|
الخلافات الرئيسية داخل اليسار هي حول قيس سعيد
جيلاني الهمامي
كاتب وباحث
الحوار المتمدن-العدد: 8259 - 2025 / 2 / 20 - 09:49
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
جيلاني الهمامي: الخلافات الرئيسية داخل اليسار هي حول قيس سعيد
آمنة جبران
أكد الجيلاني الهمامي القيادي في حزب العمال في حواره مع “أفريقيا برس” أن “الخلاف الرئيسي الذي يشق اليسار، هو الموقف من منظومة قيس سعيد، بين من يساندها ومن يعارضها”. لافتا إلى أن” الخلاف في الموقف من الحكم هو أكثر الخلافات شرعية ووجاهة، وأن “الحديث عن طريقة تفكير وأساليب عمل اليسار كسبب لانقسام اليسار في تونس، انحراف بالموضوع عن التشخيص الحقيقي لأسباب أزمته.”
وجدد التذكير بتمسك حزب العمال بمعارضته للنظام القائم، وأنه يعمل لأجل “النضال من أجل الديمقراطية والحريات من جهة والنضال من أجل الحقوق الاقتصادية والاجتماعية من جهة ثانية.”
وفيما يخص أزمة اتحاد الشغل، رأى أن “الأزمة باتت على درجة من الحدة والتعقيد ما يجعل الخروج منها محفوفا بكثير من الشروط التي يجب أن تميز كامل المسار الذي سينتهي بمؤتمر استثنائي”، مبينا أن “أهم هذه الشروط هو رحيل الفريق القيادي الحالي المسؤول الأول عن الأزمة والعودة للفصل 20 من النظام الداخلي، ومحو آثار المؤتمرين السابقين.” وفق تقديره.
وجيلاني الهمامي هو ناشط حقوقي ومنخرط بالرابطة التونسية للدفاع على حقوق الإنسان، وعضو مؤسس لحزب العمال الشيوعي التونسي وأحد أبرز قياداته، له كتابات متعددة في المجال النقابي والاقتصادي والسياسي صدر بعضها في الأدب السري لحزب العمال الشيوعي التونسي، وبعضها الآخر في مجلات فكرية وجرائد تونسية بأسماء حقيقية أحيانا، وبأسماء مستعارة أحيانا أخرى.
كسياسي ونقابي تونسي وجهتم رسالة إلى اتحاد الشغل في أغسطس الماضي تعليقا على أزمته، برأيكم ما هي شروط تجاوز هذه الأزمة التي ستكون لها تأثيرات على المشهد السياسي؟
نعم توجهت برسالة إلى الهيئة الإدارية الوطنية للاتحاد العام التونسي للشغل قبيل انعقادها أواخر شهر أوت الماضي، وقد جرى بصدد انعقادها صراع كبير داخل القيادة النقابية التي كانت تخشى أن تصادق الهيئة على قرار عقد المجلس الوطني. وقد توجهت بهذا الرسالة لأعضاء الهيئة الإدارية، كي أحمّلهم المسؤولية فيما ينبغي أن يتخذوه من قرارات تصب في معالجة الأزمة الحادة التي يعيش الاتحاد على وقعها، وعلى رأس هذه القرارات عقد المجلس الوطني.
لقد كنت، ولا زلت على يقين أن القيادة الحالية لن تستطيع مواصلة مهمتها على رأس المنظمة النقابية إلى غاية انتهاء مدة ولايتها أي بداية سنة 2027، لذلك كان لا بد من التعجيل بالبحث عن مخرج من وضعية الأزمة بغاية الحفاظ على المنظمة والحيلولة دونها ودون الانشقاقات والانقسامات والسقوط في دوامة صراعات من نوعية جديدة قد تؤدي بها إلى الاندثار. لا بد من حل جريء وسريع. والوضع الاستثنائي يتطلب حقا حلا استثنائيا، ينبغي أن ينبثق من داخل هياكل الاتحاد وبالتحديد من مؤتمر وطني استثنائي.
