|
صوم رمضان صفاء للقلوب وتنقية للذنوب وصحة للابدان
احمد الحاج
الحوار المتمدن-العدد: 8261 - 2025 / 2 / 22 - 17:44
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لا شك بأن الحال لم يختلف عن الأعوام الماضية بشأن ما يبث من على الشاشات والقنوات العربية والمحلية كذلك الوكاﻻت والمواقع والصحف والمجلات وما أكثرها والتي تشهد فرقا هائلا ، وبونا شاسعا بين"مواقع وقنوات الرحمة" التي تتواءم معظم برامجها وحواراتها ولقاءاتها ومسلسلاتها مع روحانيات الشهر الفضيل، وبين ما تبثه "مواقع وقنوات الصرف الصحي"الفضائية من سموم فكرية وأخلاقية،غثاء ثقافي، تسطيح معرفي يتقاطع،بل قل يتناقض كليا مع تعاليم وضوابط ونفحات الشهر الكريم الذي أمرنا بصيامه وقيامه وبفضائل طاعاته وصدقاته وخيراته . فبينما يضطلع قسم منها ببث روح التسامح والرحمة والتآلف حاضا على تكثيف وتنويع وتجويد العمل الخيري خلال الشهر الفضيل بين الناس، ينحصر أداء اﻷخرى ليدور كقطب رحا ويمعن بإستعراض اللحم اﻷبيض المتوسط والرقص والغناء والمجون وإثارة الغرائز والنعرات الطائفية والترفيه غير البريء بالمرة ، وقد شخصت تزايدا وجرأة في الطرح هذا العام تخطت كل الحدود في الجانب المظلم مشفوعة ببذل الوسع والامعان بنشر الرذيلة وذلك في محاولة مقصودة لإشغال الناس عن صيامهم وعبادتهم وطاعتهم وقيامهم في هذا الشهر الفضيل ، في ذات الوقت الذي تتفانى فيه مواقع وقنوات الرحمة بنشر الفضيلة بجهد المقل ،وسعي المجد . في هذا المقال وعلى منوال ما سبقه من مقالات رمضان سنحلق سوية مع العلم الرصين المؤيد للشريعة السمحة وتحت شعار"موافقة صحيح المنقول لصريح المعقول" بخلاف ما يتوهمه ويشيعه بعضهم عمدا أو سهوا حول تناقض الدراسات العلمية الرصينة مع تعاليم الدين الحنيف قطعية الثبوت والدلالة أو تقاطعها أو تضادها فبعد كم التغاضي وإغماض العينين والتكاسل عن نشر فوائد الصيام الجليلة التي تدعمها الدراسات العلمية الرصينة،دعونا نعرج على نزر يسير منها قبل أن نختم بقبس من أهم فتاوى وأحكام الصيام . ونبدأ بالمكسيكية -الأميركية ماريا ، فبعد زواجها من مغترب عماني،وبخلاف الحجاب الذي جاء بالتدريج فلقد صامت رمضان في أول إسلامها عام 2019 مؤكدة حجم تأثرها بالحقائق العلمية الواردة في القرآن الكريم ومنها "مرج البحرين" والحاجز الذي بينهما كذلك سورة الحديد ،مضيفة " قبل الإسلام وصيام رمضان كنت آكل طوال الوقت أما اليوم فأنا وبناتي ،الأولى بعمر 19 سنة ،والثانية بعمر 17 سنة نصوم سوية لنفطر على ثلاث تمرات وماء وحساء ،محاولين الالتزام بنظام أكل صحي"، وهذا هو عين ما يحدث خلال شهر رمضان الذي ينظم مجمل حياتنا ويحسن نظامنا الغذائي لمن يلتزم بآدابه،ويعي غايته السامية ،وأهدافه النبيلة ، وبأنه ليس شهر التكاسل والدعة والنوم ، ولا شهر التسالي والمسلسلات والترفيه السطحي والغرائزي المذموم كما يحاول بعضهم تسويقه ، ولا هو شهر الإقبال على تناول ألوان الطعام والشراب والحلويات بشراهة منقطعة النظير كما يفعل كثيرون ممن لم يعوا حقيقة مقاصد وحَكَم الصيام السامية ، لأن الصيام الحقيقي يعمل على تنظيم البروتينات بشكل يقي من البدانة ومرض السكر واختلال الدهون والكوليسترول إضافة إلى إصلاح وضبط اختلال المادة الوراثية وتقوية ودعم الجهاز المناعي علاوة على الوقاية من مرض الزهايمر وأمراض عصبية ونفسية أخرى ،زيادة على ضبط الساعة البيولوجية ،بحسب دراسة أجريت في كلية بايلور للطب بمدينة هيوستن الامريكية عام 2020. وعلى منوالها الدراسة التي نشرتها دورية "ساينتفيك ريبورتيز" التي أجراها باحثون من قسم علوم الأغذية والتغذية بكلية علوم الأغذية والزراعة في جامعة الملك سعود ،والتي انتهت الى تأثير صيام رمضان على تحسين المؤشرات الأيضية والعمر الافتراضي للبشر . بدورها أكدت المخرجة والكاتبة الانجليزية من أصول يهودية جميما غولدسميث ،مؤسسة شركة Instinct Productions للانتاج التلفزيوني ،وما تزال تعرف بجميما خان،بعد إسلامها وزواجها