|
تاريخ الفراعنة ومصر العربية البائدة (3)
محمد مبروك محمد أبو زيد
الحوار المتمدن-العدد: 8260 - 2025 / 2 / 21 - 20:19
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
يقول ابن خلدون في التاريخ: ويذكر الإخباريون العرب بأن العمالقة طمعت في حكم مصر، فيقول ابن ظهيرة: فطمعت فيهم العمالقة فملكهم خمسة ملوك من العماليق، وقال قتادة: أولهم كان في زمن الخليل ثم الثاني الريان وهو فرعون يوسف (ع). ويقول ابن خلدون في موضع آخر: ومن هؤلاء العماليق فيما يزعمون عمالقة مصر وأن بعض ملوك القبط استنصر بملك العمالقة بالشام لعهده واسمه الوليد دوفع ويقال ثوران بن أراشة بن فاران بن عمرو العملاق فجاء معه ملك مصر واستعبد القبط (قال الجرجاني) ومن ثم ملك العماليق مصر". ويقول ابن خلدون أيضاً: " فخرج عليها إيمن من نسل أتريب طالباً بثأر قريبه أبراجس ولحق بملك العمالقة يومئذٍ وهو الوليد بن دوفع الذي ذكرناه عند ذكر العمالقة، فاستنصر به وجاء معه وملك ديار مصر" وعن إسحاق قال: قبض الله يوسف وهلك الملك الذي كان معه... وتوارث الفراعنة من العماليق ملك مصر... فلم يزل بنو إسرائيل " تحت أيدي الفراعنة العماليق حتى كان فرعون موسى " ..
ويقول المسعودي: فطمعت فيهم ملوك الأرض، فسار إليهم من الشام ملك من ملوك العماليق، يقال له الوليد بن دومع، فكانت له حروب بها، وغلب على الملك فانقادوا إليه، واستقام له الأمر إلى أن هلك، ثم ملك بعده الريان ابن الوليد العملاقي، وهو فرعون يوسف، وقد ذكر الله تعالى خبره مع يوسف وما كان من أمرهما في كتابه العزيز، ثم ملك بعده دارهم بن الريان العملاقي"
في حين يؤكد المسعودي أنه سأل الأقباط وأهل الخبرة عن هؤلاء الفراعين فلم يعرفوا عنهم شيئاً، فهل يعرف العرب تاريخنا ولا نعرف نحن تاريخنا! في حين أن الأقباط أمة علم وحضارة وتدوين، بينما العرب أمة حكايات وروايات شفوية في الواقع جاءت الذاكرة العربية محملة جاهزة من جزيرة العرب فأفرغت غبارها في أرضنا، فنقل المؤرخون حكايات مصر العربية البائدة وفرعونها وكأنها حدثت في إيجبت وادي النيل بعدما حملت ذات اسم مصر العربية البائدة، فلم يفرق المؤرخون والمحدثون بين المصرين؛ مصر البائدة ومصر الحضارة، لأنه لا أحد من الأعراب أخبرهم أنه كانت هناك مصر بائدة، هم فقط نقلوا الحكايات والروايات بالأسماء (مصر- فرعون – موسى) في الوقت ذاته الذي كان اسم فرعون مشهوراً جداً في القبائل العربية، وهناك قبيلة الفراعنة وهي فخذ من قبيلة سبيع بالجزيرة العربية.
