أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - محمد مبروك أبو زيد - تاريخ الفراعنة ومصر العربية البائدة (1)‏















المزيد.....


تاريخ الفراعنة ومصر العربية البائدة (1)‏


محمد مبروك أبو زيد
كاتب وباحث

(Mohamed Mabrouk Abozaid)


الحوار المتمدن-العدد: 8255 - 2025 / 2 / 16 - 22:59
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


تبدأ الحكاية مع طوفان سيدنا نوح، حيث دعا قومه لترك الكفر والفسق وعبادة الله فلم ‏يستجيبوا فدعا عليهم، فسحقهم الله بالطوفان، وأوحى إلى نوح (ع)، فجمع في فُُلكه من كل نوعٍ زوج، ‏وجمع معه حوالي ثمانين نفساً ممن آمنوا برسالة التوحيد ولم يكفروا بالله، وبدأ الطوفان يبيد كل ‏من عصى الله وبقى في الأرض.. وببساطة، فإن الله ما كان ليبيد قوماً بالطوفان إلا بعد إنذارهم مراراً ‏وتكراراً، ولمّا كان الله قد أمر نوحاً (ع) بجمع عشيرته في السفينة للنجاة من الطوفان، وقد أرخ العلماء ‏حادث هذا الطوفان بخمسة آلاف عام قبل الميلاد، وبالفعل ما زالت هناك بقايا تدل على آثار الطوفان في ‏جزيرة العرب، حيث استمر نزول المطر بغزارة حوالي 150 يوم، ثم هبطت السفينة على جبل جودي ‏الواقع على خط الجنوب من مكة المكرمة، وهذا يؤكد أن الطوفان قد انحصر نطاقه في بقعة معينة ‏من الأرض هي التي يسكنها قوم نوح والذين وصلهم الإنذار وبلغته، أي لم يشمل الطوفان جميع شعوب ‏العالم أو قارات العالم السبع (قارة أفريقيا-آسيا-أستراليا-أوروبا - أمريكا الشمالية - أمريكا الجنوبية) ‏وما بينهما من بحار ومحيطات سبع أيضاً، فالله تعالى لم يغمر الكرة الأرضية بالفيضان ولم يبد الخلق ‏ليبدأ من جديد، وإنما عاقب قوماً عُصاة على كفرهم، وهم قوم نوحٍ (ع)، كما عاقب أقوام غيره من ‏الأنبياء مثل قوم لوط وثمود وهود وعاد وإرم، وهؤلاء جميعهم من أصول وجدود الشعب العربي ومن ذات ‏السلالة وجميعهم منتشرون في جزيرة العرب وضواحيها. وفي كل مرة كان يبيد الله قوماً معينين ‏بالصاعقة أو بانهيار الجبل فوق رأسهم أو بالفيضان أو غيره من أسلحة الدمار الشامل، لم يكن يبيد ‏جميع الشعوب من جنس بني آدم وإنما فقط القوم المحددين الذين أرسل لهم النبي وعصوه ورفضوا دعوته. ‏لأن الله لم يخلق البشرية والنبات والحيوان ليبيد هؤلاء عقاباً لقوم نوح، فالأصل عند الله الرحمة تسع ‏العالمين، بينما العقاب محصور بنطاق الخطيئة.. وهذا ما يعني أن طوفان نوح كان في نطاق قومه ومن ‏يمكنه الوصول إليهم ومخاطبتهم وإنذارهم بلغته ولغتهم.‏