من لاعب الكريكيت الباكستاني عمران خان ، حتى بعد انفصالها عنه ، بأنها تحب شهر رمضان كثيرا وسبق لها وأن غردت على منصة تويتر عام 2023 قائلة " إنه شهر النوايا الطيبة لأنه ليس شهر صيام فحسب ،وإنما شهر الامتناع عن الثرثرة و الشتائم والتفاخر والكذب، إنه شهر التأمل والصدقة والرحمة والمغفرة". ولم يبتعد نجم الستاند آب كوميدي ديف شابيل ، الذي اعتنق الإسلام في تسعينات القرن الماضي عن كل ما سبق فهذا الممثل الحاصل على جائزة "مارك توين" للكوميديا وخلال لقاء متلفز معه في برنامج "ضيفي القادم لا يحتاج تعريفا" قال " نعم أنا مسلم ولقد أديت فريضة الحج، وهناك في مكة المكرمة تعرفت على ماء زمزم ، هذه البئر وبمائها الذي لا ينضب ليروي ظمأ العطشى قد ظهرت للسيدة هاجر زوجة النبي إبراهيم وابنها إسماعيل عليهما السلام،بعد ضياعهما في الصحراء، واقترابهما من الموت بسبب العطش" أما عن أسباب إسلامه فتعود إلى مطعم لبيع البيتزا، يعمل فيه عدد من المسلمين يقع أمام منزله في واشنطن وكان شابيل كثير التردد على هذا المطعم ودائماً ما كان يسأل عماله المسلمين عن دينهم وتعاليمه ومن بينها صوم شهر رمضان، ليجد في إجاباتهم ما كان يبحث عنه طيلة حياته ". الى ذلك نشر موقع "أبوتيكن أومشاو" الألماني المتخصص بالشؤون الصحية دراسة قام بها فريق من خبراء التغذية بإشراف الدكتورة فرانسواز فيلهلم دي توليدو، مؤخرا خلصت وبعد دراسة ملفات مئات الصائمين الى ،أن "الصيام يحل مشاكل صحية خطيرة كالتهابات المفاصل والسكري من النوع الثاني والكبد الدهني وارتفاع ضغط الدم والإرهاق الشديد". وتضيف اختصاصية التغذية العلاجية الدكتورة رضا عبد العزيز،"أن صيام شهر كامل من الفجر الى الغروب هو أفضل بكثير من الصيام الطبي الذي لا يشترط الامتناع التام عن الطعام والشراب لفترة طويلة ليسمح بدخول مغذيات للجسم أثناء فترة الصيام الأمر الذي يثبط عملية البلعمة الذاتية، أما صيام رمضان فيفرض الامتناع التام عن تناول الطعام والشراب من الفجر الى الغروب وبما يرتبط ببصمة بروتينية مضادّة للسرطان، كما أنه يعمل على تنظيم البروتينات الرئيسة لعملية التمثيل الغذائي للجلوكوز والدهون والساعة البيولوجية، اضافة الى إصلاح الحمض النووي وإعادة تشكيل الهيكل الخلوي والجهاز المناعي والوظيفة المعرفية لدى الأشخاص الأصحاء ،وفقا لمجلة Journal of Proteamics الأوروبية المعنية بالدراسات البيوكيميائية والفيزيائية الحيوية. لتضيف اختصاصية التغذية جنى حرب، بمقال لها نشر في مجلة سيدتي ،إن"صيام رمضان يعمل على تعزيز وظائف الدماغ، وتنظيف الجسم من السموم ،وتحسين صحة الجلد ،ومثلها صحة القلب والشرايين ،مع تحفيز عملية الأيض ،ودعم جهاز المناعة. ولله در القائل : اللهُ يَجزي الصّائِمينَ لِأنّهم ...مِنْ أَجلِهِ سَخِروا بِكلِ صِعابِ لا يَدخلُ الريَّانَ إلّا صائمٌ ...أَكْرِمْ ببابِ الصْومِ في الأبوابِ
قبس من فتاوى وأحكام الصيام
من المعلوم عند الفقهاء أن عرض الآراء الفقهية شيء، والإفتاء عن سؤال شيء آخر؛ لأن الإفتاء لا يكون إلا بعد الاستفهام الدقيق عن الواقعة وعن أحوالها والظروف المحيطة بها وعن حال المستفتي وواقعه وغير ذلك, أما الآراء الفقهية فهي مطلقة من غير قيد, وقد لا تتوافق كلها مع حال السائل الذي نريد إجابته، وما سنذكره هنا هو من باب الفتوى وليس من باب عرض الآراء الفقهية.وها أنذا أضع بين أيدي القراء الأعزاء أجوبة لجنة الفتوى في المجمع الفقهي العراقي عن اسئلة تتعلق بأحكام الصيام، كانوا قد أجابوا عليها في حوار سابق من الاهمية بمكان اعادة نشره للفائدة العام بمناسبة حلول شهر رمضان 1446هـ ، الموافق لشهر آذار / 2025م ، وقد تفضل بالإجابة عنها أصحاب الفضيلة كل من: (الدكتور عبد المنعم الهيتي ، والدكتور محمود العاني، والدكتور عبد الستار عبد الجبار، والدكتور مشعان العيساوي، والدكتور ضياء الدين الصالح، والدكتور حسين غازي، والدكتور سعيد محي الدين، والدكتور عبد الله جاسم، والدكتور طه الزيدي) .
