أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - رياض سعد - تزوير الدينار العراقي أداة لاستنزاف العملة الصعبة و تدمير الاقتصاد الوطني















المزيد.....


تزوير الدينار العراقي أداة لاستنزاف العملة الصعبة و تدمير الاقتصاد الوطني


رياض سعد

الحوار المتمدن-العدد: 8261 - 2025 / 2 / 22 - 10:54
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


في ظل الأزمات الاقتصادية التي يعانيها العراق والتحديات المالية , و تراجع قيمة الدينار العراقي لأرقام قياسية، اخترقت مافيا العملة المزورة الأسواق المحلية، مما سبب حالة من الإرباك لدى المواطنين والتجار، اذ برزت ظاهرة تزوير العملة المحلية (الدينار العراقي) كأحد التحديات الكبرى التي تهدد استقرار الاقتصاد الوطني , وتؤدي الى تعويم العملة المحلية وتضخمها ؛ وتشير بعض التقارير إلى أن العملات المزورة تُستخدم بشكل منظم لشراء الدولار من السوق الموازية ، مما يؤدي إلى استنزاف العملة الصعبة وإضعاف قيمة الدينار ؛ و هذه الظاهرة الاجرامية التخريبية لا تنحصر بالداخل العراقي فحسب، بل يُعتقد أنها مرتبطة بجهات خارجية تهدف إلى زعزعة الاقتصاد العراقي , ونهب الثروات الوطنية .
وليت الامر اقتصر على السوق السوداء , فقد وصل التزوير الى المصارف الحكومية والاهلية , اذ شاع بين الناس والموظفين , الحديث عن تقديم فواتير مزورة أو مزيفة الى البنك المركزي العراقي لغرض شراء الدولار بحجة الاستيراد , طوال السنوات الماضية , واعترفت الحكومات العراقية المتعاقبة وجميع الجهات المعنية بهذه الظاهرة وتحققها على ارض الواقع ؛ لكن الحديث عن "تقديم أموال او دينار عراقي مزور" لشراء الدولار، أمر بدأ الحديث به خلال العام الماضي فقط، ليأتي موثقًا في البيان الأخير لوزارة الخزانة الامريكية ...!!
ووزارة الخزانة الامريكية، وفي قرارها المنشور على موقعها الرسمي، حول ادراج مصرف الهدى العراقي في قائمة العقوبات، ذكرت ان البنك يخضع منذ تأسيسه لسيطرة الحرس الثوري الإيراني، ويتيح له الوصول إلى النظام المالي الأمريكي باستخدام الوثائق الاحتيالية والودائع المزيفة ووثائق هوية لمتوفين والشركات المزيفة والدينار العراقي المزيف، مما يوفر فرصًا لإخفاء هويات الأطراف المقابلة في المعاملة للمراسلين، مقدمي العلاقات المصرفية، فيما اشارت ايضا الى ان البنك منذ تأسيسه قام بتهريب 6 مليارات دولار من العراق بوثائق استيراد مزيفة.
البعض شكك بهذه الظاهرة ؛ بل ونفاها , واعتبر الحديث عنها غير معقول , فكيف يمر الدينار العراقي المزور على البنك المركزي او على مكاتب السوق السوداء لشراء الدولار ؛ لاسيما و أن تزييف العملة ضعيف ورديء، وغالباً ما يكتشفه الجمهور والقطاع المصرفي والبنك المركزي ؟!
وقد نفى البنك المركزي العراقي – وفي اوقات سابقة - هذه المزاعم بشكل قاطع، مؤكداً أن تزوير العملة الوطنية أمر بالغ الصعوبة بسبب معايير الطباعة المتبعة.
