أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - محمد مبروك أبو زيد - الإسقاط الجغرافي لإقليم مصر بجزيرة العرب (3)















المزيد.....


الإسقاط الجغرافي لإقليم مصر بجزيرة العرب (3)


محمد مبروك أبو زيد
كاتب وباحث

(Mohamed Mabrouk Abozaid)


الحوار المتمدن-العدد: 8254 - 2025 / 2 / 15 - 15:03
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


تقول التوراة: وَيَأْتِي سَيْفٌ عَلَى مِصْرَايم، وَيَكُونُ فِي كُوشَ خَوْفٌ شَدِيدٌ، عِنْدَ سُقُوطِ الْقَتْلَى فِي ‏مِصْرَايم، وَيَأْخُذُونَ ثَرْوَتَهَا وَتُهْدَمُ أُسُسُهَا‎. ‎يَسْقُطُ مَعَهُمْ بِالسَّيْفِ كُوشُ وَفُوطُ وَلُودُ وَكُلُّ العرب، (سفر ‏حزقيال 30 :4-5) وفي الترجمة الأحدث تم استبدال كلمة (كل العرب بـ كل اللفيف، حتى لا يفتضح ‏الأمر ويفهم الجميع أن مصر هذه المذكورة من عشائر العرب وليست إمبراطورية وادي النيل لأنها أجنبية ‏وليست عربية. وهذا النص يؤكد النصوص الواردة أعلاه من أن الأنهار الأربعة هي أربعة رؤوس تتفرع ‏من نهر واحد لتروي أراضي كوش ومصر وما حولها. بينما مصر الإفريقية يرويها نهر النيل بمفرده.‏

فجميع المصادر تثبت أن أرض كوش تقع في جنوب الجزيرة العربية، نقلاً من المجاور أن "أرض ‏كوش " هي منطقة زَبيد في تهامة اليمن (انظر تاريخ المستبصر 100)، وأن زوجة موسى كما جاء بالتوراة ‏كانت من هذه الأرض وهي جغرافياً تقع جنوب منطقة جازان، وإذا رجعنا للنصوص التوراتية التي ‏ذكرت كوش نجدها جميعاً تؤيد ما ذهب إليه ابن المجاور أن أرض كوش هي تلك المنطقة من جنوب ‏غرب الجزيرة العربية، فكثيراً ما تقرن التوراة بين كوش ومصر وشبأ والأعراب في سياقات توحي يقيناً ‏بأن هذه الأسماء تدل على أماكن وقبائل تقع إلى جوار واحد جنوب الجزيرة، ومن ذلك النص الذي ‏يقول: فَقَالَ الرَّبُّ: «كَمَا مَشَى عَبْدِي إِشَعْيَاءُ مُعَرًّى وَحَافِيًا ثَلاَثَ سِنِينٍ، آيَةً وَأُعْجُوبَةً عَلَى مِصْرَ وَعَلَى ‏كُوشَ، هكَذَا يَسُوقُ مَلِكُ أَشُّورَ سَبْيَ مِصْرَ وَجَلاَءَ كُوشَ، الْفِتْيَانَ وَالشُّيُوخَ، عُرَاةً وَحُفَاةً وَمَكْشُوفِي ‏الأَسْتَاهِ خِزْيًا لِمِصْرَ. فَيَرْتَاعُونَ وَيَخْجَلُونَ مِنْ أَجْلِ كُوشَ رَجَائِهِمْ، وَمِنْ أَجْلِ مِصْرَ فَخْرِهِمْ. وَيَقُولُ ‏سَاكِنُ هذَا السَّاحِلِ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ: هُوَذَا هكَذَا مَلْجَأُنَا الَّذِي هَرَبْنَا إِلَيْهِ لِلْمَعُونَةِ لِنَنْجُو مِنْ مَلِكِ أَشُّورَ، ‏فَكَيْفَ نَسْلَمُ نَحْنُ؟»( سفر إشعياء 20 : 4، 5، 6). وقوله: كُوشٌ قُوَّتُهَا مَعَ مِصْرَ وَلَيْسَتْ نِهَايَةٌ. فُوطٌ وَلُوبِيمُ ‏كَانُوا مَعُونَتَكِ) (سفر ناحوم 3: 9) وقوله (لأَنِّي أَنَا الرَّبُّ إِلهُكَ قُدُّوسُ إِسْرَائِيلَ، مُخَلِّصُكَ. جَعَلْتُ مِصْرَ ‏فِدْيَتَكَ، كُوشَ وَسَبَا عِوَضَكَ.) (سفر إشعياء 43) وكذلك قوله: هكَذَا قَالَ الرَّبُّ: «تَعَبُ مِصْرَ وَتِجَارَةُ ‏كُوشٍ وَالسَّبَئِيُّونَ ذَوُو الْقَامَةِ إِلَيْكِ يَعْبُرُونَ وَلَكِ يَكُونُونَ. خَلْفَكِ يَمْشُونَ. بِالْقُيُودِ يَمُرُّونَ وَلَكِ ‏يَسْجُدُونَ. إِلَيْكِ يَتَضَرَّعُونَ قَائِلِينَ: فِيكِ وَحْدَكِ اللهُ وَلَيْسَ آخَرُ. لَيْسَ إِلهٌ». (سفر إشعياء 45) وقوله: وَيَأْتِي ‏سَيْفٌ عَلَى مِصْرَ، وَيَكُونُ فِي كُوشَ خَوْفٌ شَدِيدٌ، عِنْدَ سُقُوطِ الْقَتْلَى فِي مِصْرَ، وَيَأْخُذُونَ ثَرْوَتَهَا وَتُهْدَمُ ‏أُسُسُهَا. يَسْقُطُ مَعَهُمْ بِالسَّيْفِ كُوشُ وَفُوطُ وَلُودُ وَكُلُّ الأعراب ..." (سفر حزقيال 30) وقوله: وَأَهَاجَ الرَّبُّ ‏عَلَى يَهُورَامَ رُوحَ الْفِلِسْطِينِيِّينَ وَالْعَرَبَ الَّذِينَ بِجَانِبِ الْكُوشِيِّينَ" (سفر أخبار الأيام الثاني 21) وقد ذكر ‏جواد علي نقلاً عن مرجليوث أن " المراد بالعرب الذين بجوار الكوشيين هم العرب الجنوبيين أي سكان ‏اليمن " (المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام 2 / 293) وحدد موطن الكوشيين نقلاً عن "موسل" بأنه جنوب ‏غرب الجزيرة العربية (المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام 2 / 210)‏