ثم يعود المسعودى ليقول "وقيل أن هؤلاء العماليق بعض فراعنة مصر" ... (المسعودى فى "مروج الذهب" وفى الصفحة رقم 135 من الجزء الثانى )
هذا الخلط التاريخي جاء من زاويتين، الأولى روايات توراتية، والثانية من المخيلة العربية؛ فأي بدوي مرتحل سيرى بالقطع في أي أعمال معمارية هائلة (كتلك التي أقامها جيرانه القبط والعراقيين( أعمالا إعجازيّة خارقة وغير طبيعيّة، وبذلك فإن ذلك العقل البدوي قد لا يتصوّر أن بإمكان البشر العاديين إقامة أشياء كالأهرامات أو معبد الكرنك...الخ، خاصة أن هذه المعابد كانت ذات أبهاء ضخمة قائمة على أعمدة شاهقة وأسقف بالغة العلوّ مما قد يكون الدافع وراء تصوّر العقليّة البدويّة البسيطة لأنّها قد أنشئت في الأساس لتناسب حجم وقامات بُناتها، وبالتالي فإنهم – في التصور البدوي- لا بد وأن يكونوا بشراً ذوي قامات هائلة وأجسام ضخمة، وأن هذه المعماريات لكي تقام فإنها تحتاج إلى قوة عضلية لا تتيسّر إلا لعمالقة... وهو ما يجعل من المنطقي أن نقول أن ابن خلدون كان يقصد بــ"عبد ضخم" ذات مقصد الأصفهاني عندما ذكر "العمالقة".. فالعمالقة كانوا ذوي ضخامة نسبية في الجسم والأطراف والطول، وقد وصفوا بأن عيونهم من الضخامة تفرخ فيها السباع، وأن رؤوسهم كالقبة الكبيرة..إلخ من هذه الصفات المبالغ فيها، لكن العرب بسذاجة عقولهم البدوية لم يدركوا أن العمارة الجبتية القديمة والأهرامات والمسلات ليست بحاجة إلى ضخامة جسدية وإنما ضخامة عقلية تستطيع وضع النظريات الهندسية بهذا العمق الذي يمكنهم من بناء الهرم بهذا التربيع الهندسي العجيب، وبناء المعابد بهذا الفن المعماري الرهيب ما يجعل الشمس تشرق مرتين على وجه جلالة الملك رمسيس داخل المعبد، مرة يوم عيد ميلاده ومرة يوم توليه العرش.
بل إن العالم ما زال يتساءل كيف توصل القدماء إلى تقنيات التحنيط ! وكيف بني القدماء المعابد والأهرامات بهذه الحسابات الهندسية المعقدة ! وبردية أحمس أو بردية ريند الرياضية هي أقدم مخطوطة مكتوبة في علم الجبر وحساب المثلثات يرجع تاريخها إلى 4300سنة تقريبا . والمخطوطة موجودة حالياً في المتحف البريطاني في لندن، وتوضح البردية أن الجبتيين استعملوا معادلات من الدرجة الأولى وقاموا بحلها بطرق مختلفة .. كما عرفوا معادلات من الدرجة الثانية وقاموا أيضاً بحلها، وأنهم أيضاً عرفوا المتواليات العددية والمتواليات الهندسية وعرفوا معادلات من الدرجة الثانية مثل المعادلتين: س+2ص100 = 2 4/3ص =س ، حيث 8س= .... ، و 6ص= ....
و هذه المعادلة هي أصل نظرية فيثاغورس أ2=ب2+ج2 ، وكان الجبتيون يطلقون علي العدد المجهول (كومه)، وهو يمثل في هذه المعادلة قيم (س) و (ص). وفيثاغورث نفسه وضع نظرياته الرياضية بعدما سافر لإيجبت وتعلم على يد الكهنة في المعابد، وهذا ثابت في كتب المؤرخين والعلماء اليونانيين أمثال فرفريوس الصورى وهيرودوت وطاليس. فالجبتيون كان لديهم علم الجبر وحساب المثلثات والهندسة قبل أن يولد فيثاغورث بحوالي 2000سنة، وقبل أن يولد الخوارزمى بحوالي 3000سنة، وهذا ما مكنهم من بناء الهرم الأكبر في الألف الثالث قبل الميلاد... والبردية موجودة حالياً بقسم البرديات الجبتية بالمتحف البريطاني في لندن .
