أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ضيا اسكندر - من التطرف إلى الاعتدال.. حقيقة التحول أم ضرورات البقاء؟















المزيد.....


من التطرف إلى الاعتدال.. حقيقة التحول أم ضرورات البقاء؟


ضيا اسكندر

الحوار المتمدن-العدد: 8257 - 2025 / 2 / 18 - 11:15
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


هل يمكن للإنسان أن يتحول من شخص ظالم إلى مسالم؟ هل يستطيع أن يعبر من ضفة الجبن إلى ضفة الشجاعة، متحرراً من قيوده الداخلية التي طالما كبّلته؟ هل بالإمكان أن يتخلى عن إيديولوجيا متشددة ويتبنّى فكراً معتدلاً، لا لمجرد المصلحة أو الضرورة، بل عن اقتناع نابع من مراجعة ذاتية عميقة وتجربة وجودية غيّرت نظرته إلى العالم؟
لطالما أثارت مثل هذه التساؤلات الفضول والجدل، خاصة عند مواجهة شخصيات شهدت تحولات فكرية وسلوكية حادة. ومن خلال العودة إلى التاريخ، نجد أمثلة كثيرة على شخصيات غيّرت قناعاتها جذرياً تحت تأثير التجارب، والقراءات، والنقاشات الفكرية، بل وحتى المصالح السياسية.

تحولات مدوّية في الفكر والقناعات
شهد التاريخ العديد من الشخصيات التي انتقلت من فكر إلى آخر، إما نتيجة تجارب شخصية أو بفعل تفاعلها مع محيطها.
الدكتور كامل النجار: من صفوف الإخوان إلى منابر الإلحاد
من أبرز الأمثلة في العصر الحديث الدكتور كامل النجار، الذي نشأ في بيئة إسلامية محافظة وانضم في شبابه إلى جماعة الإخوان المسلمين في مصر. لكنه مع مرور الوقت، وبعد قراءات معمقة ونقد ذاتي طويل، غيّر موقفه جذرياً، ليصبح لاحقاً أحد أبرز المنتقدين للفكر الديني، حيث تحوّل إلى الإلحاد وأصبح من أبرز الكُتّاب في موقع "الحوار المتمدن"، المعروف بطرح رؤى نقدية تجاه الأديان.
تحوّله لم يكن مجرد تبدلٍ في وجهات النظر، بل قطيعة فكرية شاملة مع معتقداته السابقة، ما يعكس إمكانية التغيير الجذري في قناعات الإنسان عندما تتوفر له العوامل المناسبة من الاطلاع والجرأة الفكرية.

حسين مروة: من دراسات النجف إلى الشيوعية
أما المثال الثاني، فهو الشهيد حسين مروة، المفكر اللبناني الذي بدأ حياته في النجف، حيث التحق بالدراسات الإسلامية التقليدية، وكان متأثراً بالفكر الديني السائد آنذاك، لكن لقاءه بعدد من المثقفين الماركسيين في العراق، وانخراطه في حوارات معمقة مع أصدقائه في الحزب الشيوعي العراقي، جعله يعيد النظر في أفكاره.
ومع مرور الوقت، أصبح مروة أحد المنظرين البارزين للفكر الماركسي في العالم العربي، وانضم إلى المكتب السياسي للحزب الشيوعي اللبناني، بل وكرّس حياته لاحقاً لنقد الفكر التقليدي من منظور مادي جدلي، إلى أن اغتيل بسبب مواقفه الجريئة.
إن تحوّل مروة يعكس كيف يمكن للحوار والتفاعل الفكري أن يكون لهما تأثير عميق في تغيير المسارات الفكرية للأفراد.

نيلسون مانديلا:
في شبابه، كان مانديلا يميل إلى العنف في نضاله ضد الفصل العنصري في جنوب أفريقيا، حيث شارك في تأسيس الجناح المسلح للمؤتمر الوطني الأفريقي وقاد حملات مقاومة ضد النظام العنصري، ولكن بعد 27 عاماً من السجن، شهد خلالها تحوّلات فكرية عميقة وتأملاً في سبل التغيير الحقيقي، تبنّى منهج السلام والمصالحة، مقتنعاً بأن العنف لن يبني دولة عادلة. وبعد خروجه من السجن، قاد جنوب أفريقيا نحو الديمقراطية دون انتقام، ليصبح رمزاً عالمياً للتسامح والعدالة، مؤكداً أن التغيير الحقيقي يبدأ بالمصالحة لا بالانتقام..

أبو محمد الجولاني: تحوّل حقيقي أم تموضع سياسي؟
ولعل أحد أبرز الأمثلة الحديثة على هذا النوع من التحوّلات، هو أبو محمد الجولاني، الذي بدأ رحلته في صفوف القاعدة، ثم انتقل إلى داعش، فـ "جبهة النصرة"، وانتهى بقيادة "هيئة تحرير الشام".
خلال هذه الرحلة، ظل الجولاني لاعباً رئيساً في التنظيمات الجهادية المصنفة إرهابية عالمياً، وكان خطابه محكوماً برؤية تكفيرية متشددة.

