|
تاريخ الفراعنة ومصر العربية البائدة (2)
محمد مبروك أبو زيد
كاتب وباحث
(Mohamed Mabrouk Abozaid)
الحوار المتمدن-العدد: 8260 - 2025 / 2 / 21 - 00:17
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
نعود لنتساءل : ... ما هو العملاق ؟ العملاق هو شخص أو كائنٌ ذات سمات خلقية خاصة أو ربما تضخم في الأطراف وزيادة في الحجم عن الوضع العادي، وهؤلاء أطلق عليهم العماليق. والعملاق كما نعرف هو الإنسان ضخم البناء، ولهذا - على ما نعتقد- فقد كان تفسير الثعلبي للآية رقم 69 من سورة الأعراف والتي تقول" ﴿أَوَعَجِبْتُمْ أَن جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِّن رَّبِّكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِّنكُمْ لِيُنذِرَكُمْ ۚ وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِن بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ وَزَادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَسْطَةً فَاذْكُرُوا آلَاءَ اللَّهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ �﴾ قَالُوا أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ �/الأعراف.. على أن الله زاد هؤلاء الأقوام عظماً وطولاً وقوّة وشدّة وضخامة في الحجم.. وهناك بالطبع تفسيرات أخرى تدخل في عداد المبالغات والتهويل مثل قول أبو حمزة اليماني أن طول الواحد منهم كان سبعين ذراعا وأن رأس أحدهم كالقبّة العظيمة وكانت عين الرجل منهم تفرخ فيها السباع...إلخ من تلك المبالغات غير المنطقيّة وإن كانت في النهاية تصب في خانة ضخامة الجسم المفرطة بصورة عامّة..
وهناك رواية في "الروض الأنف" (الروض الأنف" للسهيلى (الجزء الأول)) :" وكان من خرافاتها في الجاهلية أن "جرهما" هو ابن لملك (أي ملاك وليس ملك بمعنى حاكم) أهبط من السماء لذنب أصابه فغضب عليه من أجله , كما اهبط هاروت وماروت , ثم ألقيت فيه الشهوة , فتزوّج امرأة فولدت له جرهما" وبذلك يكون المقصود هو أن "جرهم" من نسل ملاك وإنسية، وهو ما يتفق مع رواية وردت في التوراة التي تقول: " وحدث لمّا ابتدأ الناس يكثرون على الأرض وولد لهم بنات أن أبناء الله رأوا بنات الناس أنهن حسناوات فاتخذوا لأنفسهم نساء من كل ما اختاروا، كان في الأرض طغاة في تلك الأيّام وبعد ذلك أيضا إذ دخل بنو الله على بنات الناس وولدن لهم أولادا , هؤلاء هم الجبابرة الذين منذ الدهر ذوو اسم" (تكوين6: 1-4)
وبالربط بين هاتين الروايتين نفهم أن الجراهمة كانوا ينظر إليهم على أنهم نسل عجيب لآباء سماويين ونساء أرضيّات (أو ثمرة زواج بين أبناء الله وبنات الأرض" وأن هذا النسل عرف بالطغيان والجبروت، وأن هؤلاء الجبابرة كانوا "منذ الدهر ذوى اسم" أي معروفين منذ بداية الأزمنة... ويقول ابن خلدون: " وأما العمالقة فهم بنو عمليق بن لاوذ، بهم يضرب المثل في الطول والجثمان. قال الطبري عمليق أبو العمالقة كلهم أمم تفرقت في البلاد فكان أهل المشرق وأهل عمان البحرين وأهل الحجاز منهم وكانت الفراعنة بمصر منهم.."
ونقف هنا وقفة قصيرة هادئة لكنها عابرة للقوميات والحضارات... فنلاحظ هنا عملية التلفيق التاريخي التي وقع في شراكها أعظم المؤرخين مثل الطبري وابن خلدون، حيث تورطا في نقل وتلفيق الأخبار العربية من بلد عربي اسمها مصر إلى بلد أعجمي أصبح اسمها مصر بعدما كان اسمها إيجبت؛ فابن خلدون جاء بهذه الأخبار من حكايات وروايات الإخباريين العرب وليس من بلادنا وادي النيل إطلاقاً؛ لأن ملوك القبط القديمة من الرعامسة وغيرهم لم يكن أحد من العرب ولا من العماليق ولا المؤرخين يعرفون عنهم شيئاً لأن أخبارهم كانت مدونة في البرديات وعلى جدران المعابد والمقابر والأهرامات باللغة الهيروغليفية القديمة (رنكميت) وبالخطوط الثلاث الهيروغليفي والديموطيقي والهيروطيقي، ولم يكن هناك من العرب ولا المسلمين أي شخص استطاع أن يفك شفرات هذه اللغة وخطوطها المعقدة إلا في القرن التاسع عشر على يد شامبليون، فكيف عرف ابن خلدون أن فراعنة مصر كانوا من العماليق؟ إلا إذا كانت مصر التي يتحدث عنها هي مصرايم العرب التي حكمها العماليق؟! ولو كان بناة الأهرام من العماليق على اعتبار أن هذه السلالة عباقرة، لكانوا قد شيدوا حضارات مماثلة في بلادهم الأصل في طول وعرض الجزيرة العربية، وعلى كل حال فإننا نستفيد من هذا الخبر أن العماليق هؤلاء من الجنس العربي واسمهم عربي وموطنهم جزيرة العرب.
