|
الضفة الغربية نموذجا !
خليل قانصوه
طبيب متقاعد
(Khalil Kansou)
الحوار المتمدن-العدد: 8258 - 2025 / 2 / 19 - 14:49
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
ما هي دلالة الضفة الغربية كنموذج ، في الراهن ، ليس ضمن حدود القطر الفلسطيني و حسب و إنما في مجمل المدى الإقليمي للقضية الفلسطينية ؟ سؤال يُشغل المراقب لا سيما أن بلدانا أخرى ،مثل لبنان و سورية و العراق ، تمر بظروف تقرّب بين هذه الأخيرة و الضفة الغربية ، أي أنها مهددة بالاحتلال المباشر بغتة أو بعد حين . حيث لم يعد يجدي خداع الذات بإخفاء الحقيقة وطلب النجاة كما يُستسقى المطر في سنوات الجفاف ، فلقد صار معلوما أن دولة إسرائيل هي عنوان مشروع غربي من أجل السيطرة "على مدى حيوي " وضعت معالمه ، يجري إفراغه من سكانه الأصليين تحت ذرائع عنصرية مستخرجة من علوم الأحياء تماشيا مع مفهومية غربية استرجعها أصحاب هذا المشروع لتطبيقها على فصائل ماتزال في طور" الحيوانية البشرية " كما يزعمون ، مرشحة للانقراض استنادا إلى " داروينية اجتماعية " إذا جاز التعبير ! ليس من حاجة لإطالة في الحديث عن الأوضاع المعيشية المفروضة منذ سنة 1967 على سكان الضفة الغربية الواقعة تحت احتلال إسرائيل ، فنقتضب ونقول أن القيادة الصهيونية أطلقت سيرورة غايتها إضعافهم عن طريق الإعاقة عن العمل بتقييد الحركة و السجن الاعتباطي و الإفقار بواسطة مصادرة الممتلكات وأدوات الإنتاج و المياه و فرض الضرائب المرتفعة ، ناهيك من الصعوبات في إنجاز التراخيص و التصاريح الإدارية والقمع الجماعي ردا على عمليات المقاومة الوطنية . من البديهي أن وتيرة هذه السيرورة كانت تتأثر بالعلاقات بين دولة المستوطنين في فلسطين من جهة و بين شبة الدولة العربية المجاورة من جهة أخرى ، علما أن موقف الأخيرة تبدل بعد حرب 1973 حيث تخلت عن شعار " ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة ". ناهيك من أن بعد انهيار الاتحاد السوفياتي في سنة 1991 ، صار الجميع ، المعتدي و المعتدى عليه تحت عباءة الولايات المتحدة الأميركية ، حيث يمكننا القول أن مشروع الدولة الوطنية العربية صار برمته مسألة فيها نظر ! يحسن التذكير بإن إفراع المناطق الساحلية من فلسطين وإسكان المستوطنين اليهود الأوروبيين فيها ، استمر طوال الفترة التي فصلت بين الحربين الأوروبيتين 1914 ـ 1945 ، اما الأساليب و الوسائل التي استخدمت ، فأقل ما يقال فيها أنها كانت و حشية و إرهابية تخللها العديد من المجازر بالإضافة إلى تدمير بضعة مئات من القرى بحسب المؤرخين الذين اضطلعوا على المحفوظات الإسرائيلية في تلك الفترة . حيث يقولون أن القنابل كانت تلقى من نوافد البيوت ليلا ، و أن السكان كانوا يجمعون في ساحات قراهم تمهيدا لإعدامهم رميا بالرصاص ، و أن البراميل المعبأة بالمتفجرات كانت تتدحرج على البلدة من التلال المجاورة . مجمل القول أن الأوضاع في لبنان و سورية و العراق و الأردن تكاد في الراهن لا تختلف كثيرا عما هي في الضفة الغربية في فلسطين يتجسد ذلك في القطاعات التالية : ـ الأوضاع الاجتماعية : خذ إليك مثلا المجتمع في لبنان ، أو بتعبير أدق الجماعات في لبنان التي لا تكون بالقطع مجتمعا وطنيا متماسكا و متوافقا على كيان وطني . وبكلام أكثر صراحة و وضوحا فإن هذا المجتمع لم يتشكل كيانا وطنيا موحدا بعد مرور قرن و نيف من الزمن على إعلان دولة لبنان الكبير في سنة 1920 . و لا حرج في القول في ها السياق أن السوريين اليوم ليسوا أفضل حالا من اللبنانيين ، و كذا العراقيين و الأردنيين . لا بد هنا من الإشارة يا للأسف ، للعامل السلبي الذي نجم عن توظيف المعتقدات الدينية في ضرب المشروع