أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محي الدين محمد يونس - لكل قاعدة استثناء















المزيد.....


لكل قاعدة استثناء


محي الدين محمد يونس
(Mohiadin Mohammad Yonis)


الحوار المتمدن-العدد: 8261 - 2025 / 2 / 22 - 17:31
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


المتعارف عليه عندنا في دول المنطقة والعراق على الخصوص في نمط العمل السياسي هو زوال أي دور للشخصية السياسية مع انتهاء النظام السياسي الذي كان يعمل ضمن تشكيلته في إدارة الدولة ومجيء نظام جديد آخر عن طريق الانقلابات العسكرية أو التغيير عن طريق احتلال دولة أجنبية كما حصل عندما قامت دول التحالف بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية باحتلال العراق وإسقاط نظام الرئيس العراقي (صدام حسين) في عام (2003) وربما لا تقتصر تداعيات التغيير على استبعاد الشخصية السياسية عن موقعه اذا لم يتعرض للقتل والتعذيب والإهانة والمسائلة القانونية عن تهم توجه إليه تخص فترة عمله ضمن النظام السابق وموقفه وتعامله مع الأحزاب ومسؤوليها ضمن النظام الجديد عندما كان مسؤولاً وذو سلطة وقد برزت الكثير من هذه الحالات والإشكال عند سقوط النظام الملكي في تموز من عام (1958) وإعلان النظام الجمهوري بقيادة الزعيم الركن (عبد الكريم قاسم) حيث سيق العديد من رؤساء الوزارات والوزراء والمسؤولين الكبار من العسكريين والمدنيين الى المحكمة العسكرية العليا الخاصة (محكمة المهداوي أو محكمة الشعب).
والتي تم تشكيلها عقب الانقلاب لمحاكمة رجال النظام الملكي السابق وأصدرت بحقهم مختلف الإحكام ومن بينها أحكام الإعدام والتي لم تنفذ على الغالبية من المحكومين بها حيث شملوا بقرارات العفو التي أصدرها رئيس الوزراء (عبد الكريم قاسم) وتم إطلاق سراحهم باستثناء ثلاثة محكومين.