لكن من الغريب أن معظم المصادر التاريخية تربط بين (مصرايم والعماليق) لكن لماذا تجاهلت التوراة هذا الرابط المتين ؟! وللمصادفة أمكننا العثور على نص توراتي يتيم يوضح بجلاء أن حكام مصرايم كانوا من العماليق، فنقرأ في (سفر صموئيل الأول30): وَأَمَّا دَاوُدُ فَلَحِقَ هُوَ وَأَرْبَعُ مِئَةِ رَجُل، وَوَقَفَ مِئَتَا رَجُل لأَنَّهُمْ أَعْيَوْا عَنْ أَنْ يَعْبُرُوا وَادِيَ الْبَسُورِ. فَصَادَفُوا رَجُلًا مِصْرِيًّا فِي الْحَقْلِ فَأَخَذُوهُ إِلَى دَاوُدَ، وَأَعْطَوْهُ خُبْزًا فَأَكَلَ وَسَقَوْهُ مَاءً، وَأَعْطَوْهُ قُرْصًا مِنَ التِّينِ وَعُنْقُودَيْنِ مِنَ الزَّبِيبِ، فَأَكَلَ وَرَجَعَتْ رُوحُهُ إِلَيْهِ، لأَنَّهُ لَمْ يَأْكُلْ خُبْزًا وَلاَ شَرِبَ مَاءً فِي ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ وَثَلاَثِ لَيَال. فَقَالَ لَهُ دَاوُدُ: «لِمَنْ أَنْتَ؟ وَمِنْ أَيْنَ أَنْتَ؟» فَقَالَ: «أَنَا غُلاَمٌ مِصْرِيٌّ عَبْدٌ لِرَجُل عَمَالِيقِيٍّ، وَقَدْ تَرَكَنِي سَيِّدِي لأَنِّي مَرِضْتُ مُنْذُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ. فَإِنَّنَا قَدْ غَزَوْنَا عَلَى جَنُوبِيِّ الْكَرِيتِيِّينَ، وَعَلَى مَا لِيَهُوذَا وَعَلَى جَنُوبِيِّ كَالِبَ وَأَحْرَقْنَا صِقْلَغَ بِالنَّارِ». فَقَالَ لَهُ دَاوُدُ: «هَلْ تَنْزِلُ بِي إِلَى هؤُلاَءِ الْغُزَاةِ؟» فَقَالَ: «احْلِفْ لِي بِاللهِ أَنَّكَ لاَ تَقْتُلُنِي وَلاَ تُسَلِّمُنِي لِيَدِ سَيِّدِي، فَأَنْزِلَ بِكَ إِلَى هؤُلاَءِ الْغُزَاةِ». فَنَزَلَ بِهِ وَإِذَا بِهِمْ مُنْتَشِرُونَ عَلَى وَجْهِ كُلِّ الأَرْضِ، يَأْكُلُونَ وَيَشْرَبُونَ وَيَرْقُصُونَ بِسَبَبِ جَمِيعِ الْغَنِيمَةِ الْعَظِيمَةِ الَّتِي أَخَذُوا مِنْ أَرْضِ الْفِلِسْطِينِيِّينَ وَمِنْ أَرْضِ يَهُوذَا. فَضَرَبَهُمْ دَاوُدُ مِنَ الْعَتَمَةِ إِلَى مَسَاءِ غَدِهِمْ، وَلَمْ يَنْجُ مِنْهُمْ رَجُلٌ إِلاَّ أَرْبَعَ مِئَةِ غُلاَمٍ الَّذِينَ رَكِبُوا جِمَالًا وَهَرَبُوا. وَاسْتَخْلَصَ دَاوُدُ كُلَّ مَا أَخَذَهُ عَمَالِيقُ، وَأَنْقَذَ دَاوُدُ امْرَأَتَيْهِ ".
