كاظم فنجان الحمامي
الحوار المتمدن-العدد: 8255 - 2025 / 2 / 16 - 09:56
المحور:
كتابات ساخرة
دعاني صديقي لتناول العشاء في مطعم يديره جاره اللبناني، ففوجئت بصلصة تحمل أسم: (الطرطور). . يا للعجب !؟!. ما هذا ؟. هل صار الطرطور من المقبلات ؟. متى كان ذلك وكيف ؟. .
سألت النادل عن أنواع صلصات الطراطير في مطعمهم ؟. قال: عندنا طرطور بالطحينية واللبن، وطرطور للسمك، وطرطور للفلافل، وطرطور للشاورما. .
حقا كانت مفاجأة كبيرة لي، فعلى حد علمي ان الطرطور صفة ذكورية تطلق على الرجال فقط، وتشمل: التافه والسفيه والوغد والساقط، وتطلق أحياناً على ضعيف الشخصية. .
اما الطرطرة فهي حديث الطراطير وما يدور بينهم من ثرثرات لا قيمة لها. وربما سمعتم بقصيدة الجواهري التي يقول في مطلعها:
أيْ طرطرا تطرطري
تقدَّمي تأخَّري
تَشيَّعي تسنَّني
وهي قصيدة ساخرة من 89 بيتاً. قالها الجواهري عام 1946 يوم كانت الاجواء السياسية مملوءة بالنفاق والتزلف والخنوع لأصحاب المراتب العليا، وكان الركض وراء المناصب كبيرا، أما المعارضة فلم تكن وقتذاك بمستوى المسؤوليات الوطنية. وكان بعضهم يتنازل عن مبادئه لمجرد التلويح له بمقعد في المجلس النيابي أو في الوزارة، كانت بعض الممارسات أقرب إلى الابتذال منها إلى الاعتدال. .
ولكن ماذا عن الطراطير في هذا الزمن الخطير الذي تلاشت فيه المعايير، فظهر لدينا العشرات من الشخصيات الكارتونية الذين يحتلون المراكز الحساسة بلا استحقاق. حتى هم انفسهم غير مقتنعين بمؤهلاتهم، لكنهم يتقدمون الصفوف تحت غطاء التمدد الطرطوري، فيلتف حولهم صغار الطراطير الذين يرون فيهم مثلهم الأعلى في الطرطرة والسرسرة. .
فالمدير الطرطور هو: الإمعة الذي لا شخصية له ولا مبدأ. يخضع دائماً لمن اختاره وراهن عليه بأسم المحاصصة السياسية، وقد يُستخدم كأداة لتحقيق أهداف تخريبية، أو للتلاعب بالترقيات ويبصم على العقود المشبوهة لإرضاء قادته، وأحياناً يُستخدم لتمرير الصفقات النفعية. .
من طرائف لغتنا المحكية انها تجمع كلمات لا تترادف بالمعنى، لكنها تترادف باللحن والإيقاع وتشترك في المقصد، فحينما نصف شخصا تافها نقول عنه: طرطور وصرصور وبعرور. ومع ذلك ينبغي ان لا نقلل من شأن الطراطير وخصالهم الدنيئة في التلون والتملق والإنحطاط. .
ختاماً: كيف لا تفسد أوضاعنا ونحن نضع الصغير مكان الكبير، ونضع الجاهل مكان العالم، ونضع التابع في القيادة ؟. . .
#كاظم_فنجان_الحمامي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