* هل تجب نية الصيام عن كل يوم في رمضان ،أم أن نية واحدة بداية الشهر الفضيل تجزئ عن ذلك كله وهل يشترط تلفظ النية باللسان أم لا ؟ - لا بد للصائم من نية مستقلة لكل يوم من صوم الفريضة في شهر رمضان ، لأن صوم كل يوم عبادة مستقلة فلا بد لها من نية، هذا مذهب جمهور العلماء من الحنفية والشافعية والحنابلة، وقال مالك وهو رواية عن أحمد: تكفي نية واحدة عن رمضان كله، وما في حكمه من كل صوم يجب تتابعه ككفارة الظهار ونحوها، لأنه عبادة واحدة فتكفيه نية واحدة كالصلاة والحج، أما ما لا يجب تتابعه كقضاء رمضان وكفارة اليمين فلا بد فيه من تجديد النية لكل يوم. و القول الأول هو الراجح والمفتى به فلا بد لصحة الصوم من نية مبيتة من الليل لكل يوم من الأيام المذكورة، سواء تتابع صيام تلك الأيام أو تفرق ، ولا يشترط التلفظ بالنية فى الصيام مادام الإنسان قد نوى الصيام بقلبه، وإنما يشترط تبييت النية قبل الفجر، لقول النبي صلى الله عليه وسلم ( من لم يبيت الصيام من الليل فلا صيام له). والله أعلم.
* من أكل أو شرب ناسيا في نهار رمضان هل عليه شيء من قضاء أو نحوه؟ - من أكل أو شرب ناسيا فلا شيء عليه وهو رزق ساقه الله إليه كما ورد في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
* يكثر السؤال في كل عام عن الإبر والحقن في العضل والوريد ، كذلك حقن الانسولين لمرضى السكري، والحقنة الشرجية لبعض المصابين بالامساك الشديد ،والسؤال موصول عن حكم استعمال التحاميل ومراهم البواسير الشرجية ، هل تفطر الصائم أم لا؟ -أما بالنسبة للأبر في العضلة فلا تفطر، وأما الحقن في الوريد فلا تفطر ما لم تكن مغذية ، فقد ذهب بعض العلماء الى أنها ان كانت مغذية فتفطر ورأى البعض الاخر رأى عدم افطار الصوم بأي حقنة بالعضلة او الوريد ، وكذلك حقن الانسولين لمرضى السكري غير مفطرة، الحقنة الشرجية مفطرة على رأي الجمهور ؟ وهو الأحوط، وكذلك التحاميل ومراهم البواسير الشرجية مفطرة على رأي الجمهور،وهناك من أجازها من المعاصرين.
* وماذا عن قطرة الأنف والأذن والعين هل تفطر أم لا ولاسيما أن مرارتها تظهر في الفم بعيد استعمالها بقليل ؟.. -أما قطرة العين فلا تفطر ، وأما قطرة الانف فأن فان كانت القطرات تصل الى أصول المنخر فتفطر ..وأما إذا وصلت فقط الى مقدمة الانف فلا تفطر، وأما قطرة الاذن فان لم تكن طبلة الاذن مثقوبة فلا تفطر.
* ما حكم الحامل والمرضع ،هل لهما الفطر وعليهما القضاء فقط أسوة بالمريض ، أم أن عليهما القضاء والكفارة معا ؟ - الحامل والمرضع إذا خافتا على نفسيهما, وتحقق ذلك بالتجربة أو باستشارة الطبيب المسلم, فلهما الإفطار وعليهما القضاء فقط. وإذا خافت الحامل على جنينها, والمرضع على ولدها فلهما الإفطار وعليهما القضاء وإطعام مسكين عن كل يوم، لأنهما داخلتان في عموم قوله تعالى : (وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ). سورة البقرة من الآية 184.
* ما حكم من لم تقضِ ما عليها من صيام بسبب حيض أو نفاس لعدة رمضانات؟ -الواجب على من أفطرت في رمضان من أجل النفاس أو الحيض القضاء قبل أن يأتي رمضان الآخر الذي بعده؛ لقوله تعالى ( وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ) سورة البقرة من الآية 185، والحائض والنفساء من جنس المريض والمسافر فعليهما القضاء.
أما إذا أخرته عن رمضان من غير عذر وجب عليها التوبة من ذلك، وعليها القضاء والإطعام، ، فيكون عليها ثلاثة أشياء: التوبة، وقضاء الصيام، والإطعام عن كل يوم. أما إن أخرت ذلك لمرض لم تستطع معه الصوم، فلا حرج عليها، تصوم بدون إطعام، وليس عليها إثم، لقوله تعالى ( فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ) سورة التغابن من الآية 16.
* من هو المريض الذي يباح له الفطر في نهار رمضان وهل إن إباحة فطره تجيز له المجاهرة بالافطار علنا أمام الانظار كما يفعل الكثير منهم عمدا أو سهوا أو جهلا ؟
- المرض المبيح للإفطار: ما يترتّب عليه وقوع محذورٍ ما- أو وقوع ضررٍ- أو زيادته إن كان واقعاً- أو خشية بطء البُرء والشفاء منه، وينقسم إلى قسمين:
– المرض الذي يباح معه الإفطار، وهو ما فيه مشقة زائدة عن المشقة المحتملة.
– المرض الذي يجب معه الإفطار، وهو ما يكون الظن الغالب بحصول الهلاك مع الصيام. ويحصل ذلك باستشارة الطبيب المسلم, والتجربة. أما من كان له عذر فعليه بكتمان إفطاره فإنه ليس من آداب شهر الصوم المجاهرة بالفطر, ولأن فعله مدعاة للانتقاد والاغتياب، وتشجيع لمن لا يعلم بعذره على تعمد الإفطار والمجاهرة بمعصيته، ولا يليق بالمسلم أن يكون سببا في الاعتداء على فريضة من فرائض الله، حتى لا يبوء بإثم ذلك. والله تعالى أعلم.
