سماك العبوشي
الحوار المتمدن-العدد: 8259 - 2025 / 2 / 20 - 00:30
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
السلام على من اتبع الهدى، واستفاق من غيبوبته واسترد وعيه، وصدق أمته وأدى حق رعيته وصان الأمانة، وحفظ للأمة عزتها وكرامتها، وانتشلها من وهنها وكربتها.
وأما بعد:
بالأمس، وبتاريخ 19 شباط / فبراير 2025، كنت قد نشرت مقالي الأخير المعنون "الى قادة أنظمتنا العربية: الفرصة مازالت متاحة!!" والذي تضمن رسالة مفتوحة إليكم يا أصحاب الجلالة والفخامة والسمو قادة أمتنا العربية، أحثكم وأرفع هممكم وأستثير نخوتكم العربية وأذكركم بالفترة العصيبة والمفصلية الخطيرة التي تمر بها أمتنا العربية، وأن واجبكم الشرعي والقومي يدعوكم للسعي وبذل الجهد لصالح الأمة، وحماية مستقبلها ومستقبل أجيالها اللاحقة، كما ونوهت إلى أن عملية طوفان الأقصى تُعَد – والله تعالى أعلم- آخر فرصة قد أتيحت للعرب -تحت قيادتكم الموقرة- للنهوض من كبوتهم، والاستيقاظ من سباتهم الذي طال أمده، والارتقاء بشأنهم، وأن القمة العربية القادمة التي ستعقد في القاهرة يوم 27 شباط / فبراير 2025 ستكون خطيرة وهامة بشأن تحديد مصير قضية فلسطين أولا، وتحديد ما بعد قضية فلسطين ثانيا، كما ونوهت بأن عدم طرح خطة عربية محكمة رصينة بديلة عن خطة ترامب فإن ذلك سيشجع ترامب ونتنياهو على مواصلة طرح قضية الهجرة، وعودة العدوان على غزة ثانية!!
كما وحاولت بث الأمل والتفاؤل في نفوسكم وتذكيركم بأن فرصة إنقاذ شعب فلسطين (في الضفة وغزة) لم تفت بعد، فإن عجزت وتلكأت أنظمتكم العربية عن أداء دورها الشرعي والقومي خلال العدوان الإسرائيلي على غزة العزة، فقد آن الأوان لتكفر قيادات أنظمتكم عن تقصيركم ذاك من خلال تظافر جهودكم في سبيل إجهاض ما تسعى إسرائيل لتنفيذه تحت الذريعة الماكرة المسماة بـ(التهجير الطوعي) هذه المرة!!
أصحاب الجلالة والفخامة والسمو:
لقد تطرقت في نهاية مقالي عن خطة مصرية كان موقع (العربية نت) قد نوه عنها ونشر (بعض) تفاصيلها، وأنها ستُطرح للنقاش في قمتكم القادمة في القاهرة لتكون خطة عربية بديلة لخطة ترامب الهادفة لتفريغ قطاع غزة من سكانه وبالتالي الاستحواذ عليه بحجة إعادة تعميره، وطالبتكم في ختام مناشدتي لكم أن تناقشوا الخطة المصرية المقترحة في مؤتمر قمة القاهرة (الطارئ والعاجل!!!) وأن تتبنوها من منطلق ما ذكر فيها من تأكيد على الحفاظ على الوجود الفلسطيني (الغزاوي) داخل القطاع أثناء تعميره دون إجبارهم على الهجرة طوعا أو قسرا كما يشتهي ويسعى اليه ترامب وصبيه الصغير المدلل النتن ياهو!!
أقول ...
وما أن أتممت نشر مقالي ذاك، وكلي أمل وتفاؤل بأن يتم تبني خطة مصر المقترحة تلك الرامية لإعمار غزة مع ضمان عدم تهجير أبنائها، حتى وردتني رسالة عبر الواتساب الخاص بي أصابتني بالإحباط وخيبة الأمل لما تضمنته لمؤشرات وتكهنات عن تفاصيل خطة مصرية، ولا أدري حقيقة إن كان كاتبها يقصد ذات الخطة المصرية التي نوه عنها موقع (العربية نت) والتي ذكرتها بمقالي الأخير أم لا، ولخطورة محتواها وجسامة وفداحة تداعياتها فإنني أرجو أن يتسع لي صدركم فأقتبس بعضا مما ورد فيها من عبارات وكالتالي:
نص الرسالة كما وردتني عبر الواتساب:
"الخطر الحقيقي ليس خطة ترامب الخزعبلية، الخطر الحقيقي سيكون هو خطة النظام المصري، التي سيتم تبنيها عربياً في القمة القادمة، وطرحها كحل إجباري لإنقاذ القضية الفلسطينية والأمن القومي العربي من مخاطر "خيال المآتة الطرامبي" الذي بالغ في جرعة التهديد والرعب، كما هو مخطط!!
