أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - محمود عباس - لماذا يتهافت الكورد على دمشق بدل فرض شروطهم من قامشلو؟














المزيد.....


لماذا يتهافت الكورد على دمشق بدل فرض شروطهم من قامشلو؟


محمود عباس

الحوار المتمدن-العدد: 8259 - 2025 / 2 / 20 - 23:11
المحور: القضية الكردية
    


في معادلة السياسة، من يملك القوة على الأرض يحدد شروط التفاوض، لكن في المشهد الكوردي السوري، يبدو أن هذه القاعدة مقلوبة رأسًا على عقب، فبدلاً من أن تجعل الأحزاب الكوردية من قامشلو مركزًا لفرض شروطها والتفاوض من موقع القوة، نراها تتهافت على أبواب دمشق بشكل فردي، وأولهم المجلس الوطني الكوردي أو من يمثله، ولا نظن بأنهم يمثلون كلية قرار المجلس، تقدم التنازلات حتى قبل أن يُطلب منها ذلك، وكأنها تسعى لإقناع النظام بقبولها، بدل أن تفرض نفسها كطرف أساسي في مستقبل سوريا. وهنا لا نتحدث عن الأفراد والشخصيات المستقلة، وهذه إشكالية أخرى، لها سلبياتها الأكثر من إيجابياتها.
فليعلموا أن دمشق تخطط لبناء دولة سوريا وفق منهجية "الأمة الإسلامية"، حيث تُمحى الهويات القومية والأقليات تحت هذا الإطار، وعندما استخدم احمد الشرع، مصطلح "الجمهورية السورية" بدلًا من "الجمهورية العربية السورية"، لم يكن ذلك انفتاحًا على التعددية، بل كان مبنيًا على بعدٍ إسلامي يسعى إلى إذابة جميع المكونات في هوية دينية جامعة، تُقصي الخصوصيات القومية والثقافية، كما ولتركيا التي أملت عليه بالقول على الأغلب غاية منها.
لو بقيت القوى الكوردية في مناطقها، وأعلنت بوضوح أنها لن تتفاوض إلا على أرضها، من موقع الشريك الفعلي وليس التابع، لكانت دمشق هي التي تسعى للحوار، لا العكس، لكن التهافت على العاصمة السورية جعل موقف الكورد هشًا، وأفقدهم الجرأة على حتى مجرد طرح الفيدرالية، بل صاروا يخجلون من ذكرها، وهم يقفون أمام شخصيات بلا سلطة حقيقية، ولا تملك قرارًا سياديًا في دمشق.
لقد خسرنا بما فيه الكفاية، وتم إقصاؤنا وتهميشنا في العقود الماضية، فهل هناك ما نخاف عليه اليوم؟
لا أظن أن المجتمع الدولي سيتعامل مع القضية الكوردية اليوم كما تعامل معها في السابق، حين كانت الأنظمة الدكتاتورية تتحكم بالمشهد بالكامل، فاليوم، المصالح الدولية تفرض نفسها، والعالم يدرك أن وجود قوة كوردية مستقلة ومستقرة في سوريا يخدم توازن القوى، ويمنع عودة السلطة المركزية المطلقة، وخاصة إذا كانت هذه السلطة متطرفة أو تكفيرية تهدد الاستقرار الإقليمي والدولي.
بالتالي، التخاذل اليوم ليس خيارًا عقلانيًا، بل جريمة بحق الأجيال القادمة، لأن ما لم يُؤخذ بالقوة والتفاوض الذكي الآن، قد لا يكون ممكنًا لاحقًا.
التفاوض من موقع قوة أم من موقع استجداء؟ وهذا ما تملكه الإدارة الذاتية كقوة سياسية وعسكرية، وعلى المجلس الوطني الكوردي قبول هذا فهي افضل من التهافت على قوى سياسية وعسكرية تكفيرية متطرفة، ترفض القومية بكل أبعادها.
الحقيقة أن التفاوض الحقيقي لا يكون بالركض خلف السلطة المركزية، بل بجعلها تأتي إليك، مدركة أنك قوة لا يمكن تجاوزها، لكن الكورد، وللأسف، باتوا في موقف المتسول، يركضون إلى دمشق رغم أن النظام لا يعترف بهم أصلًا، ولا يمنحهم حتى صفة المحاور الرسمي، وبدل أن يستفيدوا من وزنهم العسكري والسياسي على الأرض، أصبحوا يتفاوضون مع شخصيات بلا تأثير، ويفاوضون من موقع المهزوم حتى قبل بدء المعركة!
وقد جاءت الدعوة (إن كانت صحيحة) التي وُجّهت إلى أحمد الشرع عقب اجتماع مجلس سوريا الديمقراطية (مسد)، وقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، والإدارة الذاتية في قامشلو، كرسالة سياسية تحمل أبعادًا استراتيجية واضحة، شريطة أن تكون الزيارة للحوار حول حل الإشكاليات بين دمشق وغربي كوردستان، ألا يجب أن يكون الحوار محصورًا بالعاصمة السورية فقط، بل يمكن أن يتم من قامشلو أيضًا، إذا كانت هناك نية صادقة للوصول إلى حل عادل ومستدام قائم على أسس وطنية حقيقية.
ونأمل أن يكون للمجلس الوطني الكوردي وأطراف أخرى من الحراك الكوردي مكان بين هذه القوى في المستقبل، ويعمل الجميع على تعزيز وحدة الموقف الكوردي في أي حوار سياسي قادم.
إذا أردنا أن نتعلم شيئًا من الشعوب التي نالت حقوقها، بل من تجارب ثوراتنا، فعلينا أن ندرك أن القادة الحقيقيين هم من يجعلون الآخرين يأتون إليهم، لا العكس. في إيرلندا، وجنوب إفريقيا، وكوسوفو، وتيمور الشرقية، لم يكن المقاتلون والمناضلون الوطنيون يسعون للتفاوض من مواقع ضعيفة، بل فرضوا أنفسهم كقوى لا يمكن تجاوزها، وهذا ما دفع الخصوم إلى تقديم التنازلات، لا العكس.
أما في الحالة الكوردية، فنرى أن الأحزاب لم تستوعب بعد هذه القاعدة، فهي التي تركض خلف دمشق، بينما كان ينبغي أن تجلس في قامشلو أو في دمشق لكن باحترام وتقدير، أو أي منطقة أخرى من مناطق سوريا، وتجبر الآخرين على القدوم إليها.
إذا استمر النهج الحالي، فلن يحصل الكورد على شيء، ولن يعترف بهم أحد كقوة سياسية حقيقية. المطلوب اليوم ليس مجرد الجلوس إلى طاولة المفاوضات، بل إقناع الآخرين على الاعتراف بأن التفاوض يجب أن يتم وفق شروط الكورد، وفي مناطقهم، لا وفق شروط النظام وفي عاصمته.
نحن اليوم أمام لحظة تاريخية، إما أن نكون طرفًا فاعلًا في رسم مستقبل سوريا وغربي كوردستان، أو نتحول إلى هامش كما كنا طوال العقود الماضية، فالتاريخ لا يرحم الضعفاء، ومن لا يفرض شروطه اليوم، سيجد نفسه غدًا بلا مطالب أصلًا، وربما حتى بلا قضية.