وفى هذه البردية عدة عمليات حسابية أخرى تدل أن أجدادنا القدماء كانوا أشقياء جداً في الحساب والهندسة، ففيها العملية رقم 39 مثلاً على هيئة سؤال ويتبعه الحل؛ .. مطلوب قسمة مائة رغيف على عشرة رجال بحيث يكون نصيب ستة رجال خمسين رغيف ويكون نصيب الأربعة الباقين الخمسين رغيف الباقية؟ والحل المكتوب في البردية. ومثال آخر مسألة موجودة تحت رقم 3 تقول : مطلوب معرفة مساحة مثلث ارتفاعه 10 " خت " وقاعدته 4 " خت" ( الخت هو وحدة قياس جزء من ذراع ) وبالبردية مسائل معقدة .. وتحت العملية رقم 56 عدة أسئلة؛ 1. ما هو الكسر الذي يضاف إلى ⅔ + 1/15 كي يعطينا واحد صحيح .. 2. اقسم ستة أرغفة على عشرة رجال .. وقسم تسعة أرغفة على عشرة رجال .. 3. ما هو العدد الذي إذا أضيف إليه ربعه يكون الناتج 15 ؟ الإجابة:{12} 4. ما هو العدد الذي إذا أضيف إليه نصفه ثم ربعه يكون المجموع 10 ؟ 5. أوجد ارتفاع هرم طول ضلعه 140 ذراع ونسبة ميله 5 وربع قبضة ؟ 6. أوجد مساحة قطعة أرض دائرية قطرها (9 خت) ؟ 7. هرم طول ضلعه 36 ذراع.. وارتفاعه 250 ذراع .. فما هي نسبة ميله ؟؟
بردية أحمس (ريند) الرياضية هي أهم وثيقة رياضية في التاريخ البشري و أساس علم الرياضيات: - أخذها فيثاغورس بعد 2600 سنة ليضع بها نظرية حساب المثلثات. - أخذها أرشميدس بعد 2700 سنة ليفهم معنى الثابت (π). - أخذها الخوارزمي بعد 3800 سنة ليؤسس علم الجبر و يحل بها معادلات تربيعية قد حلّها الجبتيون من قبله بعصور طويلة. وأخذها نيوتن بعد أربعة آلاف عام ليضع قوانين الحركة والجاذبية في مطلع الحضارة المعاصرة. وهذا الفكر المتطور جداً ما كان ممكناً لهذه القبيلة العربية من العماليق أن تستوعبه نظرياً حتى، لأنهم عبارة عن مطاريد ذوي عقلية طائشة وهمجية، لا يعرفون معنى الاستقرار والتحضر.
وببساطة لو نظرنا إلى حكايات هؤلاء العماليق، فقد كانوا أمماً عربية بائدة، وتعامل الله تعالى مع بعضهم بأسلحة الدمار الشامل لأنه لم يجد فيهم أمل، بينما أجدادنا الأقباط كانوا قوماً عابدين بالفطرة، حتى وإن اتخذوا كيانات رمزية للعبادة ، فكانت هذه مجرد كيانات رمزية لإله معبود غير منظور، وهذا بخلاف العرب الوثنين الذين كانوا يعبدون الأصنام، بل ويصنع أحدهم تمثالاً من العجوة يعبده وإذ جاع يأكله، وليس العرب وحدهم (بوصفهم عشيرة العرب أو قريش) إنما أغلب الفصائل والعشائر الآرامية الأصل بهذه الملامح والعقائد الساذجة المادية والعقليات الفقيرة البدوية، بينما نظرية عبادة (الإله غير المنظور) فقد تطورت كثيراً وتمثل أرقى درجات التطور في الفكر الروحي في العالم القديم، وتميز أجدادنا الأقباط بعقيدة الحساب والبعث والخلود بعد الممات.. فـ "ماعت" هي رمز الحق والعدل والحكمة، وكانت هذه الرموز عبارة عن كيانات إلهية تسمى " النترو " منذ القدم، وهي كيانات رمزية تحل من السماء كما الملائكة يرسلها الخالق في الكون لتحفظ توازنه وتحقق الانسجام الكوني، واشتقاقاً من هذه النظرية اعتبروا الملك الحاكم بمجرد توليه العرش أنه يحصل على صك التكليف من الإله بحماية الأرض والشعب وأن يصبح نائباً عنه في تحقيق العدل بين الناس و (الانسجام المجتمعي)، وهكذا كان أجدادنا يرونها ملائكة الخالق في الكون، واعتقدوا أن للحياة ملاك، وللموت ملاك، وللعدل والحق ملاك وللحب ملاك وللرزق ملاك..إلخ. حتى وإن أطلقوا على هؤلاء لقب "إله " فذلك ليس مدعاة لاتهامهم بالشرك والكفر، لأنها بدايات العبادة، بل إن إبراهيم بدأ عبادته وتوحيده لله بالتطلع في خلقه القمر والشمس والنجوم..إلخ . وهذا ما يعني أن جميع شعب وادي النيل كان بالفطرة يفكر فيما فكر فيه إبراهيم وهو نبي.
