أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - الطاهر المعز - الإستعمار الإستيطاني، من الجزائر إلى فلسطين















المزيد.....


الإستعمار الإستيطاني، من الجزائر إلى فلسطين


الطاهر المعز

الحوار المتمدن-العدد: 8257 - 2025 / 2 / 18 - 13:31
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


من تقارير ألكْسِيس دو توكفيل ( فرنسا 1805 – 1859) إلى تهديدات دونالد ترامب
تضمّنت كتابات ألِكْسيس دو توكفيل (Alexis de Tocqueville ) أعجابًا كبيرًا بالدّيمقراطية الأمريكية ( كتاب من جُزْأيْن: "الديمقراطية في أميركا" )، و "حُكْم الأغلبية"، رغم تناقُضها مع دعواته للحُرّيّة والمُساواة، لكن هذا التّناقض ظاهري، حيث لا يمكن تطبيق هذه المبادئ على جميع البشر، فالمُساواة والحُرّيّة لا يُمكن تطبيقها على الشعوب الأصلية في القارة الأمريكية (شمالها وجنوبها) ولا على السُّود ولا على الجزائريين الذين تحتل فرنسا وطنهم بهدف "استعادة مَجْد الإمبرياطورية الفرنسية الأولى" التي بدأ انهيارها سنة 1763، ليبقى من توكفيل جَوْهَر شخصيته الإستعمارية التي تُشرّع الفظائع والمجازر المُرافقة للإستعمار، ويظْهر هذا الجَوْهَر الإستعماري في كتاباته، فقد صاغ توكفيل تقريرَيْن عن الجزائر بين سنتَيْ 1841 و 1847 باعتباره نائبا في البرلمان الفرنسي وعُضوا في اللجنة البرلمانية حول الجزائر.
عاين توكفيل الوضع في الجزائر وكتب توصيات للحكومة الإستعمارية لتتمكّنَ من فَرْض السيطرة التّامّة ل"الأُمّة الفرنسية المُتَحَضِّرَة" على "القبائل العربية الهمجية في الجزائر" لكي تنجح عمليات الإستعمار الإستيطاني الذي يتطلّب الإستيلاء على الأرض والمُمتلكات واستِكانَة السّكّان المَحلِّيِّن خوفًا من بَطْش المُسْتَعْمِر، أو القضاء عليهم إذا ما أَصَرّوا على المقاومة، وكتب: أما إذا " تراجعت فرنسا عن استعمار الجزائر بفعل الصّعوبات الطّبيعية والبَشَرِية وعداء القبائل الصغيرة المُتَهَمِجَة التي تسكنها، فسوف تنكسر شوكتها وتَبْدو في أنظار العالم مُخطِئة في تقدير حجم العراقيل وعاجزة عن فَرْضِ وُجُودِها بين الأُمَم المتحَضِّرة..."
لذلك يدعو ألكسيس دو توكفيل إلى السيطرة الكاملة على الجزائر بأقل التكاليف، ولذلك يُعتَبَرُ توكفيل أَحَدُ أهم مُنَظِّرِي الإستعمار ومُبَرِّرِي مذابح الاحتلال الفرنسي للجزائر، وهو كذلك من أهم من دَعَوْا إلى "استبدال" الشعوب الأصلية واستيراد الأوروبِّيِّين لاستيطان الجزائر، أسْوَةً بالإستعمار الإستيطاني الأوروبي في أمريكا ولو أدّى الإستيطان إلى القضاء على أصحاب الأرض الشّرْعِيِّين، لأن "الغاية تُبَرِّرُ الوسيلة"، وهو لا يُؤْمن بجدوى الإستعمار بدون استيطان، وبذلك ينسف توكفيل الأفكار الليبرالية وقِيَم المساواة والحرية والمواطَنَة التي دافع عنها في كتابه "الديمقراطية في أمريكا" (1835)، وفي كتب أخرى بعد كتابة التّقْرِيرَيْن عن الجزائر، وحتى آخر كتاب نُشِرَ له سنة 1856...
تتراوح مُقترحات ألكسيس دو توكفيل بين "تحويل سكان الجزائر إلى أميين وبرابرة" و "سحق العرب بدون هوادة من خلال استخدام القُوّة المُفرطة بكافة أشكالها " ويعترف "إن الممارسات الإدارية والعسكرية الفرنسية في الجزائر لا تقل بربرية عن ممارسات العرب"، لكن دَيْمومة الإستعمار الإستيطاني تتَطَلَّبُ "تدمير القبائل العربية ومحو وجودها من الأراضي التي يجب احتلالها بأكملها (...) إن حرق محاصيل العرب وخطف رجالهم ونسائهم وأطفالهم، إجراءان ضروريان مؤسفان، لتأديبهم"، اقتداءً بالرفاق الأوروبيين الذين أنشأُوا "الدّيمقراطية الأمريكية" بعد إبادة "القبائل الهندية" (أي الشُّعُوب الأصلية صاحبة الأرض والبلاد )، وإذا ما استمر "العرب" في مُقاومة الجُيُوش الفرنسية الغازية فلا بُدّ من "حصارهم بين حراب بنادقنا والصحراء وتجويعهم لدفعهم للاستسلام (...) فاحتلال مُدنهم وتدميرها... هي حملات مفيدة"
