أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - أمين بن سعيد - نحن نقص عليك أحسن القصص...7 ملاك: 14-3















المزيد.....



نحن نقص عليك أحسن القصص...7 ملاك: 14-3


أمين بن سعيد

الحوار المتمدن-العدد: 8259 - 2025 / 2 / 20 - 18:11
المحور: كتابات ساخرة
    


نفس التحذير مثل الحلقة السابقة...
٠
أشهر قبل لايتيسيا...
- تتذكر وفاء...
- ...
- وددتُ لو تعرفتُ عليها بعد... بعد إيمان
- لم يكن ذلك ليضيف لكِ شيئا... ثم، لا أظنها كانت ستقبل...
- لماذا؟
- الملكة لا تقبل أن تكون وصيفة
- نستطيع فعل ذلك الآن...
- أنتِ أذكى وأرقى من هذا بكثير... لا تواصلي أرجوكِ
- لا أخشاها
- لكنكِ لا تزالين تخشين غيرها، وهذا غريب منكِ بعد كل هذه السنين
- غير صحيح!
- لا تُخطئي خطأ إيمان
- إيمان لم تُخطئ! و... كانت صغيرة!
- وأنتِ الآن؟ صغيرة؟
- ...
- أنا آسف... أعتذر... تعرفين جيدا أن ذلك أقوى مني
- من حقي أن أتكلم على الأقل!
- نعم...
- تعرف... تُذكّرني بإيمان بعض الشيء... أحبها وأريد وجودها، لكن ذلك يؤلمني
- قبلتِ الكثير من أجلي... أحيانا أتساءل هل أستحق كل ذلك...
- لا يجب أن تفعل عزيزي... جوابي لم يتغيّر... أنتَ لا تستحق! لكني أحبكَ...
- نعم... عندكِ الحق
- قالت أنها ستأتي يوم السبت... اتصلتُ بها اليوم
- ...
- ستترك أبناءها عند أمكَ
- ...
- وزوجها عند أمه
- و؟
- هل تريدني أن أبقى؟
- ماذا تقصدين؟!
- أستطيع الذهاب إلى ماما...
- ألهذه الدرجة؟!!
- ما المشكلة؟ أنا معكَ كل يوم، هي لا، ومثلما ستتخلص هي من زوجها وأبنائها، أُخلّصكَ مني... ونلتقي يوم الإثنين... ما رأيكَ؟
- تُؤذين نفسكِ وتؤذينني...
- "يا أم سلمة، لا تؤذيني في عائشة، فإنه والله ما نزل عليّ الوحي، وأنا في لحاف امرأة منكن غيرها"... صدق رسول الله؟
- ...
- صدق؟
- ماذا تريدين أن أفعل؟ اطلبي وسأنفذ!
- نعم... أَطلبُ وتنفذ... لكنكَ تعلم أني لا أستطيع أن أطلب!
- ...
- إيمان فهمتْ كل شيء منذ أول مرة... كثيرا ما قلتُ لها أنها غبية وبلا كرامة، لكنها كانت الأذكى... كانت الوحيدة التي لم تُعطِ ما لي لغيري!
- لستِ غبية... ولستِ بلا كرامة
- أعطيتَ ما لي لغيري!
- ...
- ولا تستطيع حتى الإنكار...
- أحبكِ
- أعرف... وأنا أيضا!
- من المفروض أنكِ الأقرب إلى الفهم
- نعم... لكني يستحيل أن أعطي ما لإيمان لغيرها!
- كنتُ دائما الحلقة الأضعف... أعتذر.

- قل أنكَ تحبني
- أحبكِ
- أحسنتَ... ولد مطيع... منذ متى أنتَ هنا؟
- دقيقتان ربما
- و...؟
- انتظرتُ حتى تستيقظين
- لم تطلب إذني لتدخل غرفتي!
- منذ أكثر من ساعتين، أمكِ كانت ستوقظكِ، وأنا منعتُها من ذلك... أستحق الشكر
- لم أطلب منكَ ذلك، فلماذا تطالبني بأن أشكركَ؟
- وإذا علمتِ أني قمتُ بعمل عظيم لم أفعله أبدا؟
- لن أصدق حتى أرى
- كل شيء جاهز وينتظركِ
- هل...؟
- لا أعلم... ربما... على كل حال عليكِ أن تكتشفي بنفسكِ
- ماما فعلتْ؟
- أمكِ مع أبيكِ غادرا إلى البحر منذ أكثر من ساعة... سأنتظركِ في المطبخ
- انتظر... هل تتذكر عندما كنتَ تنتظرني حتى أستيقظ؟
- قبل أن أدخل المدرسة... أتذكر
- أفتقد تلك الأيام
- أنا أيضا...
- لماذا الآن؟ اليوم؟ هذا الصيف؟
- لا أعلم... أردتُ ذلك... لم أفكّر
- سرّني ذلك
- أسبقكِ إلى المطبخ
- نور صفعتني مرة بسبب ذلك!
- أنا أيضا... أتذكر
- ليس الآن ابتعدتْ... كانت دائما كذلك!
- دعينا منها الآن... هل ستغادرين الفراش أم لا؟
- تعال بجانبي
- والأوملات؟
- تعال
- ...
- كنتَ أحيانا تستلقي بجانبي، وتنفخ بلطف على عينيّ وأنفي وشفتيّ
- كنتُ
- أريد أن أعود إلى تلك الأيام... تستطيع فعل ذلك من أجلي؟
- أستطيع فعل الكثير... لكن عندنا مشكلة
- ...؟
- لا تُحبين رائحة السجائر، وكنتُ أدخن قبل قليل
- لا تهتم لذلك... سأغمض عينيّ...
- ...
- شكرا... كان ذلك...
- ماذا؟
- ...
- ما بكِ؟ لماذا تبكين!
- لا شيء... أنا عاطفية زيادة عن اللزوم منذ أيام... ربما بسبب سارة... سألتحق بكَ... انتظرني في
- إذا كانت النتيجة دموعكِ... عليّ إعادة حساباتي
- الدموع ليست دائما مذمومة... تعرف ذلك!
- ... لا تتأخري... أنتظركِ
في المطبخ...
- لا تأكل معي؟
- أوملات وبايكن فطور صباح! لا شكرا!
- مقرف؟
- بالنسبة لي نعم...
- و
- نعم، فعلتُ ذلك من أجلكِ... لم أصنع صاروخا بالمناسبة!
- بالنسبة لكَ
- ينتظراننا عند الشاطئ
- سينتظران كثيرا إذن
- سنلتحق بهما الآن، لماذا سينتظران؟
- لأني لا أريد الذهاب إلى الشاطئ
- سارة؟
- أنتَ
- أنا ماذا؟
- أريد أن أبقى معكَ... وأترك لكَ الخيار... نبقى هنا أو نذهب إلى أي مكان... باستثناء البحر!
- ماما ستغضب
- بالعكس ستكون سعيدة عندمـ
- عندما ماذا! تتكلمين كطفلة صغيرة!
- وما المشكلة؟
- ...
- داخل كل امرأة طفلة صغيرة، تخرج مع الرجل الذي تحب
- ما هذا الكلام؟! تريدين أن أندم!
- ما به كلامي؟! طفلة صغيرة تستيقظ أحيانا مع الرجلين اللذين أحب، أنتَ وبابا! أين المشكلة؟!
- لا يوجد مشكلة... أعتذر!
- بل يوجد! وأنتظرُ تفسيرا
- قلتُ لا يوجد! وأعتذر! إلى أين تريدين الذهاب؟
- لماذا تتصرف هكذا معي؟ لستُ نور! ولستُ أي أخت! هذا تعرفه جيدا!
- نعم
- لماذا إذن؟
- ...
- أريد أن أفهم! لأني لن أقبل بأن تعاملني هكذا مرة أخرى!
- هناك شيء غير صحي في كل هذا...
- ...
- ...
- لماذا سكتَّ؟ واصل... أريد أن أعرف فيما تفكر
- انعزلتِ عن كل العالم، وهذا غير صحي
- ثم؟
- حتى ماما وبابا!
- و؟
- أخشى من أن أكون مركز اهتمامكِ... لا يجب أن يكون ذلك، ولا أريده أن يحدث
- طيب، و؟
- وماذا! لا شيء! قلتُ ما عندي!