سأكتبها، وتذكروها في وقت لاحق:
طرمب والعالم كله يعرفون أن عشرات التصريحات التي أطلقها، ليست للتنفيذ، وما أطرحه هو أن هذه المساحة الكبيرة من التهديد هي لفرش الأرض أمام الخطة الحقيقية!!، المبالغة في تهديد كل شيء، ووضع القضية الفلسطينية على الحافة، وإظهار التهديد للأمن القومي للدول المعنية بشكل مستفز ومهين للشعوب، كل ذلك لرفع معدلات الرعب والصدمة لدى الشعوب العربية والفلسطينيين، لكي يكونوا مستعدين لـ (قبول الحل الرسمي العربي البديل)، باعتباره الإنقاذ أو التحرك البطولي اللازم لإنقاذ كل شيء، وتحدي الإرادة الأمريكية المتعجرفة!!
سيُنظر للحل العربي الذي سيعلن قريباً باعتباره شجاعة عربية وموقف عربي موحد، وتحدي للكاوبوي الأمريكي ...
هذا ما سيجعل هذا الحل يحظى بتأييد شرائح واسعة من الشعوب العربية المذعورة !!
كل الأبواق العربية، الشعوب، والجماهير سوف تدعو لدعم الموقف الرسمي للأنظمة، باعتبارها لحظة اتحاد، والاتحاد قوة بالطبع، ودعونا ننسى خلافاتنا ونتوحد خلف هذا الحل الرجولي البطولي التستيروني الشجاع في مواجهة المؤامرة الكونية !!
إذن ما هو الحل العربي الذي يعده نظام السي . سي !!؟
إدارة مصرية عسكرية وأمنية لقطاع غزة، بتمويل خليجي، وسلطة مدنية فلسطينية تابعة إدارياً للحكومة المصرية وليس للسلطة الفلسطينية (التي سيتم تفكيكها قريباً بعد ضم الضفة)!!
هذه الإدارة العسكرية الأمنية المصرية لقطاع غزة، ستكون مهمتها تفكيك المقاومة على مدى سنوات، في مقابل إعادة الإعمار الذي سيكون في يد مصر، بمعايير هندسية ترسمها الإمارات، إسرائيل، وأمريكا ومن ورائها الغرب، لبناء غزة بنمط عمراني لا يسمح بتجدد المقاومة واحتضانها، (كما فعلوا في الضفة بعد انتفاضة 2000)!!
الحكومة المصرية ستتسلم سبوبة الأموال الخليجية، وتكلف شركات المقاولات التابعة للمخابرات بتنفيذ إعادة الإعمار، والبنية الأساسية، وتحيا مصر 3 مرات، منقذة غزة وحامية الأمة العربية.!!
سيتم توفير الكهرباء والماء والطرق، والخدمات، وفتح المعبر، وإعادة البناء ....
لكن لا يمكن أن يحدث هذا في ظل وجود المقاومة التي يمكن أن تشكل تهديداً بتكرار الحرب مستقبلاً فتضيع أموال العالم و تدمر غزة مجدداً ... !!
إذن ما الحل !!؟
(السلاح مقابل الإعمار)!!
أمام عظم التهديدات، سيحظى هذا الحل بقبول عربي وإسلامي رسمي واسع، وشعبي أيضاً، وستقف المقاومة وحيدة في مواجهة كل الرأي العام العربي الرسمي والشعبي ... سيقولون، هذا هو الحل الوحيد، كيف لحماس أن تعطل مصلحة الفلسطينيين، الأمر لم يعد شأناً فلسطينياً، إنه الآن مصلحة أمن قومي عربي في مواجهة غول طرامبي مجنون له أنياب.!!
الأمر فيه تفاصيل كثيرة، وتشابكات كثيرة.
هذا السيناريو يفكك كل التعقيدات:
- يعفي إسرائيل من مواجهة المقاومة في غزة لعقود.
- يفكك السلطة فينتهي معها مشروع الدولة.
- يحمي أمن الدول العربية من سيناريو التهجير المزعوم.
- يخلص العرب والعالم من إزعاج الضمير كل عدة سنوات من تكرار العدوان على غزة.