وبالنظر إلى أن شعب وادي النيل يعود إلى 30 ألف عام قبل الميلاد، وقد استمر خلال هذه الحقبة دون ‏انقطاع.. وهذا ما يعني أن طوفان نوح لم يطل أرض وادي النيل ولا شعبها ولم يتجاوز البحر الأحمر بعرض ‏‏300 كيلومتر، ولم يتجاوز المحيط الهندي ليصل إلى استراليا لأن نوح نفسه ما كان بإمكانه الوصول ‏إلى كافة شعوب الأرض، وإلا كان مطلوباً منه أن يتعلم ‏‎ 6500 ‎لغة في‎ ‎العالم وأن يركب مكوكاً ‏بدلاً من سفينته كي يصل إلى كل شعوب العالم لإنذارهم قبل حلول الطوفان ! برغم أن الله تعالى قال ‏أنه يرسل لكل قوم رسول منهم! وقال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ... �/العنكبوت، وقال ‏أيضاً: ﴿ وَقَوْمَ‎ ‎نُوحٍ‎ ‎لَمَّا‎ ‎كَذَّبُوا‎ ‎الرُّسُلَ‎ ‎أَغْرَقْنَاهُمْ‎ ‎وَجَعَلْنَاهُمْ‎ ‎لِلنَّاسِ‎ ‎آيَةً‎ ‎وَأَعْتَدْنَا‎ ‎لِلظَّالِمِينَ‎ ‎عَذَابًا‎ ‎أَلِيمًا‎ ‎‏﴾٣٧ ‏‏/الفرقان.‏

على كل حال، لم يحدث انقطاع في التاريخ خلال طوفان نوح ولم يفني الله الخلق ويبدأ من جديد ‏كما يقول اليهود، إنما هم يحاولون تعميم تاريخهم وثقافتهم على العالم، إذ وفقاً لرواياتهم التوراتية أن ‏العصور الفرعونية القديمة قد تعرضت لإبادة جماعية لكل الكائنات على وجه الأرض! وحتى البشر ‏تم جمعهم في سفينة نوح من أرض وادي النيل، وهذا مستحيل حدوثه، لأن معنى ذلك أن كل من لا ‏يعبد الله وفق رسالة نوح قد أبيد تماماً من على وجه الأرض دون سابق إنذار... فالتاريخ يخبرنا بواقعية ‏أنه لم يحدث طوفان بأرض وادي النيل مثل الذي حدث في جزيرة العرب وأطاح بكل من فيها حتى البيت ‏الحرام إلى أن جاء إبراهيم (ع) وأعاد بناءه من جديد. وهذا الطوفان كانت أقصى حدوده هي حدود ‏الجزيرة العربية، حيث سجل العراقيين القدامى ملاحظات عن الطوفان وردت في السجلات الأشورية ‏القديمة، ما يعني أنهم عاصروا الطوفان وقد امتدت آثاره بالنسبة لهم مجرد مطر غزير ومتواصل، ومرت ‏أيامه وظلت حضارتهم قائمة دون أن يركبوا سفينة نوح (د محمد شحرور في لقاء تليفزيوني)، كان الوضع ‏بالنسبة لهم كما حال فيضان النيل السنوي عندنا لا أكثر، أما في جزيرة العرب فقد كانت السيول ‏عارمة والأمطار غزيرة لدرجة أنها غيرت طبوغرافيا المنطقة وطبيعتها المناخية، وكانت بؤرة هذا ‏الطوفان حيث سفينة نوح في منطقة جنوب غرب الجزيرة العربية ورست على جبل الجودي هناك.‏

وهذا الجبل به مغارة بيت لحم التي ولد بها المسيح. والجبل له اسمٌ آخر في التراث القديم هو‎(nasiri)‎، ‏أما اسم (الجودي)‏‎ ‎فيعني البركان، وهي في القاموس السرياني من الفعل (جد)‏‎ ‎أي: اتقد، اشتعل، وسُمي ‏الجودي من كثرة ثوران البراكين فيه، حيث أن المنطقة برمتها مليئة بالحمم.. وهو الجبل الذي استقرت ‏عليه سفينة نوح بعد الطوفان وذكره القرآن الكريم بلفظه (الجودي)‏‎ ‎في سورة هود‎. ‎حيث كان هذا ‏الجبل بركانيا ً ثم تبرّد وفار بالماء زمن النبي نوح، حاله حال الجبال البركانية في المنطقة نفسها من ‏الأرض المركز التي أصبحت شديدة الخصب بعد أن كانت بركانية‎ ‎‏ (د‎. ‎أحمد داوود " العرب والساميون ‏والعبرانيون وبنو إسرائيل واليهود ".)‏‎.‎

