فوزية بن حورية
الحوار المتمدن-العدد: 8259 - 2025 / 2 / 20 - 07:05
المحور:
الادب والفن
لست ادري لماذا الكتاب والادباء متمسكون بكلمة نوستلجيا حتى صارت داءمة الحضور وكان اللغة العربية فقيرة مدقعة من الالفاظ والمعاني وهي اثرى اللغات... كان بامكانهم تعويضها بكلمة (الحنين الى الماضي) او (الشوق الى الماضي)... لقد لاحظنا في هذه الايام تداول كلمة نوستلجيا بكثرة الا ان الكثيرين لا يعرفون معناها وهي كلمة انجليزية تعني "الحنين"
ونوستلجيا مصطلحا يتكون من كلمتين اغريقيتين وهما "نوستوس" (Nostos) او رحلة العودة اوالرجوع الى البيت
و "الغوس" ( algos) او "الالم والحزن". وبالاحرى "ألم الشوق" هو مصطلح يستخدم لوصف الحنين إلى الماضي... ان هذا الشعور له أساس سيكولوجي، يطلق عليه مصطلح النوستولجيا أو النوستالجيا (الحنين إلى ماضي مثالي)، والذي ابتكره طالب الطب بجامعة بازل السويسرية في القرن السابع عشر، ((يوهانس هوفر)) استخدم هذا الطالب في الطب كلمة «نوستالجيا» لوصف الألم الناتج عن الرغبة في العودة إلى الموطن
«نوستالجيا» مصطلحا طبيا صرفاحيث ان السياق الذي ذُكرت فيه كان طبيًّا، إذ كان (يوهانس) يصف هذا الشعور بأنه «مرض ناجم عن التعلق المفرط بموطن بعيد»،
نوستالجيا وقتها لم تكن مجرد شعور رومانسي تجاه الماضي، .. بل كانت مرضا يحصد أرواحا كثيرة، وكان الأطباء يعتقدون بأن المرضى يظلون مشغولين بذكريات موطنهم، حتى يسحب العقل الدم من بقية أجهزة الجسم، ويموت المريض.
إن هذا المصطلح الطبي الدخيل علينا يشير في الاصل إلى الألم الذي يعانيه المريض البعيد عن دياره او منزله، مثل المريض المقيم في عيادة او مستشفى وذلك إثر حنينه للعودة الي بيته وخوفه من مفارقة الحياة قبل تمكنه من الرجوع الى منزله. لقد وصف بالرهاب، والرهاب انواع متعددة الا اننا سنتكلم عن هذا الرهاب الذي وصف في (علوم النفس) بانه خوف عميق مستمرّ على غير أساس من واقع الخطر أو التهديد من موقف ما، أو شيء معيّن، ويرى السُّلوكيون أن هذه المخاوف نتيجة لسلسلة من الارتباطات بين كثير من المؤثِّرات النفسية السَّلبيَّة ومنها :
رُهاب الموت: وهو خوف مرضي من الموت.
وصف على أنه حالة مرضية أو شكل من أشكال الاكتئاب في بدايات الحقبة الحديثة ثم أصبحت بعد ذلك موضوعاً ذا أهمية بالغة في فترة الرومانسية او بما تُعرف باسم الفترة الرومانتيكية و ان شءنا الإبداعية وهي حركة فنية أدبية وفكرية نشأت وترعرعت ونمت حد النضج وذروة الاعجاب والتاثر بها والانتشار الكبير في فرنسا وذلك في اواخر القرن الثامن عشر للميلاد، الا انها ككل ظاهرة جديدة ولع بها الادباء والمفكرون وفسارت كالنار في الهشيم وراجت بصفة كبيرة في الاوساط الثقافية في بلدان أوروبية أخرى وخاصة في بريطانيا وألمانيا وإسبانيا حتى وصلت لقمة ذروتها واوج نشاطهافي الفترة ما بين 1800-1840.
في الغالب ان الحنان هو حب شديد متعلق بالعصور الماضية بشخصياتها التاريخية الفعالة وأحداثها بسلبياتها وايجابياتها... غثها وسمينها... وفي هذا العصر المعلوماتي وخاصة هذه الايام صارت هناك قصة “نوستالجا” وهي تعتبر عملاً أدبيّا فنيا ناجحاً وذلك لقدرته على إيصال مشاعر عميقة وبسيطة في نفس الوقت، من خلال لغة أدبية بسيطة وأسلوب سردي سلس، وممتع يمس المشاعر وذلك راجع للحنين الذي يسكننا... ويستوطن جوارحنا جميعا لكل ما عشناہ في الماضي الا اننا نتغافل عنه او علنا تناسيناه في زحمة الحياة، رغم ارتباطنا المتين به... بل هو جزء لا يتجزا من واقعنا الحياتي... كان بالامكان تسمية قصص نستلجيا باسم ((قصص الحنين الى الماضي)) او ((قصص عشق الماضي))... وهي في الحقيقة اما مرتبطة بنوستلجيا الذكريات الجميلة او المؤلمة اما هذه الاخيرة ان محبيها ربما يجترون الم الماضي الاليم ربما بغاية البحث فيه عن بصيص سعادة او عن الاسباب... او الاخلالات بغاية المعالجة السلوكية او النفسية ان وجدت... واخذ العبرة منها...