1- سعيد القزاز / وزير الداخلية
2- بهجت العطية / مدير الأمن العام
3- عبد الجبار فهمي / متصرف لواء بغداد (محافظ بغداد)
المحكومين الثلاثة وتنفيذ حكم الإعدام بهم على ضوء واقع مكونات الشعب العراقي الطائفية والعرقية حيث كان الأول كردياً وقد كان للحزب الشيوعي دوراً خبيثاً من خلال حقدهم على هذا الرجل وتعجيلهم في إنهاء حياته من خلال الضغط على رئيس الوزراء (عبد الكريم قاسم) في هذا الاتجاه.
أما الثاني فقد كان شيعياً والثالث سنياً وهذا يفند مزاعم القائلين بعدم وجود نوازع الحراك الطائفي والعرقي إلا في الوقت الحالي حيث كانت هذه النوازع حبيسة الضغط والكتمان منذ تشكيل الدولة العراقية وبحراك ونشاط متفاوت حسب الظروف السائدة وموقف أنظمة الحكم المختلفة في تعاملها مع هذه الظاهرة المتسمة بالعنف والانتقام وكما حصل من تداعيات على أثر سقوط نظام الحكم الذي كان يقوده رئيس الوزراء (عبدالكريم قاسم) حيث قتل العديد من مسؤولي ذلك النظام وفي المقدمة منهم رئيس الوزراء نفسه مع عدد آخر على أثر الانقلاب الـــــدموي الذي قاده حزب البعث العربي الاشــــتراكي في صــبيحة يـــــــوم (8 شباط 1963) والذي لم يستمر طويلاً حيث سقط هو الآخر على أثر مشاكل وانشقاقات داخل بنية الحزب المذكور بين الأطراف العسكرية والمدنية وخلق هذا الصراع فرصة ثمينة لرئيس الجمهورية في هذا النظام (عبدالسلام عارف) ليستغله ويستولي علىٰ السلطة ويبعد البعثيين ويجردهم من سلطاتهم التي اتسمت بالظلم والاضطهاد وانعدام العدالة والمساواة وغياب القانون وتداعيات هذه السمات السيئة في نمط الحكم على سمعة هذا الحزب وقيادته ومؤيديه بعد إرغامه على التخلي عن السلطة في انقلاب (18 تشرين الثاني 1963) ومن الجدير بالذكر محاولة الحزب المذكور إخفـــاء دوره وعلاقتــــه بــانقلاب (17 تموز 1968) والحذر من ردود الفعل السلبية إزائه من قبل الأحزاب والقوىٰ السياسية المتنوعة العراقية وتخوفها من استلام حزب البعث للسلطة للمرة الثانية وهو يحمل هذا الإرث السيئ وغير المقبول من خلال دوره في حكم العراق عام 1963.
وهنا لابد أن نشير الىٰ أنه وبالرغم من كل الممارسات السيئة التي بدرت ومارسها النظام البعثي في فترة تسلطه علىٰ مقاليد الأمور وفرضه نظاماً دمويا وقاسيا اتسم بالقتل والتعذيب والتنكيل إلا أن ردود الأفعال الإنتقامية ضد قيادات هذا الحزب ومنتسبيه لم تكن بحجم ما نسب إليه من أفعال وتصرفات عدائية ضد الكثير من المواطنين وعلى الخصوص منها ما يخص المحسوبين على الحزب الشيوعي العراقي ويعود ذلك بسبب كونهم ومن جاء من بعدهم على سدة الحكم من محور واحد ألا وهو المحور القومي العربي المتكون من حزب البعث العربي الاشتراكي والتيارات القومية العربية المتنوعة.
لقد برزت أقسىٰ حالات الانتقام والظلم والاضطهاد خلال الحقبة الثانية لحكم حزب البعث العربي الاشتراكي الذي جاء لســـــدة حكم العـــــراق علىٰ أثر انقـــــلاب (17-30 تموز 1968) حيث تم الزج بالعديد من رؤساء الوزراء في نظام الحكم السابق للأخوين (عبد السلام وعبد الرحمن عارف) في المعتقل سيء الصيت (قصر النهاية) وتعرضهم لأقصىٰ أنواع التعذيب والتنكيل البدني والنفسي الهمجي ونخص بالذكر كما حصل مع:-
1- عبد الرحمن البزاز – رئيس وزراء
2- طاهر يحيىٰ – رئيس وزراء
3- رشيد مصلح – وزير الداخلية
4- عبد العزيز العقيلي – وزير الدفاع
5- أنور ثامر العاني – مدير الأمن العام
لقد جرىٰ التعامل مع رجال الحكم السابقين وفق هذا المنوال منذ تأسيس الدولة العراقية وتشكيل حكوماتها منذ عام (1921) ولغاية يومنا هذا وبعد هذه المقدمة عن تداعيات تغيير الأنظمة السياسية وما تخلفه من نتائج في اختفاء السياسيين القُدامى من علىٰ وجه الساحة السياسية نأتي علىٰ ذكر الاستثناء من هذه القاعدة ألا وهو الشخصية السياسية الكردية المخضرمة (فؤاد عارف) وهو موضوع بحث مقالنا هذا والذي عاصر معظم أنظمة الحكم في العراق من بداياتها مسؤولاً وبمختلف المناصب والمواقع الرفيعة في الحكومات العراقية وقبل أن نتطرق الى هذه المواقع والمناصب رأينا من الصواب أن نوجز شيئاً في الحديث عن سيرته الشخصية.

السيرة الشخصية

هو فؤاد عارف محمود إسماعيل البرزنجي ولد في مدينة العمارة سنة (1931) من أبوين كرديين وسبب ولادته في هذه المدينة يعود الىٰ كون والده كان موظفاَ في محاكم هذه المدينة بصفه مستنطق والذي توفي عام (1914) وكان ولده (فؤاد) بعمر سبعة أشهر وعلى أثر ذلك انتقل مع والدته الى مدينة السليمانية في بيت خاله (ماجد مصطفىٰ) الذي تولىٰ رعايته والعناية به وعوضه عن رعاية وحنان والده وكان المذكور خريج الكلية الحربية في إسطنبول وعاد الىٰ العراق بعد احتلاله من قبل بريطانيا، تقلد عدة مناصب ومن ثم وزير بدون وزارة في عام (1943) ومن ثم تقاعد وعمل في الأعمال الحرة لحين وفاته في عام (1974). نعود لسيرة (فؤاد عارف) فنذكر دخوله الكلية العسكرية عام (1929) وتخرجه منها برتبة ملازم ثان عام (1934)، توفي عام (2010) في محافظة السليمانية عن عمر ناهز (97 عاماً).