- يسكن ضمير المجتمع الدولي الذي لا يتحمل تدمير قواعد اللعبة الدولية.
العروض العسكرية التي تجريها قوات شرطة مصرية في رفح، مدججة بالأسلحة والمدرعات، قوات فض الشغب والإرهاب، عشرات الآلاف من الجنود والمجندات المدربين تدريب عالي، بالطبع هذا العرض المهيب ليس موجهاً لتهديد إسرائيل، هذا عرض عسكري لقوات شرطية .... لذلك فهو موجه لحماس، هذه القوات الهائلة التدريب والتسليح من الرجال والنساء، معدة ومدربة لكي تسيطر على شعب من المدنيين، بما فيهم من نساء وأطفال!!
هذا إعداد شيطاني لمرحلة قادمة.
الخطر الحقيقي على فلسطين، هو الحل الرسمي العربي ... وليس فرقعات طرمب الميكروفونية"...
انتهى الاقتباس.
أصحاب الفخامة والسيادة والسمو العرب:
والأن ... بعد أن تفضلتم وتكرمتم بقراءة رسالة الواتساب التي وردتني المنوه عنها أعلاه، فإنني أتساءل:
ما رأيكم بهذه التكهنات ياترى!!؟، والتي أرجو صادقا أن تكون كاذبة.
لكنني ولا أخفيكم سرا، كما ولا أغالي، فإنني شخصيا، ولما خبرته من مواقف الخذلان والهوان لبعضكم، فإنني أكاد أصدق ما ورد فيها من سيناريوهات مفجعة مؤلمة وقاسية، لاسيما وأن كثيرا من قيادات أنظمتكم العربية كانت قد تواطأت مع الكيان اللقيط طيلة فترة عدوانه على غزة العزة، سواء من خلال عدم ممارسة دول التطبيع العربي الضغط على الكيان اللقيط والتلويح لهم بسحب السفراء!!، أو من خلال إحكام (بعضهم) طوق الحصار على أبناء غزة وعدم تزويدهم بما يحتاجونه من غذاء ودواء !!، أو بدعم بعض أنظمتكم غير المعلن (والخجول) للكيان اللقيط من خلال تزويده بحاجاته الإنسانية طيلة فترة العدوان لاسيما تحت ضربات أبناء اليمن الابطال وتحكمهم في البحر الأحمر!!، أو من خلال التزام باقي أنظمتكم الصمت المطبق إزاء ما جرى!!
لكنني موقن تمام اليقين بأنه لو صدق ما جاء ذكره عن الخطة المصرية برسالة الواتساب المنوه عنها آنفا، فإن هذه الخطة لن تكون سببا في القضاء على قضية فلسطين وتدمير لحلم إقامة دولتها فحسب، بل ستكون سببا لديمومة حالة الخذلان والانبطاح العربي أمام قوى الاستكبار العالمي عموما والكيان اللقيط خاصة لعقود قادمة، وسببا لانتشار واستفحال السرطان الإسرائيلي في باقي جسد الامة العربية!!
أصحاب الفخامة والسيادة والسمو العرب:
حين نشرت مقالي الأخير بالأمس، فقد وردتني عدة ردود من أصدقاء أبدوا تشاؤمهم المفرط حيال التماسي ومناشدتي لكم، حيث قال من قال "عشم إبليس في الجنة"!!، وهناك من رد فقال " قد أسمعت لو ناديت حيا ولكن (لا حياة ولا حياء) لمن تنادي"!!، وغيرها من الردود والتعقيبات التي أصابتني بالإحباط والذهول لحالة يأس شعبنا العربية من إمكانية صلاحكم!!
لكنني على ثقة ويقين بأن إرادة الله ومشيئته غالبة واقعة، وان مكر الله أكبر من مكر البشر المسيئين والضالين، قال تعالى في محكم آياته من سورة الأعراف، الآية 99: " أفأمنوا مكر الله فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون"، كما وقال تعالى في سورة الأنفال، الآية 30: "وإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ".
وسننتظر نتائج ومقررات قمتكم في القاهرة بتاريخ 27 شباط / فبراير الجاري لنعرف إن كنا واهمين بمناشدتنا إياكم، أو أن ما ورد برسالة الواتساب كان صحيحا، وتذكروا قول العزيز الجبار في محكم آياته من سورة الحجر: " فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ(92) عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ(93)".
اللهم إني قد بلغت ...
اللهم فاشهد.
20/2/2025
#سماك_العبوشي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