وكما تقدم أن حام كان له أبناء أربعة هم كوش وفوط وكنعان ومصريم الذي تنسب إليه ‏التوراة قبيلة فلستيم، وَفَتْرُوسِيمَ وَكَسْلُوحِيمَ. الَّذِينَ خَرَجَ مِنْهُمْ فِلِشْتِيمُ وَكَفْتُورِيمُ. (تكوين10) ‏ونجد أن التوراة تذكر كما تقدم سبأ من جملة أبناء كوش وتذكر كذلك من أبنائه حويلة، وقد ‏اعترفت موسوعة (المحيط الجامع في شرح الكتاب المقدس) أن كوش وجميع أبنائه الذين ذكروا في ‏التوراة كان موطنهم جميعاً في جنوب الجزيرة العربية (انظر :الموسوعة المسيحية العربية الإلكترونية ‏‏(4/11/1437هـ)) وعرف قاموس الكتاب المقدس حويلة بالقول: حويلة مقاطعة في بلاد العرب يسكن ‏بعضها الكوشيون ويسكن البعض الآخر اليقطانيون (القحطانيون) تذكر كتب الأنساب العربية أن ‏قحطان هو يقطان في التوراة (ينظر أنساب الأشراف 1/4 والإنباه على قبائل الرواة 27 والأنساب للسمعاني (حيدر آباد) ‏‏10/344 ونهاية الأرب في معرفة أنساب العرب 396 وقلائد الجمان في التعريف بقبائل عرب الزمان 37 نقلاً عن د. أحمد ‏القشاش الأستاذ في جامعة الباحة، بحث بعنوان ( ألفاظ جغرافية من القرآن والسنة النبوية ؛ دراسة في الدلالة الجغرافية ‏والتاريخية منشور بمجلة الجامعة الإسلامية - ملحق العدد 183 (الجزء التاسع) ص 353).‏

