نبيل الخمليشي
الحوار المتمدن-العدد: 8258 - 2025 / 2 / 19 - 08:55
المحور:
الادب والفن
أجمع السنين،
لكنها تتفتت بين أصابعي،
كخرز مسبحة انقطع خيطها،
فتناثرت على أرض لا ذاكرة لها.
أحاول أن أرتب الأشواق،
لكنها متسخة كطاولة بار منسي،
يطفئ فوقها الغرباء أنفاسهم الأخيرة،
ويذبل النبيذ في كأس لا أحد يرفعها.
أنت هناك،
في غرفة بلا نوافذ،
يأتي صوتك من خلف الجدران كأنه صدى لشيء مضى،
موسيقى مغمورة بالغبار،
بطيئة، بعيدة،
محملة بأشياء لم تعد تخصني،
أو لم تكن لي يوما،
كالمطر الذي يعبر المدينة ولا يبللني.
أحاول تذكر وجهكِ،
لكن الظلال تشوه الملامح،
كل ما أراه هو دخان السجائر يدون حزنه على سقف الغرفة،
وكأس نصف ممتلئ بنبيذ بارد،
لا يسكر، ولا ينسى.
لا قصيدة ستعيد الزمن،
لا كلمة سترمم هذا الخراب،
لا صلاة ستطفئ حرائق الروح.
أشرب،
أضحك مع الفراغ،
أُحادث صمتي كأنه كائن حي،
وأنتظر غدا يتعثر في الطريق،
يسقط، ينهض، ثم يعود إلي فارغ اليدين،
مثل عاشق بلا وطن.
العمر حفنة رمل،
تذروها ريح لا اسم لها،
ولا ظل.
أحاول أن أرتب الأشواق،
لكنها خيوط دخان تفلت من بين أصابعي،
رائحة نبيذ بارد،
ومائدة لم يعد يجلس إليها أحد.
أنت هناك،
أو ربما لم تكوني،
وجهك غيمة تائهة في سماء صدري،
صوتك رجع صلاة قديمة فقدت إيقاعها،
حرف ناقص في جملة لم يكتمل معناها.
أحاول أن أتذكرك،
لكن ذاكرتي مزلاج باب صدئ،
كلما أدرته، صرخ الفراغ في وجهي.
كل ما يبقى هو ظل هارب من مرآة مهملة،
وكأس نصف ممتلئ بفراغ يشبهني،
وساعة تشير دائما إلى الوقت الذي فات.
لا قصيدة ستقنع الغياب بالرجوع،
لا صلاة ستعيد للنافذة وجهها الأول،
لا يد ستمسك هذا الهواء الذي كنا فيه معا.
أشرب،
أحادث الليل كأنه صديق قديم،
أُسلم على وحدتي وأضحك،
أُطفئ الأنوار،
وأنتظر غدا،
لن يأتي إلا على هيئة أمس جديد.
#نبيل_الخمليشي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