- والمطلوب مني؟
- لا أعلم... أن تعودي مثلما كنتِ... مع أصدقائكِ مثلا
- عندما كنتَ تنظر لي منذ قليل وأنا نائمة، هل أخطأتَ؟ هل اقترفتَ محظورا؟
- لا
- كثيرون كانوا سيرونكَ منحرفا...
- ...
- جوابي هو نفس جوابكَ! لم أخطئ لتقول لي الذي قلتَه!
- لا تغضبي! لا أريد أن تغضبي... أرجوكِ، نحن نتكلم
- تتكلم دائما عن نور! ألم تفهم بعد أنها وراء كل ما تُفكر فيه! كنتُ أظنكَ أذكى من هذا!!
- لم أفهم
- ما الذي لم تفهمه؟!! نور لا تهتم، لا تكترث لا بك ولا بأحد! أخت لا يوجد فيها من الأخت إلا الاسم! الأخرى تحبكَ... تحبكَ حقيقة!! وتهتم!! وتريد أن تكون قريبة منكَ أكثر ودائما، حتى تصير عجوزا!! ماذا تفعل؟ ما موقفكَ؟ لا تهتم ولا تكترث بمن لا تكترث بكَ، وتُبعِد مَن تهتم وتكترث!!
- ...‍
- هل عيب أن أحب أخي؟ وما المانع من أن يكون مركز اهتمامي؟
- لأنه مكان الحبيب، وليس الأب أو الأخ أو الصديق
- تظن نفسك الفاهم الآن؟ المعلِّم؟ هل أنتَ حقا غبي أم تتغابى!
- ماذا تقصدين؟
- بيتكَ زجاج! لا تستطيع أن تكون ما تظن نفسكَ!!
- لم أفهم!
- مَن مركز اهتمامكَ منذ بداية العطلة؟! إيمان؟ هل حقا ستتجرأ على قول ذلك!!
- بالتأكيد!
- كيف تكون كذلك وأنتَ أحيانا لا تكلمها أصلا، واتصالاتكَ لا تتجاوز الدقائق؟ لم أركَ تتكلم ساعة معها، أو تُمضي الليلة معها! ثم ما الذي منعكَ من الذهاب إليها؟ أكثر من ثلاثة أسابيع الآن لم ترها!
- الأمر عادي، وليس مثلما تقولين، ثم...! ثم ستأتي الأسبوع القادم!
- ومن دعاها؟ أنتَ؟!
- يعني... تريدين القول أنكِـ
- لستُ أنا من أقول بل هذه هي الحقيقة! حقيقتكَ! واقعكَ! فلماذا لا تريد رؤية ذلك؟ وما المشكلة! لتتكلم معي وكأني اقترفتُ جرما! أحب أخي وأريده أن يكون في ذلك المركز! ولستُ وحدي من أرى ذلك بل هو أيضا!
- و... و... هل هذا عادي عندكِ؟
- قف... تعال أمامي... سأحضنكَ بقوة... احضني... أكثر... هل هذا عادي بالنسبة لكَ؟
- مبالغ فيه قليلا، لكن... يبقى عاديا عندي
- لا تتركني...ما المبالغ فيه؟
- أقرب إلى صاحبة منه إلى أخت... ربما؟
- ماما مكاني الآن... تخيل ذلك، وأجبني؟
- هناك فرق...
- ما الفرق بين أمكَ وأختكَ؟
- لا أعلم... لكن هناك فرق
- هل لأن أختكَ صغيرة وجميلة؟
- ليس الأمر جسديا، ماما أيضا جميلة...
- إذا لم يكن جسديا، لماذا قلتَ أنه حضن أقرب إلى حبيبة؟
- ...
- تعال، لنذهب إلى الحديقة ونواصل كلامنا هناك... لكن... ألم تلاحظ مثلي أنكَ لم تدخن كل هذا الوقت؟ لماذا؟
- أحاول أن أُنقص منـ
- غير صحيح! لم تفعل لأنكَ لم ترد ازعاجي! فقط! وليس ما أردتَ زعمه! ما المشكلة في ذلك؟ قمتَ بعمل سرني، قمتَ به من أجلي نعم لكنكَ أردتَ القيام به، فلماذا تُنكره؟ لم تقترف جريمة! بل قمتَ بشيء جميل ورائع!
- ...
- كان أمرا بسيطا يمكن أن يقوم به أي أحد، لكنكَ أنكرتَ حقيقته لأن المشكلة ليست فيه، بل في غيره، وغيره كثير... لن تستطيع إنكار كل شيء! هل يستطيع أحد أن يُنكر نفسه؟
- كأنكِ قمتِ من النوم خصيصا لهذا...
- لم أتعمّد ولم أكن أنوي أي شيء من كل هذا، لكن لا بأس بأن نتكلم ونوضح، ما رأيكَ؟
- نعم
- لماذا قلتَ أن الأمر ليس جسديا وهو عندكَ كذلك؟
- ليس جسديا عندي!
- عزيزي! الأمر جسدي عند كل رجال الأرض ونسائها فلماذا تُنكر؟
- ...
- الجسد عقدة الجميع، ورعب عند أغلبهم
- دروس بابا هذه؟
- الأمر بسيط جدا بالنسبة لي، وعليكَ أن تفهم لكيلا تحيط نفسكَ بحصون وهمية... أنتَ مرتبك، خائف بل مرعوب من حب أختكَ لكَ... لأنك تخشى تجاوز ذلك الخط الأحمر الذي يعرفه الجميع! لكنه خط لم تضعه بل وُضع لكَ، فهل أنتَ ممن يهتمون لقوانين الجميع؟
- ماذا تقصدين؟
- هل القوانين الموضوعة للسرقة، للقتل، تهمكَ؟
- ...
- لا تستطيع أن تكون رئيس دولة، هل ذلك القانون الذي يمنعكَ... يهمكَ؟ تقبل به؟
- يعني؟
- يعني أني لستُ أي أخت، وأنكَ لستَ أي أخ، هذا تعرفه جيدا... لا شيء يمكن أن يمنعنا من أن نكون مثلما نريد أن نكون...
- لا تتكلمي بصيغة الجمع أولا، وثانيا تكلمي بوضوح... لا أزال لم أفهم إلى أين تريدين الوصول؟
- لا نلتقي إلا في العطل! لماذا ذلك؟ لماذا لا تأت لزيارتي ونمضي نهاية أسبوع معا؟ لماذا لا أفعل نفس الشيء معك؟ كيف تقبل ألا تراني أكثر من شهر؟ ألا تكلمني! اتصلتُ بك عشرات المرات ولم ترفع السماعة حتى!
- ... أعتذر عن... ذلك الشهر... كنتُ دائما خارج المنزل... وحتى النوم أمضيتُ أغلب الليالي عند محمد
- لماذا تكذب؟!! أعلم أنكَ كنتَ مع إيمان! أنا سعيدة من أجلكَ، يسرني ذلك! لكن لا أقبل أن تُخرجني من عالمكَ نهائيا مثلما فعلتَ!
- لم أكن مع إيـ
- لا يهمني مع من كنتَ! ما يهمني أنكَـ
- أعتذر
- هل من حقي لومكَ؟ هل من حقي أن أرفض ذلك؟
- نعم
- هل سيكون نفس الجواب لو كانت نور هي السائلة؟
- لا
- وفي العطل، لماذا لا نكون معا أكثر؟
- لم أرفض
- لكنكَ لم تفعل شيئا!
- نعم... أعتذر
- المستقبل لن يسمح بالوقت المتوفر الآن، لن تكون لا عندكَ ولا عندي عطل مثل الآن، ومن يعلم هل سنبقى في البلد أصلا...
- ليس لي أي اعتراض أو مشكلة مع كل ما قلتِ حتى الآن، لكني أشعر أن هناك شيئا ما ليس في مكانه الصحيح
- ما هو؟
- حزن أراه كثيرا في نظراتكِ، بكاؤكِ منذ قليل مثلا!
- ...
- لستِ وحدكِ في كل هذا...
- يعني؟
- منذ قليل، وأنتِ نائمة... للحظات لم أجد فرقا بينكِ وبين ملاك! نظرتي كانت نفسها! 99% كنتُ أرى أختا كأني لم أرها منذ زمن! و1% أو أقل أو أكثر لا أدري...! كانت ملاك! وملاك ليس أختا!
- لماذا ملاك وليس إيمان؟
- كل هذا الكلام مريب وغريب!
- نحن نتكلم لنعرف، لنفهم... ولنفهم يجب أن نتكلم... وفي كل شيء!
- ... لماذا بكيتِ منذ قليل؟
- لأني أفتقدُ أخي! أفتقدُ حبه لي! اهتمامه بي! سؤاله عني! حضوره دائما!