وأما سبأ فهو علم تاريخي معروف تنسب إليه معظم قبائل اليمن بفروعها، وليس عجيباً أن الذاكرة ‏الشعبية لأهل السراة في اليمن ما زالت تحتفظ بالاسم "كوش" وتستعمله في صيغ متقاربة من ذلك ‏كوشان والكيشة والكُوشي(مجلة الجامعة الإسلامية - نقلاً عن :غامد وزهران ... السكان والمكان 31، ‏‏34،94،96 - نقلاً عن بحث د. أحمد القشاش). وقد تكرر ذكر مصر مقترنة بأرض كوش وفوط ولود في سفر ‏إرميا وفي السياق نفسه ذكرت مصر مقترنة بشجرة الضِّرو التي لا تنبت إلا في غرب جزيرة العرب ‏وجنوبها الغربي (انظر : النبات في جبال السراة والحجاز 1/661 - 663 والنباتات الصمغية بين العربية والعبرية (مبحث ‏الضرو)- نقلاً عن بحث الدكتور أحمد القشاش)، وذلك في النص الذي يخاطب فيه إرميا فتاة عذراء من أرض ‏مصر تبحث لنفسها عن علاج، فقال (اصعدي إلى جلعاد وخذي ضرواً أيتها العذراء ابنة مصر) (سفر إرميا ‏‏46/9-11) ويفترض شراح الكتاب المقدس أن جلعاد المذكورة هذه تقع في منطقة جبلية وعرة شرق ‏الأردن، فهل يستقيم الأمر، فكيف يمكن لفتاة عذراء أن تصعد من شرق الأردن إلى أرض وادي النيل ‏بغرض البحث عن شجر الضرو، فتعبر صحارى ووهاد وجبال قاطعة مسافة آلاف الكيلومترات، في حين ‏أن فتاة مصر الواقعة جنوب غرب الجزيرة العربية يمكنها أن تحصل على الضرو متى شاءت وذلك ‏لوجود تلك الشجرة في موطنها من جبال جنوب غرب الجزيرة العربية... وقد سبقت الإشارة إلى أن ‏الكنعانيين هم الكنانيين الذين يسكنون معظم سهول تهامة من جنوب حرة كنانة شمال منطقة ‏جازان إلى مكة المكرمة ومنهم بطون تسكن السراة (بحث بعنوان" ألفاظ جغرافية من القرآن والسنة ‏النبوية- د.أحمد سعيد القشاش- منشور بمجلة الجامعة الإسلامية -ملحق العدد 183 (الجزء التاسع)ص359).‏

وهنا رواية رائعة للإمام ابن تيمية في تفسير قولته تعالى: ﴿اهبطوا مصر فإن لكم ما سألتم ﴾ قال ما ‏نصه: اهبطوا ؛ لأن الهبوط يكون من علوّ إلى أسفل، وعند أرض السراة حيث كان بنو إسرائيل حِيال ‏السُّراة المشرفة على المصر الذي يهبطون إليه، ومن هبط من جبل إلى وادٍ قيل له "هَبَط " (مجموع الفتاوى ‏‏4/348) وكذلك ورد النص عن ابن القيم حيث قال " وبنو إسرائيل كانوا بجبال السراة المشرفة على مصر" ‏‏(مفتاح دار السعادة 1/29 انظر :اتجاهات التفسير في القرن الرابع عشر 3/1129) وهذه إشارة صريحة من هذين ‏العالمين على أن مصر المذكورة في القرآن تقع في منطقة جبال السراة جنوب غرب الجزيرة العربية، ‏حيث جبال السراة تشرف على ذلك المكان سواء كان المراد به مصراً من الأمصار كما تفيد عبارة ابن ‏تيمية أو كان اسم بلد بعينه كما تفيد عبارة ابن القيم .‏