لكن ما يثير التساؤل هو أنه، بعد بسط سلطته على دمشق، خلع لباسه العسكري، واستبدله ببدلة رسمية، وشذّب لحيته، وبدأ يروّج لنفسه على أنه زعيم معتدل يدعو للتسامح والحوار السياسي. بل وصل به الأمر إلى حدّ الحديث عن حكومة انتقالية تضم جميع مكونات الشعب السوري، متجاهلاً ماضيه الدموي.
اللافت أن هذا التحوّل المفاجئ تزامن مع متغيرات دولية وإقليمية أثّرت في موازين القوى، ما يفتح باب التساؤل: هل غيّر الجولاني قناعاته حقاً، أم أن التحوّل هو مجرد ضرورة سياسية للبقاء؟

التغيّر: قناعة أم تكتيك؟
ما يجعل الحكم على الجولاني صعباً، هو أن التاريخ حافل بحالات مشابهة لزعماء وحركات أظهرت تحوّلات كبيرة، لكن عند التدقيق، يتضح أن التغيّر لم يكن نابعاً من قناعة داخلية، بل كان استجابة لموازين القوى.
فمن غير المستبعد أن يكون الجولاني، مثل كثيرين قبله، قد وجد أن لغة "الاعتدال" تمنحه شرعية دولية، في حين أن استمراره بنهجه القديم كان سيؤدي إلى عزله أو القضاء عليه.

الحكم بحاجة إلى وقت
التحوّلات الجذرية في الفكر والمواقف ممكنة بلا شك، لكنها لا تحدث بين ليلة وضحاها، بل تكون نتاج تراكم طويل من التجارب والدروس، تتشكل عبر الصدمات الفكرية، والاحتكاك بوجهات نظر مختلفة، وإعادة النظر في القناعات السابقة.
في حالة الجولاني، من السابق لأوانه الجزم بحقيقة تحوّله، إذ أن الزمن وحده كفيل بإثبات إن كان انتقاله من التطرّف إلى الاعتدال حقيقياً، أم مجرد قناع جديد تفرضه الظروف والمصالح السياسية.
فالتاريخ حافل بأشخاص تظاهروا بتغيير مواقفهم لخدمة أهدافهم، وآخرين غيّروا قناعاتهم بصدق بعد مراجعات عميقة وصراعات داخلية طويلة.
وحتى الآن، كل ما اتخذته حكومته من قرارات لم تنعكس إيجاباً على الوطن والمواطن، بل زادت من حالة الشك حول نواياه الحقيقية، وليس أدلّ على ذلك من حجم الانتقادات التي تطاله شخصياً وتطال حكومته، حتى بات الشعب يتساءل بحيرة: "أسمع كلامك فأظنه وعداً بالتغيير، لكن أرى أفعالك فلا أجد إلا استمراراً لما كان، بل وربما أسوأ!
ولكي نقطع الشك باليقين، يبقى الحكم النهائي معلّقاً حتى مطلع آذار، حينئذٍ ستتضح ملامح الحكومة الانتقالية الموسعة التي وعد السيد الشرع بتشكيلها، والتي يُفترض أن تضم جميع المكونات، وتعتمد الكفاءة معياراً أساسياً لا الانتماء الديني أو الطائفي أو الإثني. وحينها، سيكون الواقع هو الحكم الفصل، وسيعرف الجميع؛ إن كان ما يجري تحوّل حقيقي، أم مجرد إعادة إنتاج بوجه مختلف.
وإن غداً لناظره لقريب.



#ضيا_اسكندر (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثقافة التصفيق والتهليل: متلازمة الاستبداد والتبعية
- دور الخوف في تخلّف الشعوب
- الغطرسة لا تُهزم إلا بمثلها
- الساحل السوري بعد فرار الأسد.. فرح عابر وتحديات مستمرة
- خطة ترامب لتهجير غزة: بين المخطط الأمريكي وإرادة الشعوب
- هل يشكل نظام اللامركزية تهديداً للوحدة السورية؟
- مذاهب مختلفة وقلوب واحدة
- العلمانية في سوريا.. خيار الخلاص من الطائفية
- إسقاط سلطة أم إسقاط نهج؟
- ترامب وفلسطين.. صراع مفتوح وأمل لا يموت
- دعوة للعيش المشترك واحترام التعدد الديني والطائفي
- لماذا لم يلقِ قائد إدارة هيئة تحرير الشام خطاباً حتى الآن؟
- التضامن الأممي.. سلاحنا ضد الظلم والتعتيم الإعلامي
- مستقبل غامض لملايين السوريين تحت حكم هيئة تحرير الشام
- وحدة القوى الكردية في سوريا.. مفتاح لضمان حقوق مستدامة
- دعوة لبناء الدولة المدنية والعيش المشترك
- مستقبل الأحزاب الموالية بعد سقوط البعث.. هل يغفر الشعب السور ...
- هيئة تحرير الشام.. مساعي الهيمنة في خضم الفصائل السورية المت ...
- عودة اللاجئين السوريين أم هجرة المقيمين إلى الخارج؟
- ثورة بلا عدالة اقتصادية.. كسرابٍ في صحراء


المزيد.....




- -أراد حث الدول على خطة بديلة-.. ويتكوف: هذه دوافع ترامب في ط ...
- قلق أوروبي من المحادثات الأمريكية-الروسية في الرياض.. ما أسب ...
- ساحل العاج تستعيد السيطرة على آخر القواعد الفرنسية في البلاد ...
- إلغاء مؤتمر صحفي مع كيلوج - نقطة اللاعودة بين ترامب وزيلينسك ...
- إسقاط 28 مسيرة أوكرانية في عدة مناطق روسية
- سوريا.. مقتل 8 مدنيين في انفجار ذخائر من مخلفات الحرب في بلد ...
- وجبة إفطار مثالية لعقل الشباب!
- نائب الرئيس الأمريكي: الهجرة غير الشرعية تهدد أوروبا ويجب وق ...
- دعوة إسرائيلية لاستئجار أراض مصرية لتنفيذ مخطط التهجير.. وخب ...
- ما سر -الثقب الأسود- في المحيط الهادئ؟


المزيد.....

- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ضيا اسكندر - من التطرف إلى الاعتدال.. حقيقة التحول أم ضرورات البقاء؟