أنظمة الحكم العراقية ودور فؤاد عارف فيها
أولاً – في ظل النظام الملكي
قبل فؤاد عارف كما أسلفنا في الكلية العسكرية عام (1929) وتخرج عام (1934) وصادف أن يكون الأمير (غازي) ابن ملك العراق (فيصل) ضمن دفعته الدراسية في السنة ذاتها ومن أنه كان ينام معه في قاعة واحدة لثلاثة سنوات تباعاً ومن خلال هذه المعايشة وسلوكه الاعتيادي في التعامل مع زملائه الطلبة في الكلية توطدت العلاقة الشخصية بينهما وأصبحا متلازمين في أغلب الأوقات ويتحدث عن زمالته هذه مع الأمير (غازي) في مذكراته بعض الأحداث الطريفة عن سلوك وتصرفات الأمير ومنها قوله:
} كنا نرمي الحجارة علىٰ نخلة كي يتساقط منها التمر قرب الكلية العسكرية والأمير (غازي) معنا يفعل مثلما نفعل وكنا نشعر بالسعادة الغامرة، ونحن نجمع التمر الزهدي المتساقط، بادره أحد الطلبة (زكي عزيز) قائلاً: ما عندك أربعة فلوس تشتري تمراً يا برنس! حتىٰ جئت ترمي الحجارة لتسقط التمر معنا ؟
أجابه الأمير غازي: يا ناس خاطر الله، مو آني هم يعجبني العب وأعمل مثلكم{ .
تعتبر زمالته للأمير (غازي) في الكلية العسكرية منطلقا لبدايات شهرته وتكوين شخصيته السياسية والاجتماعية والتي مهدت له الطريق فيما بعد ليكون طرفاً حاضراً في أغلب الأحداث السياسية التي مرت بالعراق من خلال استثماره لهذه العلاقة وقدراته الشخصية ومكانة عائلته التي برز فيها خاله (ماجد مصطفىٰ)، بعد تخرجه من الكلية العسكرية عين مرافقاً للمك (غازي) في عام 1936) ولغاية وفاته أثر حادث (اصطدام سيارته بعمود الكهرباء في 7 نيسان 1939).

