|
ين اخفى خليل النعيمي؟
عبد الحميد عبود
الحوار المتمدن-العدد: 8260 - 2025 / 2 / 21 - 13:49
المحور:
قضايا ثقافية
تنويعات على الثورة السورية ..أين اختفى خليل النعيمي؟ ثَّمَّة حَدَثٌ أخطرُ من الثورة السورية، يتمثل في سكوت الكاتب السوري(الي) خليل النعيمي عن انتصار الثورة السورية، أيْوَه، أبو الخِلْ ما غيره، ببوزه الميتافيزيقي، المتعدد المواهب، سعاد حسني (الثقافة ) الذي يرقص ويمثل ويغني، المثقف العضو(ي)الطبيب الاديب الرحالجي المشاكس المعاكس المشاغب الجدلجي، الفيلسوف صاحب الكلمات المأثورة، مُسَبِّعُ الكارات، ومُقَزِّم القارات، المشير للقضايا الكبيرة جدا، الجريء في نقده حد التهور... الخ ! خرس وانطمستْ أخباره منذ 8 كانون، كأن الثورة السورية لم تنتصر، او كأنها لا تستحق ان يتكلم عنها، او كأنه يظن ان أحدا لا يستحق الكلام عنها سواه،قلتلكم على سطح الكرة الارضية كلها لا يوجد بلد سوريالي كسوريا، ولا نقابة كُتاب كاتحاد الكُتَّاب العرب، ولا كاتب كخليل النعيمي، كيف تقول أكبر كمية من الكلام بأقل عدد من الكلمات، بلا كلمات، هكذا اعتاد ابو الخل ان يموه على ثرثرته بصمته ـ كما يموه على صلعته بتسريحة شعره، حيث مفرق الشَّعْر ينسحب لتحت باستمرار ليغطي اكبر مساحة من الصلع بأقل كمية من الشعر، ابو الخل حين يخرس يوحي ان الصمت كلامُ آخر، حين يتكلم غير السوري عن سورياه يترفع هو السوري عن الكلام، يشهر صمتَهُ شوكةً في حلوق المتكلمين، أعترفُ اني لا أعرفُ أبو الخِلْ إلا من بعيد لبعيد، ورغم ان الرحلة هي المدى المفتوح بيننا فإني لم أتقاطع معه أبدا على الطريق ،الرحلة له هواية وهي لي هوية، هو حين يرحل يركب الطائرة وينزل فنادق ثلاث نجوم وانا أرحل مشيا على الاقدام، أنزل في فندق العراء تحت سماء من الف نجمة، وكنت حين ألمحه بباريز مع زوجته أقول لنفسي "ههه سلوى وزوجها !"، ثم تفاجئتُ يوما ان (البعيد ) لطش باكورة مقالاتي "كاريكاتير تقريبي للمثقف أبو عرب" نسخها حرفيا ونشرها تحت عنوان " نقّار الصحون" ( ادعوكم لمقارنة المقالتين )مذاك بدأتُ أهتم به لا لأهميته بل لأسمع صدى صوتي المكتوم في ردحه المسموع، بِتُّ لا أفتحُ جريدةَ " الكس العربي" الا كرمال شواربه وقلمه، كم كان يسليني وهو يُنَدِّدُ بالندوات الثقافية لأنها لا تناديه، وهو يُعَهِّر الجوائزَ الادبية لأنها لا تجيزه،وهو يرفض الشلل الثقافية لأنه مشلول ثقافيا، اين تراه لبد ؟ هو باختفاؤه يفتح المجال لسيل من التخمينات :قد يظن ظانٌ ( وظنه بمحله ) ان ابو الخل صَمتَ لظروف قاهرة وخارجة عن ارادته بعد ان تم خطفه وتكميمه على يد الشبيحة، وقد يخمن اخر ( وتخمينه ايضا بمحله ) ان هذا الاحتمال لا يُحتمل فالشبيحة لا يشبحون على بعضهم، قد يقول قائل (وقوله صواب) ان ابو الخل مش سوري بالمرة، بل من قرباط البدون المكتومي القيد، لعله يبحث عن الحجر الفلسفي في صحاري النورماندي ! لعله في حالة حِداد على نهاية العهد البائد، من يدري فقد يكون ( وهذا جائز جدا وهو نفسه يجوّزه بصمته المريب اكثر من صمت الحملان) من الخلايا البعثية النائمة بباريس ! على انه يستحيل ان يغيب في رحلة طويلة فأبو الخِلْ تعوَّدَ ان يرحل خلال الويكْ إنْدْ فقط، من الجمعة للأحد، وان خاطر بالرجوع يوم الاثنين فإن سلوى تسد باب البيت بوجهه، قد يسئل سائل ( وسؤاله مشروع ) ما الذي يجعل كتبجياً سورياً يتفلسف عن حرية غزة ويتجاهل حرية بلده! ليس من الكياسة ان نرى الخلل في غزة، لا ابدا، ان الخلل يكمن في ابو الخل وبقية المختلين الذين جعلوا من فلسطين شماعة للمزايدات، ان الثورة هي الحد الأقصى من نكران الذات فكيف لا ينكرها هذا المنفرد بذاته، الناكر لكل ما سوى ذاته، يرفض ان يذوب كليا في واو الجماعة والنون القطيعية، ان اللاموقف هو بحد ذاته موقفٌ يوحي ان الكلام وقفٌ على من يجيد الصمت، يحيرنا ابو الخل، ويعمق حيرتنا وهو يثبت لنا ان البدوي يمكن ان يخرج من الخيمة دون ان تخرج الخيمة منه، يخللنا ابو الخل ويخلخلنا، يبلينا بلامبالاته، ان رحل يكتشف الأشياء المُكتَشَفَة، ان تكلم يفْحمَنا بكلامه، وان سكت يلخمنا بسكوته، وان ضاع يضيعنا بضياعه، ابو الخل ربيب الصحراء، لغزٌ ملغزٌ كالصحراء، عجيبة من عجائب الصحراء كالخل والعنقاء والسراب، عيَّن نفسه ناطورا وناطقا رسميا باسم الصحراء، طوَّب الصحراء ماركة مسجلة باسمه، الصحراء مسقط راسه وميدانه ومجاله الروحي، في تناضح واضح وفاضح بين المكان والمكين فإن الصحراء أعطته لامحدوديتها فأعطاها حدوده، أعطته مفاتيحها فأعطاها أقفاله، بدليل وبرهان انه حين زار حواشي الصحرا في البتراء الأردنية فقد احتاجَ لسائق ودليل ومترجم، لا يستطيع رحالتنا إلا ان يُمَوِّه علينا وعلى نفسه وعلى الفرنسيين حين يقدم نفسه كبضاعة اكزوتيكية، نط بقفزة واحدة من حضيض البداوة إلى ذروة الحضارة، من مضارب خيام العشيرة في الحْسِشة ( الحسكة) إلى باريز دون المرور بقبرص او مالطا مثلا، هنا تكمن المأساة- الملهاة : انه رحل سهميا من القاع الى القمة دون ان يحط رحاله في محطة من جزر المتوسط ليخَفِّف ويُلَطِّف من جموحه البدوي وتصحره، ان الرحالجي حين يختصر الطريق في خط مستقيم باعتباره أقصرَ مسافة بين نقطتين فإنه يضع نفسه في علاقة عكسية مع الرحالة الذي يرحل ضمن الدائرةَ باعتبارها أخطر طريق بين نقطتين، الرحالة في رحلته عموما يشبه عاشقا يمارس الوصال مع عشيقته ولا يجب ان يصل بسرعة فالطريق أمتع من "الوصول"، على النقيض فإن خليلنا يقَصِّر المشوار لأنه "يصل" قبل الأوان وقبل ان تشبع الرحلة منه، لا يحب ان يتيه حتى لا يضيع، ولا يحبذ ان يضيع حتى لا يجد نفسه، فهو ان وجد