خالد خليل
الحوار المتمدن-العدد: 8262 - 2025 / 2 / 23 - 09:28
المحور:
كتابات ساخرة
يُقسمون الولاء بلسانين، أحدهما للثكالى، والآخر في أروقة السلاطين. يدّعون الوقوف في صف المظلوم، لكن أقدامهم غارقة في نعيم موائد الظالمين. تراهم يتشحون بالسواد حزناً، بينما تلمع أطراف أرديتهم بذهب العطايا والهبات.
هم طحالب تتغذى على جراح المستضعفين، تزدهر حيث يسيل الدم، وتتضخم حيث تئن الأرواح. يتقنون فنون النحيب والوعظ، يرفعون رايات الحرية في النهار، ثم يطوونها ليلاً عند أبواب القصور. يتحدثون عن الثورة، لكنهم لا يثورون إلا على من ضاق به الخبز.
ألسنتهم شِعاب مرجانية من البلاغة، وكلماتهم أحجار كريمة مغشوشة، تتلألأ في أعين البسطاء، بينما في أعماقها يتسلل سُم الولاء المخادع. يعرفون متى يذرفون الدمع، ومتى يصفقون، ومتى يغيرون لون جلودهم لتناسب أثاث القاعات الفارهة.
والمساكين؟ يصفقون لهم، يهتفون بأسمائهم، ويظنون أنهم أبطالهم المنقذون. يصدقون الخطاب المغسول بدموع التماسيح، ولا يدركون أن الفم الذي يواسيهم هو ذاته الذي يقبّل يد الجلاد.
إنهم سادة المسافة الرمادية، لا ينتمون إلا لظل السلطان، ولا يأكلون إلا من مائدة الأسياد. وعندما تنقلب الموازين، ينقلبون معها، حاملين ذات الشعارات، ولكن بلون جديد، وتوقيعٍ مختلف.
ومتى انكشف القناع؟
حينما يسقط الطاغية، تراهم أول الواصلين إلى ساحة النصر، يقسمون أنهم كانوا جنوده الخفيين، وأن نجاته لم تكن إلا بصبرهم عليه! وإن هوت العروش، خرجوا بوجوه مبتسمة، يسبّون السلاطين بالأمس القريب، ويؤلفون في رثاء الضحية قصائد، كأنهم لم يكونوا يوماً سكاكين في خاصرته.
يمشون بين الأطلال، يجمعون بقايا الممالك الساقطة، يقتاتون على الرماد، ينصبون خيامهم حيث يتصارع العابرون، ثم ينحني أكثرهم دهاءً لأول من يرفع راية جديدة.
هكذا هم، لا يموتون ولا يختفون، بل يبدّلون ألوانهم كما تفعل الأفاعي، ويترقبون جولة جديدة، تحت ضوء شمس جديدة، أمام جمهور قديم، بأكفٍ لا تزال تصفق
#خالد_خليل (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