ولعل الامر الرئيسي والذي بسببه تسلط الاضواء الاعلامية والسياسية على هذا الموضوع بين الفينة والاخرى ؛ ارتفاع سعر صرف الدولار في السوق الموازي بشكل كبير، لاسيما وان البنك المركزي اصبح لا يبيع الدولار كما في السابق لأي جهة او باعتماد أي فواتير مشكوك بها ، لذلك توجهت هذه الجهات لشراء الدولار بشكل كبير ومضاعف من السوق الموازية مما أدى الى ارتفاع أسعار الدولار في السوق، وظهرت شهادات من أصحاب مكاتب وصيرفات ومواطنين ان جهات واشخاص يأتون حاملين مبالغ كبيرة جدا من الدينار العراقي وجميعها "بطبعة جديدة" ويشترون كميات هائلة من الدولار من السوق ؛ علما ان الحكومة العراقية لم تطبع هذه الكميات الكبيرة من العملة الوطنية .
وهذا السبب الذي دفع المختصين للقول ان هذه الأموال مزورة، او على الأقل مطبوعة لهذا الغرض تحديدا، او مطبوعة في ايران او اسرائيل او تركيا حسب بعض الآراء ، لغرض شراء الدولار من السوق العراقي، والا من أين تأت هذه الجهات بهذا الحجم الكبير من الأموال (الدينار العراقي الجديد) وبشكل مستمر وتشتري مبالغ ضخمة من الدولار يوميًا؟!
وفي عام 2023 خرجت مبالغ كبيرة من العملة الصعبة 11 مليار دولار كحولات الى الخارج , بذريعة الاستيراد الوهمي , لكن ليس من البنك المركزي بل تم الحصول عليها من السوق الموازية، وهنا يتضح بشكل كبير حجم الأموال او الدنانير العراقية الهائلة التي تم من خلالها شراء الدولار من السوق الموازي، حيث تقارب الـ17 تريليون دينار نزلت الى السوق الموازية في 2023 لغرض شراء اكثر من 11 مليار دولار بعيدا عن البنك المركزي، وهذه احد الأسباب التي تدفع للشك ومدى منطقية وجود أموال او دنانير مزورة يتم من خلالها شراء الدولار.
وقد أكد مصدر مسؤول في البنك المركزي العراقي - رفض الكشف عن اسمه - في تصريح لـ" لبعض الوكالات " : أن الحديث عن انتشار واسع لأموال عراقية مزورة فئة (25) ألف دينار قادمة من إيران غير صحيح إطلاقاً، مضيفاً : أن "المعايير العالمية التي يعتمدها العراق في طباعة العملة تجعل من الصعب للغاية تزويرها، خصوصاً الفئات الكبيرة"... ؛ وشدد المصدر على : أن "الفرق الرقابية التابعة للبنك المركزي، بالتعاون مع الجهات الأمنية المختصة بمكافحة الجرائم الاقتصادية، تعمل باستمرار على التصدي لمحاولات تزوير العملة، وقد تمكنت من إحباط العديد من المحاولات قبل انتشارها في الأسواق"، مشيراً إلى أن "أي عملة مزورة يتم تداولها تكون مكشوفة بسهولة للمواطنين بسبب صعوبة تقليد التفاصيل الأمنية الموجودة في العملة الوطنية".
وأكد عضو اللجنة المالية النيابية مصطفى الكرعاوي، عدم وجود أية معلومات مؤكدة حول هذا الموضوع، مشدداً على ضرورة "قيام القوات الامنية وجهاز الامن الوطني والأمن الاقتصادي بأخذ دورهم في متابعة هذا الموضوع"... ؛ من جانبه، قال المستشار الاقتصادي لرئيس الوزراء مظهر محمد صالح : ان "العملات المزورة في العراق موجودة منذ زمن بعيد، لكنها ما زالت في المستويات الطبيعية التي لا تؤثر على الوضع الاقتصادي بشكل كبير"؛ وأوضح صالح، "سألت البنك المركزي حول هذا الأمر وقالوا انها بالمستوى الطبيعي ولا يوجد ما يقلق"... ؛ فيما أكد الخبير الاقتصادي، الدكتور جواد البكري : أن تزوير العملة العراقية، وبخاصة من فئة العشرة آلاف دينار، كما هو شائع اليوم، عملية غير مجدية اقتصاديا للمزورين، بسبب ارتفاع تكلفة التزوير، وهذا الأمر يطرح احتمال قيام جهات خارجية لا تريد للعراق أن يستقر.