* هناك من يجيز لنفسه ولغيره من سائقي سيارات الأجرة على الطرق الخارجية وسائقي حافلات نقل المسافرين، وسيارات الحمل الكبيرة والنقل الخارجي، بزعم أنهم على سفر دائم في رمضان من كل عام بما يبيح لهم الافطار.. ما رأيكم في ذلك؟ - رخص الشارع الحكيم للمسافر والمريض الفطر في رمضان؛ فقال تعالى ( فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) البقرة184. فكل مسافر تتوافر في سفره شروط السفر يجوز له الفطر سواء كان السفر مرة في رمضان أو أكثر، شق على المسافر أو لم يشق، ولكن تبقى الأفضلية لمن يصوم إن لم يتضرر في السفر لقوله تعالى (وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ )البقرة 184. ومن أنشأ سفرًا مباحًا في رمضان سواء أراد النزهة أو كان من سائقي سيارات الأجرة أو الحمل جاز له الفطر فيه وإن كان قصده الفطر؛ ووجب أن يقضيه في أيام أخر بعد الشهر وإن كُره تنزيهًا التهرب من التكاليف.
* نرجو من حضراتكم بيان مفسدات الصيام إجمالا .
- إن مفسدات الصوم المتفق عليها بين الفقهاء خمسة وكما يأتي:
-الأكل والشرب متعمدا
- الجماع
-إنزال المني بشهوة وباختياره ، ولا باس بالجنابة للصائم لحديث عائشة -رضي الله عنها- قالت : ((كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُدْرِكُهُ الفَجْرُ فِي رَمَضَانَ مِنْ غَيْرِ حُلْمٍ، فَيَغْتَسِلُ وَيَصُومُ)) متفق عليه، وحديث أم سلمة -رضي الله عنها- :((كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصْبِحُ جُنُبًا مِنْ جِمَاعٍ، لاَ مِنْ حُلُمٍ ، ثُمَّ لاَ يُفْطِرُ وَلاَ يَقْضِي)) رواه مسلم.
- تعمّد القيء، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- :((مَنْ ذَرَعَهُ القَيْءُ، فَلَيْسَ عَلَيْهِ قَضَاءٌ، وَمَنْ اسْتَقَاءَ عَمْدًا فَلْيَقْضِ))،رواه أبوداود والترمذي وابن ماجة وأحمد ،فالحديث الشريف دليل على أن الصائم إذا تقيأ مستدعيا للقيء فسد صومه، وعليه القضاء، قال ابن المنذر: (أجمعوا على إبطال صوم من استقاء عمدا)، وأما من ذرعه وخرج من غير إختياره ؛ فصومه صحيح ولا شيء عليه.
- خروج دم الحيض والنفاس، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (أَلَيْسَ إِذَا حَاضَتْ لَمْ تُصَلِّ وَلَمْ تَصُمْ) . رواه البخاري .
فمتى رأت المرأة دم الحيض أو النفاس فسد صومها ولو كان قبل غروب الشمس بلحظة ، وإذا أحست المرأة بانتقال دم الحيض ولكنه لم يخرج إلا بعد غروب الشمس صح صومها ، وأجزأها يومها. والله أعلم
* ما هو حكم من أفطر عامدا متعمدا ومن غير مرض ولا سفر ولا عذر شرعي، وهل يجوز له قضاء ما فاته وفرط فيه في حال توبته وإنابته لاحقا أم لا ؟ - من افطر عامدا في شهر رمضان بالأكل أو الشرب ولم يكن مريضا أو مسافرا وليس لديه أي عذر للإفطار في رمضان فهو آثم ... وإذا تاب واستغفر الله فيجب عليه قضاء ما افطره ولا كفارة عليه لأن الأصل عدم وجوب الكفارة إلا بما ورد عن الشارع الحكيم ولم يرد من الشارع بوجوب الكفارة إلا في الجماع عامدا وما سوى الجماع ليس في معناه.
* نرجو من حضراتكم بيان حكم من فقد الوعي وأغمي عليه في نهار رمضان وهو صائم أيعد ذلك سببا للإفطار أم لا؟ - من نوى الصيام من الليل وأصبح صائما ثم طرأ عليه مرضا أو حادثا اغمي عليه بسبب المرض أو الحادث فإن هذا الإغماء لا يؤثر على الصوم ولا يفسده فإذا استمر الإغماء إلى وقت الإفطار ( غروب الشمس ) فصومه لهذا اليوم صوما صحيحا ، أما إذا استمر الإغماء إلى اليوم الثاني أو لعدة أيام أخرى فإنه في اليوم الثاني وما بعدها يعتبر مفطرا لعدم تبييت النية من الليل.