- ...
- أفتقد أن أسمع منكَ دائما أنكَ تحبني! أعرف أنكَ ستنزعج من ذلك، وليس ذلك لأني قلتُ خطأ بل لأننا تربينا في أسرة لا تقول ذلك ولم نتعود على سماعه! حتى صارت الكلمة لا تقال إلا للصاحبة! عندما تحضنني وتقول أنكَ تحبني لا يعني ذلك أنكَ تريد النوم معي! عندما أنظر إليكَ تلك النظرات لا يعني أني... أتخيل أشياء!
- أتفق معكِ أننا لم نعش في أسرة تقول ذلك، لكن... وهذا غريب حقا...
- ماذا؟
- هل تعرفين من الوحيدة التي طلبتْ مني أن أقول لها دائما أني أحبها؟
- إيمان؟
- ... أختي!
- ووضعتني مع الصاحبات دون أن تشعر...
- بصراحة، لا أعرف أين سأضعكِ بعد كل هذا!
- لا يهمني أين ستضعني! المهم أن نكونـ
- نكون ماذا؟! بسمة... كل هذا يجب أن يتوقف! والآن!
- ما بكَ؟ وما الذي يجب أن يتوقف؟!
- لا أعلم! لكن...
- أريد أن نسكت، وأن تحضنني...
- ماذا؟
- أنا في حاجة إلى ذلك الآن، هل طلبتُ ما لا يجب؟!
- ...
- احضني إذن! لا تتكلم! لا تقل أي شيء! افعل ذلك من أجلي... حتى إن لم تكن تريد!
- ...
- تستطيع قول كلمة واحدة إذا أردتَ الكلام...
- ... ... أحبكِ.
في تلك اللحظة، سمعتُ صوت بابا ينادي... فهممتُ بتركها، لكنها لم تتركني...
- بابا ينادي
- هل ما تفعله خطأ؟
- لا، لكنه ينادي، وأكيد سيأتي إلى هنا
- ما الأهم عندكَ؟ أنا أم نداؤه؟
- بسمة... أرجوكِ! هذا كثير!
- بل قليل! وقليل جدا!! إذا تركتني سأغضب منكَ!
- صوته يقترب...
- لا تتكلم، سأكلمه أنا... فقط احضني ولا تتركني!
- ...

- ماذا تفعلان هنا؟ لم تسمعا ندائي!
- ...
- ما بها؟ تكلم... بسمة... هل أنتِ بخير؟
- ...
- أبكم صرتَ أم ماذا! اتركها... عزيزتي هل أنتِ بخير؟
- ...
- تكلمي ما بكِ؟! ما بها؟ تكلم ولا تجعلني أصرخ!
- بابا...
- نعم عزيزتي... ما بكِ؟ هل أنتِ بخير؟
- أحبكَ!
- أنا أيضا أحبكِ... لكن... هل أنتِ بخير؟ ما الذي حصل؟
- حصل أني أحبكما... أكثر من كل شيء! هو أكثر منكَ بابا سامحني! لكن أنتَ أكثر من نور، ومثل ماما!
- تعالي معي... لندخل إلى الداخل
- لا! لا لا! أريد أن نبقى هنا!
- تعالي... يجب أن ترتاحي... خطوات قليلة ونصل الصالة... اتبعني أنتَ!
في البدء ظننتها تمثل، لكن عندما دخلنا الصالة، ورأيتها كيف استلقتْ على البنك، استغربتُ، لأنها كانت كمنتشية بعد حقنة مخدرات... واصلتْ كلامها وقتا قليلا، ثم نامتْ، وعندها مسكَ بابا بيدي وجذبني وراءه بعنف حتى عدنا إلى الحديقة...
- ماذا فعلتَ لأختكَ؟!
- لم أفعل شيئا!
- منذ متى...؟!
- منذ متى ماذا؟
- وكيفـ... كيف فعلتَ ذلك؟! أختكَ تعطيها الـ...! وماذا سأقول لأمكَ الآن!! تكلم!!
- هل تقصد أني...؟ وأعطيتها... معي؟!
- لا تُجبرني على فعل ما لم أفعله منذ أن أنجبتكَ! وقل لي ماذا فعلتَ لأختكَ؟
- اهدأ ولا تواصل رجاء! بسمة بخير، ولا يوجد لا حقن ولا حبوب إن فهمتَ ذلك!
- وحالتها التي رأيتُ؟!
- لا أعلم، كنا نتكلم، وكانت سعيدة... ربما لم تنم جيدا البارحة
- أستطيع الذهاب إلى مصحة الآن وتحليل...
- انظر...استيقظتْ...

- ماما أرسلتكَ؟
- هل أنتِ بخير؟ ما الذي حصل؟
- لا شيء... لم يحصل شيء... شعرتُ بدوار... لم أنم جيدا
- لنذهب إلى الطبيب
- طبيب ماذا! دوار بسيط وانتهى... نذهب إلى الشاطئ أحسن
- متأكدة أنكِ بخير؟
- نعم... أنتَ تهوّل والأمر لا يستحق
- وأمكِ؟
- ما بها ماما؟
- ماذا سأقول لها؟
- لا تقل لها أي شيء... هل نذهب الآن؟
- لا أتذكر أني ربيتكِ على هذا
- ماذا؟
- هل حقا تظنين أباكِ بهذه السذاجة ليُصدّق ما قلتِ؟
- لا أعلم عما تتكلم
- كنتِ منتشية!
- وبعد دقائق غاب مفعول الحشيش نهائيا؟
- ما الذي حصل إذن؟!!
- لا أعلم ما الذي حصل، شعرتُ بدوار، وما إن ارتحتُ قليلا حتى انتهى... انتهتْ القصة! ولا أريد الذهاب إلى الشاطئ! لم أعد أريد! سأذهب إلى غرفتي!
- ...
- ولا أسمح لكَ بأن تتهمني وأخي هكذا! هل تريد أن نذهب إلى مختبر الآن ونقوم بتحليل؟!
- انتظري عزيزتي
- لا تُكلمني! أريد أن أبقى وحدي!
- ...

- معقول هذا الآن؟!! أنا أطلع المخطئ؟!
- ...
- تكلم! قل شيئا!
- عندها حق يا أستاذ... وبصراحة أنا مستغرب منك! ليست عادتك تصرفات كهذه... تتهم ابنكَ بالتعاطي! ولم يكفكَ ذلك ليطول الاتهام الأميرة! كيف ستنجو من غضبها الآن؟ وضعكَ حرج... حرج جدا... ولا تُحسد عليه
- ...! ومن أين سيأتيها الدوار؟! ربما تكون مريضة... لا بد أن يراها طبيب لنطمئن
- لا تتكلم بالجمع... أنتَ من المغضوب عليهم الآن! لستُ مثلكَ...
- ليس وقت مزاح، لا بد أن يراها طبيب!
- ومن قال لكَ أني أمزح... أنا أتعاطى؟! وأحقن أختي!! غياب كلي للعقل سيدنا... وأنتَ من أرباب العقل... أو... كنتَ!
- تعال هنا! إلى أين تهذب؟!
- إليها... ولا حاجة لتذكيركَ بأنكَ لن تتبعني إلى غرفتها!
- قل لها أنِّـ
- لا تُكمل، لأني لن أفعل... ادع أن أبقى محايدا، لأن فكرة تأليبها عليكَ تراودني...
لم أجدها في غرفتها، لكن في غرفتي، مستلقية فوق سريري... فوقفت عند الباب...
- هل خرج؟
- نعم... ماذا كان ذلك؟
- ذلك ماذا؟
- حالتكِ تلكَ... عنده حق في شكه
- عنده حق؟
- ماذا كان ذلك؟ ظننتكِ تمثلين، لكنـ
- لم يكن عنده أي حق! كنا في عالم وكان في آخر!
- ...؟
- كنتُ سعيدة... فحضر وظنني مخدّرة! كان درسا مهما منه دون أن يعلم!
- درس؟
- عالمنا مختلف عن عالمهم، ولا أحد منهم سيفهم!
- أه... عدنا!
- لنكمل كلامنا
- أريد أن نخرج... لماذا لا تذهبين إلى سارة؟
- طفل مدلل... لن تكبر هكذا...
- ...!
- نعم طفل مدلل... تصد وتهرب ممن يحبونكَ
- نور بعيدة صحيح! لكنكِ تريدين!
- ماذا أريد؟
- تجاوز حدود الأخت!