وبعد الطوفان نزل نوح (ع) وعشيرته وأولاده وعاشوا زمناً وأجيالاً في منطقة الهبوط، ثم بعدما ‏تزايدت أعدادهم بدأوا الانتشار في المنطقة المحيطة بهم للرعي في جزيرة العرب، وكان لنوح ثلاثة أبناء ‏؛ العم سام وحام ويافث. وحمل كل منهم أسرته واستقروا في مناطق متقاربة بحيث يشكلوا مجتمع ‏جديد مع من نزلوا من السفينة برفقة والدهم، وحملت كل منطقة اسم المقيم فيها، ثم تتابعت أجيال ‏هؤلاء القوم في التناسل أجيالاًً وراء بعضها حتى صارت عشائر أو قبائل متعددة، وكل عشيرة تحمل اسم ‏جدها... أمّا ‏حام بن نوح فأولاده هم: (كُوشُ، وَمِصْرَايِمُ، وَقُوطُ، وَكَنْعَانُ)... وهكذا تتابعت الأنساب ‏وتعددت العشائر في هذه البؤرة من جزيرة العرب، وما نلاحظه أن كل منطقة كانت تأخذ اسم أحد ‏من أبناء نوح أو أحفاده المعروفين، ولو بحثنا بدقة سنجد أسماء مناطق متجاورة في جزيرة العرب تحمل ‏أسماء (كنعان ومصرايم وكوش..إلخ. فكل ذرية من نسل نوح استقرت في مكان حمل المكان ‏اسمها، وحملت العشيرة ذات الاسم، فالكوشيين يسكنون أراضي جدهم كوش والحاميين يسكنون ‏أراضي جدهم حام والكنعانيين يسكنون أراضي جدهم كنعان، والمصرايمين يسكنون أراضي ‏جدهم مصرايم الواقعة في منطقة غامد جنوب غرب الجزيرة العربية.. وجميع مضارب خيامهم كانت ‏حول جبل الجودي الذي هبطت فوقه السفينة، وكانوا متقاربين جداً بحيث يسهل التواصل فيما بينهم، ‏فهم إخوة ومن نسل واحد ويتحدثون لغة واحدة ويسكنون نطاق إقليمي واحد هو النطاق المحيط ‏بجبل الجودي.‏

قال ابن عبد الحكم‎:‎‏ أنبأنا عثمان بن صالح، أخبرنا ابن لهيعة، عن عياش بن عباس العتباني، عن ‏حنش بن عبد الله الصنعاني، عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما، قال‎:‎‏ كان لنوح عليه الصلاة ‏والسلام أربعة من الولد: سام، وحام، ويافث، ويحطون. وإن نوحا رغب لله، وسأله أن يرزقه الإجابة في ‏ولده وذريته حتى يتكاملوا بالنماء والبركة، فوعده ذلك، فنادى نوح ولده، وهم نيام عند السحر، ‏فنادى ساما، فأجابه يسعى، وصاح سام في ولده فلم يجبه أحد منهم إلا ابنه أرفخشذ، فانطلق به معه ‏حتى أتياه، فوضع نوح يمينه على سام، وشماله على أرفخشذ، وسأل الله أن يبارك في سام أفضل ‏البركة، وأن يجعل الملك والنبوة في ولد أرفخشذ‎.‎‏. قال صاحب مباهج الفكر‎:‎‏ يقال إن سبب سكنى ‏مصرايم الأرض التي عرفت به وقوع الصرح ببابل فإنه لما وقع، تفرق من كان حوله ممن تناسل من أولاد ‏نوح فأخذ بنو حام جهة المغرب، إلى أن وصلوا إلى البحر المحيط (كتاب حسن المحاضرة في تاريخ مصر ‏والقاهرة‎) ‎السيوطي) ج1 ص 34).‏

ونكاد نلمح من هذه الرواية الطويلة أن نوح وأولاده كانوا في بوتقة واحدة، وتقاسموا الأرض في ‏ذات النطاق الجغرافي ولم يقفزوا البحار والمحيطات مثل العناكب كما يزعم اليهود، بل إنهم تقاسموا ‏بقعة متحدة كانت أقصى حدودها (البحر المحيط) وكان نوح وسلالته في جزيرة العرب، ولما حدث ‏الطوفان، وبعدما هبطت السفينة على الجودي تفرقوا في البقاع المجاورة واقتسموها، أي أنه لم يكن ‏الغرض من الانتشار هو تعمير الكون كما يزعم اليهود، وإنما استقطاع مراعي وتقسيم ضياع وأراضي، ‏أي لم يكن بينهم فواصل جغرافية، وإنما فقط حدود متلاصقة، وكان بنو حام جهة الغرب من ‏الجزيرة العربية على طول ساحل البحر الأحمر حتى اليمن جنوباً وهي حدود المحيط الهندي (البحر ‏المحيط)، وكان أحد أبناء حام هو مصرايم الذي سكن منطقة عرفت باسمه، وكان بذات المنطقة ‏مملكة قديمة اسمها بابل وهي التي ورد ذكرها في القرآن أيضاً في ذات النطاق الجغرافي، وليس من ‏المنطق أو المعقول أن نتصور أن أسرة انتشر أفرادها في بقاع الكون كله أو في قارات عديدة. ‏