* وماذا عن قضاء ما فات من صيام رمضان للمعذور شرعا، فهل يتوجب عليه التتابع والإسراع بعد انقضاء الشهر الكريم مباشرة ، أم يجوز له القضاء على التراخي والتفريق وهل عليه كفارة ؟ - الافضل للمسلم أن يبادر بقضاء ما فاته من شهر رمضان لعذر شرعي، للنصوص الشرعية التي تحث على المسارعة في أداء الطاعات، والمبادرة إلى إسقاط الفرض ؛ لأنه قد يأتي الأجل على حين غفلة فيبقى ما فاته في ذمته ولا يفطن له أولياؤه، ويجوز قضاءُ الصَّومِ على التَّراخي في أي وقتٍ من السَّنَة، قبل دخول رمضان آخر، وهذا ما ذهب إليه جمهور الفقهاء ؛ لحديث السيدة عائشة رَضِيَ اللهُ عنها قالت: (كان يكونُ عليَّ الصَّومُ مِن رَمَضانَ، فما أستطيعُ أن أقضِيَه إلَّا في شعبانَ؛ الشُّغُلُ مِن رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، أو برَسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم) رواه البخاري ومسلم، ومن فاته رمضان لعذر فعليه القضاء فقط، ما لم يدخل عليه رمضان آخر، ومن أخَّرَ قضاءَ رَمَضانَ حتى دخَلَ رَمَضانُ آخرُ، فقال جمهور الفقهاء إن كان التأخير بعذر شرعي فعليه القضاء فقط، وإن كان قادرا على القضاء ولم يقضِ ما فاته ولا عذر له، فيلزَمُه القضاءُ مع الفِديةِ، وهي إطعامُ مِسكينٍ عن كلِّ يومٍ، لما ثبت عن بعض الصحابة الافتاء بذلك، عن أبي هريرة رَضِيَ اللهُ عنه (أنَّه قال في رجلٍ مَرِضَ في رمضانَ، ثم صَحَّ فلم يصُمْ، حتى أدركه رمضانُ آخَرُ، قال: يصومُ الذي أدركه ويُطعِمُ عن الأوَّلِ؛ لكُلِّ يَومٍ مُدًّا مِن حِنطةٍ، لكُلِّ مِسكينٍ، فإذا فَرَغَ من هذا صام الذي فَرَّط فيه)، رواه الدارقطني وصححه موقوفا، ورُوِيَ عن ابنِ عُمرَ وابنِ عبَّاسٍ رضي الله عنهم أنهما قالا: (أطعِمْ عن كلِّ يَومٍ مسكينًا)، وذهب السادة الحنفية إلى أنه لا يلزَمُه إلا القضاءُ فقط، ؛ لعموم قَولِه تعالى: فَمَنْ كَانَ مِنكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ [البقرة:184] ، فيَشمَل ما قضاه قبل رَمَضانَ الثَّاني أو بَعْدَه، ولم يذكُرِ اللهُ تعالى الإطعامَ؛ ولم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم المر بالاطعام، ولذا فلا يجِبُ عليه إلَّا القَضاءُ فقط، ويمكن التفريق إن من أخر قضاء الصيام لعذر فعليه القضاء فقط، ومن أخّره تساهلا من غير عذر حتى دخل رمضان الآخر، فيجب عليه القضاء، ويستحب له أن يطعم عن كل يوم مسكينا، من غير إلزام ، خروجا من الخلاف. وأما التفريق والتتابع في القضاء، فلا يجِبُ التَّتابُعُ في قضاءِ رَمَضانَ، وهذا باتِّفاقِ جمهور الفقهاء، لعمومُ قَولِه تعالى: فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ [البقرة: 184] ، فقد أطلق الله تعالى القَضاءَ ولم يُقَيِّدْه بالتتابع، ولقول ابن عباس رَضِيَ اللهُ عنهما: (لا بأسَ أن يُفَرِّقَ) رواه البخاري معلقا؛ ولأنَّه صومٌ لا يتعلَّقُ بزمانٍ بعَينِه، فلم يجِبْ فيه التتابُعُ، فإن قضاه متتابعا فهو أفضل ليكون القضاء على هيئة الأداء، و ذهب الامام ابن حزم وغيره إلى وجوب التتابع في قضاء رمضان، والراجح قول الجمهور باستحباب التتابع.
* ما حكم من غلبه القيء في نهار رمضان، أعليه الفطر، أم مواصلة الصيام من دون حرج؟ -لا خلاف بين الفقهاء أن من خرج منه القيء من دون تعمد ولكنه غلبه رغما عنه فصومه صحيح ويستمر بالصيام بقية يومه ولا يجب عليه قضاؤه ، وأما من تعمد استخراج القيء بأي طريق سواء بوضع إصبعه في فمه أو غير ذلك فقد فسد صومه ولزمه القضاء؛ لأن التقيوء عمداً من المفطرات، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: مَنْ ذَرَعَهُ الْقَيْءُ فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ، وَمَنِ اسْتَقَاءَ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ. رواه الترمذي وابن ماجه، وذرعه القيء: أي سبقه وغلبه في الخروج.
* هل يؤثر التبرع بالدم على صحة صيام المتبرع للضرورة الملجئة لإنقاذ حياة شخص ما هو بأمس الحاجة الى أكياس دم تطابق صنف دمه ؟ -إن مسألة تأثير التبرع بالدم من الصائم على صحة صيامه مقاسة على الحجامة، فقد ذهب جمهور الفقهاء على أن الحجامة ومثلها التبرع بالدم لا يفسدان الصيام، لأن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم وهو صائم. رواه البخاري، وعن أم علقمة قالت: "كنا نحتجم عند عائشة ونحن صيام، وبنو أخي عائشة فلا تنهاهم"، وذهب الحنابلة الة أن الحجامة ومثله التبرع بالدم يفسدان الصيام ويفطر فاعلهما، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أفطر الحاجم والمحجوم"، رواه الترمذي، والراجح قول الجمهور وهذا الحديث منسوخ، مع التأكيد أن لم تكن هنالك ضرورة في انقاذ نفس ، فالأولى لمن يخشى أن تضعفه الحجامة أو يؤثر عليه التبرع بالدم أن يؤخر ذلك إلى الليل، لأنه قد يضطر إلى الفطر بسببها، فقد كان ابن عمر رضي الله عنهما يحتجم وهو صائم في رمضان وغيره، ثم تركه لأجل الضعف" رواه البخاري معلقا ومالك في الموطأ، وسئل أنس بن مالك رضي الله عنه: أكنتم تكرهون الحجامة للصائم؟ قال: «لا، إلا من أجل الضعف» ، وذلك على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، رواه البخاري.