في المقابل، قال تاجر يعمل في سوق الشورجة ببغداد، إن "هناك حديثاً متزايداً بين التجار عن تدفق كميات من فئة (25) ألف دينار مزورة، حيث لاحظ بعض التجار اختلافات طفيفة في ملمس الورقة النقدية وألوانها"، مشيراً إلى أن "التجار يتعاملون بحذر شديد حالياً عند استلام هذه الفئة"... ؛ من جهته، أوضح صاحب مكتب صرافة في منطقة الكرادة، أن "المخاوف من انتشار العملة المزورة ليست جديدة، لكن في الأيام الأخيرة زادت الشكاوى من بعض المواطنين الذين اكتشفوا أنهم حصلوا على أوراق مزورة عند التعامل بها في بعض المحال"، مؤكداً أن "هذه الحالات لا تزال محدودة، لكن هناك حاجة لرقابة أكثر تشدداً من قبل البنك المركزي والأجهزة الأمنية".
وأظهر فيديو متداول ومنتشر على مواقع التواصل الاجتماعي ، مقارنة أحد أصحاب شركات الصرافة في العراق بين الورقة النقدية الأصلية والمزورة، حيث يوجد تقارب إلى حد كبير بين النسختين، ما يزيد من صعوبة التمييز بينهما إلا عن طريق اللجوء لأجهزة كشف العملات المزورة... ؛ وحذر الشخص الذي ظهر صوته في الفيديو من أن الأموال المزورة التي تم ضخها بالأسواق كبيرة جدًّا، مناشدًا في الوقت ذاته الجهات المعنية لإيجاد حل قبل إغراق السوق بالعملات المزيفة ؛ وشددت وزارة الداخلية إجراءاتها الأمنية، لتضييق الخناق على مزوري العملات النقدية والمتلاعبين بأسعار الصرف من خلال جولات تفقدية وجهد استخباري مصحوب بشكاوى موجهة من المتعرضين الى “النصب والاحتيال” من قبل المزورين... ؛ وأبدى عراقيون عبر المنصات تخوفهم من انهيار العملة الوطنية جراء ضخ أموال مزورة في الأسواق ما ينتج عنه مشكلة "التضخم المالي"، والتالي فإن احتمالية انهيار الدينار العراقي أمر وارد... ؛ وقال أحد المواطنين، طلب عدم الكشف عن اسمه خوفاً من تعرضه للملاحقة القانونية، انه ـ واثناء تعاملاته المالية والتجارية في السوق ـ تبين وجود 300 الف دينار مزورة من فئة الـ 25 الف دينار بين أمواله.