- كيف؟
- ...
- كيف؟ وضح لي؟ وكلامكَ خطأ بالمناسبة... ما تقوله لا يوجد إلا في عقلكَ الصغير...
- أنا أهلوس إذن!
- أنتَ تجهل الكثير، ولا تريد أن تُعطي نفسكَ الفرصة لتعرف
- أعرف ماذا؟ كل شيء صار مريبا معكِ!
- اهرب إذن! واركض إلى حضن أمكِ! وقل لها باكيا... ماما! تلك الشريرة كل شيء مريب معها!
- طيب لماذا الآن؟! لماذا هذه الصائفة؟
- لأنكَ كبرتَ أو... بدأتَ تكبر!
- تستهينين بي كثيرا
- لا أفعل ذلك، بل أريدكَ أن تفهم أنكَ أحمق صغير في حاجة إلى مساعدتي!
- أسمح لكِ بالكثير، لا تتمادي أكثر!
- تقريبا خسرتُ نور إلى الأبد! ولن أسمح بأن أخسركَ أنتَ أيضا!!
- لا تبالغي أرجوكِ... لم يخسرها أحد نور
- أخت سأراها مرة في السنة، وفي المناسبات، لأعوام... ثم مرة في سنوات! أرى ذلك مثلما أراكَ أنتَ الآن!
- ... لن يحصل ذلك بيننا
- سيحصل!
- كيف؟ لا أنا أريد ذلك ولا أنتِ!
- انظر لنفسكَ وافتح عقلكَ! لازلنا صغارا ولا شيء نفكر فيه غير دراستنا، والآن عطلة ولا نفكر في شيء، وبرغم ذلك تصدني! هل سيكون لي مكان عندكَ غدا؟ أم أني سأتصل حتى أمل من صوت السكرتيرة؟!!
- تبالغين كثيرا، ولم أصدكِ!
- أيها الأحمق الصغير، كأني لبوة ستأكلكَ! أنتَ مرعوب مني! ولماذا؟ لأني أحبكَ! لأنكَ سمعتَ الكلمة كثيرا وربما أكثر حتى مما سمعتها من صاحباتكَ!
- قلتُ لكِ أنتِ تبالغين...
- أختي أخذها مني ذلك الـ...!! هل تظن أني سأسمح لأي كانت أن تأخذ أخي؟! ولماذا؟ لأنه يحبها!! تستطيع استبدالها بألف غيرها، لكنكَ لن تستطيع استبدالي بأحد!! حتى أمك أدركها سن اليأس!!
- لا تقارني بيني وبين نور! ثم ذهبتِ بعيدا جدا!
- لن أسمح بأن يحدث ذلك! ومن حقي ذلك... وسأفعل مهما كلفني الأمر!
- وهل... هذا هو طريقكِ لذلك؟
- نعم... وفي آخره سنتزوج وننجب أطفالا... أو نكون عشيقين وزوجتكَ وزوجي مجرد واجهة!
- ...
- لا أحمل عقدكَ عزيزي، لكن كل ما تهلوس بشأنه لا يوجد إلا في عقلكَ... ولذلك أنتَ في حاجة إلى مساعدتي
- قلتِ أن الثقة في النفس المبالغ فيها تهور وقد تقود إلى الهاوية...
- أعتذر عن أسلوبي... لكنكَ لا تريد أن تفهم!
- لا أظن أنكِ شاركتِ في الحرب العالمية الأولى... لا أظن أنكِ أكثر تجارب مني... ومن الذي عشتُه، لا شيء يمكنه أن يقف أمامي، ومهما كان ذلك الذي أمامي... ما أنتِ بصدده لعبة خطرة، وخطرة جدا... لن أسمح باستمرارها... السبب؟ ليس لكل ما قلتِ وفعلتِ، ليس لأنكِ فريدة واستثنائية، بل فقط لأنكِ أختي... أحبكِ وكل ما قلتِه عن نور لا يمكن أن يحصل معي، المستقبل لا يمكن أن يكون مثلما قلتِ لأني لن أسمح به إلا إذا فرضتِ عليّ مثلما فعلتْ أختكِ... و... صحيح لا يمكنني استبدالكِ بأحد، لا أحد يستطيع استبدال أي من أخوته بغيرهم... أي لا استثناء ولا فرادة في ذلك... الاستثنائي والفريد هو استحالة استبدال إيمان أو ملاك... سأغادر... اذهبي إلى صديقتكِ وحاولي ترميم ما أفسدتِه!
- لا تذهب! انتظر!
- بلغيها سلامي، لا تنسي...
- سأغضب منكَ!
- سأعرف كيف أرضيكِ...
عندما عدتُ إلى المنزل ليلا، كانت الحادية عشرة، ووجدتُ ماما تنتظرني، غاضبة...
- كنتَ تستطيع الاتصال على الأقل!
- أعتذر...
- تعشيتَ؟
- نعم أكلتُ
- يوم كامل وأنتَ خارج المنزل! وأختكَ منذ الصباح لا تريد مغادرة غرفتها ولم تأكل! هل فاتني شيء؟
- ماما، عندي أصحاب ومنذ أيام لم أرهم
- لا أحد منعكَ، لكن تعلّم أن تتصل! وأختكَ؟
- لا أعلم، تركتُها في الصباح ولم ألاحظ شيئا... ربما تشاجرتْ مع سارة؟
- لم تتشاجر معها؟
- بالعكس، أمورنا جيدة هذه الأيام... أظنها سارة...
- اذهب إليها، وقل لها أنكَ لم تأكل، ربما تأكل معكَ
- وأين الأستاذ؟
- في المقهى
- ستنامين الآن؟
- سأحاول... لا تتركها دون أن تأكل
- حاضر... تصبحين على خير إذن؟
- تصبح على خير...
لم أقصد غرفتها مباشرة، بل غرفتي، ومنها ذهبتُ إلى غرفتها وطرقتُ الباب... انتظرتُ قليلا، وطرقت مجددا وفتحتُ... فرأيتها فوق فراشها، على جنبها الأيمن وظهرها نحو الباب، فجلستُ وظهري قبال ظهرها...
- قلتُ لماما أنكِ تشاجرتِ مع سارة...
- ...
- قالت أنكِ لم تغادري غرفتكِ، ولم تأكلي... هل تقضين أياما من الشهر الفضيل؟
- ...
- أنتِ غاضبة إذن...
- ...
- الذي قلتُه عنكِ... تعلمين أنه... غير صحيح...
- ...
- وعندكِ حق عندما قلتِ أني خائف... الأمر ليس جسدا عزيزتي... لكنه يحملني مباشرة إلى ملاك وإيمان... يستحيل أن أقبل أن أُجبَر على الاختيار مرة أخرى! لا أستطيع أن أفتح فمي وأطلب المزيد منهما!
- ...
- أنتِ ملكة، تطلبين كل شيء... من حقكِ ذلك... المشكلة ليستْ فيكِ بل فيّ... في ذلك الـ 1% الذي تكلمتُ عنه! كل ذرة ستأخذينها ستهدد وجود مملكة أخرى، فيها لا يمكن أن تكوني إلا مجرد أخت، تُحَبّ كما تُحَبّ أي أخت... سألتني كيف ستغار منكِ إيمان ولم أجبكِ... إيمان لن تقبل بوجودكِ أصلا! لأنكِ تريدين أخذ ما يخصها ويخص ملاك!
- ...
- إذا كان الذي أراه الآن صحيحا... أنتِ قطعا سرتِ في ذلك الطريق المحظور عندي... طريق ملاك وإيمان... إذا كنتِ غاضبة ولم تغادري غرفتكِ منذ الصباح بسبب ما قلتُ، فأنتِ قطعا لم تعودي أختا ولا أنا أخا... وذلك الطريق لا يوجد فيه شيء آخر غير الألم والمعاناة... هل تظنين أني سأقبل أن تتألمي؟
- ...
- أتمنى ألا أكون السبب، وأن تقولي لي أني أهذي وأهلوس وحدي، هل أنا أهذي؟
- لا...
- قلتِ أني في حاجة إلى مساعدتكِ، وأني أحمل عقدا لا توجد عندكِ... يدخل ذلك في الـ 1% الذي ذكرتُه والذي سأكلمكِ عنه قليلا الآن... اجلسي ورائي واحضنيني... مثلما كنا صغارا...
- ...
- كان رأسكِ أعلى من رأسي وقتها... أعتذر... الله جعل جسدي ينمو أكثر... هو الملام لا أنا
- دعكَ منه...