وإني لأكرر القول، تماما كما سبق أن توجهت به في رسالتي إلى أعضاء الهيئة الإدارية، إن المؤتمر الوطني الاستثنائي لا يجب أن يكون مجرد محطة انتخابية تستبدل “زيدا” بـ”عمر” أو كما نقول في تونس “رأس بصل بدل رأس ثوم”. يجب أن يقدم المؤتمر القادم أجوبة عن كل عناصر الأزمة الراهنة.
والحقيقة أن الأزمة باتت على درجة من الحدة والتعقيد ما يجعل الخروج منها محفوفا بكثير من الشروط التي يجب أن تميز كامل المسار الذي سينتهي بمؤتمر استثنائي. أهم هذه الشروط هو رحيل الفريق القيادي الحالي المسؤول الأول عن الأزمة والعودة للفصل 20 من النظام الداخلي، ومحو آثار المؤتمرين السابقين، مؤتمر سوسة غير الانتخابي المهزلة ومؤتمر صفاقس ورفع الإجراءات التعسفية في حق العديد من النقابيين وعدم التلاعب بالنيابات، وإعداد خطة نقابية متكاملة لتسليح الاتحاد بمقررات جريئة بخصوص ضمان استقلاليته وديمقراطيته ونضاليته.
لماذا اعتبرتم أن المؤتمر الاستثنائي للاتحاد في حال تنظيمه مهمة خطيرة وسلاح ذو حدين وقد يأخذ المنظمة إلى المجهول؟
فعلا المؤتمر الاستثنائي مهمة على درجة كبيرة من الخطورة. فإذا لم ينجح في تحقيق أهدافه والتي يمكن تلخيصها في إنقاذ الاتحاد مما يتهدده من احتمالات الانقسام والتفكك وربما الاندثار، فإن هذه الاحتمالات يمكن أن تصبح أمرا واقعا.
أعرف أن العديد من أعضاء القيادة الحالية لا يرغبون في الحل لأنه سيزيحهم وبالتالي سيفقدون امتيازاتهم ومنافعهم التي تعودوا عليها لذلك تراهم اليوم يماطلون ويعطلون مسار الخروج من الأزمة ويمانعون في العودة إلى المجلس الوطني ويتهربون من عقد مؤتمر استثنائي. وحتى إن قبلوا بذلك فإنهم يعملون على تأجيله ما أمكن حتى يرتبوا خروجهم الآمن من القيادة خشية أن يكون ذلك مرادفا لنهايات مؤلمة بالنسبة إليهم أخطرها السجن. بسبب كل ذلك يعملون على أن لا يكون حل الأزمة بشكل جذري ومبدئي. وهذا هو مكمن الخطر وهو ما أسميته المجهول.
قلتم في نص الرسالة ذاتها أن قيس سعيد يستهدف اتحاد الشغل ضمن خطته للقضاء على الأجسام الوسيطة، هل تعتقد أنه تعمد إهمال الاتحاد ونجح في تأليب الشارع ضده؟
هذا أمر معروف لدى العموم في تونس وقد سبق أن صرّح به قيس سعيد علنا. فهو لا يخفي أنه يستهدف الأجسام الوسيطة، أحزابا ومنظمات وجمعيات وفعاليات في المجتمع المدني. نظريته في الحكم تقوم على مجموعة من المقولات منها هذه. قيس سعيد لا يرى من ممثل للشعب التونسي غير شخصه. ويذهب به الغرور والوهم إلى الاعتقاد أنه بمثابة إلاه. وعلاوة على ذلك جسد هذه النظرية فيما يتعلق بالاتحاد العام التونسي للشغل في جملة من العناصر والمعطيات التي يعلمها الجميع أيضا.
لقد اتّبع خطّة على غاية من الدّهاء مزجت وتمْزج بين أساليب دعائية وتحريضية متنوعة وكثيرة. من ذلك حملات التشويه المضللة التي تدعي أن الاتحاد هو المتسبب في الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد، وذلك بسبب كثرة الإضرابات والإضرابات العشوائية التي أدت إلى هروب المستثمرين وبالتالي غياب التنمية.وعليه لا حل للأزمة إلا بالتخلص من “الاتحاد والإضرابات”. وبمثل هذه المغالطات والأكاذيب نجح في تأليب جزء من الرأي العام ضد الاتحاد.