وأشار الباحث بالشأن الاقتصادي العراقي، عمر الحلبوسي ، إلى أن عمليات تزوير العملة منظمة وتستهدف الدفع بكميات كبيرة منها إلى السوق لإضعاف الثقة بالعملة الوطنية ورفع قيمة الدولار، بشكل رئيس... ؛ وأضاف الحلبوسي، لـ ( لبعض الوكالات في وقت سابق ) : أن عمليات التزوير على الأرجح تتم خارج العراق بسبب التقنية العالية التي تجري بها، وهناك ضحايا كثر وقعوا في الفترة الأخيرة ضحية للتزوير... ؛ وبيّن الحلبوسي : أن الفئات المزورة التي تم تداولها هي فئة 25 ألفا و50 ألف دينار، إلا أن الفئة الأكثر انتشارا هي فئة 25 ألف دينار عراقي، والتي انتشرت بشكل واسع في الأسواق العراقية، مشدداً على أن العملة المزورة شهدت تطورا كبيرا في عملية التزوير، إذ لا يمكن كشفها إلا من خلال أجهزة الحساب الالكترونية... ؛ وعن تأثير تداول هذه العملة في السوق، أكد الحلبوسي : أن تأثيرها مباشر على الاقتصاد العراقي من خلال الخسائر الكبيرة التي سوف تلحق بالتجار، فضلا عن اختلال ثقة الناس والمستثمرين بالعملة العراقية، مما ينعكس سلبا على الدينار العراقي وهو ما سيؤدي إلى تراجع قيمته، مما ينذر بحدوث حالة من الكساد الاقتصادي... ؛ من جانبه، أوضح الخبير الاقتصادي، نبيل المرسومي : أن تزوير العملة العراقية ليس حالة جديدة ولكنها ازدادت مؤخرا، ودائما ما تلقي السلطات الأمنية القبض على بعض العصابات على الحدود العراقية بتهمة إدخال العملات المزورة... ؛ وأضاف المرسومي، لـ"لبعض الوكالات ": أن هناك أطرافا مستفيدة تعمل على ضخ العملات المزورة إلى السوق من أجل الضغط على الدينار العراقي، ورفع مستويات الأسعار، مما يفقد ثقة المواطن بالعملة الوطنية... ؛ وطالب المرسومي السلطات الأمنية بأخذ دورها للحد من هذه الظاهرة لما لها من تداعيات خطيرة على حجم التداول النقدي العراقي، لأن المواطن سيضطر إلى التخلي عن العملة الوطنية والتوجه نحو ادخار وتداول الدولار الأميركي، مشدداً على أن المتضرر الوحيد هو المواطن العراقي.
أسباب انتشار العملة المزورة:
1. الطلب المتزايد على الدولار:
مع ارتفاع سعر صرف الدولار في السوق الموازية، لجأت بعض الجهات إلى استخدام الدينار المزور لشراء كميات كبيرة من الدولار، مما أدى إلى تفاقم الأزمة .
2. ضعف الرقابة الأمنية:
يُعتقد أن العملات المزورة تدخل العراق عبر الحدود، خاصة من دول مجاورة مثل إيران وتركيا وغيرهما ، حيث تُستخدم تقنيات متقدمة في التزوير مثل الطباعة ثلاثية الأبعاد والنقش بالليزر .
3. الفساد وضعف الإجراءات القانونية:
غياب الرقابة الفعالة وعدم تفعيل القوانين الرادعة ساهما في انتشار هذه الظاهرة، مما جعلها أداة لضرب الاقتصاد العراقي .
4- بسبب الحصار الدولي المفروض على ايران , مما يدفع بعض الايرانيين او بعض الجهات الايرانية لسحب العملة الصعبة من السوق العراقية بمختلف الطرق والتي منها تزوير العملة المحلية .
5- استغلال دول الجوار والاقليم ظروف العراق , ونهب ثرواته من خلال تبديل العملة المزورة بالعملة الصعبة , مما يرجع بالنفع لتلك الدول والجهات الخارجية , لاسيما وان بعض العملاء الداخليين مرتبطين بتلك الانظمة والجهات الخارجية .
6- عبث القوى الدولية الكبرى بكل ملفات العراق السيادية بما فيها العملة الوطنية , فالبعض وجه اصابع الاتهام لقوى الاحتلال والاستكبار ؛ وذلك لإلحاق الضرر بالعراق والامة العراقية .