د. محمود عباس
الولايات المتحدة الأمريكية
18/2/2025م



#محمود_عباس (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحرب النفسية والدعاية السوداء كيف تستهدف تركيا استقرار غربي ...
- ما بين التسوّل السياسي الكوردي والقيادة الحقيقية
- ميلاد كوردستان بداية الاستقرار والتعايش في الشرق الأوسط
- إعادة تشكيل الشرق الأوسط هل هو مخطط خارجي أم نتيجة بنية داخل ...
- إعادة تشكيل الشرق الأوسط هل هو مخطط خارجي أم نتيجة بنية داخل ...
- مؤتمر الحوار الوطني السوري تهميش للكورد ومخطط لإقصاء الحراك ...
- من متطلبات المرحلة تصعيد دور القيادة السياسية في الإدارة الذ ...
- آن الأوان لفصل المسار السياسي عن العسكري في الإدارة الذاتية
- تيه بين العدم والخلود
- كيف تُدار الحرب ضد الكورد بوجوهٍ بلهاء وألسنة مأجورة؟
- قراءة في انسحاب المجلس الوطني الكوردي من الائتلاف السوري
- تنازل المجلس الوطني الكوردي عن مطلب الفيدرالية، تراجعٌ سياسي ...
- لماذا نشرت قناة NBC الخبر الكاذب حول احتمالية سحب إدارة ترام ...
- الولايات المتحدة لن تسحب قواتها من سوريا، دعاية مضللة بغايات ...
- الإعلام السوري من التواطؤ إلى التحريض، لماذا كل هذا الحقد عل ...
- الإعلام السوري من التواطؤ إلى التحريض، لماذا كل هذا الحقد عل ...
- خطب الكراهية في ساحة الأمويين
- في سوريا المنتصر لا يجادل بل يفرض قدره
- سوريا من قبضة الأسد إلى مخالب الإرهاب
- حين يحارب الكورد الإرهاب وتصنعه تركيا من جديد!


المزيد.....




- إعلام إسرائيلي: مشاورات نتنياهو تؤجل إطلاق سراح الدفعة الساب ...
- مديرإعلام الأسرى الفلسطينيين: الاحتلال يحاول التلاعب ببعض أس ...
- مدير إعلام الأسرى الفلسطينيين: الاحتلال يحاول التلاعب ببعض أ ...
- -واشنطن بوست-: الإدارة الأمريكية تطالب كييف بسحب مشروع قراره ...
- إسرائيل تطبع عبارة من العهد القديم على ملابس الأسرى الفلسطين ...
- عاجل | هيئة البث الإسرائيلية عن مصادر: تأخير الا?فراج عن الأ ...
- جثث الأسرى تصدم الاحتلال ونتنياهو يتذرع بالمظلومية
- إعلام العدو:تأخير اطلاق الأسرى الفلسطينيين حتى انعقاد الإجتم ...
- الصليب الأحمر يقول إن -إسرائيل- أبلغته بتأجيل افراج الأسرى ح ...
- حماس: المقاومة حافظت عل حياة الأسرى بكل امانة ومسؤولية


المزيد.....

- “رحلة الكورد: من جذور التاريخ إلى نضال الحاضر”. / أزاد فتحي خليل
- رحلة الكورد : من جذور التاريخ إلى نضال الحاضر / أزاد خليل
- سعید بارودو. حیاتي الحزبیة / ابو داستان
- العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس ... / كاظم حبيب
- *الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 * / حواس محمود
- افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_ / د. خليل عبدالرحمن
- عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول / بير رستم
- كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟ / بير رستم
- الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية / بير رستم
- الأحزاب الكردية والصراعات القبلية / بير رستم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - محمود عباس - لماذا يتهافت الكورد على دمشق بدل فرض شروطهم من قامشلو؟