وعلاوة على ذلك فقد جمّد قيس سعيّد سياسة الحوار الاجتماعي وآليات التفاوض الجماعي حول الحقوق المادية والمهنية والمعنوية للعمال وقرّر من جانب واحد وفي غياب الطرف النقابي الزيادة في الأجر الأدنى الصناعي والفلاحي وفي أجرة التقاعد كما أحال على “البرلمان” تنقيحات في مجلة الشغل دون تشريك الاتحاد وأصدرت حكومته المناشير المعروفة (20 و21) وعطّل الاتفاقيات القديمة، وتنكّر لمحاضر الجلسات الممْضاة وشجّع على دوْس الحقوق والحرّيات النقابية (سحب التفرّغات ومنْع الرّخص النقابية) وراح يهدّد بالتراجع في المكتسبات القديمة (الخصْم المباشر) وبتحريك بعض “النقابات” الموازية في إشارة إلى تنْشيط التعدديّة النقابية للتّضييق على الاتحاد.
وإلى جانب ذلك شن حملة على النقابيين فنشطت المحاكم في قضايا عدْلية ضدّ النقابيين لأسباب نقابية (نقابيو النقل وأنيس الكعب وغيرهم) وغير نقابية بدعوى مقاومة الفساد. آخر ما نذكره في هذا الصدد حملة القمع الشرسة التي تشنها وزارة العدل على نقابيي هذا القطاع. ومع كلّ ذلك أطلق عنان ميليشياته الفايسبوكية لتنظيم حملات التهجم على الاتحاد والنقابيين لتشويههم والتشهير بهم. والأخطر من كل ذلك أنه زرع أتباعه داخل هياكل الاتحاد، من فوق إلى تحت، لاختراقه وزعزعة وحدته من الدّاخل. وبطبيعة الحال مازالت هذه الخطة في مراحلها الأولى في انْتظار استكمالها، ومن المتوقّع أن تمرّ إلى نسق متقدّم إثر الانتخابات الرئاسية.
الآن وقد اندلع صراع داخلي بين شقي البيروقراطية النقابية، لوم قيس سعيد ومنظومته موقع الفرجة في انتظار ما سيؤول إليه هذا الصراع، رغم أن بعض المؤشرات تشير إلى بعض أشكال تأجيج الصراع الداخلي ولو بطرق ملتوية.
كيف تقرأ تموقع حزب العمال في المشهد السياسي كحزب معارض، ما هي أهم الخطوط العريضة التي سيعمل عليها في الفترة القادمة وموقفه مما تعيشه البلاد من أزمات؟
حزب العمال حزب معارض لمنظومة الحكم الحالية تماما كما كان في عهد بورقيبة وبن علي وحكومات ما بعد الثورة لأنه يعتبر أن النظام القائم في أبعاده السياسية والاقتصادية والاجتماعية الطبقية نظام لا يخدم مصلحة الطبقة العاملة وعموم الطبقات والفئات الشعبية بل نظام معادي لها. حتى بعد الثورة وانهيار نظام بن علي، فإن جوهر النظام من حيث التشكيلة الطبقية الماسكة بالثروة والاقتصاد ظلت هي المتحكمة في كل شيء بما في ذلك جهاز الحكم الذي بدا وكأنه تغير في شكله وأصبح جهازا ديمقراطيا.
لهذه الأسباب نحن نستمر في معارضة النظام القائم. وقيس سعيد بالنسبة إلينا هو شخص باسم جديد، ولكنه من حيث الجوهر هو بورقيبة وبن علي والغنوشي، والفرق بينه وبينهم مجرد تفاصيل غير ذات بال بالنسبة للشعب التونسي ومصالحه.
إن معارضتنا للنظام القائم تحت سلطة قيس سعيد تقوم على نفس المحاور التي عارضنا بها نظام بورقيبة وبن علي والنهضة. نحن نعمل الآن وفي المرحلة القادمة على ثلاثة واجهات كبرى هي النضال من أجل الديمقراطية والحريات من جهة والنضال من أجل الحقوق الاقتصادية والاجتماعية من جهة ثانية والنضال ضد مظاهر التدخل الامبريالي في بلادنا وضد الامبريالية في العالم عموما ومساندة حركات التحرر في العالم، وعلى رأسها حركة التحرر العربية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية.