خاصة أن نوح (ع) لم يكن في أوروبا ولا في أفريقيا، إنما كان في جزيرة العرب حيث وقع ‏الطوفان، وكانت بلاد الحجاز قبل هذا الطوفان (5000سنة ق.م) كانت عبارة عن غابات وأشجار ووديان ‏ثم تصحرت بعد الطوفان، وهذا ثابت تاريخياً من خلال المدونات العراقية عن هذا الطوفان، ومن خلال ‏البحوث الجيولوجية في المنطقة والتصوير بالقمر الصناعي وتحليل التربة ..إلخ. وليس من المتصور أن ‏تتشرد أسرة في بقاع الأرض - على اعتبار أن بقاع الأرض كانت خالية - في الوقت الذي سكن فيه شعب ‏القبط وادي النيل منذ 30 ألف سنة ق.م، إذن حام بن نوح اتخذ أرض جهة الغرب في الجزيرة العربية (ولم ‏يخرج منها) على طول ساحل البحر الأحمر وإلى الجنوب باليمن حيث المحيط الهندي، لأنه لا يوجد ‏محيط بالمنطقة إلا هذا، أما بلاد وادي النيل فلا تطل على محيط من جهة الغرب ولا الجنوب، فكيف ‏نتصور أن مصرايم سكن بلاد وادي النيل وحملت اسمه ؟! وهل تطل بلاد وادي النيل على محيط من ‏جهة الغرب؟ وهل كانت يوماً ما تقع بابل داخل أو قريب من البقعة الجغرافية لوادي النيل ؟! ‏

فالرواية تقول (إن سبب سكنى مصرايم الأرض التي عرفت به وقوع الصرح ببابل فإنه لما وقع تفرق من ‏كان حوله ممن تناسل من أولاد نوح) أي أن وقوع صرح بابل كان سبب انتقال مصرايم للسكنى في ‏أرض مجاورة له عرفت باسمه، وليس الأمر متعلقاً بفناء البشرية تحت الطوفان وانطلاق أبناء نوح لإعادة ‏تعميرها من جديد، فأيّ صرح هذا الذي إذا وقع يجعل أبناء العم سام ينتشرون انتشاراً عنكبوتياً هكذا ‏كما يقول اليهود! وأي صرح هذا الذي إذا وقع يجعل العم مصرايم ينتقل منه إلى بلاد وادي النيل ‏البعيدة بمسافة تتجاوز 2000 كلم ؟! .. هذه الروايات هي التي انتقلت من مصرايم العربية البائدة إلى ‏إيجبت وادي النيل بعدما انعدمت هويتها في عقول أبنائها ولم يعودوا قادرين على حماية وطنهم ‏وقوميتهم وثقافتهم وهويتهم من العدائيات الثقافية، بل لم يعودوا قادرين على حماية عقولهم من ‏العدائيات الفكرية والوعيوية، فاحتلها اليهود ونصبوا خيوطهم استعداداً لاصطياد الفرائس... ونلاحظ ‏أن هذه الرواية نقلاً عن ابن عباس، وابن عباس ليس له مصدر لعلوم التوراة وحكاياتها إلا كعب ‏الأحبار، وغالباً ما تم تلفيق هذا النسب لابن عباس للاستفادة من موثوقيته، لأننا نجد أغلب التفاسير ‏والروايات تُنسب إليه دون تحديد مصدره، وكأنه هو نفسه مصدر العلم ! وكأن محمد (ع) نزل عليه ‏وحياً قرآنياً غامضاً، أما ابن عباس فقد نزل عليه وحياً توراتياً مُفسراً للأول! أو كأن كل من كانوا ‏حول ابن عباس جهلاء تماماً بينما هو أوتي كل العلم ! مع أنهم متقاربون في درجة العلم ومصادره ‏واحدة، ولم يزد عنهم ابن عباس إلا روايات أهل الكتاب، وغالباً ما استطاع اليهود تكوين التراث ‏الإسلامي بالكامل ونسبه لابن عباس خلال مرحلة ما من مراحل التاريخ العربي. بل إن الأرجح في ‏نظرنا أن شخصية ابن عباس غير حقيقية وإنما تم اصطناعها لترويج فكر معين، فابن عباس هذا كان ‏طفلاً لم يتجاوز العاشرة من عمره حين توفي النبي (ص) فهل نتوقع أن يصبح هو أعلم بالقرآن ممن ‏عاصروا النبي نفسه ؟!‏