* حكم استعمال السواك ومعجون الأسنان في نهار رمضان؟ وماذا عن خلع الضرس وحشوة الجذر وزرع الأسنان ونحوها عند الطبيب المختص في عيادته للضرورة الملحة في نهار رمضان بالنسبة للصائم ؟ - السواك مستحب لقول النبي صلى الله عليه وسلم " السواك مطهرة للفهم مرضاة للرب" رواه البخاري. ولا يُكرَهُ للصَّائم استعمال السِّواك في أي وقت، سواء كان قبل الزوال أو بعد الزَّوالِ، وهذا مذهَب الحنفية، وهو قول للشَّافعي، ورواية عن أحمد. وأما معجون الاسنان فحكمه حكم السواك انْ تيقن أن لا يدخل شيء في جوفه ، وقيل لا يستحب استعمال السواك وما في حكمه بعد الزوال للصائم. وأما حشو الأسنان وتنظيفها وقلعها في نهار رمضان ليس له أثر في صحة الصيام، بل معفو عنه بشرط التحفظ من ابتلاع شيء من الدواء أو الدم، وأن إبرة التخدير لا أثر لها على صحة الصوم، لكونها ليست في معنى الأكل والشرب، ولا تصل إلى الجوف ووجود طعم حشو الأسنان في الفم لا يؤثر على صحة الصيام إذا لم يصل للحلق، وكذلك إذا وصل مجرد الطعم إلى الحلق، أي إذا لم يتحلل من المادة شيء فإنه لا يفطر .
* هناك يرى بأن السباحة في النهر أو البحر والغطس في الماء للصائم نهارا تجعله بحكم المفطرين ..هل هذا الرأي صحيح ؟ - نص العلماء على جوازه ، ولو للتبرد فقط إذا كان يغلب على ظن السابح عدم دخول الماء إلى معدته من الأنف (وخاصة عند ثقب طبلتها ) أو من الفم ، وكان يحسن السباحة بحيث يضمن الحفاظ على صيامه ، فلا بأس عليه حينئذٍ من السباحة ، ويكون حكمها حكم الاغتسال للصائم .
* يعاني بعض الصائمين من الوسوسة القهرية فيما يتعلق بالنخامة وبلع الريق وما ينزل من الأنف وما يخرج من الجوف كالبلغم في نهار رمضان ، فهل تعد من المفطرات اذا غلبت صاحبها ولم يحسن ازالتها والتخلص منها كما ينبغي لها أن تزال ؟ -على الصائم ترك النخامة ولا يحاول أن يجذبها إلى فمه من أسفل حلقه، ولكن إذا خرجت إلى الفم فليخرجها، سواء كان صائماً أم غير صائم، قال النووي: «النخامة إن لم تحصل في حد الظاهر من الفم لم تضر بالاتفاق، فإن حصلت فيه بانصبابها من الدماغ في الثقبة النافذة منه إلى أقصى الفم فوق الحلقوم نظر؛ إن لم يقدر على صرفها ومجها حتى نزلت إلى الجوف لم تضر، وإن ردها إلى فضاء الفم أو ارتدت إليه ثم ابتلعها أفطر على المذهب.... » .(المجموع 6/319). فالنخامة اذا نزلت من الأنف وادخلها إلى جوفه مباشرة فلا حرج ، واذا أنزلها في مقدمة فمه وجب أن يُخرجها ، أما الريق فلا حرج في بلعه لأنه منه واليه ولم يكن من خارجٍ . ولا ينبغي للمسلم أن يوسوس في هذه المسألة ولا يفتح بابا للشيطان يدخل إليه فيتعبه بحيث يُكرّهه في الصيام ، ولا يضع فكره في وجود الريق من عدمه ، فليبلعه ولا حرج .
* نسمع بين الفينة والاخرى ببعض الفتاوى التي تجيز لطلبة الجامعات والثانويات بالإفطار أيام الامتحانات ، فهل هناك مسوغ شرعي يبيح للطلبة الافطار لهذا الغرض ؟ - الامتحان ليس من أعذار الإفطار في رمضان والصوم لا يتعارض مع ممارسة الإنسان نشاطه من دراسة وعمل وخلاف ذلك وهم من وسوسة الشيطان.
*: يزعم العديد من أصحاب المهن الشاقة كالبنائين والحدادين والخبازين والكادحين وأمثالهم بأن لهم الحق للإفطار في نهار رمضان لما يجدونه من مشقة في كسب أرزاقهم وهناك من الفتاوى ما أباحت لهم ذلك ، فهل يعد تصرفهم هذا صحيحا وموافقا لأحكام الصيام الشرعية ؟ - منذ شرع الصيام والصائمون يمارسون أعمالهم وشؤون حياتهم فليس العمل من اعذار الافطار، فصاحب العمل يتسحر ويستعد ويخرج للعمل صائما فاذا وجد نفسه لا يقدر على المواصلة ووصل الى ما يشبه حالة المريض افطر وقضى في يوم آخر.
*من نوى سفرا في نهار رمضان كيف عليه أن يتصرف، أيفطر قبل مغادرة حدود البلدة بوجود نية السفر، أم يشترط مغادرة حدودها قبل أن يفطر؟ -للمسافر أن يفطر في شهر رمضان أخذاً برخصة الله تعالى له بذلك ، ثم يقضي ما فاته من أيام أفطرها ، قال الله تعالى : ( وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ) البقرة/185 ، ومن كان في بلده ، ثم نوى السفر ، فلا يسمى مسافرا حتى يفارق عمران بلده ، فلا يحل له أن يأخذ برخص السفر كالفطر والقصر بمجرد نية السفر، لأن الله تعالى إنما أباح الفطر للمسافر ، ولا يكون مسافرا حتى يفارق بلده ، لقول الله سبحانه تعالى : ( فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ) البقرة/185 ، والشاهد هو المقيم في داره ولا يعد مسافرا حتى يخرج من البلد ، وما دام في البلد فله أحكام المقيمين, لا المسافرين ، فلا بد من مغادرة حدود بلدته بنية السفر ليأخذ برخص السفر الشرعية.
