أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - مجدي مهني أمين - نعم أعرف














المزيد.....

نعم أعرف


مجدي مهني أمين

الحوار المتمدن-العدد: 8256 - 2025 / 2 / 17 - 08:06
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


نعم أعرف أننا اليوم نتعامل مع قرارات الرئيس ترامب التي تؤثر في الواقع العالمي، مثل إلغاء المعونة الأمريكية، وخاصة الاقتراح بتهجير سكان قطاع غزة – هذا القرار الذي يرغب بجرة قلم آن يلغي حقوق شعب بأكمله في تأسيس دولته.

- نعم، جميعنا يعرف أن هذا الأمر هو حديث وكفاح الساعة،

ولكن يبقي "تديين التعليم"، الذي تقره وزارة التربية والتعليم بمصر، مشروعا لا يقل إلحاحا، بل ويبقى مرتبطا بمجريات الأمور. لقد أعدت الوزارة هذا المشروع بعد أن قللت من أهمية اللغات الأجنبية من المقررات الدراسية، وبعد أن ألغت مادتي المنطق، والفلسفة،

- فكيف يكون التفكير إذن إن لم يتبع المنطق؟
- وكيف نتناسى أن الفلسفة هي أم العلوم؟

لقد جاءت الأديان لترد على أسئلة الفلسفة، تلك التي طرحها العقل البشري يوم انتصب الإنسان، ورفع وجهه للسماء، وأدرك أن له عقلا. والأديان لم تجب على كافة أسئلة الفلسفة، ولكنها أضفت سلاما في القلب مساحته الإيمان والتسليم، وهذا لا يمنع من أن يستمر العقل حيا؛ يسأل ويبحث عن أجوبة.

وفي إطار الرغبة في المعرفة، يتلقف العلم المشعل فيستمر في بحثه المتواضع راغبا في الوصول للمطلق المتناهي في الكبر، ودا طبعا ما لوش نهاية، والمتناهي في الصغر- ودا برضه ما لوش نهاية، وفي الحالتين لا يتوقف العلم عن البحث؛ في إطار ما يُسمي بالعلم النظري.

وفي هذا التفاعل المتنامي، تأتي وزارة التعليم بمشروعها الذي يعزلنا عن اللحاق بالعصر كي ننكب على دراسة مادة الدين؛ مفردة لها درجات تجعل من مدارسنا معاهد دينية وليس معاهد علم ومعرفة، فتجعل الدين، في السنة الثالثة للثانوية العامة، مادة نجاح ورسوب قدرها 100 درجة من مجموع 700 درجة كي تشكل 14 % من مجموع الدرجات.

وتقدم الوزارة مادة الدين بهذه القوة لكلا الدراسين مسيحيين ومسلمين، كي تقول لأحد الطرفين من تلاميذها: "تلك هي الحقيقة المطلقة ان اتقنتها ستحصل على أعلى الدرجات"، وفي نفس المدرسة ولزملاء وزميلات في نفس الصف الدراسة أخرى تقول لتلاميذها: "لا، بل تلك هي الحقيقة المطلقة ان اتقنتها ستحصل على أعلى الدرجات".. أي أنها دراسة تميز بين الطلاب، والأمر في كلا الحالتين يخرج عن نطاق قدرتها على إثباته أو نفيه،

- فكيف تتصدى الوزارة، بهذا الفارق الواسع من الدرجات، لأمر يتخطى إمكاناتها؟

لقد نجحت التيارات الدينية في بعض البلدان كي تحكُم، والنتيجة معروفة لنا جميعا، فلماذا تقودنا الوزارة لنفس الطريق؟ لماذا تقودنا وهي تعلم أن الكثير من الأعمال الإرهابية تمت بتعليم مغلوط تحت ستار الدين؟

- فمن يضمن لنا أن من سيتولى تعليم أولادنا مادة الدين أن يكون معتدلا متسامحا محبا للناس؟
- لا أحد.

أتذكر هنا أمرين، كلاهما كان في تسعينات القرن الماضي، الأول لصديق، كان أستاذا للكيمياء في جامعة الجزائر، أن جاء يوما مهموما جدا، فسألناه وقتها عن السبب، فقال
:
- ابني ترك الجامعة وسافر أفغانستان، حاولت اللحاق به أنا وأمه، رفض مقابلتنا، وعدنا وانقطعت عنا أخباره.

الغريب أن الأمر تم فجأة، وفقدت الأسرة ابنها كي يهيم وقتها في جبال تورا بورا، فهل نريد نفس المصير لأبنائنا وبناتنا لو وقعوا، بين يدي معلم على شاكلة معلمي ومرشدي ابن هذا الصديق؟

القصة الثانية، كانت مع مينا نبيل، ابن أحد أقربائي، كان طفلا في بداية المرحلة الإعدادية، قادته قدماه للذهاب يومها للكنيسة كي يجلس في الصف الأخير، يدخل شباب ملثم من الإرهابيين ببنادق آلية ويطلقون النار ويسقط 12 شهيدا، منهم مينا، وحيد أبويه، ونحتفل هذه الأيام بذكرى ما حدث،