ويجوز أن تكون الصاد مبدلة من الضاد، فيكون لفظ مُضَر هو الأصل، ومضر كانوا من أهل ‏تهامة وجل كتب الأنساب العربية تجعل مضر الأصل لقبيلة كنانة التي سيطرت على الحرم بعد ‏جرهم كما قال عليه الصلاة والسلام (اللهم اشدد وطأتك على مُضر) ويعني قبيلة قريش التي تنسب إلى ‏مُضر، وربما كان المراد ديار مُضر، ففي حديث جابر رضي الله عنه قال: حتى إن الرجل ليخرج من اليمن ‏أو من مُضَر فيأتيه قومه فيقولون احذر غلام قريش لا يفتنك) (مسند أحمد بن حنبل (ط. قرطبة) 3/322 وانظر ‏البداية والنهاية (ط إحياء التراث) 3/194))؛ أي أنه أطلق اسم القبيلة على المكان أو حملت القبيلة اسمها من ‏المكان بدليل أنه ذكر مضر مقابل اليمن وهو اسم مكان وكما قلنا أن اللسان السرياني لا ينطق ‏حرف الصاد، وهناك فصائل عربية تنطق الضاد ظاء أو قريباً منها، وهذا ما يجعل من المنطقي أن مُصري ‏هي هي مُزر أو مُظر أو مُضر . ‏

وأورد ابن المجاور أيضاً في ثنايا تاريخه أقوالاً تدل على أن موطن فرعون موسى وآل عمران كان في ‏جنوب غرب الجزيرة العربية في سهول تهامة خاصة، وقد ذكر أن حبس الفراعنة كان في عدن وأنها ‏بقيت حبساً للفراعنة إلى آخر دولتهم (انظر: تاريخ المستبصر 69 ، 100 ، 128 ، 129). ‏

وخلاصة القول أنه كان لدى كوش المزيد من الأبناء، من بينهم الخولانيين والسبأيين، وقد كانت ‏زوجة نبي الله موسى كوشية وتدعى "صفورة أو صفراء" (كتاب الأعداد وهو الكتاب الرابع من أصل خمس ‏كتب تشكل التوراة)، ما يعني أن كل فصائل أنساب كوش كانت داخل الجزيرة العربية وفي نطاق ‏جغرافي واحد، يقول سفر التكوين 10؛‎ ‎‏(وَبَنُو كُوشَ: سَبَا وَحَوِيلَةُ وَسَبْتَةُ وَرَعْمَةُ وَسَبْتَكَا. وَبَنُو ‏رَعْمَةَ: شَبَا وَدَدَانُ ((سبأ وعدنان)). إنما كلام اليهود بأن مصرايم بن حام الذي هاجر إلى إفريقيا وأنجب ‏‏(فلشتيم وقفطيم ومصرايم، وأن كوش هاجر إلى إثيوبيا !) على اعتبار أن هؤلاء هم شعوب الهلال ‏الخصيب (فلسطين ومصر وادي النيل وليبيا وتونس والسودان وإثيوبيا ..إلخ) وهذا محض تخريف لأن ‏التوراة تثبت أن أبناء كوش كانوا عصابات قطاع طرق داخل الجزيرة العربية ذاتها ومنهم الخولانيين ‏والسبأيين، هذا في الوقت الذي لم يطل فيه الطوفان أي نطاق جغرافي خارج الجزيرة العربية، وكانت ‏ضفاف وادي النيل تعج بالسكان ومعالم الحضارة، ولم يسمعوا عن هذا الطوفان العربي، بينما العراقيين ‏القدامى وصلتهم بعض آثاره وسجلوا ملاحظات عنه. ‏