يُحاول ألكسيس دو توكفيل استخلاص الدّرُوس من التجربة الأمريكية ليستنتج إن إبادة "القبائل المُتخلّفة" ضرورية أحيانًا لإنجاز الدّيمقراطية ( ديمقراطية الرّجال البيض الأوروبيين المتحضرين) ومن هزيمة فرنسا في أمريكا أمام الإمبراطورية البريطانية، ومن "نجاح تجربة الإستعمار الإستيطاني الأوروبي في أمريكا"، ولم يَكُنْ هذا "النّجاح" مُمْكِنًا لولا المجاز والإبادة الجماعية، وهو ما يريد أن تُنجزه فرنسا في الجزائر لاستعادة مَجْدِها، ويَعْتَبِرُ وضع "سُكّان الجزائر" مُشابهًا لوضع "قبائل الهنود الحمر" فما الدّاعي لمعاملتهم بشكل مختلف؟
بعد حوالي 180 سنة من نشْر تقارير ألكسيس دو توكفيل، يريد دونالد ترامب – والمسؤولون والمُساعدون الذين عَيّنهم - فَرْضَ "السّلام الأمريكي" الذي يتضمّن إخلاء الأراضي الفلسطينية المحتلة ( سواء احتُلّت سنة 1948 أو 1967) بالقُوّة وحدها لإغلاق مِلَفّ القضية الفلسطينية، وهو الإستنتاج المنطقي للتعيينات التي أعلنها دونالد ترامب للفريق الذي يدير السياسة الأميركية في الوطن العربي، في وزارة الخارجية وسفارة أمريكا والمُستشارين والمبعوثين الخاصين الخ.
أظْهَرت القرارات الأولى للإدارة الجديدة (دونالد ترامب) مدى العجرفة الأمريكية ومدى تَبَنِّيها الأهداف الصّهيونية مثل تهجير الفلسطينيين من غزة والضّفّة العربية – بعد فشل محاولات إبادتهم بالكامل - وتوطينهم في البلدان العربية، ومن بينها أول الدّول المُطبّعة مثل مصر والأردن، استكمالا لنكبة 1948، وتمويل عُملاء الإمبريالية في الخليج إعادة إعمار غزة بعد التّهجير القَسْرِي للفلسطينيين منها ومن الضّفّة الغربية...
مجموعة من المسيحيين الإنجِيلِيِّين الصهاينة والمؤيدين للعدو بشكل مُطْلَق وبدون شُرُوط، والذين اشتهر بإنكار وجود شعب فلسطيني، أو حتى أشخاص فلسطينيين، وقاد بعضهم حملة للتنديد ب"المعلومات الكاذبة التي تهدف تشويه إسرائيل من خلال المُبالغة في الحديث عن الضحايا الفلسطينيين في غزة" التي لم يتراجعوا عن الدّعوة لتدميرها و "طرد جميع الفلسطينيين المتواجدين بين البحر الأبيض المتوسّط ونهر الأرْدُنّ"، وإن لم يرحلوا، وجب تجويعهم من خلال حَظْر نشاط وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين ( أنروا التي أنْشأتها الأمم المتحدة بعد النّكبة للعناية باللاجئين حتى يعودوا إلى وطنهم ويستعيدوا ممتلكاتهم) وإلصاق تهمة مُعاداة السّامية بأي شخص ينتقد أي جانب من السياسات الصهيونية، وملاحقة واضطهاد أي ناقد للكيان الصهيوني...
أصبح دونالد ترامب يتدخّل مُباشرة بَدَل الوكيل الصّهيوني وهدّدَ الشعب الفلسطيني بالجحيم وبالتهجير القَسْرِي وحَظْر عودة الفلسطينيين إلى وطنهم، مما يُبيّن اندماج أهداف الإمبريالية والصّهيونية وانتماءَهُما إلى نفس المُعَسْكَر، وإن الإمبريالية ليست مُتواطئة بل طرف في الصراع العربي الصّهيوني، ويُبيّن إن بقاء الكيان الصهيوني مُرتَهِنٌ للدّعم الإمبريالي غير المحدود.
يريد دونالد ترامب – والمسؤولون والمُساعدون الذين عَيّنهم - فَرْضَ "السّلام الأمريكي" الذي يتضمّن إخلاء الأراضي الفلسطينية المحتلة ( سواء احتُلّت سنة 1948 أو 1967) بالقُوّة وحدها لإغلاق مِلَفّ القضية الفلسطينية، وهو الإستنتاج المنطقي للتعيينات التي أعلنها دونالد ترامب للفريق الذي يدير السياسة الأميركية في الوطن العربي، في وزارة الخارجية وسفارة أمريكا والمُستشارين والمبعوثين الخاصين الخ.