- طيب... تلك الدقائق، لم تحدث مع ماما، مع نور، ويستحيل أن تحدث مع بابا... يستحيل أن تحدث مع أخ، لو كان موجودا... الأمر يخص المرأة فقط، وبقطع النظر عن عمرها... يمكن أن يحدث حتى مع عجوز... الأمر يتجاوز الجسد هنا، برغم أنه يخصه... يمكن أن تكون عجوزا، أو امرأة مهما كان عمرها، لكن يستحيل أن يحدث ذلك إن لم تكن جميلة... ماما جميلة، إذا ما قارنتها بالنساء اللاتي في عمرها، هي جميلة، وربما الأجمل... نور كذلك... لكن ما أتكلم عنه لم يحدث معهما... الأمر ليس فقط جمالا إذن، ولا يحدث مع أي جميلة... الجمال شرط جوهري لكنه لا يكف وحده... الجمال الذي أتكلم عنه هنا يخص الجسد، لكنه محظور؟! وهذا قول من منظور جنسي صرف، و... عذرا: لا يقوله إلا الأغبياء؛ تكلمت عن جسد عجوز، فهل المسألة جنس ورغبة محرمة؟ والجواب قطعا لا! تلك اللحظات تشبه نور الشمس؛ نور يتجاوز ذلك الخط الأحمر ويدخل المنطقة المحظورة لكنه لا يختلط بها ولا يتدنس بأوحالها... الخط الأحمر والمنطقة المحظورة مصطلحات ومفاهيم وقوانين تخص فقط من وضعوها ومن يعتقدون بها، نور الشمس لا يعنيه كل ذلك ولا يوجد عنده أصلا! تلك اللحظات سُعدتُ بها، ابتسمتُ، وعندما استيقظتِ واصلتُ بطريقة عادية سليمة وصحية... أما أنتِ فبكيتِ، ثم قطعتِ كل شيء بعدها، وطلبتِ مني أن أنتظركِ في المطبخ... لماذا؟ لأنكِ أردتِ أن يتحول ذلك النور إلى جسد، ولم يعنكِ في شيء أنكِ أفسدتِ كل شيء... من عنده عقد إذن؟ انتظري... لا تجيبيني حتى أُكمل... تلك اللحظات نشوة عارمة لا يعادلها شيء، ولا يمكن أن تكون مع غير من نحب! إذا وُجدتْ، أولا: صعب جدا فهمها وأغلب الناس يسقطون في فخ الجسد، قد يحدث ذلك مع مجنونة عزيزتي فهل يُعقل أن نُقبّل مجنونة ونقول أننا "نحبها"؟! وثانيا: قطعا ستدمر علاقتنا بمن نُحب... إيمان تعرف هذا عني، تعرفه جيدا! ويستحيل أن تقبل بأن يحصل مع أي امرأة! إذا تابعتني وفهمتني جيدا... نعم، لستِ مجرد أخت! أحبكِ، كأخت نعم، كأعظم حب يمكن أن تُحب به أخت نعم! لكن ذلك لا شيء أمام تلك اللحظات التي لا يمكن أن أسمح بوجودها! أكملتُ.
- ...
- لستِ مطالبة بالكلام... جسدكِ أجاب وأعطاني الحق...
- ...
- لنفترض أن إيمان تنظر إلينا الآن... كل ناس هذا البلد سيرون وضعنا مريبا وشاذا... إيمان لن تقول ذلك ولن تهتم إلا لشيء واحد... لعينيكِ! وأنا قبلتُ بذلك! عيناكِ ليستا لأخت بل لفتاة تريد أن تأخذ ما ليس لها، وأنا سمحتُ لها! لا أستطيع أن أتخيل حياة دونها... ليس مجرد كلام بل حقيقة جربتها! أحبها ومهما وصفتُ، يستحيل أن تتخيلي حجم ذلك الحب! نظرتكِ الآن يمكن أن تُنهي كل شيء معها! لا أحد يمكن أن يُعوض إيمان، إذا غابتْ سيغيب كل شيء معها، سأعيش نعم... لكن حياة العدم! نظرتكِ يمكن أن تدمر كل شيء في حياتكِ، يمكن أن تجعلكِ تحيين حياة العدم! ستعرفين أحدهم، وستُحبينه، سيكون عندكِ أسرة سعيدة وأطفال وأصدقاء ومعارف ومناسبات وووو... لكن! ستشعرين إلى الأبد بشيء ما ينقص! ولن تستطيعي لا البحث عنه ولا الوصول إليه لأنكِ أنتِ أول من سيرفض ما تريدين! لا نختار من نحب... لكننا نستطيع أن نفهم، ونستطيع أن نعمل معا، أن نساعد بعض، لنسلك الطريق الأقرب إلى سعادتنا... انتشينا مرة أو مرتين، هل نواصل التعاطي فنصير مدمنين؟ أم نقلع عن ذلك إلى الأبد؟ سنواصل لقاءاتنا، سنتكلم، سنمرح، سنسعد مع بعض، ستكون حياة جميلة ورائعة، لكن لا يجب أن يكون فيها مخدرات!
- ...
- إذا واصلتِ صمتكِ، سأعتبر ذلك مصادقة على ما قلتُ، وسأقترح شيئا
- ما هو؟
- أحضر لكِ العشاء مثلا؟‍
- لا أريد
- نغيّر الوضع مثلا؟
- لا!
- أريد أن أنظر في عينيكِ
- لا أريد
- لماذا؟
- ...
- أريد أن أسمعكِ؟
- الطفلة الصغيرة خرجت منذ أن بدأتَ الكلام... ولا تستطيع أن تتكلم...
- لم أقل أمرين مهمين... الأول أن كل شيء أقوله عن إيمان ينطبق على ملاك: لا فرق بينهما... الثاني أني وبرغم كل شيء، سعيد أن أُحِب وأُحَبّ من أروع بنات الأرض، كلهن غادرن، ولن تبق منهن وإلى الأبد إلا ثلاث: ملاك، إيمان، و... أنتِ.
- ...
- اقتراح؟
- نعم
- جعتُ... لم آكل شيئا منذ الغداء
- تكذب... وقلتُ لكَ لا أريد أن آكل
- طيب... أكذب... وما رأيكِ لو
- أريدكَ أن تسكت!
- حاضر...
- ابق بجانبي حتى أنام... تعال
- ... التفتي لي
- لا
- إما تلتفتين وإما تتكلمين... اختاري؟
- سكوتي لا يعني أن كل ما قلتَه صحيح... لكن... هناك أِشياء غريبة أشعر بها منذ مدة، وأخرى منذ زمن، لم أعرها اهتماما، وكلامك أعادني إليها
- ...
- لا أستطيع... الآن لا أستطيع حتى التفكير... أريد فقط أن أنام هكذا بين ذراعيكَ... هل ستبقى معي؟
- وأمكِ عندما ترانا غدا؟
- لن ترانا! اذهب إلى غرفتكَ واغلق بابها، وعد وأغلق الباب!
- تستطيعين فعل شيء بسيط من أجلي؟
- لا أستطيع الأكل الآن!
- طيب! دقائق وأعود... سيجارة أو ثنتان...
- تستطيع أن تدخن هنا
- لا... مستحيل أن أفعل ذلك!
- طيب لا تتأخر... و...
- وعندكَ حق! كل هذا مريب ولا يمكن أن يوجد بين أخت وأخيها!
- ...
- لكني أريد أن أنام بين ذراعيكَ! ما المشكلة؟ نمنا كذلك مرات كثيرة قبل... أم كنا لا نزال صغارا وقتها؟! لا! حتى الآن الأمر عادي... ولماذا سنغلق الباب إذا كان عاديا؟!
- هلْـ
- رأسي سينفجر ولا أريد أن أفكر في أي شيء! أريد أن أنام! اخرج الآن ولا تعد! نعم، اذهب إلى غرفتكَ ولا تعد!... لا! لم أقصد ذلك! لا تتأخر وعد أرجوكَ... سأنتظركَ!
- ...
- تصرف وكأنكَ لم تسمع شيئا مما قلتُ! ستدخن بسرعة، تغلق باب غرفتك، ثم تعود وتغلق هذا، وتأتي ورائي وتحضنني مثلما كنا قبل قليل حتى ننام... اذهب الآن ولا تتأخر!!
- حاضر... اهدئي ولا تغضبي... حاضر... لن أتأخر!