- مَن عَلّم هؤلاء الشباب أن ما قاموا به واجب يقتضيه الدين؟

أنا مَن تَسَلَّم جثمان مينا، ودعوت بالغفران للقتلة، فهم ضحايا فكر متطرف.. أيضا نفس الخطر أن يقع تلاميذنا بين يدي معلم على شاكلة معلمي ومرشدي هؤلاء الشباب؟ والقصص في هذا المعنى كثيرة، والجميع يعرفها،

- فلماذا تقحم الوزارة نفسها في هذه المساحة الحرجة؟

كلنا نناقش الأحداث الجارية، ولكن الأمر يستدعي أن نناقش الأسباب التي جعلتنا عبر قرون في هذا الوضع الراهن، وضع الضعف، والتبعية، والانكفاء على أنفسنا. قرارات ترامب، التي تضعنا في قلق وحيرة، تنبع من شعور بالقوة، النقطة التي تستوقفنا هنا هي "القوة".. لقد أخذ الغرب الفرصة مبكرا في التحرر من حُكم الدين، والأخذ بأسباب القوة؛ أخذوا بالعلم، وتفعيل القانون والديمقراطية، جيل ورا جيل، بينما وقعنا لعصور طويلة تحت طائلة حُكم الدين، أخرها كان الحُكم العثماني، ذلك الذي جعل منه سليم الأول "خلافة"، ليكون "حُكما مطلقا"، وفي هذا الحُكم المطلق، كانت بلادنا تضعف، وبلادهم تنهض وتقوى.

على الوزارة في هذا السياق ان تتراجع عن "تديين التعليم"، نحن نريد دولة مدنية، نريد اللحاق بالعصر. نحن الآن في أمس الحاجة لمدرسة تساعدنا أن نلحق بالعِلْم، فهذا ما ينقصنا، لا أن تدفعنا للانكباب على تراثنا، فهذا لدينا منه الكثير، وتتولاه بإخلاص مؤسسات عديدة،

- نعم لحصة دين تخاطب القلب والوجدان، بعيدا عن إلزام النجاح والرسوب، بل ندعو لحصة بمنهج واحد في مادة الأخلاق والقيم والواجبات.
- كل المعاهد هناك تدرس مادة الأخلاق، Ethics، يقوم بتدريسها أساتذة حصلوا على درجاتهم العلمية في هذه المادة العظيمة التي استلهمت مضمونها من العلم والفلسفة والمنطق وكل الأيان، وكافة الثقافات الإنسانية الملهِمة.

"من يضع يده على المحراث لا ينظر للوراء" – إحنا اخترنا الدولة المدنية، لذا نرجو أن نكمل طريقنا كي نُمَكّن شبابنا من قدرات تعينهم، كي نبني معهم دولة قوية تضمن لهم ولنا مستقبلا مشرقا، دولة منتجة قادرة على استثمار مواردها، لا تحتاج لمِنَح من دول أخرى غيرها، دولة بعيدة عن التطرف والتمييز بين المواطنين "بسبب الدين، أو العقيدة، أو الجنس"، طبقا لنص الدستور.



#مجدي_مهني_أمين (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ‎100 من 700
- السياسة والتحالفات، والإيمان بالرسالة
- يهوذا واعتراض الطريق
- الناظر شيوعي!!
- ‎الأخت أديلا، المحاربة المبتسمة
- صلاح سبيع، عندما تكون التنمية وجهة نظر
- أبونا وليم، صفحة من كتاب الإيمان الحي
- أَعْطُوهَا الْوَلَدَ الْحَيَّ وَلاَ تُمِيتُوهُ فَإِنَّهَا أُ ...
- شنودة الذي حل ضيفا على هذا المجتمع القاسي
- ساويرس، بكري، علاء، والحق الضائع وغير الضائع
- الموعِظَة على الجبل، والعِظَات المصاحبة
- لكن عشق الجسد فاني
- الرجل رأس المرأة
- المؤمن ثقيل الظل
- الصيدلي المتشدد والعمل الإرهابي في سيناء
- دون مزايدة
- عَيِّلة تايهة يا ولاد الحلال
- أبونا عيروط، إصلاح الخطاب الديني
- يا أهل المحبة
- نبيل صموئيل: المصلح المسالم


المزيد.....




- بابا الفاتيكان يضع المعماري الشهير أنطوني غاودي على مسار الت ...
- حزب الله اللبناني يدين اقتحام المستوطنين لباحات المسجد الأقص ...
- المئات من الكاثوليك في بيرو وغواتيمالا يحتفلون بأحد الشعانين ...
- مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى من باب المغاربة
- مستوطنون يخربون غرفا زراعية في كفر الديك غرب سلفيت
- نزل تردد قناة طيور الجنة الجديد على النايل سات والعرب سات
- عطلة رسمية للمسيحيين في 20 و21 نيسان
- هآرتس: مكافحة الإرهاب اليهودي تثير التوتر وانعدام الثقة بين ...
- مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى وسط تعزيزات أمنية + في ...
- بين فتوى الخميني و8 أطنان يورانيوم.. إيران لا تملك أسرارا بل ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - مجدي مهني أمين - نعم أعرف