7- الحرب على العراق , من اشد الحروب العالمية المعاصرة , الحرب الاقتصادية فهي لا تقل فتكا عن الحروب الارهابية والعسكرية , لذا كتبت الخبيرة الاقتصادية سلام سميسم، عبر حسابها في منصة أكس : "من أشد وسائل التدمير الاقتصادي وحروب البقاء تزوير النقود وإغراق البلد بها، حروب تزوير العملة تدمير لقيم كل شيء، إنها حرب الوجود أن يكون هناك عراق أو لا يكون"... ؛ أما الباحث الاقتصادي مصطفى جاسم فقد غرّد : "ما بين سندان تهريب العملة الصعبة وتزوير العملة المحلية ومطرقة الفدرالي الأميركي سيلتحق العراق بالدول ذات العملة المنهارة والتي تعاني من مشكلة التضخم المالي، ونتيجة ذلك وخيمة كالجوع وانهيار الاقتصاد العراقي بالكامل"... ؛ وقالت عضوة لجنة الاقتصاد والاستثمار في البرلمان العراقي نورا سالم البجاري – في وقت سابق - : إن "هناك جهات سياسية نافذة لا يمكن تسميتها، ولكنها معروفة للجميع، تقوم بتزوير العملة العراقية، لأنها مرتبطة بجهات خارجية تهدف إلى ضرب اقتصاد البلد"... ؛ وأضافت البجاري -للجزيرة نت- أن تزوير العملة يتم في بعض الدول مثل إيران ودولة خليجية -لم تسمها- حيث توجد هناك مطابع خاصة، إضافة إلى أن هناك بعض الجهات تقوم بتزوير العملة داخل البلد من أجل إبقاء الاقتصاد العراقي على حاله دون تطوير وجعله بلدا استهلاكيا للسلع، على حد تعبيرها... ؛ وأوضحت أن حجم المبالغ المزورة كبير جداً، وأن البنك المركزي يرفض البوح بها بسبب الشخصيات السياسية المرتبطة بهذا الملف، مشيرةً إلى أن حجم العملة المزورة ازداد بعد الأحداث في سوريا والحصار الاقتصادي على إيران... ؛ وقال عضو اللجنة الاقتصادية بمجلس النواب سلمان الموسوي -في حديثه للجزيرة نت- : إن العراق يتعرض لـ"حرب إرهابية في مختلفة المجالات، ومنها حرب ضرب الاقتصاد عن طريق تزوير العملة المحلية التي تتم في بعض الدول المجاورة".
8- استغلال الثغرات الأمنية الاقتصادية : تقوم جهات وعصابات التزوير باستغلال الثغرات الأمنية في النظام المالي العراقي، مما يسمح لها بتزوير العملة العراقية بسهولة ؛ والتعامل بها من خلال المصارف والاسواق .
9- محدودية التعاملات المالية الالكترونية : في ظل محدودية التعامل بالدفع الإلكتروني، ما يزال تداول الأوراق النقدية مسيطرًا على التعاملات في الأسواق العراقية ؛ مما يدفع ضعاف النفوس والجهات المعادية لاستغلال هذه الثغرة وتزوير العملة .
10- انتشار العصابات والمافيات الإجرامية بشكل مخيف في الشوارع ؛ شجع البعض على ممارسة كافة الانشطة الممنوعة بما فيها تزوير العملة .
الاثار السلبية لظاهرة تزوير العملة على الاقتصاد العراقي ، منها:
1. تدهور قيمة العملة العراقية : يؤدي تزوير العملة العراقية إلى تدهور قيمة العملة العراقية، مما يؤدي إلى زيادة التضخم وتراجع قيمة العملة وتضاءل قوتها الشرائية .
2. زيادة التضخم : يؤدي تداول العملات المزورة إلى زيادة الكتلة النقدية دون وجود غطاء حقيقي، مما يسبب ارتفاع الأسعار وفقدان الثقة بالعملة المحلية ؛ ومما يؤدي إلى تراجع قيمة العملة وزيادة أسعار السلع والخدمات.
3. تدمير الثقة في النظام المالي : يؤدي تزوير العملة العراقية إلى تدمير الثقة في النظام المالي العراقي، مما يؤدي إلى تراجع الاستثمار الأجنبي وزيادة الفقر والبطالة.
4. استنزاف الاحتياطي من الدولار: يتم تحويل كميات كبيرة من الدولار إلى الخارج عبر عمليات شراء غير مشروعة وإفراغها من البلد ، مما يضعف الاحتياطي الأجنبي للعراق .