ويتضح ذلك بجلاء عندما نستمع إلى أنشودة عازف القيثارة بمقبرة نفرحتب التي تقول كلماتها: " هوذا الأجساد ترجع إلى أصلها ... وتبدلها أجيالاً فتية... تمضي بدورها... يلقح الرجال وتحبل النساء، وكل أنف يتنسم الهواء لكن كل مولود سوف يرجع يوماً إلى حيث جاء... لا تفتح قلبك للشر، ولا تفكر في رغبات قلبك، حتى يحين ذلك اليوم الذي تعبر فيه إلى أرض الصمت " . ................................................... (مترجمة عن اللغة الجبتية القديمة – أنشودة عازف القيثارة بمقبرة نفرحتب – الباحث الآثاري نبيل روفائيل)
أما قبائل شبه الجزيرة العربية، وهي تختلف ديمجرافياً عن الشعوب المدنية في إيجبت وبابل وآشور والهند القديمة، فالله عندما خلق البشر جعل منهم فصائل مختلفة عن بعضها، جعل بعضهم شعوب وبعضهم قبائل، وهذه الشعوب المدنية في إيجبت وبابل اشتركتا في ذات الأفكار تقريباً، وخاصة عقيدة (عبادة الإله غير المنظور) . بينما المجتمعات القبلية التي انتشرت في جزيرة العرب كان وضعها الثقافي مختلفاً تماماً عن المكونات والملامح الثقافية للشعوب المدنية، كانوا جميعهم قبائل وعشائر، وكلما تضخمت عشيرة اتخذت لنفسها مقراً للسيطرة، وكانت سيطرة عشائرية أي ليست مقرات عمرانية حضارية وإنما مقرات لممارسة التسلط على بعضهم البعض لا أكثر، ولذلك لم تترك أي من هذه الممالك أية دلائل أركيولوجية تدل على كينونتها في هذا المكان أو ذاك ... وكان من بين هذه الممالك مملكة سبأ وحضرموت وأورشليم ويهوذا ومصرايم ومملكة النبطيين ومملكة الحميريين إلخ... بعضهم ساد لعشرات السنين وانطفأ، وبعضهم الآخر حل عليه الدمار الشامل من أمثال قوم عاد وهود وثمود ولوط وصالح .. وأخطرهم كانت إرم ذات العماد التي كان يحكمها العماليق.
وكما أوضحنا أن العماليق كانوا منتشرين في شتى أرجاء الجزيرة العربية، لكن كانوا قبائل متناثرة لم ينشؤا ممالك سوى مملكة واحدة والأخرى سيطروا عليها، أما مملكتهم الأم فكانت هي إرم ذات العماد والتي باتت رمزاً أبدياً للانتقام الإلهي والدمار الشامل، وأما المملكة التي سيطروا عليها فكانت هي مصرايم وهي آخر الممالك التي تعامل معها الله بأسلحة الدمار الشامل أو العقاب الجماعي بالطوفان والجرب والقُمّل والبعوض والدم وغيره من الموبقات والآفات والأمراض.. وكانت النهاية أن غرق شعبها برفقة حاكمه في مستنقع كبير هو يم سوف.. ثم عاد إليها بعض الأعراب وسكنوها إلى جوار من تبقى فيها من أهلها، وعاشوا ألف عامٍ بعد حادثة الغرق إلى أن جاء نبوخذ نصر واكتسح ما كان قائماً من ممالك وقرى في هذه المنطقة ... وجميعها كانت في نطاقات جغرافية صغيرة جداً وميكروسكوبية إذا ما قورنت بمعيار الدول في الشعوب المدنية (الصين والهند وفارس وبابل وإيجبت كمثال)، إنما كانت تضيق وتتوسع نطاق سيادتها نسبياً في فترات مختلفة، وغالباً ما كانت تستقوي عشيرة على أخرى فتهدم مملكتها وتحتل أرضها وتستعبد أبناءها لحقبة ما أو تنهب ممتلكاتها وتعود إلى حظيرتها.. وأغلبهم كان يعمل بالسطو جماعات على خطوط التجارة العابرة على حدود مراعيهم.