تقول التوراة في (سفر التكوين 10)؛ وَهذِهِ مَوَالِيدُ بَنِي نُوحٍ: سَامٌ وَحَامٌ وَيَافَثُ. وَوُلِدَ لَهُمْ بَنُونَ بَعْدَ الطُّوفَانِ‎.‎
بَنُو يَافَثَ: جُومَرُ وَمَاجُوجُ وَمَادَاي وَيَاوَانُ وَتُوبَالُ وَمَاشِكُ وَتِيرَاسُ‎. ‎وَبَنُو جُومَرَ: أَشْكَنَازُ وَرِيفَاثُ ‏وَتُوجَرْمَةُ‎. ‎وَبَنُو يَاوَانَ: أَلِيشَةُ وَتَرْشِيشُ وَكِتِّيمُ وَدُودَانِيمُ‎. ‎مِنْ هؤُلاَءِ تَفَرَّقَتْ جَزَائِرُ الأُمَمِ بِأَرَاضِيهِمْ، كُلُّ ‏إِنْسَانٍ كَلِسَانِهِ حَسَبَ قَبَائِلِهِمْ بِأُمَمِهِمْ‎.‎
‏6- وَبَنُو حَامٍ: كُوشُ وَمِصْرَايِمُ وَفُوطُ وَكَنْعَانُ‎. ‎وَبَنُو كُوشَ: سَبَا وَحَوِيلَةُ وَسَبْتَةُ وَرَعْمَةُ وَسَبْتَكَا. وَبَنُو ‏رَعْمَةَ: شَبَا وَدَدَانُ‎. ‎وَكُوشُ وَلَدَ نِمْرُودَ ‏
‏13- وَمِصْرَايِمُ وَلَدَ: لُودِيمَ وَعَنَامِيمَ وَلَهَابِيمَ وَنَفْتُوحِيمَ وَفَتْرُوسِيمَ وَكَسْلُوحِيمَ. الَّذِينَ خَرَجَ مِنْهُمْ فِلِشْتِيمُ ‏وَكَفْتُورِيمُ‎.‎
‏15- وَكَنْعَانُ وَلَدَ: صِيْدُونَ بِكْرَهُ، وَحِثًّا‎ ‎وَالْيَبُوسِيَّ وَالأَمُورِيَّ وَالْجِرْجَاشِيَّ وَالْحِوِّيَّ وَالْعَرْقِيَّ ‏وَالسِّينِيَّ‎ ‎وَالأَرْوَادِيَّ وَالصَّمَارِيَّ وَالْحَمَاتِيَّ. وَبَعْدَ ذلِكَ تَفَرَّقَتْ قَبَائِلُ الْكَنْعَانِيِّ‎. ‎وَكَانَتْ تُخُومُ ‏الْكَنْعَانِيِّ مِنْ صَيْدُونَ، حِينَمَا تَجِيءُ نَحْوَ جَرَارَ إِلَى غَزَّةَ، وَحِينَمَا تَجِيءُ نَحْوَ سَدُومَ وَعَمُورَةَ وَأَدْمَةَ ‏وَصَبُويِيمَ إِلَى لاَشَعَ‎.‎‏ هؤُلاَءِ بَنُو حَامٍ حَسَبَ قَبَائِلِهِمْ كَأَلْسِنَتِهِمْ بِأَرَاضِيهِمْ وَأُمَمِهِمْ‎.‎