وهذا النص يوضح طبيعة العلاقة بين المجتمعات التي ذكرتها التوراة وليس الدول والشعوب التي سطرتها الترجمة السبعونية، فمن الواضح جداً أن تجارة العبيد لم تكن معروفة في بلادنا إيجبت وادي النيل إنما فقط كانت رائجة في بلاد العرب، ومن الواضح أنه كان اسمها إيجبت وليس مصر في عهد داود، ومن الواضح أن بلادنا وادي النيل لم تكن تعرف الجمل في هذا العصر وإنما عرفته بلاد اليمن حصراً، ومن الواضح كذلك أن كل أهل مصر العربية كانوا عماليق كما يقول النص، لكن العرب بالتعاون مع اليهود نقلوا تاريخ مصرايم العربية إلى بلادنا إيجبت وفق رغبة اليهود، وهذا ما يؤكد وجهة نظرنا في أن اليهود استطاعوا بنجاح قيادة العرب مثل البغلة برغم أن القوة كانت بيد العرب ! لكن العرب لا عقل لهم.
بالإضافة إلى أن العرب بطبيعتهم أمة جهل وحكايات شفوية وليست مهتمة بالعلم والتدوين، غير أنه عند تحليل الحمض النووي للملوك الأقباط القدماء في وادي الملوك والملكات بالأقصر بأخذ عينات من ممياواتهم المحفوظة في المقابر نجد أن الصفات الوراثية بالكامل تعود لشعب النيل الأصيل وهي ممتدة في الأجيال حتى يومنا هذا ولا يوجد بينها مومياء واحدة مختلفة في الأصل الوراثي أو تمُت بأي صلة إلى هؤلاء العماليق، غير أن العماليق ذوي قامة طويلة وتضخم في الأطراف وضخامة في الجسد مع طيش موازي في القدرات العقلية، بينما مومياوات أجدادنا في ذات الطول والحجم الطبيعي لأفراد الشعب الجبتي الحالي، إضافة لذلك، من المنظور الحضاري والفكري، فإن هؤلاء سلالة العماليق أمة وحشية برية مثل الكائنات البرية الشرسة وليس من مؤهلاتهم الجينية فكرة بناء الحضارات أو الاهتمام بالعمل والعمل وبالبناء والإنتاج كمنظومة خاصة بالشعوب المدنية الحضارية، بل إن هؤلاء العماليق قبائل بدوية برية. وقد وجدت هياكل عظمية عملاقة منتشرة في مناطق واسعة داخل وحول الجزيرة العربية، ويقال أن هناك بعض هياكل عملاقة وجدت بصعيد مصر، لكنها كانت متناثرة عشوائياً في رمال الصحارى البعيدة ولم توجد أحداها داخل المدن الحضارية، ما يعني أنهم كانوا يعيشون حياتهم كما الضواري في الفلاة. وهذه صورة توضح حجم الفوارق بين مومياوات الأقباط القدماء وهياكل العماليق المتناثرة في الرمال، لأن العرب بطبيعتهم لا يعيشون إلا في الصحارى..
وأما الخطأ الذي وقع فيه ابن خلدون هو أنه نقل عن الإخباريين العرب نزوح العمالقة إلى مصر، لكن أي مصر ؟! ففي عصر العمالقة كانت مملكة القبط وادي النيل اسمها كميت وتامري وتاوي وإيجبت، بينما إمارة مصرايم البائدة جنوب غرب الجزيرة العربية هي تلك مصر التي نزح إليها العمالقة وحكموها فترة تقارب المائتي عام، وتحديداً هي فترة تواجد الإسرائيليين بها، وكان أول حكامها هو فرعون يوسف (ع) وأصله كان عملوق من العمالقة من منطقة حوران جنوب مكة، حيث نجد اسمه في بعض المصادر: الوليد بن مصعب بن أراهون بن الهلوت بن قاران بن عمرو بن عمليق، و هذا الوليد فرعون مصرايم الأول، وهو الذي عاصر يوسف ويعقوب، وكان في الأصل يعمل عطاراً لكن تراكمت عليه الديون فاضطر إلى الهروب من بلده إلى إمارة مصرايم هذه وهناك تمكن من القفز على سلطة الحكم في هذه الإمارة، وتقول المصادر التاريخية أنه كان أعور وقصير و يعرج وله ذقن طويلة ، وتوالي أبناء فرعون بعد ذلك على حكم هذه الإمارة حتى جاء فرعون موسى، وهو السادس من سلالة الفراعين خلال مائتي عام. ((المقريزي : المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار، وقد نقل المؤرخون والإخباريون العرب هذه الحكايات ودونها المؤرخ المصري بن عبد الحكم ونقلها عنه باقي المؤرخين العرب والجبتيين دون تدقيق وتحقيق ، وبذلك حدث التلفيق التاريخي بين تاريخ وجغرافيا مصر العربية البائدة ومملكة القبط العظمى التي تم إحياء اسم مصر فيها على يد كعب الأحبار.))