إذن الموطن الأصلي لليهود كان في جزيرة العرب، وكل تحركاتهم كانت في جزيرة العرب بين ‏اليمن والحجاز، لكنهم ينكرون أن تكون جذورهم قد نبتت هناك... ويبرر ذلك الرغبة الجامحة ‏لليهود خلال عمليات الإصحاح المتكررة للتوراة في اقتلاع الخريطة التوراتية من جزيرة العرب التي ‏لاقوا فيها العذاب والذل والهوان ولعنوها بعدما تم سحق ممالكهم فيها أكثر من مرة، ورغبتهم في ‏استزراع الخريطة التوراتية من جديد في أرض نظيفة، منطقة جديدة خصبة وغنية تعوضهم عما ‏سلف. وإذا كانت المنطقة التي عاشوا فيها واستوطنوها منذ البدء عبارة عن قرية أو ضاحية جبلية تنقلوا ‏منها إلى قرى وضواحي مجاورة هروباً من الجوع والقحط مرة، ومرة أخرى هروباً من الاضطهاد، فقد ‏حاولوا عند استزراع الخريطة من جديد في منطقة جديدة أن تكون على مساحة أكبر، لا أن تقف ‏في حدود القرية والعشيرة وإنما تتمدد لتشمل دول بأكملها ممتدة بين قارتين مختلفين... تمتد من نهر ‏الفرات شمالاً بالعراق إلى نهر النيل جنوباً بمصر مروراً بأرض الحجاز والشام، فلسطين وسوريا والأردن ‏ولبنان، باعتبار هذه الدول هي القرى التي ورد ذكرها في تاريخهم التوراتي... وتلاقت رغباتهم مع رغبات ‏أبناء عمومتهم بني سعود في اقتلاع اليهود من جزيرة العرب حتى لا يتم تقليب ذكرى الأقوام العربية ‏البائدة بالدمار الشامل أو يتم افتضاح أمر فرعون موسى السعودي، وهارون السعودي وهامان السعودي، ‏بعدما عرف العالم زوراً أنهم مصريين من أرض وادي النيل، فقد استطاعوا إقناع الناس بتفسير القرآن على ‏هذا النحو وفقاً لما جاء بالتوراة...وتلاقت رغباتهم مع رغبات الإسرائيليين.. وهكذا أصبحت قرية ‏نهرين(التوراتية غرب جزيرة العرب) هي الآن بلاد ما بين النهرين (العراق) وأصبحت قرية مصرايم ‏‏(التوراتية غرب جزيرة العرب) هي الآن إمبراطورية وادي النيل التي مساحتها مليون كيلومتر مربع، ‏وأصبح اليم (التوراتي الجدول المنحدر في سهول عسير جنوب غرب السعودية) هو الآن نهر النيل ! ‏وأصبحت قرية " قُدس" اليهودية الواقعة باليمن هي الآن مدينة القدس العاصمة الفلسطينية. وأصبحت ‏عشيرة بني إسرائيل الجبلية البدوية المتنقلة بين القرى، هي الآن إمبراطورية إسرائيل العظمى التي تمتد ‏حدودها من نهر الفرات شمالاً إلى النيل جنوباً !‏

ولذلك أصرت إسرائيل بعد معاهدة كامب ديفيد أن تكون سفارتها في القاهرة على الضفة ‏الغربية لنهر النيل وليس الضفة الشرقية؛ أي في نطاق محافظة الجيزة وليس القاهرة، برغم أن القاهرة ‏هي العاصمة ومقر السفارات الأجنبية، لكن نظراً لأن حدود إسرائيل المرصودة على العَلَم الإسرائيلي ‏تمتد من النهر إلى النهر (من النيل إلى الفرات) فلا يُعقل أن تكون لها سفارة داخل حدود دولتها... ولذلك ‏أسرع شباب 25 يناير بعد الثورة إلى إسقاط العلم الإسرائيلي من أعلى مبنى السفارة وإحراقه على ‏الأرض، ما اضطرها إلى لملمة أطرافها جزئياً بشكل مؤقت وسحب بعثتها الدبلوماسية على مضض إلى ‏داخل القاهرة بمنطقة المعادي... لأنهم لا يمكنهم مخالفة الشعار الإسرائيلي الذي يعلقونه على جدران ‏الكنيست ملخصاً في عبارة" هذه أرضك يا إسرائيل من نهر مصر إلى النهر الكبير نهر الفرات"... وهو ذات ‏الشعار الذي وجد مدوناً على قاعدة الكوبري الكبير على نهر الفرات، ففي عام 1921م كان هناك ‏جندياً ضمن قوات الجيش الإنجليزي في العراق، وكان يهودياً، وقد وصل إلى القاعدة الخرسانية لآخر ‏عمود في الكوبري العابر على نهر الفرات فنحت بإزميله عبارة " هذه النقطة هي آخر حدود إسرائيل ‏العظمى" .. ‏