ثانياً- النظام الجمهوري الأول
بعد انقلاب (14 تموز 1958) بقيادة كل من الزعيم الركن (عبد الكريم قاسم ) والعقيد الركن (عبد السلام عارف) وبحكم العلاقة الودية التي كانت تربط (فؤاد عارف) برئيس الوزراء الجديد فقد عينه محافظاً لكربلاء ثم شغل منصب وزير دولة ووزير الزراعة بالوكالة ووزير الإرشاد، وهنا لابد لنا للحديث عن تدهور العلاقة بين قائدي الانقلاب ودور (فؤاد عارف) فيه والذي نتركه يحدثنا عنه عندما احتدم النقاش بين الاثنين وكان هو حاضراً في غرفة رئيس الوزراء فيذكر نصاً (( لقد فكرت مع نفسي أن أتركهما وحدهما قليلاً قد تكون بينهما بعض الأسرار، فاستأذنت بالخروج وما أن خرجت من الغرفة ودخلت غرفة السكرتير حتىٰ وجدت (ناجي طالب ومحي الدين عبد الحميد وعبدالعزيز العقيلي وناظم الطبقجلي وعبدالوهاب الشواف) امتلكهم العجب بسبب تركي لهما وخروجي من غرفة (عبدالكريم قاسم) حتىٰ أن اللواء الركن (ناجي) خاطبني مازحاً : أبا فرهاد كملت الطبخة
قلت: لا والله
وفي تلك اللحظة سمعت عبد الكريم قاسم يناديني من غرفته التي تؤدي الىٰ غرفة السكرتير قائلاً " أين أنت ذاهب يا فؤاد " فعرفت انه لا يريد أن أتركهما وحدهما أو ربما كان يخشىٰ أن يبقىٰ مع (عبد السلام عارف) وحده.
فعدت فوراً الىٰ غرفته وأوصدت الباب من ورائي وتشاغلت عنهما بالنظر الىٰ بعض الصور المعلقة علىٰ الجدار والنقاش دائر بينهما وانا انتقل من صورة الىٰ أخرى حتىٰ سمعت (عبدالكريم قاسم) يصيح بحدة "يا عبدالسلام خنت الثورة من اليوم الرابع لقيامها" فالتفت الىٰ (عبدالكريم قاسم) لأجده يخرج ورقة ويقول "هذه برقية بعث بها (عبدالمجيد فريد) الملحق العسكري المصري في بغداد الىٰ الرئيس (جمال عبدالناصر)" وقد استطاعت بعض الجهات أن تستحوذ علىٰ هذه البرقية وتسليمها الىٰ (عبدالكريم قاسم) يذكر الملحق العسكري المصري ببرقيته ما يأتي وقد قرأها عبدالكريم قاسم "
لقد اتصلت بــ (عبد السلام عارف) وهو مصر علىٰ أن يقيم الوحدة الفورية بين العراق والجمهورية العربية المتحدة وسوف يرغم (عبد الكريم قاسم) علىٰ قبول هذه الوحدة وإذا لم يوافق فسوف يتخلص منه".
وفجأة وجدت (عبد الكريم قاسم) يصرخ قائلاً: ولك أنت شدتسوي" (أي ماذا تفعل)... فالتفت الىٰ (عبد السلام عارف) واذا به قد سحب مسدسه وهو يهجم علىٰ (عبدالكريم قاسم) ممسكاً به وما كان مني إلا
أن انقضضت بدوري علىٰ يد (عبدالسلام عارف) وأمسكت به ثم بدأت ألوي ساعده حتىٰ أخذت المسدس منه وكان يحاول (عبدالسلام عارف) المقاومة ولكني سيطرت عليه فسقط علىٰ الأرض وهو يبكي دفعت الضجة التي حدثت في غرفة (عبدالكريم قاسم) الىٰ فتح الباب ودخول السادة الذين ذكرت أنهم كانوا جلوساً في غرفة السكرتير بالإضافة الىٰ (عبد الكريم الجدة) آمر الانضباط العسكري مع (وصفي طاهر) مرافق (عبدالكريم قاسم) وكان أول الداخلين وهو (محي الدين عبدالحميد) وبدأ (عبدالسلام عارف) يبكي وهو ملقىٰ علىٰ الأرض وكنت أقوم بتفريغ المسدس من إطلاقاته.
وجدت (عبد الكريم قاسم) يصيح قائلاً: لولاك لاغتالني عبد السلام.
فقال عبد السلام: أنا لم أنوي قتلك
فقال عبد الكريم قاسم: إذن لماذا سحبت مسدسك؟
قال عبد السلام: كنت أريد أن أنتحر.
فقال له عبد الكريم قاسم: أذا كنت تريد أن تنتحر فأنتحر في بيتك أما هنا فأنك قد سحبت مسدسك في حضور رئيس الوزراء وهذه جريمة تحاسب عليها.