5. تأثيرات اجتماعية : يتأثر المواطنون البسطاء بشكل مباشر، حيث يتعرضون لعمليات نصب واحتيال عند تداول العملات المزورة، مما يفاقم معاناتهم الاقتصادية والمعيشية اليومية .
6- شيوع ظاهرة "الدولرة" , فمن اشد الاثار السلبية لظاهرة تزوير العملة الوطنية ( الدينار) ؛ زعزعة ثقة المواطنين بالعملات المحلية واتجاه شريحة كبيرة منهم إلى استخدام العملات الأجنبية، وبخاصة الدولار، وهو ما يسمى بـ"الدولرة" ,اذ يزداد الطلب على الدولار كملاذ آمن للمواطنين ؛ حتى وصل الامر بأحد وزراء المالية بالتصريح : بان العراقيين يدخرون اموالهم بالدولار ...!!
لذلك اتهم البعض اسرائيل والولايات المتحدة الامريكية بهذه الظاهرة الاجرامية ؛ اذ اتهم مراقبون إسرائيل "بنشر عملة مزورة بهدف ضرب الدينار لمنع محاولة بغداد اللجوء إلى اعتماد الدينار في التبادل التجاري مع دول الجوار بعيداً عن الدولار" على حد قولهم ؛ ولعل هذه الامر يفسر لنا سبب سكوت الامريكان عن هذه الظاهرة بل وسماحهم لها بالانتشار ؛ لان الامر سوف يصب بصالحهم ويجري ضمن سياقات نتائج نظرية الفوضى الخلاقة .
الإجراءات الضرورية لمكافحة ظاهرة تزوير العملة
1-يجب على البنك المركزي التزام الشفافية من خلال نشر بيانات دورية توضح حجم محاولات التزوير ومدى نجاح الجهات الرسمية في مكافحتها.
2-تعزيز الرقابة الأمنية ؛ لابد للأجهزة الامنية من تشديد الرصد والمتابعة والرقابة على الحدود والمنافذ الحدودية كافة , والاسواق ومكاتب التحويل والصيرفة .
3. إصدار عملات جديدة بمواصفات أمنية متطورة ؛ بحيث لا تتمكن عصابات التزوير من تقليدها , وقد أعلن البنك المركزي العراقي عن إدخال علامات أمنية جديدة على العملات لتمكين المواطنين من التمييز بين العملات الحقيقية والمزورة .
4. تعزيز التعاملات الإلكترونية : يسعى البنك المركزي إلى تقليل الاعتماد على النقد من خلال تشجيع استخدام البطاقات الائتمانية والمعاملات الإلكترونية .
5- ينبغي تعميم أجهزة الكشف الحديثة عن العملة المزيفة في الأسواق لتمييز المزورة منها .
6- تعزيز الأمن المالي : يتعين على الحكومة العراقية تعزيز الأمن المالي في النظام المالي العراقي، مما يمنع الجهات الخارجية والعصابات الداخلية من استغلال الثغرات الأمنية.
7- تعزيز التعاون الدولي : يتعين على الحكومة العراقية تعزيز التعاون الدولي والاقليمي لمواجهة هذا التهديد ، مما يسمح لها بالحصول على الدعم المالي والفني اللازم لمواجهة تزوير العملة العراقية , ومتابعة تحركات العصابات الداخلية المرتبطة بالخارج والمافيات الدولية .
8- تفعيل الجهد الاستخباراتي وحذف الاصفار من العملة ؛ اذ قالت عضوة اللجنة المالية في البرلمان نجيبة نجيب : إن تقارير البنك المركزي التي تصل اللجنة تؤكد وجود تزوير للعملة المحلية، وأن هذه الظاهرة أصبحت شائعة في البلد... ؛ وأشارت إلى أن الحد من هذه الظاهرة يكون من عبر تفعيل الجهد الاستخباراتي، وتغيير العملة المحلية بحذف ثلاثة أصفار منها ليتم تقليل حجم الأوراق النقدية المتداولة.