فهم يحلمون طول الوقت باحتلال أراضي الشعوب، وذلك فقط لأن هذه الشعوب نائمة في غيبوبة من ‏أمرها، فلا يكفي أن تعرف تاريخها ووطنها وأرضها، إنما هي بحاجة ماسة لمعرفة تاريخ ووطن وأرض ‏اليهود الحقيقية كذلك. لأن اليهود يتخيلون أن إبراهيم عندما يقف على باب الخيمة تحت أشجار ممرا ‏وينظر شرقاً وغرباً أن يرى مساحات من الأرض تمتد من الفرات إلى النيل ويحددها كمرعى لغنماته ‏كما هو وارد في التفسير الصهيوني للتوراة، ويترك مساحات وأراضي دولة الأردن مرعى لغنمات ابن ‏أخيه لوط !، والحقيقة أن مرعى إبراهيم كانت ضيعة في سفوح جبال بلاد غامد حيث يطل يميناً أو ‏غرباً على قرية المصرين ويساراً أو شرقاً على وادي الثرات " الفرات" من تلك الجبال، أي منطقة فضاء بين ‏قريتين جنوب مكة.. لكن هذه الخريطة الرعوية تضخمت في المخيلة اليهودية فأصبحت المرعى ‏تمتد من نهر الفرات بالعراق إلى نهر النيل بمصر!، هذا مع الوضع في الاعتبار أنه لا علاقة ليهود العالم ‏بالمرعى الخاصة بإبراهم (ع) سواء كان قد اشترى مزرعة أو حدد لنفسه قطعة من الأرض للرعي فيها.‏

والجـدير بالـذكر أن كمـال الصـليبي (كتابه "التـوراة جــاءت مــن جزيــرة العــرب") ســبق في ‏تحديــد " الأرض الموعــودة الأولى" كمــا فصــلها الفريــق اليهــودي البــابلي ولكــن بتعــيين أسمــاء ‏العشــائر المتنــاثرة في الجزيــرة العربيــة بمنهجية لغوية، ووصل إلى نتيجة مفادها أن الأراضي ‏المعنية في التوراة هي أراضٍ تقـع في جزيرة العرب وفي جبال السراة التهامية وتحديداً في منطقة ‏عسـير. وأن:" نهر مصريم " في وعد " يهوه " لإبراهيم لم يكن نهر النيل الذي في شمال شرق أفريقيا، بل ‏وادي " ليّة " الذي ينبع من الجبال اليمنيّة ومجرى هذا الوادي في ناحية "سامطة " بجنوب منطقة " جيزان ‏‏". و يمرّ بقرية " مصرم " التي ما زالت بهذا الاسم حتّى اليوم، و يبدو أنّها أعطت اسمها لهذا الوادي فيما مضى، ‏وأما " نهر فرت " هو بلا أدنى شكّ وادي " أضم " حيث هناك إلى اليوم قرية " الفرت" و قريتا " الفرات السفلى " و ‏‏" شعبة الفرات " .‏

‏ كمـا وصـل إلى نفـس النتيجـة الـدكتور أحمـد داوود (كتاب العرب والساميّون والعبرانيّون وبنو ‏إسرائيل واليهود) إذ عـرّف معـالم مملكـة داوود تراثيـاً وحـدد موقـع مدينة أورشليم التي تبين له أنها ‏مجرد مغارة تقع على تقاطع خـط تجـاري قـديم قـرب مدينة الباحة جنوب مكة. ووصل إلى نتيجة ‏مفادها أن بني إسرائيل مـا هـم إلا عشـيرة مـن بضـع مئـات مـن العـرب السـريانين الـذين كـانوا ‏يقطنـون منطقـة عسـير منـذ أيـام موسى. وقد حدد د. أحمد داوود موقع مصر موسـى بتعـيين المواقـع ‏الجغرافيـة الـتي وردت ضـمن تقسيمات التوراة لبني إسرائيل، فوجد أنها تقع في أعالي جبـال السـراة ‏بمنطقـة غامـد في الجزيرة العربية. واعتمد الباحث آلية تفكيـك النصـوص التوراتيـة ودراسـة ‏الروايات التراثية العربيـة الخاصـة بتـاريخ المنطقـة ليـتمكن مـن تعـيين المنطقـة المطلوبـة. كمـا ‏أنـه رسم خريطة تحدد المنطقة التي تحتوي الأرض الموعودة.‏