يقول الطبري في كتابه الشهير "تاريخ الرسل والملوك" أن قبيلة جاسم التي سكنت يثرب كانت من قبائل العماليق، وقد زخرت كتب الإخباريين الأوائل -الذين تناولوا التاريخ القديم- بأخبار العماليق وممالكهم (2500ق.م)، لاسيما وقد عاصروا خروج بني إسرائيل من مصرايم، وكان اليهود يعدوهم من أشد الخصوم وألد الأعداء، بل قد ذكر "المسعودي" أن الفراعنة من العماليق الذين نزحوا إلى مصر، وإلى جد العماليق "إرم" تنسب "ذات العماد" التي ورد ذكرها في القرآن، واختلف في موقعها فقيل بالأحقاف قرب مكة، وقيل في حضرموت جنوب الجزيرة العربية، حيث كان انتشار العماليق من جنوب الجزيرة العربية".
ومن هذا المقتبس نفهم بجلاء أن الفراعنة أولاد العماليق أولاد إرم حاكم مملكة (إرم ذات العماد) ونقهم أن العمالقة كانت لهم أكثر من مملكة في جزيرة العرب، فمملكة إرم ذات العماد تعود إليهم وقد دمرها الله تعالى، وكذلك مصرايم العربية التي حكمها الفراعين العمالقة دمرها الله وأغرق فرعونها.. سنكتشف أنها كانت مجاورة لإرم ذات العماد ومن جنسها، وهي بالفعل التي نزح إليها العماليق الفراعين.. فهذه السلالة العربية معروفة بجبروتها في كل مكان وزمان.. ويجمع المؤرخون أن العماليق من ذرية "عمليق بن لاوذ بن إرم بن سام بن نوح"(ع)، أي أننا حتى لو صدقنا أسطورة الانتشار الوبائي للثقافة التوراتية التي تقول بأن حام بن نوح سكن شمال إفريقيا بعد الطوفان وأن مصرايم ابنه سكن وادي النيل، فهذا دليل من التوراة ذاتها أن الفراعنة العماليق ليسوا من نسل حام ولا مصرايم إنما من نسل سام الذي هو أبو الإسرائيليين والعرق السامي كله !!
وسنعرف فيما يلي أن فصيلة العماليق هذه لم تكن عشيرة واحدة بل عدة عشائر انتشرت في جزيرة العرب وتفرعت إلى قبائل عديدة، ومن المقتبس السابق نفهم أنهم جميعهم كانوا يحملون ذات الصفات الوراثية جسدياً وذهنياً، وأن "العماليق" لم يكن اسم وإنما وصفاً لهم، فهم يتمتعون بضخامة في الجسم وطيش مماثل وموازي في الفكر، وغالبيتهم مصابون بداء العظمة والجبروت، وأغلبهم ادعوا الألوهية وتم تدميرهم وإبادتهم بالدمار الإلهي... وهناك قرينة أخرى تؤكد قولنا أن فرعون حاكم مصرايم العربية البائدة هذا كان من قبيلة العماليق الذين نزحوا إلى مصرايم وسيطروا عليها وحكموها، فعندما خرج موسى بقومه من مصرايم وغرق فرعون وجنوده في يم سوف، ظهر في هذه الآونة عداء شديد جداً بين العماليق والإسرائيليين طوال الدهر، ولم ينتهي أبداً.. ولم يكن ذلك العداء نابعاً من فكرة أن الإسرائيليين موحدين والعماليق غير موحدين، بل نابع من الحادثة المأسوية التي وقعت لفرعون وجنوده العماليق عند عبوره اليم خلف موسى وشعبه حيث غرق وجنوده، ودُمرت مملكته بالطوفان والجراد والقمل وغيره من الموبقات. ولما كان فرعون هذا من فصيلة العماليق المنتشرة في منطقة الجزيرة العربية وقد ذاع الخبر في المنطقة فاضطهد بني عمليق الإسرائيليين أينما ذهبوا، ونشأ عداء مستديم بين كل عشيرة العماليق وبني إسرائيل، ولذلك عقب صعود موسى وشعبه من مصرايم حاولت قبائل عمليقية الانتقام منهم مباشرة ودون سبب واضح، لكن التوراة تتجاهل الربط هنا ولم يتساءل أحد من المؤرخين عن سبب هذا العداء الشديد المفاجئ الذي ظهر بين العماليق والإسرائيليين ما جعلهم يحاولون الانتقام فورياً من الإسرائيليين بمجرد صعودهم من مصرايم .