وفي الختام :
هذه الظاهرة الاجرامية والتخريبية كغيرها من الظواهر السلبية التي تستهدف العراق والمجتمع والاقتصاد الوطني , تتسم بالتعقيد والتفرع واختلاط الاوراق ؛ فالكثير من الجهات والاحزاب والمؤسسات والمنظمات ورجال الاعمال والتجار والشخصيات والعصابات والمافيات وعناصر الاجهزة الامنية مرتبطة بالخارج وبهذه الانشطة المشبوهة , وتعمل على تنفيذ الاجندات الخارجية في العراق بما يلحق الضرر بالاقتصاد الوطني والعراق والاغلبية والامة العراقية , وكل من ذكرناهم انفا لا يعملون بشكل متنافر ومتقاطع ومستقل ؛ بل يشد بعضهم بعضا وتحت اشراف سياسي محلي وخارجي دولي , مما يفاقم تداعيات الظاهرة السلبية ويعظم من خطرها , فقد ادعى البعض ان العراق خسر جراء عمليات تزوير العملة النقدية الوطنية في عام 2019 أكثر من 10 مليارات دولار ...!!
وتشير أصابع الاتهام إلى عصابات منظمة تعمل على ضخ هذه الأموال للسوق العراقية والمصارف الاهلية والحكومية ؛ من خلال تبادل السلع وشراء العملة الصعبة وتوزيع الرواتب والمدخرات ؛ ضمن ما يعرف بـ(الحشر) وهو وضع أوراق محدودة من العملة المزيفة داخل رزم كبيرة من الأموال السليمة لمنع اكتشافها بسهولة ؛ وغالبا ما تطبع هذه العملات المزيفة في بعض الدول المجاورة والاقليمية وبمطابع حديثة والتي تتميز بدرجة عالية من الجودة، مما يجعل من الصعب تمييزها عن الأوراق النقدية الأصلية .
نعم بعد إبدال العملة المحلية وإدخال بعض التطويرات عليها قلت هذه الظاهرة، بسبب عدم وجود أجهزة متطورة وارتفاع أسعار الورق المخصص للعملة، إضافة إلى ضعف خبرة الأشخاص المختصين في تزوير العملات ؛ الا ان الجهات الدولية تستطيع تزوير العملة وتمريرها على البسطاء من الناس ؛ فالجهات الدولية التي تستطيع تزوير الدولار لا يصعب عليها تقليد الدينار .
وتنفذ الاجهزة الامنية بين الحين والاخر حملات لرصد مروجي العملة المزيفة والمتعاملين بها , وتقوم بإلقاء القبض على المتهمين , والذين تتنوع اعترافاتهم ما بين تزويرها في الداخل أو طباعتها في دول مجاورة وتهريبها للداخل أيضًا، وقد تصل عمليات الاعتقال احيانا الى مئات الحالات ؛ وكالمعتاد تأتي هذه العمليات ضمن استراتيجية انصاف الحلول المتبعة في العراق ؛ لذلك لا تستطيع هذه العمليات الامنية من استئصال هذه الجريمة او غيرها من الجرائم , بل على العكس من ذلك , بعض الجرائم يتسع نطاقها بسبب تلك الاجراءات السطحية والهامشية والتي لا تعتمد على اسس علمية ورؤية امنية بعيدة المدى وذات اهداف وطنية واضحة ومحددة , فهذه الظواهر الاجرامية تحتاج الى خطط عملية وعلمية مدروسة و واقعية , والى تظافر جهود ابناء المجتمع كافة , والتعاون البناء بين اجهزة ومؤسسات الدولة الامنية والاستخباراتية والقضائية والسياسية ؛ فضلا عن تعاون منظمات المجتمع المدني و وسائل الاعلام .