يُتبع ...‏‎‏ ‏‎
‎‏ ‏‎
‏( قراءة في كتابنا : مصر الأخرى – التبادل الحضاري بين مصر وإيجبت‎ (‎‏ ‏‎
‏ (رابط الكتاب على أرشيف الانترنت ):‏‎‏ ‏‎
https://archive.org/details/1-._20230602‎‏ ‏‎
https://archive.org/details/2-._20230604‎‏ ‏‎
https://archive.org/details/3-._20230605‎‏ ‏‎
‎‏ ‏‎
‏#مصر_الأخرى_في_اليمن):‏‎‏ ‏‎
‏ ‏https://cutt.us/YZbAA‏ ‏‎
‎‏ ‏‎
‏#ثورة‏‎_‎التصحيح_الكبرى_للتاريخ_الإنساني‏



#محمد_مبروك_أبو_زيد (هاشتاغ)       Mohamed_Mabrouk_Abozaid#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإسقاط الجغرافي لإقليم مصر بجزيرة العرب (2)
- الإسقاط الجغرافي لإقليم مصر بجزيرة العرب (1)
- حرب الإسرائيليات في صدر الإسلام (12)‏
- حرب الإسرائيليات في صدر الإسلام (11)‏
- حرب الإسرائيليات في صدر الإسلام (10)‏
- حرب الإسرائيليات في صدر الإسلام (9)‏
- حرب الإسرائيليات في صدر الإسلام (8)‏
- حرب الإسرائيليات في صدر الإسلام (7)‏
- حرب الإسرائيليات في صدر الإسلام (6)‏
- حرب الإسرائيليات في صدر الإسلام (5)‏
- حرب الإسرائيليات في صدر الإسلام (4)‏
- حرب الإسرائيليات في صدر الإسلام (3)‏
- حرب الإسرائيليات التاريخية في صدر الإسلام (2)‏
- حرب الإسرائيليات التاريخية في صدر الإسلام (1)‏
- مراسلات تل العمارنة مزورة (5)‏
- مراسلات تل العمارنة مزورة (4)‏
- مراسلات تل العمارنة مزورة (3)‏
- مراسلات تل العمارنة مزورة (2)‏
- مراسلات تل العمارنة مزورة (1)‏
- التبادل التاريخي بين مصر وإيجبت (6)‏


المزيد.....




- مصر تُعلن اكتشاف مقبرة الملك تحتمس الثاني المفقودة في الأقصر ...
- ترامب يزعم كذبًا أن أوكرانيا بدأت الحرب مع روسيا.. شاهد ما ق ...
- الاتحاد الأوروبي يقرّ حزمة العقوبات الـ16ضد روسيا
- هل نبدأ في فقدان شبابنا بعد الخامسة والثلاثين؟
- حذر وترقب لما قد يحدث.. سكان الشمال في إسرائيل خائفون من الع ...
- البرازيل: الرئيس السابق بولسونارو متهم بمحاولة اغتيال لولا و ...
- ترامب يحمل أوكرانيا مسؤولية بدء الحرب ويشكك في شرعية رئيسها ...
- السعودية كعبة السياسة: انتظار مرتقب للقمة الأمريكية الروسية ...
- -حماس- تعلن عزمها الإفراج عن 6 رهائن إسرائيليين و4 جثامين غد ...
- مسؤول أوروبي: أوروبا عاجزة عسكريا بمعزل عن الولايات المتحدة ...


المزيد.....

- الانسان في فجر الحضارة / مالك ابوعليا
- مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات ... / مالك ابوعليا
- مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا ... / أبو الحسن سلام
- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - محمد مبروك أبو زيد - الإسقاط الجغرافي لإقليم مصر بجزيرة العرب (3)