أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عماد عبد اللطيف سالم - ثنائيّة الدولة الهشة/الدولة غير الهشّة/ في العراق 2003-2025















المزيد.....


ثنائيّة الدولة الهشة/الدولة غير الهشّة/ في العراق 2003-2025


عماد عبد اللطيف سالم
كاتب وباحث

(Imad A.salim)


الحوار المتمدن-العدد: 8256 - 2025 / 2 / 17 - 10:01
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لماذا "الدولة" في العراق بعد عام 2003، لا تُعَد دولة "هَشّة"، على وفق مفهوم "الهشاشة" المُتعارَف عليه في العلوم السياسية والاقتصادية والاجتماعيّة؟
من أينَ استمدّت "الدولة الهشّة" في العراق قدرتها على البقاء طيلةَ هذه المُدة؟
كيف تستمِدُّ الدولةُ العراقيّةُ "الهشّة" مصادرَ قوّتها من "هشاشتها" هذهِ بالذات؟
يمكن الإجابة عن هذه الأسئلة من خلال ما يأتي:
- أنّ "مؤسّسة الاحتلال"، في ادارتها للبلدان المُحتَلّة، تعمل على توفير بيئة سياسيّة للقوى الأكثر تنظيماً في "المُجتمَع المُحتَلّ"، لكي تتخلّى هذه القوى عن خيار العنف السياسي(ضدّ المُحتَلّ) كوسيلةٍ لتحقيق مصالحها الاقتصادية والاجتماعيّة.
- إنّ "النظام السياسي" الوحيد الذي كان يمكن أن تُنتِجُهُ "القوى المجتمعيّة الأكثر تنظيماً" في العراق عشيّة الاحتلال، هو النظام "التعاوني- المافيوي". وهذا "النظام" بخصائصه الرئيسة، وبطبيعة تكوينهِ المُختَلّة والمُتعدّدة العيوب، لا يمكن أن يتّسِق و"يتوافق" ويعمل إلاّ مع "مؤسّسات" إدارة عامّة هشّة. وبالضرورة فإنّ هشاشة هذه المؤسّسات ستُفضي إلى مزيدٍ من الفوضى والصراع في مُجتمَعٍ مُنقَسِمٍ أصلاً، وإلى عُنفٍ مُجتمعيٍّ غير مسبوق، وإلى "اصطفاف" النظام السياسي(بكلّ رمزياتهِ وتمظهراته) مع من يعتقِد أنّها القوى المجتمعيّة الأكثر قُدرةً على مَدِّهِ بأسباب البقاءِ، وعلى الدفاع عنه في مواجهة جميع "القوى" الأخرى التي يعتقِد أنّها "مُعاديةٌ" له، وعلى الوقوفِ معه في وجه التهديدات والتحديّاتِ(الداخلية والخارجية) المُحيطةِ به من كُلّ جانب.
- أنّ الدولة "الهشّة" تستمِدّ قوتّها وأسباب بقاءها من خلال ترسيخها لعلاقات الهيمنة والرضوخ القائمة في المجتمَع، ومن خلال قدرة "نظامها السياسي" على الاستجابة لمصالح أكثر القوى تنظيماً وهيمنةً فيه.
- إنّ "الدولة" باعتبارها "فاعل سياسي" عنيف، ستعمل على إقامة علاقة "تخادم" بينها وبين القوى الاجتماعية التي تمارس "العنف المجتمعي". ومن خلال هذه "الترتيبات" فإنّ "الفاعِل السياسي العنيف" سيتمكّن من إيجاد(أو تحفيز) مجتمعات محليّة حاضِنة، تكونُ على استعدادٍ تام للدفاع عن هذه الدولة بكلّ الوسائل الممكنة.
- يمكن تشريح علاقات "التخادم" هذه من خلال إيضاح آليات توزيع (وتقاسم) السلطة والثروة والنفوذ بين الدولة والفاعل المجتمعي الأكثرُ هيمنةً وقوّةً وتنظيماً.
- فالدولة (كفاعل سياسي عنيف) تُهيمِن على الموارد الاقتصاديّة "السياديّة- الوطنيّة"، وتتحكَم بها (تخصيصاً وإدارة).. ولضمان استدامة سلطتها، فإنها ستسمح لهذه الموارد بالنفاذ إلى "الفاعل المجتمعي العنيف"، الذي سيستخدم موارد الفاعل السياسي في صراعه المحلي مع "الخصوم" الآخرين.
