رياض سعد
الحوار المتمدن-العدد: 8262 - 2025 / 2 / 23 - 09:30
المحور:
الادب والفن
مذ رأيته ذابت روحي فيه , وكأني وجدت نصفي الاخر , بل روحي الهائمة , وبادلني نفس الشعور الغريب , فسبحان من حول الغرباء الى احباء بسرعة البرق , حتى فضلته على اهلي وانساني اصحابي وخاصتي , سباني حبه واسكرني قربه , وتسارعت الايام وتقاربت اللحظات الزمنية , وانا لا اشعر بها , وكأني في حلم سعيد لا اود مفارقته , وقد أستيقظت في بعض الصباحات وجلست و انا أحتسي قهوتي وأتأمل زهور حديقتي التي ارى فيها وجهه الساطع بنور الله والذي يغمرني نشوة , وكعادتي الصباحية اتصلت به , واذا بالخط مغلق , وراودني القلق , وعاودت الاتصال مرات ومرات , حتى جزع الجهاز من كثرة الضغط عليه , اختفى فجأة الخط وصاحبه معا .
اسرعت الى مكتب الخطوط لمعرفة اوليات الخط , واذا به من دون مستمسكات رسمية , وصاحبه المحبوب المعروف لدى قلبي وروحي , مجهول والخط غير متاح , وبما أني لا اعرف منزله ومقر اقامته ؛ بحثت عنه في كل الاماكن التي تواعدنا فيها , وعشنا اجمل اللحظات والمسرات , فلم اجده , ورجعت اجر اذيال الخيبة والحسرة والانكسار , ثم بحثت عنه في الاحلام , وكم تمنيت ان يأتيني في الطيف وانا واياه نجلس معا , نتجاذب اطراف الحديث , ثم تتصل الشفاه ببعضها الى ان تنقطع انفاسنا وتزداد دقات قلوبنا وتعرق اجسادنا .
وطال الغياب وطال , وبمرور الايام تزداد حسراتي والامي ولوعاتي , وتعذبني ذكرياته التي تنير لي دروبي والليالي الا انها تشعل النيران في سويداء القلب , فحبه لم يكن وهما بل حقيقة عشت فيها بكل جوارحي وجوانحي الا انها رحلَتْ بغيرِ ميعادٍ.
كانَ اشبه بالنسيمِ العَليلِ الذي يمرُّ بخفَّةٍ يداعب النفوس و يُحيي القلوبَ، ويُبعثِرُ الأوراقَ اليابسةَ في حديقةِ الروحِ، ثمَّ يختفي فجأةً، وكأنَّه لمْ يكُنْ سوى حُلْمٍ مِنْ تلكَ الأحلامِ التي تُقلقُ النومَ، وتُوقظُ الشوقَ.
رحلَ، ولمْ يتركْ وراءَهُ سوى صَمْتٍ مُطبقٍ، وصورةٍ باهتةٍ في مرآةِ الذاكرةِ , كلَّما حاولتُ الإمساكَ بها، تذوبُ كالضبابِ، وتتلاشى كالسرابِ وترحل في فضاء الغياب , واثار قبلات متناثرة على ثنايا الجسد الذي احياه بعد جفافه الطويل ... ؛ أنَّ الحُبَّ الذي عشناهُ لمْ يكُنْ عبثًا او نزوة عابرة او لهوا , بل كانَ كالنجمِ الذي يُضيءُ لبرهةٍ، ثمَّ يغيبُ، لكنَّ نورَهُ يبقى عالقًا في أعماقِ السماءِ، يُذكِّرُنا بأنَّ الجمالَ الحقيقيَّ لا يموتُ، بلْ يتحوَّلُ إلى أسطورةٍ تُروى في ليالي الوَحدةِ... ؛ لذلك انا أسال عنه النجوم علها , تصلني به يوما ما , ونلتقي عند حافة المجرة ؛ وحتى ذلكَ اليومِ المرتجى ، سأظلُّ أبحثُ عنكَ في كلِّ نسيمٍ، وفي كلِّ ظلٍّ، وفي المجرات , وبين النجوم والاقمار وامواج البحار ... .
#رياض_سعد (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