‏15- وَسَامٌ أَبُو كُلِّ بَنِي عَابِرَ، أَخُو يَافَثَ الْكَبِيرُ، وُلِدَ لَهُ أَيْضًا بَنُونَ.‏‎ ‎بَنُو سَامٍ: عِيلاَمُ وَأَشُّورُ وَأَرْفَكْشَادُ وَلُودُ ‏وَأَرَامُ. وَبَنُو أَرَامَ: عُوصُ وَحُولُ وَجَاثَرُ وَمَاشُ. وَأَرْفَكْشَادُ وَلَدَ شَالَحَ، وَشَالَحُ وَلَدَ عَابِرَ. وَلِعَابِرَ وُلِدَ ابْنَانِ: ‏اسْمُ الْوَاحِدِ فَالَجُ لأَنَّ فِي أَيَّامِهِ قُسِمَتِ الأَرْضُ. وَاسْمُ أَخِيهِ يَقْطَانُ. وَيَقْطَانُ وَلَدَ: أَلْمُودَادَ وَشَالَفَ ‏وَحَضَرْمَوْتَ وَيَارَحَ‎ ‎وَهَدُورَامَ وَأُوزَالَ وَدِقْلَةَ‎ ‎وَعُوبَالَ وَأَبِيمَايِلَ وَشَبَا‎ ‎وَأُوفِيرَ وَحَوِيلَةَ وَيُوبَابَ. جَمِيعُ هؤُلاَءِ ‏بَنُو يَقْطَانَ. وَكَانَ مَسْكَنُهُمْ مِنْ مِيشَا حِينَمَا تَجِيءُ نَحْوَ سَفَارَ جَبَلِ الْمَشْرِقِ. هؤُلاَءِ بَنُو سَامٍ حَسَبَ ‏قَبَائِلِهِمْ كَأَلْسِنَتِهِمْ بِأَرَاضِيهِمْ حَسَبَ أُمَمِهِمْ. هؤُلاَءِ قَبَائِلُ بَنِي نُوحٍ حَسَبَ مَوَالِيدِهِمْ بِأُمَمِهِمْ. وَمِنْ هؤُلاَءِ ‏تَفَرَّقَتِ الأُمَمُ فِي الأَرْضِ بَعْدَ الطُّوفَانِ‎".‎

فالمنطقة التي سكنها أبناء نوح وأحفاده تقع جميعها في محيط جبل الجودي، ثم بدأت تتوسع ‏الدائرة بمرور الوقت، وانتشرت العشائر في أماكن متفرقة حملت أسماءهم، وحيث استقرت عشيرة سام ‏بن نوح، فحملت المنطقة اسمه أو أسماء أبنائه، وخرج من هذه العشائر قوم عاد وثمود وطمس وجديس ‏وعبيل وسبأ وإرم ونمرود وحضرموت ..إلخ، وجميعها أقوام أبيدت بالدمار الشامل، وفي الجنوب الغربي ‏استقر مصرايم بن حام بن نوح، فحملت المنطقة اسمه وصارت "مصرايم". وفي المزامير اليهودية ذُكر نفس ‏الأصل لكلمة حام، وبالتحديد في المزامير 78:51 105:23,27 106:22 4:40 "إسرائيل دخل مصرايم، ‏وتغرب في بلد حام" وإسرائيل هنا تعني النبي يعقوب، لكن اليهود يدعون أن كلمة حام مرتبطة ‏بكلمة كِميت والتي تعني الأرض السمراء في وادي النيل! ويقولون أن حام هو المعنى الهيروغليفي ‏لكلمة مصرايم ! وفي ذات الوقت يقولون أن مصرايم بن حام! وأن حام تعني كميت أي الأرض السمراء، ‏وفي ذات الوقت فإن مصرايم تعني الأرضين العليا والسفلى أي الدلتا والصعيد!‏