ويجب ملاحظة أن الكتبة الذين دونوا أسفار التوراة بعد قرون من وقوع الحوادث كانوا يشعرون بالنقمة والحقد على العمالقة، ولذلك كانوا يحاولون الحط من شأنهم وتشويه سمعتهم دائماً. فقد جاء في سفر العدد (24/2): "عماليق أول الشعوب. وأما آخرته فإلى الهلاك". ويقصد بذلك أن العمالقة كانوا أول شعب وقف في وجه بني إسرائيل الذين أخذوا، بعد خروجهم من مصرايم بقيادة موسى، يهاجمون الإسرائيليين، ويعتدون على ممتلكاتهم. وكان هؤلاء العمالقة يسكنون في مناطق شتى من الجزيرة العربية، ويرى الطبري أن جدهم عمليق هو أول من تكلم بالعربية، كانت لهجتهم هي العربية القديمة جداً المشتقة من الأصل السامي الآرامي، فقد تفرعت عن اللغة الآرامية عدة لهجات منها السريانية والنبطية والسبأية والحميرية والعبرية والعربية، أما إسماعيل (ع) فقد كان يتحدث العربية المتينة التي تطورت على لسانه بعدما اختلط بهؤلاء العماليق وتزوج منهم (زوجة من عشيرة العماليق وزوجة من عشيرة جرهم)، ثم جاءت من نسله قريش التي تحدثت العربية الفصيحة بعد ذلك وهي التي نزل بها القرآن الكريم. وقد ذكرت التوراة أسماء بعض زعمائهم ومدنهم العربية ومعاركهم وقد حدث أول صدام في موقع رفيديم بعد صعودهم من مصرايم. فيذكر سفر الخروج (17/14) أنه بعد تغلب يشوع على العماليق "قال الرب لموسى: أكتب هذا تذكاراً في الكتاب وضعه في مسامع يشوع، فاني سوف أمحو ذكر عماليق من تحت السماء".
وتتكرر ذكرى مقاومة العمالقة في سفر التثنية (25/17 - 19): "اذكر ما فعله بك عماليق في الطريق عند خروجك من مصرايم، كيف لاقاك في الطريق، وقطع من مؤخرك كل المستضعفين وراءك، وأنت كليل متعب، فمتى أراحك الرب إلهك من جميع أعدائك حولك تمحو ذكرى عماليق من تحت السماء. لاتنس".
ويبدو أن العمالقة ظلوا ينتقمون من الإسرائيليين، لكن لا يمكن أن تنشأ هذه الغريزة الانتقامية دون سبب معروف، فلم يكن الإسرائيليين عند صعودهم من مصر ذوي مال أو ثروة أو أرض بها خيرات كي يطمع فيها العماليق، إنما هم قضموا ذيل الإسرائيليون وهم متعبين بعد صعودهم من مصرايم مباشرة، ودون سبب ولم تذكر التوراة أي سبب لهذا العداء المفاجئ، والسبب هو أن فرعون الذي غرق في يم سوف وجنوده كان من عشيرة العماليق هذه حيث انسلت طائفة من العماليق قبل مائتي عام وسيطروا على إمارة مصرايم وحكموها منذ عصر يوسف إلى موسى وكان آخر وجود للعماليق في إمارة مصرايم هو فرعون الغارق، ولهذا بعد خروج الإسرائيليين وذيوع الخبر في المنطقة هجمت عشيرة العماليق على الإسرائيليين في محاولات انتقامية متكررة. ثم بعدما احتل الإسرائيليون منطقة تأويهم في البراري والجبال، ظل العماليق يقاومونهم، ويتحالفون في سبيل ذلك مع سائر القبائل العربية من موآبيين وعمونيين ومدينيين. وقد استطاع عجلون ملك مآب أن يجمع إليه بني عمون وعماليق، ويسترجع من الإسرائيليين منطقة النخل (سفر القضاة 3/13)، ومنطقة نخل هذه هي الوادي القريب من إمارة مصرايم حيث أن كلمة نِخِل تعني وادي، ونِخِل مُصُر تعني وادي مُصُر، وما زال هذا الوادي موجوداً إلى اليوم في السعودية.
