أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - طالب كاظم محمد - القبو














المزيد.....


القبو


طالب كاظم محمد

الحوار المتمدن-العدد: 8259 - 2025 / 2 / 20 - 00:32
المحور: الادب والفن
    


انتظرك ، قرب الصبي النحاسي المجنح وهو يسدد سهما قصيرا صوب الفراغ ، عند قاعدة السلالم ، التي تقودك الى القبو الملحق بمخزن ازياء المسرح المهجور، بينما المهرج بأنفه الاحمر يزيل دموعا بلون ابيض وهو يخفي راسه الضخم بين كفي صبية التأرجح الهزيلة في اللوحة الزرقاء المعلقة بلامبالاة على خرائط كلس الجدار الفاقع ، هناك هدوء يختلط بنحيب صامت في الانزواء المعتم :
بلا جدوى يرمم الطائر الكسيح عزلته بالغناء .
على ضوء الشمعدان الفضي في الحجرة التي تختنق بالخطاطيف والاكياس التي تختنق بالأسمال ، انتظرك منذ امد بعيد ، وانا اعيد ترميم صومعتي المتوعكة بالكتب ، احاول تمويه تقاطيع وجهك بالنسيان، ولكن الامر يحدث كما في كل مرة حينما احاول خداع الوقت بالقراءة في صفحات كتاب ما يتسلل وجهك الى ذاكرتي عبر الكلمات ، كنت تبتسمين تحاولين التملص من حزن شفيف يتلألأ في عينيك .
لم يعد باستطاعتك البكاء وانت في الطريق الى المعبد بعد ان شحذتك الحروب المريرة وتركتك ترتقين الفراغات العميقة التي ادخرتها الحراب في روحك بالصمت ، انت صامدة ولا يمكنك التراجع . بينما الخريف يبدد اثر خطواتك بالمطر، تتلقين بهيكلك المتماسك الرذاذ والبرق والبرد عند قمم متوعكة .
انت لست هنا او هناك ولكن طوال الوقت لا يمكن نسيانك، وحدك كما في ابدا تموهين الوقت بمواعيد ضالة وانت ترشدين السرب الضال الى المحرقة
لا تبالين ابدا عندما فستانك المخادع يغوي الزوبعة الفاجرة على مداعبة فخذيك
وجهك الجامد يزيل بألم ممض المشاعر التي تعترض طريقك
باستثناء تذكاراتك المعلقة بخطاف سميك في صمت القبو ، ضحكاتك المخادعة التي تتردد هنا وهناك وانت تكشفين عن بريق ابيض بينما فمك الشهي احمر بلون القرمز
سجائرك في المرمدة الكرستالية
غبار الصمت الناعم يموه اثر فمك عندما حافة الكاس الملطخة بالأحمر
انعكاس ضوء نهارات قديمة تتسلل عبر ستارة المخمل الازرق بينما خيول برية تعدو في براري اللوحة المعلقة على الحائط قرب ساعة جدارية تلفظ دقائقها الاخيرة
هناك وهنا
تذكارات غابرة تشي باشتهاءات قديمة تبعثرت في المخزن الملحق بالقبو
تروس محاربين وعباءات فرسان الطاولة المستديرة وعمائم وخوذ نحاسية وريش وسيوف قميص مهرج فضفاض مليء بالرقع الملونة باروكة شعر اشقر وقناع ساحرة عجوز بلاستيكي وقبعات سوداء عصا وصولجان تيجان مختلفة بمجوهرات مزيفة عملات ذهبية صليب خشبي ودمية عارية تنزف دما ، هلال نحاسي ونجوم مصابيح انارة ضخمة، حزمة اسلاك كهربائية ومكبر صوت يدوي .
كما لو كانت اناشيد متعثرة في قداس موتى ينتظرون عند المفترق عندما البوابة مغلقة بسلسلة ثقيلة ، ذكرياتك وانت تصالبين ساقيك الطويلتين قبالتي ، فيما اصابعك تجوس في خصلات الشعر الكستنائي ، دوامات الدخان الازرق تتبدد في سقف الصومعة ، فوق الطاولة البلاستيكية المستديرة تنام مناديل ناعمة بلون الغروب ، ملعقة فضية ترقد بلا حراك في طبق ابيض، طيور مهاجرة بالأسود والابيض تلطخ شمس قماش شرشف قديم تمدد فوق اريكة جلدية متهالكة وسادة منفوخة بريش ناعم على شكل بجعة هزيلة
لا احد ينقذ السلطعون من محنته بينما الشموس النحاسية تجفف صومعته بالأكاذيب
ها هو الخريف كما في ابدا يسحق اثر خطواتك فوق الممر المعبد بالمطر
ولكن كما لو نقول :
مرة اخرى! او لنحاول مجددا ! لن نستسلم! او كن معي
كما لو كنت تقطعين وعدا عندما تتطلعين في وجهي ولكني لا اسمع صوتك وانت تقولين
ها انا امنحك فمي فاسترد حياتك بقبلاتي
او تهمسين وانت تبتسمين بنصف فمك الاحمر :
الامر ليس بالسوء الذي تظن في الحب حتى الطائر الكسيح يستطيع الغناء



#طالب_كاظم_محمد (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في الطريق من كاني ماسي الى بيبو
- ترانيم
- خوف الحلزون
- قداس لنورس
- انت سيدة مواسم الحصاد والترانيم
- قصة قصيرة سيرة الاخت جولييت
- الهرطقي
- ترانيم مجوسية
- هجرة طائر السنونو الاخيرة
- ادب الطفل ليس حقلا لتجارب غير ناضجة .
- قصص الحرب . المتاهة . القسم الثامن
- قصص الحرب. المتاهة . القسم السابع
- قصص الحرب . المتاهة . القسم الخامس
- قصص الحرب. المتاهة .القسم الرابع
- الصوفي
- المتاهة. قصص الحرب
- الكاهن
- تلاميذ الاسخريوطي
- صديقي الذي فتك بالعصافير في طفولته
- في ادب الطفل


المزيد.....




- سعاد بشناق عن موسيقى فيلم -يونان-.. رحلة بين عالمين
- الشارقة تكرم الفنان السوري القدير أسعد فضة (فيديو)
- العربية أم الصينية.. أيهما الأصعب بين لغات العالم؟ ولماذا؟
- سوريا.. رحلة البحث عن كنوز أثرية في باطن الأرض وبين جدران ال ...
- مسلسل -كساندرا-.. موسيقى تصويرية تحكي قصة مرعبة
- عرض عالمي لفيلم مصري استغرق إنتاجه 5 سنوات مستوحى من أحداث ح ...
- بينالي الفنون الإسلامية : أعمال فنية معاصرة تحاكي ثيمة -وما ...
- كنسوية.. فنانة أندونيسية تستبدل الرجال في الأساطير برؤوس نسا ...
- إعلاميون لـ-إيلاف-: قصة نجاح عالمي تكتب للمملكة في المنتدى ا ...
- رسمياً نتائج التمهيدي المهني في العراق اليوم 2025 (فرع تجاري ...


المزيد.....

- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - طالب كاظم محمد - القبو