سعد العبيدي
الحوار المتمدن-العدد: 8260 - 2025 / 2 / 21 - 13:03
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
مرت بلادنا العزيزة بسنوات عصيبة من الحروب المتتالية غير المنصفة، وعانت من موجات إرهاب كافر، استنزفت مواردها، فضلًا عن الأزمات الاقتصادية التي تفاقمت بسبب تركة النظام السابق، وسوء التخطيط. وقد انعكس ذلك سلبًا على الاقتصاد، مما أعاق قدرته على خلق فرص عمل جديدة لشباب نشأ في بيئة ترى في الوظيفة الحكومية الخيار الأكثر استقرارًا، وضمانًا لحياة ما بعد التقاعد.
وفي محاولة لامتصاص غضب الشباب، وتلبية حاجاتهم الضرورية الى العمل عمدت الحكومات المتعاقبة عدة حلول بينها أو أهمها توفير المزيد من الوظائف الحكومية في مؤسسات الدولة التي تشكو أصلًا من ترهل وظيفي، وتدني في مستوى الأداء الفردي والجماعي، مما أدى إلى تضخم العمالة وزيادة الأعباء المالية على خزينة للدولة تعتمد أصلًا على بيع النفط في سوق عالمية غير مستقرة. ومع غياب رؤية اقتصادية واضحة، استمر التوسع في سوق التعليم الأهلي دون ضوابط، مما أفرز آلاف الخريجين من ذوي التأهيل المحدود، ليجدوا أنفسهم في مواجهة واقع لا يوفر لهم فرص عمل تتناسب مع تخصصاتهم.
إن هذه الأزمة أشبه بجمر تحت الرماد، قد تتحول إلى انفجار في أي لحظة، خاصة إذا شهدت أسعار النفط انخفاضًا حادًا، وهو احتمال وارد في ظل سياسات تهدف إلى كبح الأسعار عالميًا. عندها، قد تجد الحكومة نفسها عاجزة عن دفع الرواتب وتسيير مؤسسات الدولة، مما قد يفتح الباب أمام استغلال الشباب في حركات احتجاجية تهدد الاستقرار.
ولتجنب هذا السيناريو المحتمل حصوله، ينبغي على الحكومة أن تضع هذه القضية ضمن أولوياتها، عبر تنشيط القطاع الخاص بتقليل الإجراءات وخفض الضرائب وحماية المنتج المحلي جديًا، وتحفيز الاستثمار بتقديم المزيد من التسهيلات، وحمايته من التدخل والفساد، ومراجعة سياسات التعليم العالي، وضبط أعداد الكليات الأهلية بما يتناسب مع حاجة السوق، هذا من جهة ومن جهة أخرى تشجيع الشباب على التوجه نحو التعليم المهني والتقني الذي سيمنحهم فرصًا أكبر للاندماج في سوق العمل، وسد الحاجة في هذا المجال، سعيًا لابد من أخذه في الاعتبار لتجاوز أزمة، وتماشيًا مع المثل العراقي القائل: "اللي ما يوني يغرق".
#سعد_العبيدي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