نفسه لن يجد شيئا، وفي بحثه عن شهرة عدم الاكتمال فإن الطبيب ابوالخِلْ يعالج النقاد الادبيين مجانا كي يكتبوا عنه نقدا غير مجاني، فلم يجد أفضل من المريض( جنسياً) بشير البكر ( انسان حقير، لا بل هو حقير دون ان يكون انسانا ) وحين أنهى كاتبنا الفز روايته الفزة " زهرة القطن " لم يجد من ينقدها فنقدها بنفسه، هكذ في مواهبه الفصامية اضطر خليل لأن ينقد رواية النعيمي، على ذمة واحد من المرتزقين إياهم وهو إعلامجي مصري مقيم بباريز اسمه احمد الشيخ ( وأنا أصدق هذا الأحمشيخ رغم انه بلا ذمة، على قاعدة ان المثقفين العربان هم كذابون بالجملة إلا حين يذمون بعضهم) على ذمة الكذوب الصادق المذكور أعلاه فإن ابو الخل طلب من الناقد علي عاشور ان يكتب نقدا ايجابيا عنه مقابل نقده( نقد الناقد) ماديا، لا يتورع أبُلخِل ان يلتف على فشله الروائي بالعلاقات الشخصية،بعكس سلوى الروائية الناجحة التي الْتَفَّتْ على هذا الالتفاف فأعلنتْ في منشور فايسبوكي ان الثورة السورية صارت مجرد علاقات شخصية، علماً انه مفيش سوري(ة) يستغل علاقاته الشخصية أكثر منها، وقد يعود منصبها السامي والطويل الأمد بمعهد العالم العربي للحفلات ذات الطابع الثقافي التي ينظماها بشقتهما الباريزية ويدعوان لها فقط الناشرين الفاعلين والمهندسين الثقافيين! لكن دعونا من سلوى لنرجع لزوجها ،أيُعْقَلُ انه حين ينغمس السمك العربي برمته ببحر الثورة السورية فإن السمك السوري( بتاع باريز ) يسبح بغير بحره ؟ أيُعقلْ أن خيال ابو الخل الذي كان يختال بكل التفاهات، يقع في عطب المخيلة حين تحققت الحرية! أيعقل ان تصاب قريحة ابو الخل بالإمساك في الوقت الذي أصيب به بلدياته صبحي حديدي بإلاسهال (انتهز ابو حديد الفرصة فصار يكتب ثلاث مقالات اسبوعيا مدفوعة الثمن من جعالات طويل العمر القطري )، حقاً لا خوف على الثقافة العربية من الانحطاط لأنها انحطتْ من زمان، واحرقة قلباه من المسكفين العربان كم هم منحطون ومُضَلَّلون، هؤلاء الذين حطموا نظرية أدورنو عن المثقف المُحَطَّم يُحطمون كل شي ولا يتحطمون، يتذللون ويذللون كل الصعاب، ودائما يصلون، يقفزون السلم قفزا ولا يتعثرون، يخلطون المبادئ في خلّاطة المصالح، سمك لبن مع تمرهندي، بترودولار مع شوية أفكار، "سكاي نيوز" مع "المنار"، ورق عنب مع كوسى محشي، بالعربي الفصيح ان المُسَكَّف العربي مثقف " تَأْييرْ " مش تنوير، زمرة دمه تأخذ من الكل ولا تعطي الا نفس زمرتها بَيْدَ أن المثقف مهما كان فهو مش اي انسان حتى نُبَرِّر له سكوته او ثرثرته، هو مسؤول بمعنى المسائلة وتحمل السؤال، ويحق لنا ان نسئله أنتَ أنت الذي كنت تفتح باجوقك بالطالعة والنازلة، وتتكلم بمناسَبة وبدون مناسَبة، لماذا خرستَ عند المناسَبَة المناسِبَة( الحرية)، حين وجب الكلام ؟ تجنباً للاطالة، فإنَّ أعقد الألغاز أبسطها، خليلنا عاوز يموه علينا كعادته، لذا لبس طاقية الاخفاء حتى يرانا دون ان نراه، اغلب الظن ان هذا السندباد البيتوتي متوارٍ في بيته الباريزي يحضر قنبلة روائية خلبية كبقية رواياته أينك يا خليل، ديكي ديكي يا رفيقي، صوت عذب كوكوكوكو، لا تظننَّ اننا مغتاظون من سكوتك، لا والذي لم تسجد له جبهتي، وحق ما بيننا من حبر وورق ومداد، وصحراء ورحلة وبيداء، إحنا مش مغتاظين أبدن أبدن، نحن موسوسون وحسب، فقد عودتنا على ظهورك لدرجة جعلتنا نستغرب ضمورك، لقد أصيب الأدب بنكسة منذ تقاعدك عن ممارسة الطب، لكنه قريبا ما يتعافى مع تقاعدك عن ممارسة الكتابة، اعلم يا أبو الخِلْ انك مهما عتَّقْتَ نبيذَكَ فلن يخرج معك إلّا الخَلْ، ومهما عمَقْتَ صمتَك فلن يخرج منك سوى الهزار. عبّود عبد الحميد :رحالة فلسطيني
#عبد_الحميد_عبود (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ابراهيم نصرالله ...او كيف يتشاوف الفلسطيني على السوري
-
تنويعات على السورية السورية ...ع ب ع او عبدل الباري عطوان
-
في أن الحرية مرعبة
-
سقط الكابوس
-
فقدان
-
امراة تشبهني
-
رد متأخر على المرحوم جابر عصفور
-
قضية الأدب أم أدب القضية
-
عن مغزى رسائل غادة السمان
-
عمر يوسف سليمان أوالمروق اللغوي
-
لا عزاء لي الا بنبش جثمان عمر مزي
-
من أجل ثورة جنسية عربية
-
أنا مش شارلي
-
سعيد عقل
-
لماذا ابايع الخليفة البغدادي
-
مفكرة ثورجي في بلاد الكرد
-
مفكرة ثورجي في الثورة السورية(2)
-
مفكرة ثورجي في الثورة السورية (1)
-
مفكرة ثورجي في الثورة السورية
-
حلب التي لا تستحق اسمها
المزيد.....
-
في إجراء -غير مسبوق-.. الإطاحة بعدد من قيادات الجيش الأمريكي
...
-
-الامتناع عن دفع الإيجار، والدفاع عن النفس في حال الطرد-، ما
...
-
الغارديان: ما المعادن النادرة في أوكرانيا ولماذا يريدها ترام
...
-
ترامب يقيل رئيس الأركان الجنرال تشارلز براون
-
زعيم حزب فرنسي يدعو إلى مظاهرة من أجل خروج بلاده من الاتحاد
...
-
وزير الخارجية الأوكراني يبحث التسوية السلمية للنزاع مع نظيره
...
-
-ديلي تلغراف-: بريطانيا تعلن عن مساعدات عسكرية لأوكرانيا وعق
...
-
فيتسو يقترح إنهاء الأزمة الأوكرانية على أعتاب ذكرى يوم النصر
...
-
-نفتوغاز أوكرانيا- تعلن عن صعوبات كبيرة بسبب الأضرار التي لح
...
-
إعلام: أوروبا تستعد لتوجيه ضربة مرتدة للولايات المتحدة
المزيد.....
-
العرب والعولمة( الفصل الأول)
/ منذر خدام
-
مقالات في الثقافة والاقتصاد
/ د.جاسم الفارس
-
مقالات في الثقافة والاقتصاد
/ د.جاسم الفارس
-
قواعد اللغة الإنكليزية للأولمبياد مصمم للطلاب السوريين
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
أنغام الربيع Spring Melodies
/ محمد عبد الكريم يوسف
المزيد.....
|