وينصهر نضالنا على هذه الواجهات الكبرى الثلاث في مسار نضال من أجل توفير الشروط الموضوعية والذاتية لإجراء تغيير عميق في بلادنا يستلم بمقتضاه الشعب التونسي السلطة السياسية ويجرد دولة الاستعمار الجديد في بلادنا والتحالف الطبقي الماسك بها من امتيازاته ويشرع في بناء دولة جديدة واقتصادا جديدا ومجتمعا جديدا وعلاقات من نوعية جديدة مع محيطنا القومي والدولي.
ما هي الحلول التي يقترحها حزب العمال للخروج من الأزمة السياسية والاقتصادية وهل يقبل الحزب المشاركة في حوار وطني شامل في حالة اتجهت الرئاسة إلى ذلك؟
إلى جانب الهدف المركزي المشار إليه أعلاه، وهو إسقاط منظمة الكمبرادور العميل ودولة الاستعمار الجديد وإجراء تغيير عميق، سبق أن نشرنا للعموم مجمل اقتراحاتنا لمعالجة الأزمة الحادة التي تمر بها بلادنا تحت حكم قيس سعيد ومنظومته الشعبوية. وأذكر هنا بهذه المقترحات بإيجاز وتتمثل في سلسلة من الإجراءات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي نعمل على توحيد أوسع القوى الديمقراطية والتقدمية حولها:
1- تعليق تسديد المديونية لمدة ثلاث سنوات وفتح تدقيق حولها وإلغاء القروض الكريهة منها وضبط مقاييس وشروط جديدة للاقتراض من الخارج (إذا كان لا بد من ذلك) بما يحفظ استقلال الاقتصاد الوطني وما يحقق الأهداف الاقتصادية والاجتماعية المرجوة (تحسين معدلات التنمية، خلق مواطن الشغل، نقل التكنولوجيا الخ…)
2- تأميم القطاعات الإستراتيجية والتجارة الخارجية وتجارة الجملة.
3- إلغاء الاتفاقيات غير المتكافئة مع القوى الأجنبية التي ما انفكت تلحق الضرر بالاقتصاد التونسي.
4- مقاومة التهريب وإدماج الاقتصاد الموازي في الاقتصاد المنظم عبر حزمة من الإجراءات (حث الناشطين في القطاع الموازي على إيداع أموالهم في البنوك دون أن يكونوا عرضة لتتبعات عدلية مع دفع ضريبة تتراوح بين 5 و10 في المائة، منح أصحاب الأنشطة الموازية “رخص” عمل (باتيندة)، تغيير الأوراق النقدية….)
5- الكف الفوري عن التوريد العشوائي وتحديد قائمة في الحاجات الأساسية للمجتمع والقطاعات المنتجة التي يجب توريدها (حاجات الفلاحة والصناعة والصحة والتعليم والمواد الغذائية الضرورية…)، بهدف وضع حدّ لعجز الميزان التجاري غير المسبوق والنزول به إلى أدنى مستوياته.
6- إرساء منظومة مالية وطنية سليمة: إلغاء قانون استقلالية البنك المركزي وتركيز نواة بنكية عمومية قوية للاستثمار والتشجيع على الاستثمار في القطاعات المنتجة والخدمات الأساسية وتحديد الحاجيات الحقيقية للبلاد من الاقتراض الخارجي لتطوير قوى الإنتاج.
7- مقاومة الفساد ووضع خطة لاسترجاع أموال الدولة لدى الخواص والشركات (متخلدات ضرائب) 12 ألف مليار مليم، وسداد ديون الديوانة المتخلّدة بذمة عدد كبير من المورّدين الخ…)
8- إرساء نظام جبائي عادل، تصاعدي حسب الدخل والثروة.
9- إقرار ضريبة استثنائية على الشركات والثروات الكبرى والحد من الإنفاق غير المنتج في الإدارة ومختلف الوزارات والمؤسسات العمومية.
10- إيقاف العمل بالحوافز المالية والجبائية للشركات ومنح الاستثمار التي ظلت دون نتائج تذكر في مستوى الإيرادات الجبائية ومنع الشركات غير المقيمة من تحويل أرباحها إلى الخارج واستثمارها في تونس لمدة ثلاث سنوات (3.5 مليار دينار).