- يتمّ "تسريب" موارد "الفاعل السياسي" إلى "الفاعل المُجتمعي" المُهيمِن، من خلال "قنوات" عديدة، أهمّها "منظومات" استملاك واستغلال الأراضي "الزراعية – الأميريّة"، وأنظمة التصرُّف بالعقارات المملوكة للدولة، وتقديم تسهيلات التمويل الحكومي السخيّة، ومنح الاعفاءات الضريبيّة، وبإقرار لائحة واسعة من "الاستثناءات" من القوانين والتعليمات النافدة، وبإغراق "المُوالين" بـ "المكرمات" السخيّة.. وأخيراً بـ "شرعنة" جميع هذه "التصرفات" من خلال توفير الإطار القانوني المناسب.
- في نقطة التقاء المصالِح الحرجة والمفصليّةِ هذه (بين "الدولة" كفاعل سياسي عنيف، وبين الفاعل المجتمعي العنيف الأكثرُ تنظيماً ونفوذاً وهيمنة) سيتضاءلُ خوفُ الدولةُ من هشاشتها، ولن تجِدَ نفسها مُلزَمةً بِبَذلِ الكثيرَ من الجُهدِ لتجاوزها، وسيدفعُ ذلك هذه الدولةَ إلى الاعتقاد بأنّ هذه "الهشاشةَ" لن تُشَكِّلَ بعد الآن تهديداً وجوديّا لها.. ذلكَ لأنّ من مصلحة "الفاعل المجتمعي المُنظَّم والمُهيمِن" أن يُحافِظَ على وجود واستمرار دولةٍ كهذهِ، بل أنّ هذا "الفاعل المجتمعي" سيستخدم كُلّ وسائل العنف المُتاحةِ لديه، للدفاع عن هذه "الدولة" في حال تعرّضها لأيّ تهديد(خارجي أو داخلي)، ولن يسمح أبداً بتقويضِ تفويضها بالحكم لأطولِ مُدّةٍ مُمكنة.
إذن.. متّى ستكونُ "الدولةُ" هذه (كفاعل سياسي) هشّةٌ حقّاً ؟
سيحدث ذلك عندما تفقدُ هذه الدولة مصادرَ الريع الرئيسة التي تعتاشُ عليها، والتي كانت تسمح (بفعل وفرتها) للفاعل المُجتمعي(المُهيمِن والمُنظَّم والعنيف) بالتطفُّل عليها، وبالتالي فهي لن تكونَ قادرةً بعد الآن على "تسريب" فائضِ الريع إليه لتأمينِ "الإنفاقِ" على احتياجاته وترسيخ نفوذه وامتدادِ تأثيره. وعلى وفق "ميكانزمات" حالة "العُسر المالّي" هذه سينحرِف خطّ "الاتّجاه العام" التصاعدي للتخادم السياسي- المصلحي عن مسارهِ السابق. وسيدفع ذلكَ الفاعل المجتمعي للتفكير بالدفاع عن مصالحهِ أوّلاً، ومن ثمَّ، وبالضروراتِ المترتّبةِ على ذلك، فإنّهُ سيفتقِدُ الدوافعَ والأسباب التي كانت تُبرّر دفاعهُ عن من كانت في يومٍ ما "دولتَهُ" السابقة.
و في بلدٍ كالعراق، فإنّ "هشاشة" الموارد المالية، و"ريعيتها"، سيُفضي إلى هشاشة الدولة(كفاعل سياسي)، وإلى تراجِع نفوذها وسُلطتها، وسيؤدّي ذلكَ بالضرورة إلى تراجع نفوذ وهيمنة القوى الرئيسة المُرتبِطة بها(كفاعل مُجتمعي).
إنّ كلا الفاعِلَين (السياسي والمجتمعي) في العراق، غير مُنتِجان، ومُستَهلِكان بشراهة، ومُبدّدان للموارد.
وهكذا.. عندما تبدأ مصادر المال والثروة "الدولتيّةِ" الرئيسةِ بالنضوب (أو حتّى بالتراجع)، وتكونُ غيرُ قابلةٍ للاستدامة، فإنّ القوى المجتمعية المُرتبطة بالدولة عضويّاً، ستحرِمُ هذه الدولة من ولاءها "المشروط"، وستنزعُ عنها مصادر قوّتها، وتُعيدها إلى حالة "هشاشتها" الأولى.
وبفعل دينامكيتها المجتمعية، ستعمل هذه القوى على اعادة هندسة علاقاتها "المصلحية- الزبائنيّة" مع أيّ نظام سياسيّ "بديل"(أو قيدَ التشكيل) بهدف "التأسيس" لدولة "هشّة" أخرى، تسمحُ لهذه القوى بإعادةِ بناء دورها و وظيفتها كفاعل مُجتمعي مُهيمِن، وكحاكِم ومُتحكِّم مرّةً أخرى.. في "حلقةٍ" لا يُمكنُ كسرها إلاّ بـ "العنف الخارجيّ"(متى ما كانت الظروف الدوليّة والاقليميّة مُناسِبة ومُهيَّأة لقبول ذلك).