#الطاهر_المعز (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- متابعات – العدد الحادي عشر بعد المائة بتاريخ الخامس عشر من ش ...
- عيّنات من المخطّطات الأمريكية في الوطن العربي
- عرض كتاب -دعوني أتحدث!-
- الوكالة الأمريكية للتنمية الدّولية وشؤكاؤها ( USAID & Co )
- متابعات – العدد العاشر بعد المائة بتاريخ الثامن من شباط/فبرا ...
- تونس - في ذكرى اغتيال شُكْرِي بلْعِيد
- عَرْض كتاب بعنوان -فرنسا أرض الهجرة-
- الولايات المتحدة في مواجهة العالم
- إفريقيا بين الثروات الطّبيعية والدُّيُون والفَقْر
- متابعات، نشرة أسبوعية – العدد التّاسع بعد المائة، بتاريخ الأ ...
- سباق الذّكاء الإصطناعي ضمن الحرب التكنولوجية
- تواطؤ عمالقة التكنولوجيا في جرائم الحرب
- الولايات المتحدة: هيمنة الطابع العسكري على العمل الدّبلوماسي
- هوامش منتدى دافوس
- من أجل تحالف حركة مُقاطعة الكيان الصهيوني مع حركات النضال ضد ...
- متابعات، نشرة أسبوعية – العدد الثّامن بعد المائة، بتاريخ الخ ...
- الجزائر ، باسم -البراغماتية-
- دونالد ترامب رَمْز الغَطْرَسَة الأمريكية المُكَثَّفَة
- غزّة - تدمير المَوْرُوث الحضاري والثّقافي
- فلسطين – نهاية جولة، في انتظار القادمة


المزيد.....




- لأول مرة في مصر منذ أكثر من 100 عام.. اكتشاف قبر الفرعون تحت ...
- مشاهد أولية لحادثة مقتل شخصين بهجوم بالسكين في جمهورية التشي ...
- رمال ناعمة ومياه صافية.. إليك 10 من أفضل شواطئ العالم لعام 2 ...
- ألمانيا ترحل تونسيين وعراقيين وتفشل في ترحيل إلى دول الوصول ...
- انطلاق مناورات بحرية في إندونيسيا بمشاركة البحرية الروسية (ف ...
- وزير خارجية النرويج: أوروبا تعيش أزمة عميقة وتشعر بتهديد وجو ...
- والتز: على زيلينسكي تخفيف حدة لهجته تجاه واشنطن
- الدفاع المدني بغزة يواصل جهوده لانتشال ضحايا الحرب بمعدات بس ...
- الكويت.. قرار جديد بخصوص إجراءات سحب الجنسية (وثيقة)
- تبون يدشن أضخم مصنع لتحلية مياه البحر في الجزائر


المزيد.....

- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - الطاهر المعز - الإستعمار الإستيطاني، من الجزائر إلى فلسطين