إن هذه الإجراءات من شأنها توفير موارد هامة تغني عن التداين وتسمح لها بالاستثمار مباشرة في القطاعات المنتجة من فلاحة وصناعة ومشاريع كبرى في البنية الأساسية وفي الخدمات العامة وفي مقدمتها الصحة والتعليم والبحث العلمي وهو ما من شأنه خلق قاعدة مادية لمقاومة البطالة وتوفير المنتوجات الضرورية وتحسين الخدمات.
إن هذه الإجراءات الاقتصادية والمالية تكون مشفوعة بإجراءات اجتماعية للتخفيف من وطأة الأزمة على الطبقة العاملة وباقي الطبقات والفئات الكادحة وإعادة الأمل إليها في حياة كريمة ودفعها إلى العمل:
1- مضاعفة الأجر الأدنى للعمال والعاملات: أجر أدنى لا يقل عن ألف دينار.
2- إقرار منحة للمعطّلين عن العمل مع منحهم حق العلاج والتنقل المجانيّيْن. تحسين ظروف عيش المتقاعدين، وضمان ظروف عيش كريمة للمبدعين والفنانين والرياضيين القدامى ووضع الإجراءات الضرورية لإدماج ذوي الإعاقة وتفعيلها.
3- تمكين الشباب في الأرياف من مقاسم فلاحية، ومساعدتهم على استغلال الأرض جماعيا في إطار تعاونيات (وحدات إنتاج جماعية). هذا من جهة ومن جهة أخرى وضع ضيعات الدولة تحت إدارة العمال المنتجين مباشرة.
4- تعليم واحد وصحة واحدة، راقيان ومجانيان للطبقات والفئات الكادحة والشعبية، لا تعليمان واحد للفقراء وآخر للأغنياء ومنظومتان صحيتان، واحدة للفقراء وأخرى للأغنياء. ثقافة ورياضة متاحتان للجميع.
5- توفير الماء الصالح للشراب وإتباع سياسة مائية بعيدة النظر تأخذ في الحسبان المخاطر المناخية وتحسين النقل العمومي، السكن اللائق.
6- التخفيض في الأسعار وتجميد أسعار المواد الأساسية في مستوى مقبول ومعقول.
7- إقرار مجانية العلاج و”الولادة” للنساء الحاملات وتوفير المحاضن ورياض الأطفال في البلديات ومؤسسات العمل.
8- توفير الآليات الضرورية لحماية النساء من العنف وتطبيق القانون المتعلق بنقل العاملات والعمال الفلاحيين.
9- إلغاء ديون الفلاحين والبحارة الصغار والحرفيين وتقديم المساعدة الفورية إليهم لتطوير إنتاجهم. كمساعدة وحماية المؤسسات الصغرى والمتوسطة من الانهيار ومن نظام بنكي مجرم لا يبحث إلا عن الربح.
10- وضع خطة عاجلة لحماية المحيط وتوفير ظروف عيش سليمة لكافة المواطنات والمواطنين وخاصة منهم في الأحياء الشعبية والمناطق الداخلية.
إن مجمل هذه الإجراءات الاقتصادية الاجتماعية وحدها تشكل الحل اللازم الاقتصاد من الكارثة، هذا الحل الذي سيكون برنامج حكومة مؤقتة بديلة عن منظومة قيس سعيد. وتتولى الحكومة المؤقتة التي تستند إلى نضال الشعب التونسي بكل فئاته وطبقاته مقاليد تسيير الدولة مؤقتا وتعد لانتخابات حرة حقا ومباشرة لإرساء نظام ديمقراطي شعبي تعيش في ظله تونس مستقلة بالفعل.
لماذا كثرت خلافات اليسار منذ انتخابات 2019، وهل توافق الرأي أن اليسار الكلاسيكي وراء تعمق هذه الأزمة حيث لم يغير طريقة تفكيره وأساليب عمله؟
في الأزمات عادة ما تتعدد المقاربات في كيفية معالجة الأزمة والخروج منها. وهذا التعدد ليس خاصية حصرية لليسار. فاليمين بكل تلويناته كما اليسار بمختلف فصائله يعيش مثل هذه الأوضاع. وقد سعى اليسار منذ ما قبل الثورة إلى توحيد صفوفه حول حد أدنى مشترك نجح في تشكيله ضمن تجربة الجبهة الشعبية. دامت هذه التجربة سبع سنوات وانتهت بالانقسام، لأن الحد الأدنى الذي جمعها من قبل أصبح محل خلافات. وقد تعمقت هذه الخلافات في علاقة بالموقف من حكم الشعبوية وخاصة منذ انقلاب 25 جويلية 2021.