الوطني و تعطيله ، فكانت أداة ملائمة ذلك . ـ لا شك في أن الحكم ، سواء بالوسائل التي استخدمت من أجل الوصول إلى السلطة أو بالأساليب التي اتبعت في ممارستها أضعفت الانتماء الوطني الى حد فقدان الثقة والأمل بالمستقبل ، تمثل ذلك بوضوح بتصاعد معدلات الهجرة . ـ و أخيرا إلى جانب توقف المشاريع الإنمائية و تدهور الخدمات في مجال التعليم و العناية الصحية و العدالة الاجتماعية ، فإن الذين يمسكون بزمام الأمور ، لا يحسبون حسابا للأخطار التي تهدد البلاد نتيجة المشروع الاستعماري الاستيطاني الغربي الذي لا يخفي نواياه بالسيطرة على " مداه الحيوي " و انقاص عدد السكان الأصليين بحيث لا يبقى منهم إلا من يحتاجهم للعمل في مزارعه و مصانعه و في كسح القمامة في مدنه . فجميع هذه الدول الني أشرنا إليها هي في الواقع لا تعدو شبه دول ، لا تمتلك و سائل الدفاع عن الشعوب و عن مصالحهم و اراضهم ، مثلها مثل السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية ، في عالم عطلت فيه الدول الغربية و على رأسها الولايات المتحدة الأميركية العمل بالقانون الدولي و شرعة حقوق الانسان . من البديهي أن أقصى ما يمكن أن يقدمه المراقب هو نقل ما يتناهى إلى علمه ، و جل ما يتمناه هو أن نصل جميعا إلى تشخيص الأوضاع تشخيصا صحيحا ، ذلك ضروري قبل الشروع في البحث عن حل ناجع .
#خليل_قانصوه (هاشتاغ)
Khalil_Kansou#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المسألة الشيعية
-
حرب تلامذة جابوتنسكي
-
الرجل المريض و الحملات الغربية
-
الهزية و عقدة البيرق !
-
الدولة المستحيلة
-
الوطن للمواطنين !
-
أنا شارلي ,, أنا ثوري
-
جيوش بلا دول تتصدى لدول بلا جيوش ! !
-
هويات موسمية و أوطان مؤقته !
-
حصان طروادة في سورية
-
أكثر من حرب طائفين و أقل من ثورة و طنية !
-
دولة الرئاسة و دولة الخلافة !!
-
داوها بالتي كانت هي الداء !!
-
الحل الأفغاني و الحل الغزاوي !
-
ثورة أو استثارة ؟
-
ثورات الجملة
-
أما و قد سقط الرئيس !
-
السياسة الدينية !
-
تأملات في متغيرات جبل الجليد !
-
شريط أخبار سورية !
المزيد.....
-
بقوس ونشاب.. زبون دائم يستدرج صاحبة متجر إلى الخلف قبل أن يط
...
-
القادة العرب يستعدون لطرح اقتراح حول غزة بمقابل خطة -الريفيي
...
-
مبعوث ترامب: تحركت إلى موسكو بعد اتصال من السعوديين
-
مصر.. الـ-إيجوانا- تظهر في منطقة حضرية وتثير قلقا (صور)
-
ماذا نعرف عن انشطار الدوامة القطبية والانفجار البارد الذي يؤ
...
-
اكتشاف فيروس تاجي جديد لدى الخفافيش في الصين
-
مفوضة الاتحاد الأوروبي لمنطقة المتوسط: شروط لتخصيص نصف مليار
...
-
واشنطن تخشى الصراع مع إيران
-
ذا ناشيونال إنترست: غزة بعد -حماس-
-
أريستوفيتش يتوقع حدوث انقلاب وحرب أهلية في أوكرانيا
المزيد.....
-
لمحات من تاريخ اتفاقات السلام
/ المنصور جعفر
-
كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين)
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل
/ رشيد غويلب
-
الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه
...
/ عباس عبود سالم
-
البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت
...
/ عبد الحسين شعبان
-
المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية
/ خالد الخالدي
-
إشكالية العلاقة بين الدين والعنف
/ محمد عمارة تقي الدين
-
سيناء حيث أنا . سنوات التيه
/ أشرف العناني
-
الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل
...
/ محمد عبد الشفيع عيسى
-
الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير
...
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|