ويقول ابن خلدون: وكانت الجبابرة بالشأم الذين يقال لهم الكنعانيون منهم وكان الذين بالبحرين وعمان والمدينة يسمون جاسم وكان بالمدينة من جاسم هؤلاء بنو لف وبنو سعد بن هزال وبنو مطر وبنو الأزرق، وكان بنجد منهم بديل وراحل وغفار وبالحجاز منهم إلى تيماء بنو الأرقم ويسكنون مع ذلك نجداً وكان ملكهم يسمى الأرقم، قال وكان بالطائف بنو عبد ضخم بن عاد الأول. انتهى. ومن الأخطاء التي تسربت إلى ابن خلدون عن الإخباريين العرب قوله أن الكنعانيين من العماليق، بينما الكنعانيين هؤلاء كانوا عشيرة معاصرة لعشيرة العماليق ومجاورة لهم، وكان العماليق وجرهم عشيرتين معروفتين في جزيرة العرب واقتتلوا حتى ذابوا جميعاً في الحروب ولم يبق منهم أحد، وإذا تتبعنا أخبارهم في التوراة نجد أن أسفار التوراة تذكر بوضوح شديد أن الكنعانيين عشيرة مستقلة عن العماليق، وكان العماليق هؤلاء قوماً جبارين ويضطهدون اليهود في كل مكان ما يدفعهم للهروب منهم بأي طريق.
(وقال ابن سعيد) فيما نقله عن كتب التواريخ التي اطلع عليها في خزانة الكتب بدار الخلافة من بغداد، قال" كانت مواطن العمالقة تهامة من أرض الحجاز... وتطرد لهم المُلك إلى أن كان منهم السميدع بن لاوذ بن عمليق وفي أيامه خرجت العمالقة من الحرم أخرجتهم جرهم من قبائل قحطان فتفرقوا ونزل بمكان المدينة منهم بنو عبيل بن مهلايل بن عوص بن عمليق فعرفت به ونزل أرض أيلة بن هومر بن عمليق... ثم بعث من بني إسرائيل بعثاً إلى الحجاز فملكوه وانتزعوه من أيدي العمالقة ملوكه ونزعوا يثرب وبلادها وخيبر ومن بقاياهم يهود قريظة وبنو النضير وبنو قينقاع وسائر يهود الحجاز على ما نذكره.." (تاريخ ابن خلدون - ابن خلدون - ج ٢ق١ - الصفحة ٢٧)
ويتحدث الطبري عن بعض القبائل البائدة والمواضع التي سكنوا فيها، ومن ضمن ما قاله؛ " ثُمَّ لَحِقَتْ عَادٌ بِالشَّحرِ فَعَلَيْهِ هَلَكُوا بِوَادٍ يُقَالُ لَهُ مُغِيثُ، فَلَحِقَتْهُمْ بَعْدَ مهْرَةَ بِالشَّحْرِ وَلَحِقَتْ عُبَيْلَ بِمَوْضِعِ يَثْرِبَ وَلَحِقَتِ الْعَمَالِيقُ بِصَنْعَاءَ قَبْلَ أَنْ تُسَمَّى صَنْعَاءَ، ثُمَّ انْحَدَرَ بَعْضُهُمْ إِلَى يَثْرِبَ، فاخرجوا منها عبيل، فَنَزَلُوا مَوْضِعَ الْجُحْفَةِ، فَأَقْبَلَ السَّيْلُ فَاجْتَحَفَهُمْ فَذَهَبَ بِهِمْ فَسُمِّيَتِ الْجُحْفَةُ وَلَحِقَتْ ثَمُودُ بِالْحجْرِ وَمَا يَلِيهِ فَهَلَكُوا ثَمَّ، وَلَحِقَتْ طسمُ وَجُدَيْسٌ بِالْيَمَامَةِ فَهَلَكُوا وَلَحِقَتْ أُمَيْمٌ بِأَرْضِ أَبارٍ فَهَلَكُوا بِهَا، وَهِيَ بَيْنَ الْيَمَامَةِ وَالشَّحْرِ، وَلا يَصِلُ إِلَيْهَا الْيَوْمَ أَحَدٌ، غَلَبَتْ عَلَيْهَا الْجِنُّ وَإِنَّمَا سُمِّيَتْ أَبَّارُ بِأَبَّارِ بْنِ أُمَيْمٍ، وَلَحِقَتْ بَنُو يَقْطُنَ بْنِ عَابِرٍ بِالْيَمَنِ، فَسُمِّيَتِ الْيَمَنُ حَيْثُ تَيَامَنُوا إِلَيْهَا" (ابن جرير الطبري : تاريخ الطبري - كتاب : تاريخ الأمم والملوك) .