* ما هي المسافة التي تبيح الفطر للصائم وقصر الصلاة للمصلي باعتباره مسافرا ، وهل أن ما يفعله بعضهم من حيل يحلو له وصفها بأنها " شرعية" تتمثل بخروجه خارج حدود البلدة ومن ثم عودته اليها ليدخل في حكم المسافر يعد فعلا مشروعا إذا اقتضت الضرورة ؟ - اختلف العلماء كثيراً في مسافة القصر على أقوال تصل لعشرين قولا ، إلا أن المعتبر منها قولان: - قول جمهور اهل العلم من المالكية والشافعية والحنابلة وبعض الحنفية وفقهاء أصحاب الحديث لا يجوز القصرُ إلَّا في مسيرة مرحلتين قاصدتين، وهي ثمانية وأربعون ميلًا هاشميَّة ويعبر عنها أيضا بأربعة بُرُد ، وهي بالتقريب 80 كيلو متر . - ويرى جماعة من أهل العلم إن السفر طويلا كان او قصيرا لا حدّ له فما يسمى سفرا عرفا جاز القصر والترخص فيه ، وبه قال الظاهرية وبعض الحنابلة . والراجح هو قول الجمهور من الفقهاء لما فيه من الاحتياط للعبادة ، فاذا كان السفر للمسافة المذكورة بأي وسيلة نقل قديمة او معاصرة تبيح له قصر الصلوات الرباعية ، او قصرها وجمعها ، وكذلك الفطر على أن يقضيه في وقت لاحق. وأما التحيل لإسقاط الصوم : فانه يُحرّم فعل الحيل لإسقاط الواجب الشرعي، فمن سافر من اجل الفطر كان السفر حراما عليه، وكان الفطر كذلك حراما عليه، لأن التحايل لإسقاط الواجب لا يسقطه، كما ان التحايل على المحرم لا يجعله مباحا ، وقد نصّ الفقهاء على أن : من سافر ليفطر حرم أي السفر والإفطار، حيث لا علة للسفر إلا الفطر، فأما الفطر فلعدم العذر المبيح، وهو السفر المباح، وأما السفر فلأنه وسيلة إلى الفطر المحرم.
* نرجو بيان فدية المريض مرضا مزمنا وهل يجوز له دفع كفارة الإفطار نقدا نهاية الشهر عن كل يوم أفطره خلاله الشهر الفضيل وكيف يتم تقييمها؟ أم يتوجب عليه إطعام مسكين عن كل يوم خلال الشهر ؟
-المرض مرضا مزمنا والكبير الهرم يباح لهم الفطر ، والدليل على إباحة الفطر لهم قوله تعالى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} (الحج:78)، وقال في آية الصيام: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} (البقرة:185) ، فمن لا يرجى برؤه من اصحاب الامراض المزمنة بشهادة طبيب مسلم ثقة ماهر في اختصاصه ، الواجب عليه إطعام مسكين عن كل يوم أفطره ، لقول الله تعالى: (وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ) ، والقدر الواجب في الإطعام هو مد من طعام عن كل يوم، ومقدار المد 750 جراماً تقريباً، وقيل نصف صاع وهو مدان أو كيلو ونصف تقريباً، وهو أحوط.
وأوجب الجمهور إخراجها طعاماً لنص الآية، وأجاز الحنفية إخراج القيمة، والذي نراه هو الأخذ بقول الجمهور، إلا إذا كان في إخراج القيمة مصلحة فلا حرج في إخراجها ، ويمكنه إخراج الفدية مجتمعة من أول الشهر أو آخره أو يوماً بيوم.
*هل يجوز إخراج زكاة الفطر في بداية رمضان وأوسطه، أم يشترط إخراجها قبل يوم أو يومين من عيد الفطر ...والسؤال الأهم هو " هل يجوز الجمع بين إخراجها نقدا وعينا في نفس الوقت ولنفس الشخص تلافيا للجدل المحتدم بشأنها سنويا وكيف يتم تقييمها ؟" .
-اختلف الفقهاء في وقت اخراج فدية الصيام لمن عجز عنه ، وأقرب القولين في ذلك جواز إخراج الفدية أول شهر رمضان، أو وسطه، أو آخره قبل يوم او يومين، فالفدية بدل مخفّف يجب على الكبير والمريض المزمن ، والمناسب في البدل هو التخفيف والتيسير ، وليس التقييد والتشديد، والاصل فيها اطعام مسكين واجاز السادة الحنفية إخراج القيمة نقدا ، وعند بعض الفقهاء تجوز عند الحاجة أو وجود مصلحة في إخراجها نقدا.
والأصل أن تخرج إما طعاما أو نقدا، فإن أخرجها بأي صورة فقد أجزأت عنه، وإذا أخرجها نقدا ثم أحب أن يخرجها طعاما فيجوز تطوعا وخروجا من الخلاف.
* حبذا لو تبينون للصائمين سنن الصوم ومستحباته وما ينبغي للصائم الاكثار منه في ليله ونهاره وما يتوجب عليه الاحجام عنه طيلة الشهر الفضيل .