ويضيف (فؤاد عارف) في مذكراته فيقول:
في الحقيقة أنا لا أستطيع أن أتهم (عبد السلام عارف) بمحاولة الاغتيال، وهذا ما أكدته أمام (المحكمة العسكرية العليا الخاصة) لهذه الحكاية صلة بما سنذكره عن دور (فؤاد عارف) في مرحلة النظام الجمهوري الثاني وحكاية المسدس وهنا لا بد أن أشير إلى كون (عبد السلام عارف) كان يعتبر نفسه هو الذي قام بالثورة لأنه هو الذي دخل بغداد صبيحة الرابع عشر من تموز، وقبل دخول (عبد الكريم قاسم) الذي وصلها في الساعة الحادية عشرة قبل ظهر ذلك اليوم وأذاع بنفسه البيان الأول في الساعة السادسة من صباح ذلك اليوم وأعلن الجمهورية، وهذا الانتصار العسكري الذي لم يلق مقاومة عسكرية تذكر جعل (عبد السلام عارف) يشعر بداء العظمة.
علىٰ كل حال كانت نتائج هذا الخلاف الحاد بين الرجلين وتطورها الىٰ حالة القطيعة وفقدان الثقة وبالتالي الىٰ إعفاء (عبد السلام عارف) من مناصبه عام (1959) وابعد بتعينه سفيرا للعراق في ألمانيا الغربية. وبعدها ونتيجة عودته من ألمانيا للعراق دون استئذان والمقابلة التي حصلت بينه وبين رئيس الوزراء (عبد الكريم قاسم) والتي نوهنا عنها قبل أسطر حيث أحيل موقوفاً الىٰ المحكمة العسكرية العليا الخاصة بتهمة التآمر ومحاولة قلب نظام الحكم فحكم عليه بالإعدام ثم خفف الحكم الىٰ السجن المؤبد ثم بالإقامة الجبرية في منزله ومن ثم عفىٰ عنه (عبد الكريم قاسم) عام (1961).

ثالثاً – النظام الجمهوري الثاني
علىٰ أثر نجاح الانقلاب الذي قاده حزب البعث العربي الاشتراكي وتمكنه من الإطاحة بنظام حكم (عبد الكريم قاسم) في (8 شباط 1963) فقد تم استدعاء (عبد السلام عارف) من منزله واسند إليه منصب رئاسة الجمهورية العراقية علىٰ الرغم من كونه لم يكن مشاركاً في التخطيط وتنفيذ هذا الانقلاب بهدف الاستفادة من شخصيته المناوئة لــ (عبد الكريم قاسم) وعلاقاته الواسعة مع المحسوبين علىٰ التيار القومي العربي.
وهنا نأتي علىٰ دور (فؤاد عارف) فيه حيث يذكر في مذكراته بأنه تم استدعائه صباح يوم الانقلاب الىٰ دار الإذاعة والذي وصل إليها بصعوبة بالغة لوجود اشتباكات مسلحة بين مؤيدي الانقلاب ومعارضيه وأنه وصل الىٰ الإذاعة ومسدسه في يده وقبل دخوله علىٰ (عبد السلام عارف) طلب منه مرافقه النقيب (عبد الله مجيد) تسليمه المسدس لخطورة الموقف والوضع، فيقول بأنه أعطاه المسدس وفي مساء ذلك اليوم نهض ليعود الىٰ داره طلب إعادة المسدس فضحك (عبد السلام عارف) وقال " أبو فرهاد أعطيني مسدسي الذي أخذته مني كي أعطيك اليوم المسدس الذي أخذوه منك" ويعقب (فؤاد عارف) علىٰ كلام (عبد السلام) قائلاً: " قلت لا يا عبد السلام لم يأخذوه مني إنما أنا الذي أعطيتهم إياه بمحض إرادتي أني لست ممن ينتزع المسدس من أيديهم وأنت تعرف كيف انتزعت أنا المسدس من يدك في حينه وقد فهم عبد السلام عارف" ماذا اعني في ردي لأني أنا الذي انتزعت المسدس من يده عندما أخرجه في أثناء نقاشه مع (عبد الكريم قاسم) بحضوري وقد جلب لي (عبد الله مجيد) مسدسي وخرجت من دار الإذاعة ". كما يذكر بأنه صبيحة يوم (9 شباط 1963) جاءت سيارة لأخذه الىٰ دار الإذاعة وهناك قالوا له سيأتي (عبد الكريم قاسم) مستسلماً وسيعدمونه وبأنه قرر الاعتذار عن رؤية ذلك المنظر وعاد الىٰ بيته عند تشكيل الوزارة في الحكومة الجديدة أسندت إليه حقيبة وزير الدولة لشؤون الأوقاف.