بينما الحقيقة أن سلالة نوح بكاملها تقع وتنحصر في منطقة الجزيرة العربية، وجميع المناطق ‏التي حملت أسماء أبناء نوح وأحفاده تقع داخل نطاق الجزيرة العربية وهم قبائل وليسوا شعوب مدنية، ‏بل قبائل بنص التوراة. وأما الأقباط في وادي النيل فلا علاقة لهم لا بحام ولا مصرايم ولا طوفان نوح ولم ‏يعرفوا عنهم شيئاً، إنما هذه الثقافة وردت عن طريق التوراة فقط بعد تزويرها. غير أن عدد سكان وادي ‏النيل في عصر الطوفان كان تعداده بالملايين قبل أن ينزل حام وسام ويافث من السفينة، واستمرت هذه ‏الملايين منذ ثلاثين ألف عام قبل الميلاد دون انقطاع حتى عصرنا هذا. فحسب رواية اليهود أن حام ابن نوح ‏نزل من السفينة وأخذ امرأته مسرعاً إلى أرض وادي النيل ليسكنها ويعمرها (قرابة عام 5000 ق.م)، ‏والغريب أن الحضارة الجبتية كانت أعظم وأكثر تقدماً في بناء السفن بما يفوق مئات المرات ‏تكنولوجيا سفينة نوح، فهل فني الشعب القبطي وذابت سلالة العباقرة وحل محلها سلالة حام بن نوح ‏بعدما اصطحب امرأته ونزل من السفينة لاحتلال بلادنا ؟! ‏

في هذا الوقت كانت بلاد وادي النيل مسكونة ومعمورة بدولتين كاملتين لهما حكومتين ‏مركزيتين إحداهما تتخذ العاصمة بوتو في الشمال، والأخرى تتخذ العاصمة طيبة في الجنوب، ‏وكان الرابط بينهما هو (اللغة - النهر- النسيج الاجتماعي المدني)، فكان القطرين من السودان إلى ‏سواحل البحر الأبيض إلى البحر الأحمر جميع هذه البلاد تتحدث لغة واحدة هي (رنكمي) لأنهم شعب ‏مدني من نسيج اجتماعي واحد، بينما سلالة نوح وفق ما صرحت به التوراة كانوا قبائل بدوية ومجرد ‏أن افترقوا تغيرت ألسنتهم وتغيرت لهجاتهم، بينما في كميت استمر هذا الوضع (القطرين مع وحدة ‏اللغة) حتى عام 3400 ق.م جاء الملك مينا ليوحد القطرين ويتخذ عاصمة واحدة في المنتصف هي ‏مدينة القلعة البيضاء "منف " على الضفة الشرقية لوادي النيل. لكن اليهود لم يخبرونا متى جاء جدهم ‏حام هذا أو مصرايم هذا أو قفطايم ذاك وسكن بلادنا ! برغم أن الخريطة الجينية تثبت انقطاع الصلة ‏تماماً بين العرق العربي (العرب والإسرائيليين من أحفاد نوح) وبين شعب وادي النيل الذي تعود أصوله إلى ‏الشمال الإفريقي. فقد وردت إشارات في الكتابات المسمارية عن حدث الطوفان، ما يعني أنه وصلت آثاره ‏إلى العراق القديمة لكنه لم يدمرها، بينما هذا الطوفان لم يعبر البحر الأحمر باتجاه الغرب ولم يعبر ‏سلسلة جبال البحر الأحمر ولم يصل وادي النيل بأي حال. هكذا بدأ التاريخ الخرافي لمملكة القبط ‏بعد دخول العرب وتحول اسمها من إيجبت إلى مصر، وتلبست تاريخ يهودي بعقلية عربية خرافية.‏

وبعد الطوفان، من المفترض أن الجزيرة العربية تم تطهيرها تماماً من النفاق والكفر والإلحاد، لأن ‏الطوفان اكتسح جميع سكان المنطقة ولم ينج منه إلا من ركب السفينة وعددهم لا يتجاوز المائة ‏شخص، لكن للأسف الشديد فإن عملية التطهير الشامل هذه لم تطهر العرق العربي من الدنس والكفر، ‏فبدأت مرحلة جديدة خلال الحقبة التي بدأت فيها الرسالات السماوية، بعدما تفرق أبناء نوح إلى قبائل ‏وعشائر عاد الكفر إليهم مرة أخرى، وأرسل الله إليهم رسله بالتتابع والاختصاص القومي لكنهم لم ‏يستجيبوا لهؤلاء الرسل كقوم لوط وعاد وثمود وجديس وطسم ..إلخ. وبعضهم استجاب والأغلبية رفض ‏الاستجابة فتعامل الله معهم بأساليب الدمار الشامل، لكن ليس على طريقة الطوفان الكاسح وإنما ‏بالاختصاص القومي هذه المرة، فيأتي عقاب كل قرية على حدة وكل عشيرة على حدة، ولكل ‏قرية رسول أو نبي على حدة بالاختصاص... ومن بين هؤلاء كان العمالقة الجبابرة...‏

