خالد خليل
الحوار المتمدن-العدد: 8261 - 2025 / 2 / 22 - 00:14
المحور:
الادب والفن
اعتبطُ المسافاتِ والطرق،
أتعثرُ في الريحِ كأنني ظلٌّ هارب،
وأغنّي... لا صدًى يتبعُني،
كأنما الكونُ يختبئُ خلفَ جفنيَّ،
أو أنني لم أعدْ مرئيًّا.
أيها العابرُ في رملِ الوهم،
كم بابًا طرقتَ ولم يُفتح؟
كم شمس خَبَتْ قبل أن تلمسَها يدُك؟
كم مرة ظننتَ أنك وصلتَ،
فأدركتَ أنك أولُ المفقودين؟
تسألُني الأرضُ عن اسمي،
فأحفرُ في صدرِها حرفًا لا يُقرأ.
يسألني الماءُ عن وجهي،
فأمدُّ له كفًّا شفّافةً لا تحملُ ملامح.
كلُّ الجهاتِ تميلُ بي إلى الخلف،
كأنني ارتكستُ إلى لحظةِ الانبثاقِ الأولى،
حيثُ كانَ الصمتُ هو النبوءةُ الوحيدة.
أيها الليل، كم من ظلٍّ يحرسُ وحدتي؟
كم من نجمةٍ غرقتْ في قاعِ السؤال؟
لماذا حين نقتربُ من الحافةِ
نكتشفُ أن الهاويةَ في الداخل،
وأن الطريقَ الوحيدَ للخلاصِ
يمرُّ عبرَ الاحتراق؟
أمسكَ الرمادُ بقلبي،
فانبثقَ من أضلعي صوتٌ لا يشبهني.
سألتُه: أيها الصوتُ، من أيِّ صمتٍ وُلدتَ؟
فقال: من الغيابِ الذي ظننتَه حضورًا،
من السؤالِ الذي صارَ أنشودة،
من الضوءِ الذي انطفأ ليضيءَ فيك.
وأنا،
ما زلتُ أعبُرُ بلا أثر،
كأنني لستُ سوى نايٍ
ينتحبُ في فمِ الريح.
أو ظلُّ غصنٍ تكسَّرَ
قبل أن يحمله الماءُ إلى الربيع.
أمدُّ يديَ إلى الفراغ،
فتعبرني أجنحةُ السراب،
وتهمسُ لي الأشياءُ التي لم توجدْ قط:
"كلُّ غائبٍ هو احتمالُ وجود،
وكلُّ صمتٍ لغةٌ لم تكتملْ بعد."
وحينَ التفتُّ إلى الوراء،
رأيتُني خطوًا شفيفًا
يتلاشى على حافةِ المعنى،
كأنني لم أكن يومًا سوى حلمٍ
نَسِيَ أن يصحو.
#خالد_خليل (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