نزلتُ إلى المطبخ، بعد أن أغلقتُ بسرعة باب غرفتي... وقفتُ أمام النافذة، وامتزج عندي شعور بالفرح والحزن؛ كنتُ سعيدا لأن ذلك الحمل الثقيل قد تخلصتُ منه أخيرا، وكنتُ حزينا لأني ودّعتُ لتوي تلك التي أحببتُ طوال عمري... فهمتُ أن الأمر سيكون صعبا، لكني لم أخش المستقبل، وكنتُ على ثقة أن كل ذلك سنتجاوزه لتعود لي أختي التي أفتقد منذ زمن... خصوصا بعد رحيل نور. مع عودة بابا....
- ماذا تفعل هنا في الظلام؟
- ...
- نام الجميع؟
- نعم
- وبسمة؟
- بخير
- ما الذي حصل اليوم؟ ما بها؟
- تشاجرتْ مع سارة
- وأنتَ... متى عدتَ؟
- منذ ساعتين تقريبا
- أمضيتَ كل اليوم خارجا، ولم تتصل
- أعتذر
- نعم... اسمع...
- نعم؟
- كان... كان سخيفا ما فعلتُه اليوم... أعتذر
- ...
- كلمتَها عندما عدتَ؟
- نعم
- لازالت غاضبة مني؟
- لا... لا تشغل بالكَ بذلك
- سأصالحها في الصباح
- انتظرها حتى تكلمكَ هي... وخصوصا لا تُفكر في الذهاب إلى غرفتها في الصباح...
- ترى ذلك؟
- وحتى ماما لا تدعها تفعل... انتظراها، ستستيقظ وتُكلم سارة، ثم ينتهي كل شيء
- ستنام الآن؟
- نعم... سيجارة أخرى وأصعد
- طيب... إلى الغد إذن
- تصبح على خير.
ثم عدتُ إلى غرفتها، دخلتُ وأغلقتُ الباب، واستلقيتُ خلفها، مررتُ ‍يدي اليمنى تحت رقبتها، ووضعتُ اليمنى على كتفها الأيسر... فتململتْ وألصقتْ ظهرها بصدري، وبيديها مسكتْ بيدي اليسرى ووضعتْها على صدرها، ثم أنزلتْ رأسها قليلا ووضعته على رقبتي، فضغط بكل جسدي عليها... عندما، كنا صغارا كنا نفعل ذلك كثيرا، ونسمي ذلك... "الكانغر"، كنتُ الابن وكانت الأم...
- أبطأتَ
- عاد بابا عندما كنتُ في المطبخ، وتكلمنا قليلا
- ...
- عندكِ حق عندما قلتِ ألا أحد سيستطيع الفهم
- نعم
- أتمنى أن نبقى هكذا أبدا... الآية انقلبتْ الآن
- كلامكَ منذ قليل أعادني لذكريات كثيرة، منها تلك اللحظات
- نحن نعيدها الآن...
- نعم... أحب ذلك
- لا ملاك ولا إيمان ولا حبيب المستقبل سيستطيعون الفهم... مستحيل
- لا أريد أن أكبر!
- مليارات البشر سيقولون أن هذا وضع منحرف ولا يمكن أن يوجد بين أخ وأخته... لأنهم لن يستطيعوا رؤية الطفلين... وهم معذورون
- نعم! وحان وقت الفطام؟
- لا أظن أن نور لها دور كبير في كل هذا... أفتقدها نعم وأراها رحلتْ تماما... لكن هذا يتجاوزها! هذه الأيام خرج على السطح لكنه يدوم منذ أن كنا أطفالا... لا تجوز المقارنة معها، كنتِ دائما مختلفة عنها، كانت بعيدة وكنتِ قريبة... قريبة جدا! لم تخطئي في شيء ومثلكِ لم أخطئ، والوقت قد حان لنفهم، ونسلك الطريق الصحيح... ولستُ "أستاذ فاهم" بالمناسبة، لكني فكرتُ كثيرا، وأرى أن ما قلتُ أو أغلبه صحيح، وأظنكِ ستقولين قولي...
- أريد أن أن أعرف عنكَ كل شيء، وأريد أن تسمع عني كل شيء، سيسعدني ذلك...
- أنا أيضا
- كل شيء؟
- نعم
- حتى إيمان وملاك؟
- نعم، لكن ليس الآن
- متى؟
- عندما نعرف الطريق
- ...
- ونُبعد عنه كل لُبس...
- لماذا لم تذهب إليها إيمان؟ ولم تُفكر في دعوتها؟
- لأني لا أزال أبحث عن الطريق...
- بسببي؟
- نعم... حضوركِ غيّبها
- وحضورها يُغيبني؟
- نعم... لذلك لم أتصل ولم أحرص على أن نلتقي طوال السنة
- ...
- ويستحيل أن أقبل بتواصل ذلك في المستقبل... لستِ وحدكِ من تفكرين فيه وتخشين أن نبتعد
- أحبكَ...
- أحبكِ أكثر...
- سأكلم إيمان غدا
- سارة أهم
- دعكَ من سارة
- سارة أهم، ويجب أن تكون كذلك...
- ...
- يجب أن نخرج من الفقاعة التي نحن فيها الآن، جبل الجليد لم يظهر منه إلا قمته وعلينا إظهاره كله...
- أريد أن نمضي الأيام القادمة معا
- سنفعل... لكن ليس كاليوم
- كان يوما جميلا
- نعم
- أين ذهبتَ طيلة اليوم؟ أصحابكَ؟
- لا... بقيتُ وحدي... أفكر
- ...
- فيكِ... لم أكلّم إيمان اليوم، ولم تخطر ببالي أصلا! وهذا لا يمكن أن أقبل بتواصله
- هل أعتذر؟
- لم تُخطئي لتفعلي
- عندما كنتَ رضيعا، كنا في الشاطئ، وأذكر أن خالتي كانت معنا... بنيتُ قصرا، لكن نور أفسدتُه، فبكيتُ واشتكيتُها، وقلتُ أنه كان قصرنا الذي سنعيش فيه... أنا وأنتَ، فضحكوا مني... أتذكر كما الآن خالتي، وضعتني في حجرها، وكانت تضحك، وقالت أن القصر أعيش فيه مع زوجي وليس مع أخي، فقلتُ لها سأتزوج أخي، فقالت أنه صغير ولا يعرف إلا البكاء ولا يستطيع حتى أن يمشي، فقلتُ لها سأنتظره حتى يكبر وأتزوجه... فضحكوا مني وسخرتْ مني نور...
- أول مرة أسمع هذه القصة! لا أذكر شيئا شبيها عندي... باستثناء ماما كنغورو... أذكر مرة نهرتني ماما... وكنتُ... لا أذكر بالضبط... ربما سبع سنين... قالت لي أختكَ كبرتْ وأنتَ أيضا، فأجبتها أني لم أكبر، فوضعتْ يدها على صدرها وقالت تعال إذن وارضع إذا كنتَ لازلتَ صغيرا، فغضبتُ وتركتُها وخرجتُ
- لا أتذكر! وأنا أين كنتُ؟
- نائمة... ماما سحبتني من بين ذراعيكِ...
- لماذا لم تقل لي ذلك قبل؟ أول مرة أعرف!
- وأول مرة أسمع بقصركِ... أتذكر الكثير عن طفولتي... أيام المدرسة... كان هناك أشياء كثيرة... لكنكِ كنتِ أهمها... أذكر مثلا بابا... مرة وكان ذلك... في التاسعة أو ربما في العاشرة... قال لي اطرق الباب وانتظر حتى تفتح لك... ولا تكن جلفا لا يُحسن التصرف! فاستغربتُ، وقلتُ له أني لم أتعود طرق الباب... طبعا الكلام كان عنكِ لأني لم أكن أذهب إلى غرفة نور، وحتى عندما كنتُ أفعل كانت تطردني... المهم... فقال لي... ماذا لو دخلتَ كالثور دون أن تطرق ووجدتَها تُغير ملابسها؟ فقلتُ له مستغربا أني دخلتُ مرات كثيرة وهي تُغير ملابسها، فسألني عن ردة فعلكِ، فقلتُ له... لا أعلم، أحيانا أنتظرها حتى تُكمل، وأحيانا تطلب رأيي فأختار معها ماذا ستلبس، فربّت على رأسي وسكتَ، ثم تركتُه وذهبتُ للعب في الحي، وبقيتُ مستغربا من أسئلته...
- لم يفهموا في صغرنا... لن يفهموا الآن... ولن يفهموا أبدا؟
- الأمر لا يخصهم أصلا، بل يعني فقط خمسة أشخاص... أنا، أنتِ، ملاك، إيمان، و... الحبيب المنتظر... فقط.
