أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمود عباس - إعادة تشكيل الشرق الأوسط هل هو مخطط خارجي أم نتيجة بنية داخلية هشة؟ 1/2














المزيد.....


إعادة تشكيل الشرق الأوسط هل هو مخطط خارجي أم نتيجة بنية داخلية هشة؟ 1/2


محمود عباس

الحوار المتمدن-العدد: 8255 - 2025 / 2 / 16 - 09:54
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لا تستطيع الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوروبية وإسرائيل تغيير وجه الشرق الأوسط، وإعادة تشكيل خارطته الجيوسياسية، وتشذيب بنيته الثقافية دون وجود بيئة داخلية مهيأة لهذا التحول. فهشاشة الأنظمة، وفسادها، واستبدادها، إلى جانب الدجل الديني الذي تروج له، والثقافة المدمرة التي زرعتها بين شعوبها، جعلت المنطقة برمتها ساحة مفتوحة للتحولات الجذرية والتدخلات الخارجية، وبهذا، باتت القوى الكبرى قادرة على إعادة رسم مصير هذه الدول وفق مصالحها، وهو ما تتقبله، بل وتسعى إليه، شريحة واسعة من شعوب المنطقة التي ترى في التغيير الخارجي فرصة للخلاص من استبداد الداخل.
ففي ظل أنظمة تقايض بقاؤها بهضم حقوق شعوب بأكملها، كالشعب الكوردي وغيره من المكونات المضطهدة، وتحكم قبضتها على السلطة عبر نشر الإرهاب الإسلامي وتغذيته، لم تعد القوى الخارجية، بحاجة إلى شنّ حروب طويلة أو فرض سياسات معقدة، يكفيها أن تحرّك خيوط اللعبة، فتنهار الدول من الداخل، واحدة تلو الأخرى، بينما تواصل الأنظمة المتواطئة نهجها في دعم التطرف الديني، وتحويله إلى أداة لقمع شعوبها، والتغطية على فسادها تحت رايات مزيفة باسم الدين والسيادة.
وسط هذا المشهد، بات المواطن المسلوب الإرادة يتأرجح بين حاكم مستبد يحكمه بالحديد والنار، ورجل دين متطرف يُلبسه أغلال العبودية الفكرية، وكلاهما يسوقانه إلى الهاوية. أما الشعوب المقهورة، كالكورد وغيرهم، ليس أمامهم سوى المقاومة في وجه طوفان القهر، والحقد، والعنصرية الممنهجة، التي تُغذّى تحت ذرائع زائفة، بينما يُعاد رسم مستقبل المنطقة في دهاليز العواصم الكبرى، بعيدًا عن إرادة شعوبها.
فالأنظمة التي تزعم معارضة مشاريع كبرى مثل خطة ترامب لتهجير سكان غزة، لا تمتلك أي أدوات حقيقية لمواجهتها سوى التجييش الإعلامي والشعارات الرنانة التي لا تغير من واقع الأمور شيئًا، فكيف يمكن لأنظمة، قامت بنيتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية على الاستبداد وإقصاء الشعوب، أن تقف أمام مخططات دولية وهي غير قادرة أصلًا على تأمين استقرارها الداخلي؟
ولا يُستبعد أن يكون ما طرحه ترامب حول تهجير سكان غزة مجرد خطوة أولى في خطة أوسع بكثير من المعلن، وقد تتغير ملامحها مع الوقت، بعدما يكون قد فتح الباب أمام استراتيجية شاملة لإعادة تشكيل الشرق الأوسط. هذه الخطة، إن وُضعت موضع التنفيذ، لن تقتصر على الجوانب الجيوسياسية فقط، بل ستمتد إلى مجالات الاقتصاد والثقافة، مع التركيز على تجفيف منابع الإرهاب والتطرف والتكفير، وإعادة توجيه مسارات الإسلام السياسي.
وبناءً على ذلك، فإن تداعيات ما حدث في غزة، وجنوب لبنان، وسوريا قد تكون مجرد بداية لتحولات استراتيجية أعمق، تتجاوز ما شهده الشرق الأوسط في بدايات القرن العشرين، حين أعادت القوى الدولية رسم خريطة المنطقة عبر اتفاقية سايكس-بيكو وانهيار الإمبراطورية العثمانية.
فالمخطط المحتمل قد لا يقتصر على تغيير الحدود أو إسقاط أنظمة، بل قد يمتد ليشمل تفكيك البُنى الأيديولوجية التي حكمت المنطقة لعقود، مما يفتح المجال أمام نظام جديد يختلف جوهريًا عن المعادلات السابقة.
فمنذ انهيار الإمبراطورية العثمانية وتقاسم أراضيها عبر اتفاقية سايكس-بيكو، إلى التدخل الأمريكي في العراق وسوريا، لم يكن العامل الخارجي وحده كافيًا، بل كان هناك دائمًا تفكك داخلي، وصراعات قومية وطائفية، واستبداد جعل من التدخل الأجنبي مخرجًا مرحبًا به أحيانًا من قبل شرائح واسعة من السكان، وبالتالي فما الذي يمنع تكرار السيناريو ذاته اليوم؟ خاصة والمنطقة تعيش نفس الظروف، وبأسوأ أشكالها، حيث تتحكم أنظمة دكتاتورية في مصائر شعوبها، مع ظهور أنظمة إسلامية متطرفة إرهابية، تغذي التناقضات العرقية والطائفية، تجعل من الاستقرار حلقة مفرغة لا يمكن الوصول إليها. في ظل هذه المعادلة، تصبح المشاريع الخارجية مجرد انعكاس لحالة الانهيار الداخلي، وليس مجرد مخطط خارجي يُفرض قسرًا.
عندما طرح دونالد ترامب خطته لتهجير الفلسطينيين من غزة، لم يكن يبتكر شيئًا جديدًا بقدر ما كان يستغل واقعًا مهترئًا يسمح بمثل هذه الطروحات، بل وبناها على دراية تامة بالبيئة السياسية التي تهيمن عليها أنظمة مهترئة جعلت مثل هذه الأفكار تبدو وكأنها قابلة للتنفيذ، تمامًا كما كانت فكرة تقسيم العراق أو تقسيم سوريا مطروحة يومًا ما، ليس لقوة الطرح الخارجي، بل لأن الظروف الداخلية تجعلها ممكنة.
هذه المنطقة، التي تحولت إلى ساحة صراعات قومية ودينية ممتدة لعقود، لم تعد بحاجة إلى الإمبراطورية الأمريكية وأوروبا لتمزيقها، فقد قامت أنظمتها بهذه المهمة بامتياز، من خلال قمع القوميات غير العربية، كالكورد والأمازيغ، واضطهاد الأقليات الدينية كالإيزيديين والمسيحيين والآشوريين، وانتهاج سياسات التمييز الطائفي ضد الأقليات مثل العلويين والدروز وغيرهم. ما يحدث اليوم هو نتيجة طبيعية لسياسات هذه الأنظمة التي لم تعمل يومًا على بناء مجتمعات مستقرة، بل كانت تحكم عبر تأجيج الصراعات الداخلية، حتى باتت هذه الصراعات تهدد وجودها هي نفسها.
يتبع...
د. محمود عباس
الولايات المتحدة الأمريكية
12/2/2025م