الخلاف الرئيسي الذي يشق اليسار اليوم هو الموقف من منظومة قيس سعيد، بين من يساندها ومن يعارضها. وإذا كانت أغلب أطراف اليسار التي كانت طرفا في الجبهة الشعبية قد اصطفت وراء السلطة الحاكمة، فإن الأساسي منها من حيث الوزن والتأثير اتخذ موقفا معارضا منها. ويمكن القول إن الخلاف في الموقف من الحكم هو أكثر الخلافات شرعية ووجاهة ذلك أن الموقف من الحاكم، أي حاكم، بالإيجاب أو بالسلب، هو معيار الفرز الأساسي إن لم يكن الوحيد داخل الأحزاب السياسية لتحديد الثوري والتقدمي والديمقراطي من العميل والتابع والوظيفي.
والحديث عن “طريقة تفكير” و”أساليب عمل” اليسار كسبب لانقسام اليسار في تونس انحراف بالموضوع عن التشخيص الحقيقي لأسباب أزمته.
بالتزامن مع إحياء ذكرى اغتيال شكري بلعيد في فيفري- شباط من كل عام، هل تعتقد أن هناك تقدم في هذا الملف خاصة أن هيئة الدفاع تقول أنها ترفض الأحكام الجاهزة وتطالب بأحكام كاشفة للحقيقة تقنع بها الشعب التونسي؟
مازال ملف الاغتيالات يراوح مكانه رغم مرور أكثر من 12 سنة. ففي عهد حكومات النهضة كان من المفهوم أن يقع التلاعب بالملف لأن الطرف الحاكم هو في ذات الوقت الطرف الذي تتجه إليه أصابع الاتهام على أنه ضالع في اغتيال الشهيدين شكري بلعيد ومحمد البراهمي. غير أننا نلاحظ أن حوالي ست سنوات من حكم قيس سعيد لم تكن كافية كي يتقدم هذا الملف، ما يعني أن في الأمر ثمة شيء مريب.
وقد تأكدت هذه الحقيقة في المدة الأخيرة الأمر الذي جعل هيئة الدفاع تعلن انسحابها ومقاطعة المحاكمة. فعدم جلب المتهمين والتلويح باستنطاقهم عن بعد وما إلى ذلك من الإجراءات المزمع اتخاذها تؤشر على أن هناك اتجاه نحو الاستمرار في طمس الحقيقة. ومعلوم أنه في مثل هذه القضايا السياسية الكبرى (قضايا الإرهاب وخاصة الاغتيالات) يمثل الكشف عن الحقيقة هو أهم شيء لأن الشعب التونسي والمجتمع ككل في حاجة إلى معرفة خفايا الملابسات التي حفت بعملية اغتيال الشهيدين والأطراف الضالعة فيها وارتباطاتها والأهداف المرسومة من ورائها.
فيما يخص سياسة الإدارة الأمريكية الجديدة في التعامل مع تونس هل ستنتهج سياسة بايدن أم ستعتمد سياسة جديدة؟
السياسة الخارجية الأمريكية لا ترتبط بالإدارة الحاكمة “جمهورية” كانت أم “ديمقراطية” لسبب بسيط وهو أن هذه السياسة في كل الحالات ومهما كانت الإدارة التي تسكن البيت الأبيض هي سياسة قوة امبريالية هيمنية توسعية. فعلى هذا الصعيد لا فرق بين ما سار عليه بايدن وما سيسير عليه ترامب. وحتى إن كان ثمة فوارق فهي طفيفة ولا تمس بجوهر الخيارات. وينطبق هذا على سياسة الولايات المتحدة الأمريكية تجاه تونس، كما تجاه بقية البلدان وخاصة البلدان التابعة وبوجه أخص البلدان العربية.