رابعاً – النظام الجمهوري الثالث
نتيجة الصراع الداخلي في صفوف حزب البعث العربي الاشتراكي في جناحيه العسكري والمدني واستغلال ذلك كما ذكرت سابقاً من قِبل رئيس الجمهورية (عبد السلام عارف) بالتعاون مع البعض من ضباط الجيش العراقي الناقمين والحاقدين على حزب البعث والأسلوب السيء في إدارته للدولة العراقية والتجاوزات والتعالي من قبل أفراد الحرس القومي على المؤسسة العسكرية العراقية حيث تم مطاردة فلول الحرس القومي وغلق مقراته والقبض على الكثير منهم وتجريدهم من السلاح وبانتهاء حقبة حزب البعث تم تشكيل حكومة جديدة واستمر (عبد السلام عارف) في منصبه كرئيس للجمهورية العراقية ولم يمنح (فؤاد عارف) في هذه الفترة أي منصب وزاري إلا أن ذلك لا يعني انقطاع العلاقة الودية بينه وبين أقطاب هذا النظام الجديد وفي المقدمة منهم رئيس الجمهورية (عبد السلام عارف) والذي توفي بحادث سقوط الطائرة التي كانت تقله في جولة تفقدية في مدينة البصرة بتاريخ (13 نيسان 1966).

خامساً - النظام الجمهورية الرابع
بعد وفاة الرئيس العراقي (عبد السلام عارف) كما أسلفنا تم تسمية شقيقه (عبد الرحمن عارف) خلفا له كرئيس للجمهورية العراقية وفي ظل هذا النظام تم تعيين (فؤاد عارف) نائباً لرئيس الوزراء واستمر في منصبه هذا لغاية الإطاحة بنظام حكم (عبد الرحمن عارف) في انقلاب (17 تموز 1968).
سادساً - النظام الجمهورية الخامس
كانت حكومة (عبد الرحمن عارف) حكومة ضعيفة وضعفها من تداعيات تأثير رئيس الجمهورية (عبد الرحمن عارف) الذي كان شخصاً هادئاً وسلمياً ويفتقر الى المناورة والفهم الصحيح للسياسة وألاعيبها وقد كثر الطامعون والهادفون لإسقاطه وأزاحته عن حكم العراق من قِبل أحزاب وجهات عديدة وفي المقدمة منهم حزب البعث العربي الاشتراكي والذي استطاع إقناع كل من (عبد الرزاق النايف) مدير الاستخبارات العسكرية و (عبد الرحمن الداود) قائد الحرس الجمهوري بالتعاون معهم في إنجاز هذه المهمة ولولاهما لما نجح الانقلاب من خلال الوعد بمنح الأول منصب رئيس الوزراء ومنح الثاني منصب وزير الدفاع وهذا ما حصل بالفعل بعد نجاح الانقلاب مكافئة من البعثيين لهما جراء خيانتهما للرئيس العراقي (عبد الرحمن عارف) والذي سفر الى بريطانيا وأعقب ذلك في (30 تموز 1968) إزاحة المذكورين عن منصبيهما واغتيال (عبد الرزاق النايف) فيما بعد في العاصمة البريطانية (لندن) من قِبل المخابرات العراقية. ونعود للحديث عن (فؤاد عارف) والذي كان له دور مشهود في توقيع اتفاقية (الحادي وعشر من آذار عام 1970) بين الحكومة العراقية والحركة الكردية بقيادة (مصطفى البارزاني) والذي عرض عليه قبول منصب وزاري في الحكومة الجديدة التي ستشكل وفيها خمسة وزراء أكراد إلا أنه اعتذر عن قبول ذلك وبرر رفضه بضرورة فتح المجال للعناصر الشابة للعمل وخدمة الوطن يذكر (فؤاد عارف) في مذكراته من إنه بعد الاتفاق بين القيادة الكردية والحكومة العراقية توثقت علاقته مع (صدام حسين) اكثر فاكثر وكان يزوره في داره بين الحين والحين وتتم مناقشة قضايا متنوعة ودقيقة. وفي أحدىٰ المرات طلب مني أن اقبل بتولي منصب نائب رئيس الجمهورية والذي كان من حصة الأكراد حسب بيان الحادي عشر من آذار ورغم تكرار (صدام حسين) عليه هذا الطلب إلا أنه برر رفضه هذه المرة بقوله (أنني أتشرف بهكذا منصب لكنني أعرف بأن مهمتي ستكون شكلية) وملاحظة أخرىٰ جديرة بالاهتمام عن هذا الرجل واستثنائه عن الآخرين ألا وهي وجود علاقات جيدة بينه وبين قيادات الأحزاب الكردية المعارضة للسلطة بالتزامن مع علاقاته الجيدة مع أنظمة الحكم في بغداد وفي نفس الوقت علىٰ عكس ما هو متبع في اختيار السياسي الكردي العمل مع أنظمة الحكم في العراق أو أن يكون في جانب الحركة الكردية المعارضة للسلطة فقد كان وثيق الصلة مع زعيم الحركة الكردية (مصطفىٰ البارزاني) وابنه (مسعود البارزاني) وعين الحال في علاقاته المتميزة مع (جلال الطالباني) وأغلب السياسيين الكرد. وملاحظة صغيرة وأخيرة أوردها في وصفه لكافة الانقلابات العسكرية وتسميتها بالثورة نتيجة علاقاته الحسنة مع جميع أنظمة الحكم ابتداءً من انقلاب (14 تموز 1958) ولغاية انقلاب (17 تموز 1968) وبهذا أكون قد أنهيت الحديث عن السياسي الكردي المخضرم (فؤاد عارف) ودوره السياسي في الأحداث التي مرت بالعراق من خلال مشاركته الفعلية في مختلف المسؤوليات الوظيفية ومشاركته والاستئناس برأيه عندما يكون خارجها، أرجو أن يكون مقالي هذا عند حسن ورضا القراء الأعزاء وأملي في أن يشاركوني في بيان رأيهم وتفسيرهم في وصول هذه الشخصية (فؤاد عارف) وحصوله علىٰ هذا النوع من التعامل المميز طيلة هذه الفترة الزمنية من التاريخ السياسي لأنظمة الحكم في العراق.