يُتبع ...‏‎‏ ‏‎‏
‎‏ ‏‎‏
‏( قراءة في كتابنا : مصر الأخرى – التبادل الحضاري بين مصر وإيجبت‎ (‎‏ ‏‎‏
‏ (رابط الكتاب على أرشيف الانترنت ):‏‎‏ ‏‎‏
https://archive.org/details/1-._20230602‎‏ ‏‎‏
https://archive.org/details/2-._20230604‎‏ ‏‎‏
https://archive.org/details/3-._20230605‎‏ ‏‎‏
‎‏ ‏‎‏
‏#مصر_الأخرى_في_اليمن):‏‎‏ ‏‎‏
‏ ‏https://cutt.us/YZbAA‏ ‏‎‏
‎‏ ‏‎‏
‏#ثورة‏‎_‎التصحيح_الكبرى_للتاريخ_الإنساني‏



#محمد_مبروك_أبو_زيد (هاشتاغ)       Mohamed_Mabrouk_Abozaid#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإسقاط الجغرافي لإقليم مصر بجزيرة العرب (3)
- الإسقاط الجغرافي لإقليم مصر بجزيرة العرب (2)
- الإسقاط الجغرافي لإقليم مصر بجزيرة العرب (1)
- حرب الإسرائيليات في صدر الإسلام (12)‏
- حرب الإسرائيليات في صدر الإسلام (11)‏
- حرب الإسرائيليات في صدر الإسلام (10)‏
- حرب الإسرائيليات في صدر الإسلام (9)‏
- حرب الإسرائيليات في صدر الإسلام (8)‏
- حرب الإسرائيليات في صدر الإسلام (7)‏
- حرب الإسرائيليات في صدر الإسلام (6)‏
- حرب الإسرائيليات في صدر الإسلام (5)‏
- حرب الإسرائيليات في صدر الإسلام (4)‏
- حرب الإسرائيليات في صدر الإسلام (3)‏
- حرب الإسرائيليات التاريخية في صدر الإسلام (2)‏
- حرب الإسرائيليات التاريخية في صدر الإسلام (1)‏
- مراسلات تل العمارنة مزورة (5)‏
- مراسلات تل العمارنة مزورة (4)‏
- مراسلات تل العمارنة مزورة (3)‏
- مراسلات تل العمارنة مزورة (2)‏
- مراسلات تل العمارنة مزورة (1)‏


المزيد.....




- ترامب: الحرب العالمية الثالثة ليست بعيدة لكني سأمنعها لأنني ...
- السيناتور تيد كروز يدعو زيلينسكي لوقف -الهجمات- على ترامب
- ميلوني تكشف عن حالة البابا الصحية بعد زيارتها له
- -حماس- تنعي ثلاثة فلسطينيين قتلوا خلال اشتباك مع الجيش الإسر ...
- القبض على مثيري النزاع العشائري في البصرة
- سيناتور أمريكي: ترامب يستطيع إنهاء النزاع في أوكرانيا في الن ...
- بالفيديو.. سقوط نائب حاكم ولاية ميسيسيبي على الأرض داخل القا ...
- ترامب يدعو إلى منع الحرب النووية ويعتزم الحديث مع روسيا والص ...
- البنتاغون يعتزم تقليص نفقاته بنسبة 8% في العام المقبل
- ترامب يعرب عن رغبته في -إضافة عامين آخرين- إلى فترته الرئاسي ...


المزيد.....

- الانسان في فجر الحضارة / مالك ابوعليا
- مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات ... / مالك ابوعليا
- مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا ... / أبو الحسن سلام
- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - محمد مبروك أبو زيد - تاريخ الفراعنة ومصر العربية البائدة (1)‏