لم تكن تونس في عهد إدارة بايدن تحظى باهتمام كبير من قبل البيت الأبيض الذي “حافظ” على الحد الأدنى من “رعاية” العلاقات الثنائية حتى لا تخرج تونس عن فلك التأثير الأمريكي ومراقبته لتموقع تونس في الصراعات الدولية والإقليمية الجارية. وسارت الأمور عموما على ما يرام من وجهة نظر أمريكية، فحتى مسألة تجريم التطبيع لم تشذ تونس قيس سعيد عن قاعدة السمع والطاعة.
الآن في ظل إدارة ترامب يمكن أن تتطور الأمور نسبيا. فتونس من البلدان التي تتلقى مساعدات أمريكية سواء عبر “وكالة التعاون الأمريكية” USAID أو في إطار اللجنة العسكرية المشتركة التي تم إرساؤها إثر أحداث قفصة، 1980 ومن المرجح وفق ما أعلنه ترامب أن “تخسر” هذه المساعدات التي على محدوديتها توفر نسبة من المداخيل للحكومة. وإلى جانب ذلك سيكون على قيس سعيد انتظار مزيد من “الشطحات” الترامبية التي لن يسلم منها أحد في سياسة الامبريالية الأمريكية تحت حكم الشعبوي الوقح.
#جيلاني_الهمامي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
إعادة كتابة الجغرافيا
-
المتلازمة التونسية Le syndrome tunisien
-
حكومة ترامب الجديدة حكومة أغنى أغنياء أمريكا
-
في ذكرى تأسيس الاتحاد: مرّة أخرى في الأزمة النقابية وشروط تج
...
-
الأزمة الراهنة للرأسمالية العالمية: صعود قوى اليمين المتطرّف
...
-
الأزمة الراهنة للرأسمالية العالمية: صعود قوى اليمين المتطرّف
...
-
ترامب على خطى أسلافه: جنون العظمة ونزعات الغطرسة والتوسّع وت
...
-
الأزمة الراهنة للرأسمالية العالمية: صعود قوى اليمين المتطرف
...
-
أزمة الاتحاد: المخاطر واضحة والطريق إلى الحلّ أوضح
-
مرة أخرى حول الموقف من تطورات الوضع في سوريا
-
حول التقرير السنوي للرابطة التونسية لحقوق الانسان
-
منعرج جديد وخطير في حياة الاتحاد
-
سقوط نظام الأسد في سوريا: في ميزان الربح والخسارة
-
3 ديسمبر : تاريخ خالد وأزمة خانقة
-
الشّعبويّة في تونس البواطن والظّواهر
-
عجلة التاريخ تدور أحيانا إلى الوراء
-
رسالة مفتوحة إلى الهيئة الإدارية الوطنية للاتحاد العام التون
...
-
أوت 1924: تاريخ صنع التاريخ أو صورة أوت 2024 في مرآة أوت 192
...
-
المشهد ... والمشهد الآخر أو واقعة -أبو شجاعة-
-
وحدة اليسار في فرنسا ووحدة اليسار في تونس مقارنة ما لا يقارن
المزيد.....
-
كونان أوبراين في إعلان ترويجي مرح لحفل جوائز الأوسكار
-
-جيمس بوند- يواجه تغييراً إداريًا ودانيال كريغ يعلق
-
نتانياهو يزور مخيم طولكرم مع تكثيف إسرائيل عمليتها العسكرية
...
-
أوكرانيا: إحياء الذكرى السنوية الثالثة للغزو الروسي
-
من نفذ تفجيرات الحافلات في إسرائيل؟ وهل تبنتها القسام عبر تل
...
-
اليوم العالمي للغة الأم: ألسنة تصارع للبقاء في عالم متغير
-
تحليل: هل يتكرر سيناريو عرب أمريكا في الانتخابات الألمانية؟
...
-
بشرط واحد .. ميونيخ توافق على استضافة ربع نهائي دوري الأمم ا
...
-
مستشار الأمن القومي الأمريكي: النزاع في أوكرانيا سينتهي -قري
...
-
نتنياهو من طولكرم: أمرت بمهاجمة معاقل الإرهابيين في الضفة ال
...
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|