#محي_الدين_محمد_يونس (هاشتاغ)       Mohiadin_Mohammad_Yonis#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إجا الليل شيخلصه الليل
- مكرم الطالباني في ورطة
- حلبجة وأدلة مسؤولية النظام العراقي السابق عن قصفها بالأسلحة ...
- بمناسبة ذكراها الأليمة اتفاقية الجزائر 1975 وحسابات الربح وا ...
- بمناسبة ذكراها السنوية انتفاضة جماهير أربيل في آذار من عام 1 ...
- خرند أو وادي الموت
- التهرب من الخدمة العسكرية في ظل النظام السابق أنواع وهذا أحد ...
- كيفية صدور القوانين في ظل النظام العراقي السابق -قانون الخدم ...
- الحملة الوطنية الشاملة للتبرع بالمال والذهب الذي لا ندري أين ...


المزيد.....




- مصدر يوضح لـCNN علاقة الصين بتمسك أمريكا بصفقة المعادن الناد ...
- ترامب يعلن أن مشكلة الهجرة غير الشرعية لم تعد موجودة في بلاد ...
- في أولى لقاءاتها الدبلوماسية.. المبعوثة الأممية الجديدة إلى ...
- أوربان: المجر ستقرر مصير انضمام أوكرانيا إلى الاتحاد الأوروب ...
- ترامب يُقيل رئيس هيئة الأركان المشتركة ضمن تعديلات في البنتا ...
- إسرائيل تؤخر إطلاق سراح أسرى فلسطينيين بعد الإفراج عن 6 رهائ ...
- الخارجية الروسية: لافروف يزور إيران قريبا
- مصر.. خبير مائي يكشف تطورات جديدة تخص سد النهضة الإثيوبي
- زيلينسكي قد يحاكم في الولايات المتحدة بتهمة قتل مواطن أمريكي ...
- إعلام: الولايات المتحدة تستسلم لروسيا باقتراحها قرارا أمميا ...


المزيد.....

- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محي الدين محمد يونس - لكل قاعدة استثناء