ومن ضمن من تضرروا من عمليات السطو هذه كان ملوك إيجبت وبابل القديمة، فقد كان أجدادنا الأقباط يوجهون الكثير من الحملات العسكرية إلى بلاد العرب لتأديب البدو وقطاع الطرق وتأمين خطوط التجارة، وكانوا يأتون بالكثير منهم أسرى ويقومون بمنعهم عن المعابد باعتبارهم أنجاس حتى يتم تطهيرهم وفقاً للطقوس القبطية القديمة، ثم يتم السماح لهم بدخول المعابد إن طلبوا وأن يندمجوا وسط المجتمع باعتبارهم من العمال، وقد صورت الكثير من الجداريات مشاهد عن أفواج من الأسرى العرب قادمين ذليلين يقدمهم الوزير بين يدي الملك ويتم حصرهم وتدوين بياناتهم ... لكن في القراءة التوراتية الصهيونية للتاريخ قيل لنا أنهم بدو أسيا نعم كما تقول النقوش الهيروغليفية لكنهم في الحقيقة كانوا من النوبة !! أو من الشام !!
أما ملوك بابل القديمة فقد انتقموا بضربة قاضية في سلسلة حملاتهم الأخيرة على جزيرة العرب، وقام بخت نصر وسلفه نبوخذ نصر بأخذ أعداد رهيبة من هذه العشائر إلى عاصمته بابل، أخذ من عشيرة اليهود عشرات الألوف، ومن عشيرة المصرايمين عشرات الألوف، ومن الحميرين الخولانيين عشرات الألوف وغيرهم من الأعراب، وقد وردت أسماء العشائر والقبائل العربية واليمنية واضحة جداً في نصوص التوراة (كما يؤكد الدكتور فاضل الربيعي).. وبعد ما يقارب الخمسين عاماً نهضت الإمبراطورية الفارسية وأكلت الإمبراطورية البابلية القديمة وقضمت ما تبقى منها، وكان ذلك بتمهيد داخلي من اليهود المحتجزين داخل القصر الملكي البابلي، اتفق اليهود مع الجيران الفرس على تمهيد دخولهم بابل مقابل أن يحررهم الفرس من العبودية، وقد أوفى الفرس فعلاً بوعدهم مع اليهود وحرروهم وأعطوهم الحق في إعادة بناء مملكتهم واستعادة مستحقاتهم من بابل وقام ملكها كورش بتحرير العبيد العرب والإسرائيليين واليمنيين والمصرايمين الذين كانوا محتجزين لدى القصر البابلي، وأعادهم إلى ممالكهم جنوب غرب جزيرة العرب، لكنهم لم يعودوا وتوجهوا إلى الشام لاحتلال وطنٍ جديد لهم بعدما لعنوا الوطن القديم.. وهناك في القرن الثالث قبل الميلاد بدأت أولى النشاطات السياسية لهم لتكوين مجتمع يهودي بخصائص عرقية أثنية مميزة في فلسطين، وبدرت منهم حركات تمرد أو بوادر ثورية على حكم بطليموس في الإسكندرية، فقاد حملته العسكرية وذهب إلى هناك وعاد بهم سبايا إلى الإسكندرية كما عاد بهم سلفه البابلي نبوخذ نصر إلى بابل، لكن جاء السبي السكندري هذه المرة منفرداً باليهود دون غيرهم من عشائر العرب والمصرايمين...