في الحقيقة ان مصطلح نوستلجيا هو مصطلح طبي بالاساس الا انه انتهى الى حالة شاعرية وابداعية ادبية راءعة....
قصة نوستلجيا (قصة الم الشوق) بقلمي فوزية بن حورية تونس
"مرت السنوات سراعا مرورا غريبا وكانه الثواني وربما ثانية لست كيف مرت السنوات كانها شريط طوته الايامات... فيها الكثير من السعادة وفيها ما فيها من الم المشاكسات في العمل والتنمرات من ذي وذي ومن تلك... ومرت السنوات بين الضحطات وبعض الاهات.... احن الى سعادة الطفولة ليتها تعود... الى التلمذة والوقوف على المصطبة والميداعة الوردية والياقة الجلدية البيضاء والشريط الاحمر المربوط في عروتيها على شكل فراشة... واتذكر احداهن قالت لسي علي الدامرجي معلم الفرنسية وهي تشير الى احدى الزميلات قل لها تاتي بقطعة من شاشية والدها لنجعلها طلاسة... نعم اتذكرها جيدا "انها سعدية ابنة العطار" المتنمرة... واتذكر الزميلة ليلى كيف ردت عليها في غضب "شاشية ابوك اولى انها قديمة اما شاشية ابي جديدة اشتراها البارحة"... وكادت تكون حربا بينهما ولم يحط اوزارها الا معلم الفرنسية... وضحكنا كثيرا.... اتذكر التلميذ حكيم الذي تمزق تبانه الرياضي في حصة الرياضة اثناء لعبنا رياضة (المقص) وهي لعبة ضم الساقين وفتحهما... يومهاضجت ساحة الملعب بصخب ضحكنا وهو لم يتوقف عن اللعب... حتى اني اتذكر جيدا زميلتي منية ابنة الحلاق كيف سقطت من شدة هستيرية الضحك التي المت لها وهي تضرب على الارض براحتيها... نعم اشتقت لذكرياتي السعيدة... لعودتي الى البيت من المعهد لاجد ابي رحمه الله وامي رحمها الله يتحادثان في سعادة مثل عصفورين والضحكات لا تفارق وجهيهما... كنت بشخصيتي القوية اتحدى الزميلات في العمل... واضحك في سخرية من مشاكساتهن الطفولية... وتنمراتهن الصبيانية... نعم مضت سنين لا اخالها طويلة.. لم اغب فيها عني... ورغم انجازاتي ورضايا على نفسي الا اني لا زلت انتظر كثيرا من الانجازات التي حلمت بها في طفولتي وصباي وبعد رشدي.... نعم اشتقت جدا إلى ايام التلمذة الى قاعة الفيزياء والكيمياء... الى التجارب البسيطة التي اجريناها مع الاستاذ... والى مقاعد الدراسة والجامعة... وإلى نكاتي وضحك ابي منها وعلي اشتقت الى سهرات العاءلة امام التلفاز.... وتجمعاتنا حول الماءدة... ومناقشاتنا في مسارب الحياة ومتاهاتها.... اشتقت الى سهرات الصيف في منزلنا الجميل الدافء بالحب واللحمة والحنان.... اشتقت الى حياتي مع كل العاءلة... والى أمنياتي الكبيرة بالاحلام السعيدة زاخرة.. منذ أن كبرت افتقدت البراءة في الزميلات والزملاء.... وغاب الصدق وكثرت المخاتلات والنفاق والرياء... نعم افتقدت البراءة في العلاقات!...سءمت كثرة المشاحنات... بقلم الاديبة والكاتبة المسرحية والناقدة والشاعرة والتراهات... فوزية بن حورية تونس"
الكلمات في الحقيقة هي جد بسيطة الا انها عميقة في عمقها... وتعني الكثير الكثير....
الاديبة والكاتبة المسرحية والناقدة والشاعرة فوزية بن حورية تونس
#فوزية_بن_حورية (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