- لا أتصور أن أعلمه بشيء... الأمر لا يعنيه... وحتى إيمان لا يعنيها!
- لا عزيزتي... يعنيها ونص، ويجب أن يعنيه! لا أريده أن يكرهني...
- سأتركه إذن... إلى الجحيم!
- لا أحد سيترك أحدا... ثم لازلنا بعيدين عن ذلك الآن... سيأتي وقته...
- تشعر بالنعاس؟
- لا
- حدثني عن إيمان
- ولماذا لا تفعلي أنتِ؟ ما كان اسمه؟
- محمد
- فداكَ أبي وروحي؟
- لا... قلتُ لكَ أني لم أحبه... لا هو ولا غيره... الحقيقة أن صديقاتي هن الأهم... سارة وأميرة... سارة أكثر... منذ صغري لم أكن أهتم، كنتُ أريد أن يكون عندي أحدهم، لكن ذلك، في حقيقته كان لأكون مثل صديقاتي... لم يكن يوما من أحلامي أن أحب رجلا وأتزوج وأنجب... أحب ذلك، نعم، لكنه ليس حلما أو مركز اهتماماتي...
- طيب... سارة إذن
- سارة عكسي... لكنها في الحقيقة، مثلي... كل سنة تعرف اثنين أو ثلاثة، وتقول أنها تُحب هذا، وترغب في الزواج من ذاك... لكنها بعد وقت قصير تمل وتندم على كل لحظة معهم
- وكيف وقع الذي وقع معكِ؟
- منذ أشهر قالت لي ذلك فضحكتُ وظننتها تمزح، لكن بعد ذلك اكتشفتُ العكس... هي مخطئة بالطبع، وسننتهي مما قالت قريبا
- مخطئة، كيف؟
- عرفتْ الكثيرين ولم تهتم لأي منهم، ترتاح وتريد إمضاء كل وقتها معي، إذن تحبني وبقية القصة
- ولم لا؟
- سارة ليست هكذا عزيزي! في عقلها ضرورة أن تكون مرتبطة بأحد، ولم تجد المناسب حتى الآن، فوضعتني مكانه... ستراها في المستقبل وستسمعها تسخر من نفسها ومما ظنتْ
- وإن لم يحدث؟
- هل يمكن أن تحب رجلا أنتَ؟
- مستحيل
- سارة كذلك... عندما تتكلم عن الارتباط! عندما تسمعها، تظن أن عمرها خمسون أو ستون! تلك مشكلتها، وسننتهي منها
- قلتِ عندها أشهر
- نعم! وعليّ أن أتحملها حتى تحب أحدا! وقتها ستفهم...
- وإن لم يحدث؟
- لا تكن نكديا! لكن لن أخسر صديقتي
- ولم لا تكونين...
- لا تكنن غبيا! أكون ماذا؟ أحبها دون أن أدري! هذا الهراء لا يوجد عندي!
- وُجد عندها
- وسننتهي منه قريبا!
- عليكِ شكر الأساتذة هنا
- على ماذا؟
- تربيتهما... لو كنتِ في بيئة أخرى لخسرتِ صديقتكِ "الشاذة"
- نعم... عندكَ حق
- في الصباح، بعد أن تركتِنا، قلتُ له أن الأميرة غضبتْ، وأنه من المغضوب عليهم الآن
- لا تُذكرني بذلك! أحيانا يقوم بأشياء!
- طيبي خاطره غدا
- لا أريد ولن أفعل!
- من أجلي افعلي... لا تقولي أي شيء... فقط قفي بجانبه... أو اجلسي قربه ودعيه يتكلم قليلا ثم اتركيه دون أن تتكلمي
- قال عنكَ أنكَـ...!
- لم أطلب شيئا عظيما... بل أمرا بسيطا لن يضركِ في شيء... أرجوكِ
- ...
- أرجوكِ
- لن أكلمه!!
- قلتُ لكِ فقط اسمعيه قليلا... لا تكلميه... اتفقنا؟
- ...‍
- أرجوكِ...
- طيب!
- وسارة؟
- ما بها سارة! هل اشتكتْ لك؟!!
- كلميها
- سأفعل، لكن ليس غدا...
- مثلما تريدين
- ولن أكلمه حتى يعتذر منكَ!
- فعل منذ قليل... في المطبخ
- طيب ضمني بقوة واسكت! أريد أن أنام الآن
- حاضر
- كنتُ... أقبّل رأسكَ، وأوشوش في أذنكَ... تصبح على خير أو أحلاما جميلة أو سأزوركَ في حلمكَ وأحملكَ بعيدا بعيدا أو
- "لا أحد يحبكَ أكثر مني"
- لم تنسَ...
- تصبحين على خير أميرة.
- أميرتكَ...
- تصبحين على خير أميرتي.
أيقظتْني في الصباح، ونزلنا معا إلى المطبخ أين وجدنا ماما تطبخ...
- غداء أم فطور؟
- صباح الخير
- قرابة الواحدة الآن عزيزي
- أين بابا؟
- قادم... في الطريق... تعالي حضري فطور أخيكَ... سأذهب إلى الحديقة
- سأفعل أنا ماما... دعيها
- على راحتكَ... اتصلتْ ملاك وإيمان... لا... ملاك ثم سارة ثم إيمان... تسعة أشهر أعمل أستاذة والصيف عاملة هاتف!
- رسولة أنتِ ولستِ أستاذة
- ابتعد من أمامي... والله ذكر ولا يرسل ناقصات العقل إلا للجحيم!
- غريب أمره حقا
- نعم.. سأعود بعد قليل... وأنتِ ما لكِ ساكتة؟
- لا أتجرّأ على الله مثلكِ وابنكِ، أنا!
- كلّمي أختكِ... ليس عيبا أن تفعلي، ولن تطرق بابنا الشرطة... الهاتف أمامكِ والضغط على الأزرار لا يتطلب أي جهد!
- قلتِ ستذهبين إلى الحديقة؟
- نعم قلتُ!! الكلام يخصكَ أنتَ أيضا، تستطيع فعل ذلك بعد قليل... واطمئن! لن يرفع السماعة أحد غيرها!
- اتصلتْ بكِ إذن
- نعم، وسألتْ عنكَ
- ماما الحديقة تنتظركِ، والأميرة تنتظر فطورها...
- نعم... هذه أميرة والأخرى جارية عاد بها أبوك من الغزو!
- ماما أرجوكِ... اذهبي إلى حديقتكِ... اخرجي!
- والله لا تستحي!! أختكَ غصبا عنكَ!! وعليكَ أن تكلمها!!
- ...
- وما هذا الحلف ضدها! ما الذي فَعَلتْه لكما؟!
- ...
- وأنتِ!! ستكلمين أختكِ اليوم! ولن أسمع أي كلام منكِ ما لم تفعلي!
- ...
- لا تستحيان!!
وخرجتْ...
- بسيطة... نزلنا الآن... دخلنا المطبخ، ولم نجد أحدا... الدقائق الماضية نفسخها من الشريط... تعالي... وتجلسين هنا... نعم... هكذا... وأنا أحضر كل شيء...
- لم تنتظر حتى أن نشرب قهوة!
- قلتُ نَمحي ذلك من الفيلم... لم يحدث أي شيء... لم نرها...
- أريد كرواسون! جديد وساخن!
- نأتي به من قلب الأرض لو لزم! هنا تريدين أم نخرج؟
- هنا...
- حاضر... تكفلي بالقهوة إذن
- أسرع!
- لا يوجد إلا براق ماما الآن، و... لا أريد...! سأبحث عن تاكسي
- وما دخلي أنا؟
- نعم... عندكِ كل الحق... ليس ذلك مشكلتكِ... ويجب أن أقلل من الثرثرة في المستقبل... أعطني فقط قليلا من الوقت...
- لكن... لماذا سيارة ماما أو تاكسي؟ في أطرف النهج يوجـ...
- نعم يوجد لكنه...! لا يصلح للأميرات...
- أين ستذهب؟!
- لا تهتمي لذلك... فقط بعض الوقت وأعود...
بعد مغادرتي بقليل، عادت ماما إلى المطبخ...
- أين أخوكِ؟
- خرج
- إلى أين؟
- ليشتري لي كرواسون
- ماذا! والذي أمامكِ فجل؟
- لم يُعجبني... أريد كرواسون جديدا...
- لم يفطر وخرج ليُحضر لكِ كرواسون؟
- نعم... هل اقترف جريمة؟!