وهناك خلال حقبة السبي والاحتجاز في بابل القديمة أعادوا صياغة مدونات التوراة ولملمة متونها وحكاياتها من التراث الشفوي المتبقي على ألسنتهم... وهنا في الإسكندرية خلال فترة السبي السكندري أعادوا صياغة التوراة للمرة الثانية باللغة اليونانية، أو ما عُرف بالترجمة السبعونية، وأعادوا صياغة أحداث السبي البابلي تاريخياً في مدونات جديدة باليونانية شملت تاريخ العشائر العربية التي وقعت في السبي البابلي جميعها، ولما كانوا في الترجمة السبعونية قد حذفوا كلمة مصرايم واستبدلوها بـ"إيجبت" في كافة نصوص التوراة، فكذلك فعلوا في كافة المتون التاريخية حيث قاموا بحذف كلمة "المصرايمين" من بين العشائر التي وقعت في السبي البابلي واستبدلوها بكلمة " الأقباط "، فصار بذلك الأقباط وكأنهم عشيرة ضمن العشائر والقبائل التي وقعت في السبي البابلي جنباً إلى جنبٍ مع اليهود، وتخربت ممالكهم إلى جانب ممالك اليهود، وعادوا من السبي جماعة برفقة اليهود، فأعادوا تعمير قراهم بالتوازي مع جيرانهم اليهود وباقي العشائر العائدة من السبي !! لكننا نتساءل، هل فعلاً وصلت الجرأة العقلية باليهود إلى هذه الدرجة الفاجرة ! هل تصوروا أنفسهم يقفون جنباً إلى جانب مع إمبراطورية شعب وادي النيل !! وهل تصورا أن شعب وادي النيل يعيش جنباً إلى جنب معهم في السبي البابلي !! وأن كورش الفارسي يعطف عليهم بسبب شهامة اليهود !!
يُتبع ... ( قراءة في كتابنا : مصر الأخرى – التبادل الحضاري بين مصر وإيجبت ( (رابط الكتاب على أرشيف الانترنت ): https://archive.org/details/1-._20230602 https://archive.org/details/2-._20230604 https://archive.org/details/3-._20230605 #مصر_الأخرى_في_اليمن): https://cutt.us/YZbAA #ثورة_التصحيح_الكبرى_للتاريخ_الإنساني .
#محمد_مبروك_محمد_أبو_زيد (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
إعلام عبري يكشف مباحثات اجتماع المشاورات الأمنية الإسرائيلية
...
-
كيف سيتعامل ترامب مع تشكيك زيلينسكي باتفاق المعادن؟
-
مقتل طيار أمريكي وإصابة آخر في قاعدة عسكرية في نيو مكسيكو
-
إعلام: إسرائيل تعتزم الدفع بدبابات في الضفة الغربية لأول مرة
...
-
الاتحاد الدولى للنقابات يشيد بنضال عمال مصر ويطلق خطة عالمية
...
-
الغرب وروسيا.. إلى أين تتجه السياسة الخارجية للشرع؟
-
رسالة قوية من القسام.. أسيران محتجزان يحضران مراسم تسليم الد
...
-
بوندسليغا- دورتموند يكتسح يونيون برلين بسداسية وليفركوزن يضي
...
-
ترامب: نقترب من استرداد أموالنا المدفوعة لأوكرانيا بمقايضة م
...
-
تدمير تسع مسيرات أوكرانية فوق مقاطعات روسية خلال 90 دقيقة
المزيد.....
-
الانسان في فجر الحضارة
/ مالك ابوعليا
-
مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات
...
/ مالك ابوعليا
-
مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا
...
/ أبو الحسن سلام
-
تاريخ البشرية القديم
/ مالك ابوعليا
-
تراث بحزاني النسخة الاخيرة
/ ممتاز حسين خلو
-
فى الأسطورة العرقية اليهودية
/ سعيد العليمى
-
غورباتشوف والانهيار السوفيتي
/ دلير زنكنة
-
الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة
/ نايف سلوم
-
الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية
/ زينب محمد عبد الرحيم
-
عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر
/ أحمد رباص
المزيد.....
|