ومما لا شك فيه ان هذه الظاهرة الاجرامية والسلبية كغيرها من الظواهر الاخرى , انما تستمد عناصر وجودها وبقاءها وانتشارها بسبب العوامل الداخلية المساعدة والمتمثلة بوجود الساسة العملاء ورجال الامن الفاسدين والفاشلين والمشبوهين والعصابات المحلية واصحاب النفوس المريضة , فضلا عن العوامل الخارجية والمتمثلة بقوى الاحتلال والاستعمار والاستكبار والدول والجهات الاقليمية والتي اتفقت كلمتها على الحاق الضرر بالعراق والعراقيين وتقاسم الموارد العراقية فيما بينهم , وتفرق الدم العراقي بينهم ؛ فالكل مشتركون في اراقة الدم العراقي ونهب الثروات الوطنية وتدمير الطاقات البشرية .



#رياض_سعد (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التغيير ضرورة من ضرورات الحياة
- رفقا بنا ايها الدرب
- وادي حوران محتل كالجولان من قبل الامريكان (3)
- لا تراهنوا على الحصان الخاسر
- الزيارات المصرية المشؤومة الى العراق , ما لها وما عليها (3)
- تنقل الجولاني من الاحضان الاخوانية الى الاحضان الوهابية
- حكومة الجولاني معادية للعراق والاغلبية والامة العراقية
- أوامر ترامب بترحيل الغزاويين وتوطين اللاجئين في مصر والاردن ...
- مقارنة الوضع الراهن بالأسوأ على الاطلاق ؟!
- مقولة وتعليق / 58 / مطاردة العقل النير ومحاربة القلم الحر
- مقولة وتعليق / 57 / لا تجهد نفسك في تنظيف حظيرة الحيوانات
- مضى عام
- الوجه الحقيقي لحكومة الجولاني الدموية
- اعوام العراق السعيدة 2024 / 2025
- الحاضنة الاجتماعية والثقافية والدينية والاعلامية للإرهاب
- مطاردة اصحاب (الحلال) ؟!
- عمليات مسخ الشخصية العراقية
- الاعلام المتحيز الهجين
- الفرق بين الاصلاء وبين اشباه الحرباء
- حروب هزلية بأدوار كوميدية ونتائج كارثية ؟!


المزيد.....




- النفط في أفريقيا عبء اقتصادي وفرص للتغيير
- رويترز: بدء توريد النفط من شمال شرق سوريا نحو دمشق
- منسق بحزب البديل يتحدث عن عواقب رفض موارد الطاقة الروسية لأل ...
- ريشتنيكوف: المتطلبات تجاه الشركات الأجنبية ستتغير عند عودتها ...
- -باريك غولد- الكندية تدفع 438 مليون دولار لإنهاء الأزمة مع م ...
- اجتماع مرتقب لحل الأزمة القبرصية.. هل تكسر المفاوضات الجمود؟ ...
- تعرف على المعادن الثمينة في العراق وخطة البلاد لاستغلالها
- تراجع حاد للبورصة الأميركية والأسهم الأوروبية تنتعش
- الصين تخطط لجمع عينات من كويكب -2016 HO3-
- ترامب يشدد القيود على الاستثمارات الصينية بالقطاعات الإسترات ...


المزيد.....

- دولة المستثمرين ورجال الأعمال في مصر / إلهامي الميرغني
- الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل / دجاسم الفارس
- الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل / د. جاسم الفارس
- الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل / دجاسم الفارس
- الاقتصاد المصري في نصف قرن.. منذ ثورة يوليو حتى نهاية الألفي ... / مجدى عبد الهادى
- الاقتصاد الإفريقي في سياق التنافس الدولي.. الواقع والآفاق / مجدى عبد الهادى
- الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت ... / مجدى عبد الهادى
- ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري / مجدى عبد الهادى
- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - رياض سعد - تزوير الدينار العراقي أداة لاستنزاف العملة الصعبة و تدمير الاقتصاد الوطني