كريمة مكي
الحوار المتمدن-العدد: 8259 - 2025 / 2 / 20 - 15:37
المحور:
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
كان الخوف متلبّسا بنا ثلاثتنا: كنتُ المتماسكة بينهما في الظاهر و من الداخل خراب مريع.
لحسن حظ ابنتي بقي بعض أصحابها باتصال معها يواسونها ويدعمونها.
و بقيت أنا أواسي زوجي و لا أحد يواسيني.
نجلس في الصالون نتابع الأخبار و قلبنا على الباب متى سيطرقونه...متى سيهجمون علينا!!
كانت لحظات صعبة في أيام نحسات اكتفى فيها هو بالصمت و ظللتُ أنا أحدّث نفسي بصوت مسموع عسى أن يسمعني فيهدأ و يطمئن.
ماذا لو انتحرنا معا! يسألني شيطاني.
سنرتاح ثلاثتنا...
إن هذا العذاب لا طاقة لنا به...يا الله!
أستغفر الله:
لعل الله ينجينا منها كما أنجانا من قبل من حوادث مميتة آخرها في جزيرة جربة عندما انقلبت بنا السيارة
أنا و بية و أختي علياء.
لو انتحرنا ألسنا نثبت على أنفسنا تُهَما لم نرتكبها؟
سأنتحر وحدي؟
و كيف أقابل الله بهذا الذنب العظيم؟
تعبتُ يا الله...سامحني يا اللّه...
وحدك يا عفُوّ تعلم بحالي.
تعبتُ يا الله...
خلّصني يا الله...ارحمني يا رحيم.
إن كنت هنا لأخفّف عنهما و أواسيهما فاني الآن في أشد الحاجة لمن يخفف عني و يواسيني و ها أني لا أجد بجانبي أحدا...لكم أفتقد الآن صوت أمي لكم أحتاجها الآن، و لكن أليس أفضل لها أنها رحلت قبل أن تراني في هذه الحال!
ماذا لو لحقت بها الآن؟؟؟
و لمن أترك محمود و بية؟ من لهما غيري؟
سأتركهما للرؤوف الرحيم، أما أنا فلم أعد قادرة على البقاء.
أنا محتاجة لأمي...لصوت أمي...لفراش أمي...لقبر أمي...
أخرج من المطبخ لأجلب من خزانتي علبة المنوم الذي أخفيتها عن محمود خوفا من أن ينتحر بها.
صرت الآن أحق منه بها.
أجده يقول لي أنّ صديقه الجنرال المتقاعد عمي حسين أرسل له رسالة نصية يقول له فيها أنه سيأتي ليأخذنا عنده في سانيته في زغوان.
أكاد أسقط من الفرح!!!
يطلب مني أن أعطيه ʺايشاربʺ داكن ليلفه على عنقه للتخفي عند الخروج من البيت.
جهزت ما يلزم لرحلة الفرج و أنا ألعن الشيطان الذي كاد أن يذهب بي للخطيئة العظمى.
بعد أن صرنا ننتظر بشوق طرق الباب... لم يأتي عمي حسين!!
لم يأت الذي انتظرناه و لا حتى اتصل ليعتذر.
أي همّ آخر...أيّ خيبة أخرى يا إلاهي!
من الغد بعد يأسنا من مجيء مضيّفنا سمعنا طرقا على الباب.
اضطربت ثم استبشرت ظنا مني أنه عمّي حسين...
ذهبت مسرعة لفتح الباب لأجد فرقة أمنية جاءت لتأخذ محمود للتحقيق.
*مقتطف من قصة ʺكنت سأكون زوجة للدكتاتورʺ تونس 2011
#كريمة_مكي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