#محمود_عباس (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مؤتمر الحوار الوطني السوري تهميش للكورد ومخطط لإقصاء الحراك ...
- من متطلبات المرحلة تصعيد دور القيادة السياسية في الإدارة الذ ...
- آن الأوان لفصل المسار السياسي عن العسكري في الإدارة الذاتية
- تيه بين العدم والخلود
- كيف تُدار الحرب ضد الكورد بوجوهٍ بلهاء وألسنة مأجورة؟
- قراءة في انسحاب المجلس الوطني الكوردي من الائتلاف السوري
- تنازل المجلس الوطني الكوردي عن مطلب الفيدرالية، تراجعٌ سياسي ...
- لماذا نشرت قناة NBC الخبر الكاذب حول احتمالية سحب إدارة ترام ...
- الولايات المتحدة لن تسحب قواتها من سوريا، دعاية مضللة بغايات ...
- الإعلام السوري من التواطؤ إلى التحريض، لماذا كل هذا الحقد عل ...
- الإعلام السوري من التواطؤ إلى التحريض، لماذا كل هذا الحقد عل ...
- خطب الكراهية في ساحة الأمويين
- في سوريا المنتصر لا يجادل بل يفرض قدره
- سوريا من قبضة الأسد إلى مخالب الإرهاب
- حين يحارب الكورد الإرهاب وتصنعه تركيا من جديد!
- احذروا صُنّاع الكراهية ووجوه الحقد التي تلوّث مستقبل سوريا
- القطب المنافس لأمريكا في عهد ترامب - 3/3
- القطب المنافس لأمريكا في عهد ترامب 2/3
- القطب المنافس لأمريكا في عهد ترامب- 2/3
- القطب المنافس لأمريكا في عهد ترامب - 1/3


المزيد.....




- شاهد كيف تخطى آيساب روكي مقاعد المحكمة لعناق ريانا لحظة الحك ...
- ألقى بنفسه بين ذراعيها في المحكمة.. ريانا تعبر عن سعادتها بت ...
- حزب البديل من أجل ألمانيا مهدد بغرامات ضخمة بسبب تبرعات غير ...
- زعيمة حزب المحافظين البريطاني ترد على وصف ترامب لزيلينسكي بـ ...
- من نجم على السوشيال ميديا إلى متهم بتصنيع المخدرات.. قرار قض ...
- إفريقيا قارة المستقبل
- خامنئي: نعتبر قطر دولة صديقة وشقيقة لنا رغم بعض -القضايا الم ...
- روسيا تحذر من مخاطر تفكك ليبيا وتؤكد ضرورة دعم جهود توحيد ال ...
- ترامب يقول إن زيلينسكي -ديكتاتور من دون انتخابات- وينتقد شرع ...
- لماذا ترفض إسرائيل الانسحاب الكامل من جنوب لبنان وما الأهمية ...


المزيد.....

- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمود عباس - إعادة تشكيل الشرق الأوسط هل هو مخطط خارجي أم نتيجة بنية داخلية هشة؟ 1/2