وما زال العرب يحفظون تاريخهم وأنسابهم البائدة إلى اليوم، فقد نشر الأستاذ منصور العسّاف مقالاً في جريدة الرياض الإلكترونية (رابط: http://www.alriyadh.com/658437# ) عرض فيه لبعض أخبار العماليق ومناطق تركزهم في جزيرة العرب، فيقول؛ يحكي لنا التاريخ عن كل بقعة من أراضيها، ويروي حديث أممٍ سادت ثم بادت، وحضارات تحكي أصول العرب والنسب العربي بماضيه الطويل، وتاريخ يرويه الأجداد للأحفاد العرب عن ثمود وعاد وطسم وجديس وعبيل ووبار وجرهم والعماليق، وكيف قامت الحضارات وتعاقبت الممالك والإمارات لترسم على صفحة التاريخ أسماء "إرم" و "وبار" و"عيلام" و"نبيط" و"عمليق" الذين انتشروا في أرض الجزيرة العربية، ووُصف بعضهم بأنهم العرب البائدة، إلاّ أن قبيلة "العماليق" العائدة إلى جدها الأكبر "عمليق" تبقى علامة استفهام في حلها وترحالها ونسبها وأحوالها. أما "عبد ضخم بن إرم" فقد استأثر بمنطقة الطائف، ومن هؤلاء كان العرب البائدة "طسم وجديس وجرهم وثمود وعاد"، ومنها الأقوام التي أنزل الله سبحانه عليها غضبه ونقمته جراء كفرهم وعصيانهم، ناهيك عمن تفانوا منهم بالحروب والتحقت فلولهم بعدنان وقحطان لتعاود القبائل العربية -من جديد- انتشارها من رحم العرب الأول الجزيرة العربية... ووصف العماليق بأنهم قبائل بدوية غير مستقرة، وعرفوا بالجلافة وخشونة الطبع، وقد وصفتهم أسطورة سومرية الإله "مارتو" رب الأموريون: "إن السلاح رفيقه ولا يثني الركبة (لا يخضع) ويأكل اللحم نيئاً ولا يمتلك بيتاً طوال حياته ولا يدفن في قبر بعد موته".... وهذا الوصف أطلق عليهم من قبل الشعوب المدنية بالعراق.
ويقول الطبري أيضاً عن العماليق: " وَوُلِدَ لِلاوِذَ أَيْضًا عِمْلِيقُ ابْنُ لاوِذَ، وَكَانَ مَنْزِلُهُ الْحَرَمَ وَأَكْنَافَ مَكَّةَ، وَلَحِقَ بَعْضُ وَلَدِهِ بِالشَّامِ، فَمنْهُمْ كَانَتِ الْعَمَالِيقُ، وَمِنَ الْعَمَالِيقِ الْفَرَاعِنَةُ بِمِصْرَ".
وهنا يتأكد لنا للمرة الأخيرة أن فرعون وقبيلته هم من عشيرة العماليق، وعشيرة العماليق هذه حكمت مصر حقبة من الزمن - ليس مصر القبط وإنما مصر اليمنية - وما يؤكد التلفيق التاريخي الذي وقع فيه المؤرخون العرب هو قول الطبري أن الفراعنة بمصر هم من العماليق، وهو هنا لم يميز أي مصر، مصر العربية البائدة أم مصر القبطية التي حملت ذات الاسم بعد دخول ابن العاص ؟ لكن على كل حال فجلالة الملك رمسيس الثاني وابنه الملك مرنبتاح وكل سلالة الرعامسة ليست من عشيرة العماليق هذه التي تمتد جذورها إلى شبه جزيرة العرب، وهذا صمام أمان. ويمكن التأكد من ذلك بتحليل الحمض النووي لمومياوات أسرة الرعامسة بالكامل وإثبات اتصال نسبهم لعموم الشعب وليس لفصيلة العماليق العربية. وهذا ما يؤكد أن العماليق هؤلاء كانوا في مصر العربية القديمة وليست بلاد القبط في وادي النيل، فالأقرب إلى العقل والمنطق أن هذه العشيرة العربية -العماليق- التي انتشرت في شبه الجزيرة قد سيطر بعضها على ممالك صغيرة وقرى وإمارات عربية، إنما لا يمكن القول بأن أحد من أفراد هذه العشيرة قد سيطر على مملكة القبط العظمى في عصر الرعامسة، وهي حقبة أحداث التوراة المذكورة. وأما هؤلاء العماليق ومنهم قبيلة الفراعين هم من شعوب الجزيرة العربية وأصلهم آراميين يتحدثون اللغة الآرامية، قبل أن تتطور وتتفرع إلى لهجات محلية خرج منها العربية والعبرانية السريانية ..إلخ. ولكن التلفيق اليهودي للتاريخ جعل المؤرخين يقعون في أخطاء ما لها حدود، وستكشف هذه الأخطاء حقيقة الأمر مع استمرار عمليات البحث والتنقيب والتحقيق التاريخي، لكن درجة اعتناقنا للتراث والحكايات بصيغة دينية مقدسة، هذا يضع على عقولنا حاجزاً مانعاً من التفكر والتدبر.
