بهجت العبيدي البيبة
الحوار المتمدن-العدد: 8255 - 2025 / 2 / 16 - 13:45
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لم يكن الموقف المصري يومًا إلا موقفًا مبدئيًا ثابتًا، ينطلق من إيمان عميق بعدالة القضية الفلسطينية، فمصر التي كانت وما زالت في قلب الصراع، تدرك أن حقوق الشعوب لا تسقط بمرور الزمن، ولا تُمحى تحت ضغط القوة، ولا تُشترى بثمن، ولذلك جاء رفضها القاطع لكل محاولات تهجير الفلسطينيين من أرضهم، موقفًا أخلاقيًا، ووطنيًا، وإنسانيًا قبل أن يكون سياسيًا.
في هذه اللحظة الفارقة من تاريخ المنطقة، حيث تحاول بعض القوى الدولية إعادة تشكيل المشهد وفقًا لرؤيتها الخاصة، تصرّ مصر على وضع العالم أمام مسؤولياته، فلا مجال لحلول تتجاوز حقوق الفلسطينيين المشروعة، ولا مكان لمؤامرات تُلبس ثوب “المساعدات الإنسانية” وهي في حقيقتها مخططات لتصفية القضية. وهنا تخوض الدبلوماسية المصرية معركة ضارية ضد مشروع تهجير الفلسطينيين الذي بدأ كفكرة طُرحت في كواليس إدارة ترامب السابقة، وما لبث أن أعلنها بعد عودته للبيت الأبيض مؤخرا، فالتقطها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي لا يرى أي حل إلا ذلك الذي يضمن بقاء الاحتلال واستمرار المعاناة الفلسطينية.
ومع تصاعد الأزمة، وضعت مصر خطة متكاملة لا تقتصر فقط على حماية الحق الفلسطيني، بل تمتد لتوفير حياة كريمة لأهل غزة في المرحلة الانتقالية، حتى يتم إعمار ما دمرته الحرب. لم تنتظر مصر أحدًا، بل شرعت في التحرك الفوري، فاتحة الباب أمام 24 شركة عالمية للمشاركة في إعادة الإعمار، مؤكدة أن غزة لن تُترك نهبًا للفقر والدمار. وعلى الجانب الآخر، رأى العالم تلك الصفوف الطويلة من الشاحنات المصرية التي لم تحمل فقط الغذاء والدواء، بل حتى بيوتًا جاهزة متنقلة، قدمتها مصر لحماية العائلات التي شُردت من منازلها، لكن نتنياهو، بصلفه وتجبره المدعوم من إدارة ترامب، والذي يعرقل أي حل سياسي، رفض دخولها، في مشهد يكشف حقيقة نواياه ومنهجه المتطرف.
وسط هذه المعركة الدبلوماسية والسياسية، يبرز موقف مصر كصوت العقل في المنطقة، لا تساوم ولا تتنازل، بل تعمل على إنقاذ ما يمكن إنقاذه، متسلحة بشرعية تاريخية، ودعم من الشعوب العربية لم يشهد هذا القدر من الإجماع منذ عقود. لقد رفضت الأمة العربية، بكل تياراتها ومكوناتها، مشروع التهجير، وأكدت وقوفها خلف القيادة المصرية، التي لم ترفع هذا الملف كقضية سياسية عابرة، بل جعلته معركة وجود.
إن هذا الدعم لا يتوقف عند الحدود العربية، بل يمتد إلى الخارج، حيث تتحرك الجاليات العربية، تقودها في ذلك الجالية المصرية في أوروبا وأمريكا، التي نظّمت وتنظم وقفات احتجاجية أكدت فيها موقف القيادة المصرية والرئيس عبد الفتاح السيسي، الرافض لأي مساس بالحقوق الفلسطينية. إن هذا الحراك الشعبي والدبلوماسي والسياسي يشكل قوة ضغط هائلة، وهو رسالة واضحة لكل من يخطط لإعادة رسم خريطة المنطقة بغير إرادة شعوبها.
إننا أمام لحظة اختبار حقيقية، ليس فقط للقيادات السياسية في العالم، ولكن للضمير العالمي بأسره. وفي هذه اللحظة، تمضي مصر في طريقها بثقة، متيقنة من أن الحق الفلسطيني ليس مجرد قضية سياسية، بل معركة أخلاقية، وأنه مهما تعددت المؤامرات، فستظل إرادة الشعوب أقوى من أي مخططات تُرسم في الظلام.
#بهجت_العبيدي_البيبة (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