#عماد_عبد_اللطيف_سالم (هاشتاغ)       Imad_A.salim#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دونَ قُبلةٍ واحدة.. فوق وجهي
- ثلاثُ ليالٍ عراقيّةٍ طويلةٍ.. طويلةٌ جدّاً
- هيَ وأنت.. هذا هو العالَم
- تاريخُ الكهرباءِ-غيرُ المُكهرَب- في العراقِ -المُكَهرَبِ- ال ...
- بازار الذهول الكثيف
- الأيّامُ التي تستحي.. لن تجيء
- مثلُ مَوقِدٍ بارِدِ اللون
- بوّابات وعشوائيّات و مزابل وفراديس.. والناس التي تشبهُ ذلك
- اللامستحيل لدى ترامب ومُستحيلات بقيّة العالم
- الجروحُ الطريّةُ التي لا تشيخ
- لوحدي.. دونَ نبيٍّ.. دونَ رسالةٍ في البريد
- مثلُ عائلةٍ كثيفةٍ.. مثلُ قِطٍّ أليف
- اشكاليّات الإدارة الحكوميّة لملفّات الدعم والمُسانَدة المالي ...
- إنجازات مجلس الاعمار العراقي 1950-1958، ومكرمات من جاءوا بعد ...
- الاستيقاظُ الدائمُ في الزمان الرديء
- ماذا سيفعلُ لي عامٌ جديد؟
- البردُ النابتُ في الوقتِ الراهنِ.. والحزنُ المورِقُ في الوقت ...
- البردُ النابتُ في الوقتِ الحاليِّ والحزنُ المورِقُ في الوقتِ ...
- فنطازيا السياسة النقدية في الدول الفاشلة
- السياسة والسياسيّون والاقتصاد السياسي في العراق: الأهداف، ال ...


المزيد.....




- إسرائيل تكشف عن إجراءات استقبال رفات الرهائن، وتحذيرات من -ت ...
- ماكرون يكثف مشاوراته حول أوكرانيا ويدعو إلى -سلام دائم وصلب- ...
- تونس: السجن المؤبد لثلاثة أشخاص في قضية مقتل الفرنسي رومين ب ...
- القضاء التونسي يفرج عن الناشطة الحقوقية سهام بن سدرين
- ترامب: الحرب العالمية الثالثة ليست بعيدة لكني سأمنعها لأنني ...
- السيناتور تيد كروز يدعو زيلينسكي لوقف -الهجمات- على ترامب
- ميلوني تكشف عن حالة البابا الصحية بعد زيارتها له
- -حماس- تنعي ثلاثة فلسطينيين قتلوا خلال اشتباك مع الجيش الإسر ...
- القبض على مثيري النزاع العشائري في البصرة
- سيناتور أمريكي: ترامب يستطيع إنهاء النزاع في أوكرانيا في الن ...


المزيد.....

- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عماد عبد اللطيف سالم - ثنائيّة الدولة الهشة/الدولة غير الهشّة/ في العراق 2003-2025