يُتبع ... ( قراءة في كتابنا : مصر الأخرى – التبادل الحضاري بين مصر وإيجبت ( (رابط الكتاب على أرشيف الانترنت ): https://archive.org/details/1-._20230602 https://archive.org/details/2-._20230604 https://archive.org/details/3-._20230605 #مصر_الأخرى_في_اليمن): https://cutt.us/YZbAA #ثورة_التصحيح_الكبرى_للتاريخ_الإنساني
#محمد_مبروك_أبو_زيد (هاشتاغ)
Mohamed_Mabrouk_Abozaid#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تاريخ الفراعنة ومصر العربية البائدة (1)
-
الإسقاط الجغرافي لإقليم مصر بجزيرة العرب (3)
-
الإسقاط الجغرافي لإقليم مصر بجزيرة العرب (2)
-
الإسقاط الجغرافي لإقليم مصر بجزيرة العرب (1)
-
حرب الإسرائيليات في صدر الإسلام (12)
-
حرب الإسرائيليات في صدر الإسلام (11)
-
حرب الإسرائيليات في صدر الإسلام (10)
-
حرب الإسرائيليات في صدر الإسلام (9)
-
حرب الإسرائيليات في صدر الإسلام (8)
-
حرب الإسرائيليات في صدر الإسلام (7)
-
حرب الإسرائيليات في صدر الإسلام (6)
-
حرب الإسرائيليات في صدر الإسلام (5)
-
حرب الإسرائيليات في صدر الإسلام (4)
-
حرب الإسرائيليات في صدر الإسلام (3)
-
حرب الإسرائيليات التاريخية في صدر الإسلام (2)
-
حرب الإسرائيليات التاريخية في صدر الإسلام (1)
-
مراسلات تل العمارنة مزورة (5)
-
مراسلات تل العمارنة مزورة (4)
-
مراسلات تل العمارنة مزورة (3)
-
مراسلات تل العمارنة مزورة (2)
المزيد.....
-
ترامب: لو أراد بوتين أخذ أوكرانيا لحصل عليها بالكامل.. ووجود
...
-
هل لدى القادة العرب خطة بديلة يمكنها مواجهة خطة ترامب؟ جرجس
...
-
حماس تدعو للمشاركة الحاشدة في تشييع جثماني نصر الله وصفي الد
...
-
الاجتماع -الأخوي- في الرياض وتفاصيل خطة إعادة إعمار غزة التي
...
-
هل تصبح القاهرة الخديوية -داون تاون دبي-؟ تصريحات رجل أعمال
...
-
ماكرون لترامب: لا تكن ضعيفا أمام بوتين
-
مؤتمر الحوار الوطني في سوريا بين التعثر والضغوط الدولية للان
...
-
بشرط واحد .. ميونيخ توافق على استضافة نصف نهائي دوري الأمم ا
...
-
دراسة تكشف ما تحتاجه أوروبا للتصدى لروسيا دون مساعدة أمريكية
...
-
تحت ضغط حقوقي .. القضاء المغربي يفرج عن ناشط أويغوري تطالب ب
...
المزيد.....
-
الانسان في فجر الحضارة
/ مالك ابوعليا
-
مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات
...
/ مالك ابوعليا
-
مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا
...
/ أبو الحسن سلام
-
تاريخ البشرية القديم
/ مالك ابوعليا
-
تراث بحزاني النسخة الاخيرة
/ ممتاز حسين خلو
-
فى الأسطورة العرقية اليهودية
/ سعيد العليمى
-
غورباتشوف والانهيار السوفيتي
/ دلير زنكنة
-
الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة
/ نايف سلوم
-
الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية
/ زينب محمد عبد الرحيم
-
عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر
/ أحمد رباص
المزيد.....
|