاريخي.. ذاكرة وطن في مهب الريح بين بغداد وواشن ...
- مهرجان -ربيع ماسلينيتسا- في مسقط: احتفاء بالثقافة الروسية
- مشاركة الممثلين عن قائد الثورة الاسلامية في مراسم التشييع
- ماتفيينكو تدعو إلى تجديد النخبة الثقافية الروسية بتضمينها أص ...
- جدل حول مزاد للوحات الفنية بواسطة الذكاء الاصطناعي ومخاوف من ...
- توغل بفن الراب والثورة في -فن الشارع- لسيد عبد الحميد
- -أحلام (حب الجنس)- يفوز بجائزة الدب الذهبي في مهرجان برلين ا ...
- رحيل الشاعرة السورية مها بيرقدار والدة الفنانين يوسف وورد ال ...
- نجوم الغناء العربي يحتفلون بيوم التأسيس السعودي
- متحف الإثنوغرافيا في كابل.. نافذة على التنوع الثقافي في أفغا ...


المزيد.....

- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عزالدين محمد ابوبكر - وقائع من العصر الذهبي المصري القديم : الجزء الثاني