-سنن الصّوم ومستحبّاته كثيرة، أهمّها:
- السّحور، وقد ورد فيه حديث أنس رضي الله تعالى عنه أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: ( تسحّروا فإنّ في السّحور بركةً ) ، وتأخير السّحور، وتعجيل الفطر، لقوله صلى الله عليه وسلم : (لا يزال النّاس بخير ما عجّلوا الفطر)، ويستحبّ أن يكون الإفطار على رطبات، فإن لم تكن فعلى تمرات، فقد كان رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يفطر قبل أن يصلّي على رطبات، فإن لم تكن رطبات فتميرات، فإن لم تكن تميرات حسا حسوات من ماء) رواه الترمذي، ولقوله صلى الله عليه وسلم: (إذا أفطر أحدكم فليفطر على تمر، فإنّه بركة، فمن لم يجد فليفطر على ماء، فإنّه طهور) رواه الترمذي وابن ماجه، ويستحبّ أن يدعو عند الإفطار، قال عليه الصلاة والسلام:(إنّ للصّائم دعوةً لا تردّ )، وكان صلى الله عليه وسلم إذا أفطر قال: ( ذهب الظّمأ، وابتلّت العروق، وثبت الأجر إن شاء اللّه تعالى ) رواه أبو داود.
وينبغي للصائم الاكثار من الأعمال الصالحة والطاعات ولاسيما التي اختص بها شهر رمضان، ومنها: المحافظة على صلاة التراويح جماعة والحرص على العمرة في رمضان، والاعتكاف في المسجد، ولاسيما العشر الآواخر، والإكثار من قراءة القرآن والاذكار، وإخراج الصّدقات، وتقديم الخير لمن يحتاجه وصلة الأرحام .
وعلى المسلم أن يتجنب ما يحبط صومه من المعاصي الظّاهرة والباطنة، فيصون لسانه عن اللّغو والهذيان والكذب، والغيبة والنّميمة، والفحش والجفاء، والخصومة والمراء، ويكفّ جوارحه عن جميع الشّهوات والمحرّمات، قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: ( قال اللّه تعالى: كلّ عمل ابن آدم له إلاّ الصّيام، فإنّه لي وأنا أجزي به، والصّيام جنّة، وإذا كان يوم صوم أحدكم، فلا يرفث ولا يصخب، فإن سابّه أحد أو قاتله، فليقل: إنّي امرؤ صائم ) متفق عليه، وقال صلى الله عليه وسلم: (من لم يدع قول الزّور، والعمل به، فليس للّه حاجة في أن يدع طعامه وشرابه ) رواه البخاري.
#احمد_الحاج (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
صوم رمضان طاعة للرحمن..طهارة من الأدران ..علاج للقلوب والأبد
...
-
المضحك خانه في عصر ترامبياهو والمواطن المسحوق ال حائر بزمانه
...
-
اقرأ عن تاريخ الثورات قبل أن تتكلم وإياك أن تخلط حابلا بنابل
...
-
مقترحات وعتب لا يخلو من الصراحة بمناسبة اختيار بغداد عاصمة ل
...
-
زلزال-ديب سيك-يهز عرش ترامبو وشركائه !
-
رسائل للمثقفين الواعين ابتداء وللمرجفين والذباب الالكتروني ا
...
-
زكاتك وصدقاتك وأعمالك الخيرية والتطوعية في عصر-التراماسكية A
...
-
فرعون ترامب..قارون ماسك..هامان الذكاء الاصطناعي= حكم ال -ترا
...
-
الى الكاوبوي ترامب الحاكم بأمر شريعة الغاب وقانون المخلب وال
...
-
تحذير سيبراني من محاضرات ومواعظ الجانب المظلم في التاريخ !
-
يا أحفاد الأنجلو ساكسون .. ميزان عدالتكم اللا موزون يعفو عن
...
-
مأساة ياعرب مأساة !
-
الشرق الأوسط الجديد ومستقبل الفصائل السورية والعراقية المسلح
...
-
انطق يا اللسان المكمم واصرخ يا الضمير النائم !
-
الباستيل السوري الذي فضح معتقلات الشرق الأوسط المظلمة برمتها
-
ما هكذا يا -فيصل بول مارا- تورد الإبل !
-
لا تشغلك -صاد عن صاد- فكلها سهام ثاقبة وخناجر مصوبة الى القل
...
-
لا تلوموا الشعوب إذا ثارت ولوموا حكامها وحكوماتها إذا ظلمت و
...
-
بعض الترتيب المكتبي والتنقيب يكشف عن كل نفيس وعجيب!
-
مقصرون ولكن ما يزال أمامنا فسحة !
المزيد.....
-
مصدر يوضح لـCNN علاقة الصين بتمسك أمريكا بصفقة المعادن الناد
...
-
ترامب يعلن أن مشكلة الهجرة غير الشرعية لم تعد موجودة في بلاد
...
-
في أولى لقاءاتها الدبلوماسية.. المبعوثة الأممية الجديدة إلى
...
-
أوربان: المجر ستقرر مصير انضمام أوكرانيا إلى الاتحاد الأوروب
...
-
ترامب يُقيل رئيس هيئة الأركان المشتركة ضمن تعديلات في البنتا
...
-
إسرائيل تؤخر إطلاق سراح أسرى فلسطينيين بعد الإفراج عن 6 رهائ
...
-
الخارجية الروسية: لافروف يزور إيران قريبا
-
مصر.. خبير مائي يكشف تطورات جديدة تخص سد النهضة الإثيوبي
-
زيلينسكي قد يحاكم في الولايات المتحدة بتهمة قتل مواطن أمريكي
...
-
إعلام: الولايات المتحدة تستسلم لروسيا باقتراحها قرارا أمميا
...
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|