- كنتِ وضعتِ الكرواسون الذي أمامكِ لحظات في الفرن! وتركتِ أخاكِ وشأنه!
- كأنه ذهب إلى حقل ألغام أو إلى حرب!
- ويُعجبكِ ذلك؟! لا يفعل أي شيء مع نور!
- لستُ مسؤولة عما يفعل معها ماما! ولا تكلميني هكذا وكأنه طفل صغير وأنا أُبعده عن أخته التي... لا تنام من شوقها إليه!!
- عوض أن تقتربي من أختكِ، وتُقربي بين أخويكِ، تقولين هذا؟ و... أخوكِ لا يزال طفلا صغيرا! ومن المفروض أنتِ تُرشدينه! وليس تُشجعينه على
- على ماذا ماما؟!! ابنتكِ اختارت طريقها وطريقها لا يوجد فيه إلا ذلك الـ...!
- "الـ " ماذا؟ أكملي!
- ماما لماذا كل هذا الآن!
- وستتركين أختكِ لذلك "الـ" وعائلته؟! هكذا تُفكرين؟!
- ماما! هي تركتنا جميعنا! ألا ترين ذلك؟!
- نعم... أرى! وأنتِ زدتِ البنزين على النار!
- لم أفعل شيئا ماما! ولم أخطئ في أي شيء! وابنكِ ليس صغيرا!
- أنتِ الوحيدة التي تستطيعين التأثير عليه! ونفوره من أخته لكِ فيه نسبة! دعيه وشأنه على الأقل!!
- لستُ "الشرير السيء" هنا ماما... تعلمين ذلك جيدا! ولا أحد في حاجة إلى تأثير أحد! كلنا نفرنا منها! حتى أنتِ وبابا! من غبائها وذوقها الهابط!
- لا تتكلمي هكذا عن أختكِ! تأدبي!
- أنا قليلة أدب؟! نعم... قليلة أدب!! بدأتُ أمل ماما! بالأمس بابا اتهمني بتعاطي المخدرات، واليوم أنتِ تقولين أني غير مؤدبة!
- مخدرات! مخدرات ماذا؟!!
- آه... لم يقل لكِ... اسأليه إ‍‍ذن!
- مخدرات ماذا؟ أجيبي!
- هل سمعتِني ماما؟ قلتُ أني بدأتُ أمل! ولن أقبل بتواصل هذا!
- إلى أين تذهبين؟ تعالي هنا!
- إلى غرفتي! ولا تتبعيني؟!
- لم تفـ... اللعنة! ...لم تَفطرْ! و... مخدرات! مخدرات ماذا هذه الأخرى...!
عند عودتي...
- أين... ماما لا تقولي لي أنكِ...! ما بكِ ماما؟! ولماذا فعلتِ هذا؟!
- أبوكَ اتهمها أنها تتعاطى مخدرات؟
- لا... نعم...! لم يكن اتهاما...! كان سوء تفاهم... ثم فهم وانتهتْ القصة
- ما الذي حصل؟
- ماما، بسمة ليستْ بخير، دعيني أعتني بها! وبصراحة ليس عندي أضيعه لا معكِ ولا مع زوجكِ!
- ما الذي حصل لكم جميعكم؟! ولماذا صرتم هكذا! وكيف تكلمني هكذا أنتَ؟! تعال واصفعني إذن! تعال! ماذا تفضل؟ الأيمن أو الأيسر؟!
- أعتذر ماما... لكنكِ...!
- لكني ماذا؟! مخدرات ماذا التي تتكلمون عنها كلكم وأنا لا أعلم؟! ثم ماذا فعلتُ غير أني أريد لم شمل أبنائي لتغضب مني أختكَ المحبوبة؟!
- ماما... لم أفطر حتى! لم أشرب قهوة! لم أدخن! بسمة لم تأكل شيئا بالأمس وحتى الآن لم تأكل شيئا!
- طيب... سأغادر المطبخ... ولي كلام مع كل منكما بعد! و... لا تدعها دون أن تأكل... سأخرج الآن!
- شكرا لكِ!! سأذهب إليها...
طرقتُ الباب ولم أفتح، فصرختْ: "ماما قلتُ لكِ لا تتبعيني!"، ففتحتُ الباب، وبقيتُ واقفا...
- ماذا؟! لن أفسخ أيضا الذي فاتكَ من الفيلم!
- لو كنا في السعودية أو إيران لكنتُ خلّصتكِ منها تلك الزنديقة... لكننا في بلد محترم ومجتمع متقدم و
- أضحكتني! و... ماذا كنتَ ستقول عنها؟
- زنديقة! ألا يكفي ذلك؟ وزنديقة كبيرة!
- أغضبَتْني! نور نور نور!! مللتُ! والمصيبة أنها تظن أني أحرضكَ ضد ابنتها!!
- عندها حق! ألم تحرضيني؟ وخصوصا ذلك القبيح البائس خطيبها! نعم! فعلتِ! أنا كنتُ متيما به وليالي كثيرة كنتُ أحلم به! ثم أنتِ حرضتني فكرهتُه!
- ... ولترضى الزنديقة، عليّ أن أتصل بها!
- عندي اقتراح... أنتِ اتصلي بنور، وأنا أتصل به، ما رأيكِ؟
- وتبقى تتكلم معه نصف ساعة!
- نعم! ومباشرة بعد ذلك إلى سكة القطار!
- فكرة! أين الكرواسون؟
- في المطبخ
- لا أريد أن أعود هناك!
- خَرجَتْ
- ولو! أحضر كل شيء هنا
- ثواني!
- ولن تستغل الظرف لتدخن! التدخين في غرفتي ممنوع!
- غريب كيف تكونين بهذا القمع وبهذه الدكتاتورية، وأنتِ ابنة مجتمع علماني متحضر!
- لا أستحق النعيم الذي أعيش فيه! ويجب نفيي إلى بلد متخلف كأمريكا أو اليابان!
- أقبل لكن بشرط! أن تأخذي معكِ زوج أختكِ المحبوب! لن تصبري على فراقه...
- خطيبها! لم تتزوجه بعد!!
- للأسف ستفعل! لحظات وأعود...



#أمين_بن_سعيد (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نحن نقص عليك أحسن القصص...7 ملاك: 14-2
- عن الكراهية والحق فيها
- قاتم (6) ليلة
- قاتم (5) ملفات
- نحن نقص عليك أحسن القصص...7 ملاك: 14-1
- الإلحاد والملحد ونقد الإسلام في الغرب: سلوان موميكا لا يُمثل ...
- نحن نقص عليك أحسن القصص...7 ملاك: 13-28
- نحن نقص عليك أحسن القصص...7 ملاك: 13-27
- نحن نقص عليك أحسن القصص...7 ملاك: 13-26
- نحن نقص عليك أحسن القصص...7: ملاك 13-25
- نحن نقص عليك أحسن القصص...7: ملاك 13-24
- قاتم (4) ...
- قاتم (3) انتقام
- قاتم (2) بُوتْ
- قاتم (1) سوري
- نحن نقص عليك أحسن القصص...7: ملاك 13-23
- نحن نقص عليك أحسن القصص...7: ملاك 13-22
- نحن نقص عليك أحسن القصص...7: ملاك 13-21
- نحن نقص عليك أحسن القصص...7: ملاك 13-20
- نحن نقص عليك أحسن القصص...7: ملاك 13-19


المزيد.....




- المخرج السوري هيثم حقي لـ CNN بالعربية: -لا نريد سوى سوريا ا ...
- بهية محمد.. زواج الفنانة اليمنية من مصري يثير جدلا يمنيا
- وزير الهجرة: التعددية الثقافية تثري السويد
- المجتمع في جنوب المملكة.. أحداث مسلسل الزافر بطولة الفنان را ...
- -لأول مرة-.. محاولة صناعة فيلم مختلف ضاعت في زحام التفاصيل
- سعاد بشناق عن موسيقى فيلم -يونان-.. رحلة بين عالمين
- الشارقة تكرم الفنان السوري القدير أسعد فضة (فيديو)
- العربية أم الصينية.. أيهما الأصعب بين لغات العالم؟ ولماذا؟
- سوريا.. رحلة البحث عن كنوز أثرية في باطن الأرض وبين جدران ال ...
- مسلسل -كساندرا-.. موسيقى تصويرية تحكي قصة مرعبة


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - أمين بن سعيد - نحن نقص عليك أحسن القصص...7 ملاك: 14-3